للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَبِيعُ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لِأَنَّ الثَّمَنَ بَاقٍ عَلَى مِلْكِهِ فَلَوْ مَلَكَ الْمَبِيعَ لَاجْتَمَعَ فِي مِلْكِهِ الْعِوَضَانِ وَهَذَا لَا يَصِحُّ وَهُمَا يَقُولَانِ الْمَبِيعُ إنَّمَا قَدْ خَرَجَ مِنْ مِلْكِ الْبَائِعِ فَلَوْ لَمْ يَمْلِكْهُ الْمُشْتَرِي يَكُونُ زَائِلًا إلَى مَالِكٍ وَلَا عَهْدَ لَنَا بِهِ فِي الشَّرْعِ وَلَوْ تَصَرَّفَ الْمُشْتَرِي فِي الْمَبِيعِ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ وَالْخِيَارُ لَهُ جَازَ تَصَرُّفُهُ إجْمَاعًا وَيَكُونُ إجَازَةً مِنْهُ ثُمَّ إذَا كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي فَنُفُوذُ الْبَيْعِ بِأَرْبَعَةِ مَعَانٍ أَحَدِهَا أَنْ يَقُولَ أَجَزْت سَوَاءٌ كَانَ الْبَائِعُ حَاضِرًا أَوْ غَائِبًا وَالثَّانِي أَنْ يَمُوتَ الْمُشْتَرِي فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ فَيَبْطُلُ خِيَارُهُ بِمَوْتِهِ وَيَنْفُذُ عَقْدُهُ وَلَا يَقُومُ الْوَرَثَةُ مَقَامَهُ وَلَا يَكُونُ مَوْرُوثًا عَنْهُ.

وَالثَّالِثِ أَنْ تَمْضِيَ مُدَّةُ الْخِيَارِ مِنْ غَيْرِ فَسْخٍ مِمَّنْ لَهُ الْخِيَارُ وَالرَّابِعِ أَنْ يَصِيرَ الْمَبِيعُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي إلَى حَالٍ لَا يَمْلِكُ الْمُشْتَرِي فَسْخَهُ مِثْلَ أَنْ يَهْلِكَ الْمَبِيعُ أَوْ يَنْتَقِصَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي نُقْصَانًا يَسِيرًا أَوْ فَاحِشًا بِفِعْلِ الْمُشْتَرِي أَوْ بِفِعْلِ الْبَائِعِ أَوْ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ أَوْ بِفِعْلِ الْأَجْنَبِيِّ أَوْ بِفِعْلِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يَبْطُلُ خِيَارُهُ وَيَنْفُذُ الْبَيْعُ وَإِذَا زَادَ الْمَبِيعُ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ فِي قَبْضِ الْمُشْتَرِي زِيَادَةً مُتَّصِلَةً مُتَوَلِّدَةً مِنْ الْأَصْلِ كَالسِّمَنِ وَالْبُرْءِ مِنْ الْمَرَضِ مَنَعَتْ الرَّدَّ وَالْفَسْخَ وَبَطَلَ خِيَارُهُ وَنَفَذَ الْبَيْعُ عِنْدَهُمَا كَالنُّقْصَانِ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لَا يَمْنَعُ الرَّدَّ وَهُوَ عَلَى خِيَارِهِ وَإِنْ كَانَتْ مُتَّصِلَةً غَيْرَ مُتَوَلِّدَةٍ مِنْهُ كَالصَّبْغِ وَالْخِيَاطَةِ أَوْ لَتِّ السَّوِيقِ أَوْ كَانَتْ أَرْضًا فَبَنَى فِيهَا أَوْ غَرَسَ مَنَعَتْ الرَّدَّ إجْمَاعًا وَيَنْفُذُ الْبَيْعُ فَإِنْ كَانَتْ مُنْفَصِلَةً مُتَوَلِّدَةً مِنْهَا كَالْوَلَدِ وَاللَّبَنِ وَالثَّمَرِ وَالْأَرْشِ وَالْعُقْرِ مَنَعَتْ الرَّدَّ أَيْضًا وَبَطَلَ خِيَارُهُ وَنَفَذَ الْبَيْعُ وَإِنْ كَانَتْ مُنْفَصِلَةً غَيْرَ مُتَوَلِّدَةٍ مِنْهُ كَالْكَسْبِ وَالْهِبَةِ وَالْغَلَّةِ لَا يَمْنَعُ الرَّدَّ وَهُوَ عَلَى خِيَارِهِ إلَّا أَنَّهُ إذَا اخْتَارَ الْبَيْعَ فَالزِّيَادَةُ لَهُ مَعَ الْأَصْلِ إجْمَاعًا وَإِنْ اخْتَارَ الْفَسْخَ يَرُدُّ الْأَصْلَ مَعَ الزِّيَادَةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ يَرُدُّ الْأَصْلَ لَا غَيْرُ وَالزِّيَادَةُ لِلْمُشْتَرِي لِأَنَّ مَذْهَبَهُمَا أَنَّ الْمَبِيعَ يَدْخُلُ فِي مِلْكِهِ وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لَا يَدْخُلُ فِي مِلْكِهِ فَتَكُونُ الزَّوَائِدُ حَاصِلَةً مِنْ مِلْكِ الْبَائِعِ فَلَزِمَهُ رَدُّهَا إلَيْهِ وَأَمَّا فَسْخُهُ إذَا كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي فَهُوَ بِأَحَدِ أَمْرَيْنِ إمَّا بِالْقَوْلِ أَوْ بِالْفِعْلِ فَبِالْقَوْلِ لَا يَصِحُّ إلَّا بِحَضْرَةِ الْبَائِعِ عِنْدَهُمَا.

وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ يَصِحُّ بِغَيْرِ حُضُورِهِ وَأَمَّا فَسْخُهُ بِالْفِعْلِ بِأَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ عَيْنًا فَيَتَصَرَّفُ فِيهَا تَصَرُّفَ الْمُلَّاكِ فَيَنْفَسِخُ الْعَقْدُ سَوَاءٌ كَانَ الْبَائِعُ حَاضِرًا أَوْ غَائِبًا وَأَمَّا إذَا كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ فَجَوَازُ الْبَيْعِ بِأَحَدِ ثَلَاثَةِ مَعَانٍ أَحَدِهَا أَنْ يُجِيزَ بِالْقَوْلِ فِي الْمُدَّةِ فَيَقُولَ أَجَزْت فَيَجُوزُ سَوَاءٌ كَانَ الْمُشْتَرِي حَاضِرًا أَوْ غَائِبًا وَالثَّانِي أَنْ يَمُوتَ الْبَائِعُ فِي الْمُدَّةِ فَيَبْطُلَ خِيَارُهُ وَيَنْفُذَ عَقْدُهُ وَلَا يَقُومَ الْوَرَثَةُ مَقَامَهُ فِي الْفَسْخِ وَالْإِجَازَةِ وَالثَّالِثِ أَنْ تَمْضِيَ الْمُدَّةُ مِنْ غَيْرِ فَسْخٍ وَلَا إجَازَةٍ وَفَسْخُهُ بِأَحَدِ أَمْرَيْنِ إمَّا بِالْقَوْلِ أَوْ بِالْفِعْلِ فَالْقَوْلُ أَنْ يَقُولَ فِي الْمُدَّةِ فَسَخْت فَإِنْ كَانَ فَسَخَهُ بِحَضْرَةِ الْمُشْتَرِي انْفَسَخَ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى قَضَاءٍ وَلَا رِضًا وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ حَضْرَتِهِ إنْ عَلِمَ الْمُشْتَرِي فِي الْمُدَّةِ انْفَسَخَ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ حَتَّى مَضَتْ جَازَ الْعَقْدُ عِنْدَهُمَا.

وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ يَصِحُّ الْفَسْخُ عَلِمَ الْمُشْتَرِي بِذَلِكَ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ إجَازَتَهُ بِغَيْرِ حَضْرَتِهِ تَجُوزُ وَأَمَّا الْفَسْخُ بِالْفِعْلِ فَهُوَ أَنْ يَتَصَرَّفَ الْبَائِعُ فِي الْمُدَّةِ فِي الْمَبِيعِ بِالْبَيْعِ أَوْ الْعِتْقِ أَوْ الْوَطْءِ أَوْ التَّزْوِيجِ أَوْ الْقُبْلَةِ بِشَهْوَةٍ فَإِنَّهُ يَنْفَسِخُ سَوَاءٌ كَانَ الْمُشْتَرِي حَاضِرًا أَوْ غَائِبًا (قَوْلُهُ إلَّا أَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَا يَمْلِكُهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ) لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَخْرُجْ الثَّمَنُ مِنْ مِلْكِهِ فَلَوْ قُلْنَا بِأَنَّ الْمَبِيعَ يَدْخُلُ فِي مِلْكِهِ لَاجْتَمَعَ الْبَدَلَانِ فِي مِلْكِ رَجُلٍ وَاحِدٍ وَلَا أَصْلَ لَهُ فِي الشَّرْعِ لِأَنَّ الْمُعَاوَضَةَ تَقْتَضِي الْمُسَاوَاةَ.

(قَوْلُهُ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ يَمْلِكُهُ) لِأَنَّهُ لَمَّا خَرَجَ عَنْ مِلْكِ الْبَائِعِ دَخَلَ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي فَلَوْ لَمْ يَدْخُلْ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي يَكُونُ زَائِلًا لَا إلَى مَالِكٍ وَهَذَا لَا يَجُوزُ وَفَائِدَةُ الْخِلَافِ فِي مَسَائِلَ أَحَدِهَا إذَا اشْتَرَى ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهُ عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ ثَلَاثًا لَا يَعْتِقُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ فِي مِلْكِهِ وَخِيَارُهُ عَلَى حَالِهِ وَعِنْدَهُمَا عَتَقَ حِينَ اشْتَرَاهُ وَلَزِمَهُ الثَّمَنُ لِأَنَّهُ دَخَلَ فِي مِلْكِهِ وَأَجْمَعُوا أَنَّهُ إذَا قَالَ لِعَبْدِ الْغَيْرِ إذَا اشْتَرَيْتُك فَأَنْتَ حُرٌّ فَاشْتَرَاهُ عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ عَتَقَ وَبَطَلَ خِيَارُهُ وَلَزِمَهُ الثَّمَنُ أَمَّا عِنْدَهُمَا فَلَا يَشْكُلُ وَأَمَّا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فَلِأَنَّ الْمُعَلَّقَ بِالشَّرْطِ كَالْمُرْسَلِ عِنْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ وَلَوْ أَرْسَلَ الْعِتْقَ بَعْدَ شِرَائِهِ بِشَرْطِ الْخِيَارِ نَفَذَ وَالثَّانِيَةِ إذَا اشْتَرَى زَوْجَتَهُ عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ لَا يَفْسُدُ النِّكَاحُ عِنْدَهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَمْلِكْهَا وَعِنْدَهُمَا يَفْسُدُ لِأَنَّهُ قَدْ

<<  <  ج: ص:  >  >>