الرَّاحَةِ وَالزِّينَةُ وَالتَّقْلِيمُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ يَشِينُهُ وَلَا رَاحَةَ فِيهِ وَإِذَا تَقَاصَرَتْ الْجِنَايَةُ وَجَبَتْ الصَّدَقَةُ ثُمَّ إذَا وَجَبَتْ الصَّدَقَةُ عِنْدَهُمَا فَذَلِكَ فِي كُلِّ ظُفْرٍ طَعَامُ مِسْكِينٍ إلَّا أَنْ يَبْلُغَ دَمًا فَيَنْقُصُ حِينَئِذٍ مَا شَاءَ وَلَوْ انْكَسَرَ ظُفْرُهُ فَتَعَلَّقَ فَقَلَعَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ بِالِانْكِسَارِ خَرَجَ عَنْ حَدِّ النَّمَاءِ وَالزِّيَادَةِ فَأَشْبَهَ الْيَابِسَ مِنْ شَجَرِ الْحَرَمِ حَتَّى لَوْ كَانَ بِحَيْثُ لَوْ تَرَكَهُ يَنْمُو فَعَلَيْهِ صَدَقَةٌ وَلَوْ قَطَعَ كَفَّهُ وَفِيهِ أَظْفَارُهُ أَوْ خَلَعَ جِلْدَةً مِنْ رَأْسِهِ بِشَعْرِهَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ وَإِنْ تَطَيَّبَ أَوْ لَبِسَ أَوْ حَلَقَ مِنْ عُذْرٍ فَهُوَ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ ذَبَحَ شَاةً وَإِنْ شَاءَ تَصَدَّقَ عَلَى سِتَّةِ مَسَاكِينَ بِثَلَاثَةِ أَصْوُعٍ مِنْ الطَّعَامِ وَإِنْ شَاءَ صَامَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} [البقرة: ١٩٦] فَالصَّوْمُ يُجْزِئُهُ فِي أَيِّ مَوْضِعٍ شَاءَ وَيُجْزِئُهُ إنْ شَاءَ تَابَعَهُ وَإِنْ شَاءَ فَرَّقَهُ وَكَذَا الصَّدَقَةُ تُجْزِئُهُ عِنْدَنَا حَيْثُ أَحَبَّ إلَّا أَنَّهَا تُسْتَحَبُّ عَلَى مَسَاكِينِ الْحَرَمِ وَيَجُوزُ فِيهَا التَّمْلِيكُ وَالْإِبَاحَةُ أَعْنِي التَّغْذِيَةَ وَالتَّعْشِيَةَ عِنْدَهُمَا وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا يُجْزِئُهُ إلَّا التَّمْلِيكُ وَأَمَّا النُّسُكُ وَهُوَ الذَّبْحُ فَلَا يُجْزِئُهُ إلَّا فِي الْحَرَمِ بِالِاتِّفَاقِ لِأَنَّ الْإِرَاقَةَ لَمْ تُعْرَفْ قُرْبَةً إلَّا فِي زَمَانٍ مَخْصُوصٍ كَالتَّضْحِيَةِ أَوْ مَكَانِ مَخْصُوصٍ وَهُوَ الْحَرَمُ (قَوْلُهُ إنْ شَاءَ ذَبَحَ شَاةً) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ الذَّبْحُ لَا غَيْرُ حَتَّى لَوْ سُرِقَتْ الْمَذْبُوحَةُ وَقَدْ ذُبِحَتْ فِي الْحَرَمِ أَوْ هَلَكَتْ بِآفَةٍ بَعْدَ الذَّبْحِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ.
(قَوْلُهُ فَإِنْ قَبَّلَ أَوْ لَمَسَ بِشَهْوَةٍ فَعَلَيْهِ دَمٌ) قَالَ الْخُجَنْدِيُّ سَوَاءٌ أَنْزَلَ أَوْ لَمْ يُنْزِلْ وَفِي قَاضِي خَانْ اشْتِرَاطُ الْإِنْزَالِ لِوُجُوبِ الدَّمِ بِاللَّمْسِ قَالَ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَإِنْ نَظَرَ إلَى فَرْجِ امْرَأَةٍ بِشَهْوَةٍ فَأَمْنَى لَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ تَفَكَّرَ فَأَمْنَى وَكَذَا الِاحْتِلَامُ، وَالرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ لِأَنَّ الِاسْتِمْتَاعَ يَحْصُلُ لَهَا كَمَا يَحْصُلُ لَهُ وَإِنْ اسْتَمْنَى بِكَفِّهِ فَأَنْزَلَ فَعَلَيْهِ دَمٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَإِنْ أَوْلَجَ فِي بَهِيمَةٍ فَأَنْزَلَ فَعَلَيْهِ دَمٌ وَلَا يَفْسُدُ حَجُّهُ وَلَا عُمْرَتُهُ وَإِنْ لَمْ يُنْزِلْ لَا دَمَ عَلَيْهِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يَفْسُدُ حَجُّهُ وَعُمْرَتُهُ.
(قَوْلُهُ مَنْ جَامَعَ فِي أَحَدِ السَّبِيلَيْنِ عَامِدًا أَوْ نَاسِيًا قَبْلَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ فَسَدَ حَجُّهُ وَعَلَيْهِ شَاةٌ) .
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ بَدَنَةٌ اعْلَمْ أَنَّ الشَّيْخَ سَوَّى بَيْنَ السَّبِيلَيْنِ وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِي غَيْرِ الْقُبُلِ رِوَايَتَانِ إحْدَاهُمَا أَنَّهُ كَالْفَرْجِ لِأَنَّهُ وَطْءٌ يُوجِبُ الْغُسْلَ مِنْ غَيْرِ إنْزَالٍ وَالثَّانِيَةُ لَا يَفْسُدُ حَجُّهُ وَلَا عُمْرَتُهُ لِتَقَاصُرِ مَعْنَى الْوَطْءِ وَلِهَذَا لَمْ يَجِبْ الْحَدُّ عِنْدَهُ لِأَنَّهُ وَطْءٌ فِي مَوْضِعٍ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ وُجُوبُ الْمَهْرِ فَلَا يَتَعَلَّقُ بِهِ فَسَادُ الْحَجِّ وَعِنْدَهُمَا هُوَ كَالْفَرْجِ لِأَنَّ فِيهِ الْحَدَّ عِنْدَهُمَا وَلَوْ جَامَعَ الْمُحْرِمَةَ وَهِيَ نَائِمَةٌ أَوْ مُكْرَهَةٌ أَوْ كَانَ الْمَجَامِعُ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا فَهُوَ سَوَاءٌ فِي وُجُوبِ الدَّمِ وَفَسَادِ الْحَجِّ (قَوْلُهُ وَيَمْضِي فِي الْحَجِّ كَمَا يَمْضِي مَنْ لَمْ يَفْسُدْ حَجُّهُ) لِأَنَّ إحْرَامَ الْحَجِّ لَا يَجُوزُ التَّحَلُّلُ مِنْهُ إلَّا بِأَدَاءِ أَفْعَالِهِ أَوْ بِالْإِحْصَارِ (قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ الْحَجُّ مِنْ قَابِلٍ) لِأَنَّ الْإِحْرَامَ الْأَوَّلَ لَمْ يَقَعْ مَوْقِعَ الْوَاجِبِ فَبَقِيَ الْوُجُوبُ بِحَالِهِ فَإِنْ جَامَعَ جِمَاعًا آخَرَ قَبْلَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ فَعَلَيْهِ شَاةٌ أُخْرَى عِنْدَهُمَا.
وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ كَفَّرَ عَنْ الْوَطْءِ الْأَوَّلِ.
(قَوْلُهُ وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُفَارِقَ امْرَأَتَهُ إذَا حَجَّ بِهَا فِي الْقَضَاءِ) .
وَقَالَ زُفَرُ إذَا أَحْرَمَا افْتَرَقَا وَقَالَ مَالِكٌ إذَا خَرَجَا مِنْ بَلَدِهِمَا افْتَرَقَا وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إذَا انْتَهَيَا إلَى الْمَكَانِ الَّذِي جَامَعَهَا فِيهِ افْتَرَقَا وَالْمُرَادُ بِالْفُرْقَةِ أَنْ يَأْخُذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا طَرِيقًا غَيْرَ طَرِيقِ الْآخَرِ (قَوْلُهُ وَإِنْ جَامَعَ بَعْدَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ لَمْ يَفْسُدْ حَجُّهُ) لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «مَنْ وَقَفَ بِعَرَفَةَ فَقَدْ تَمَّ حَجُّهُ» (قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ بَدَنَةٌ) لِأَنَّهُ أَعْلَى أَنْوَاعِ الْجِنَايَةِ فَيَتَغَلَّظُ مُوجِبُهَا فَإِنْ جَامَعَ ثَانِيًا فَعَلَيْهِ شَاةٌ لِأَنَّهُ وَقَعَ فِي حُرْمَةِ إحْرَامٍ مَهْتُوكٍ فَيَكْفِيهِ شَاةٌ كَذَا فِي النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ وَإِنْ جَامَعَ بَعْدَ الْحَلْقِ فَعَلَيْهِ شَاةٌ) لِبَقَاءِ إحْرَامِهِ فِي حَقِّ النِّسَاءِ دُونَ لُبْسِ الْمَخِيطِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute