الْقَبْضُ بِالْإِذْنِ حَتَّى لَوْ كَانَ عَبْدًا فَأَعْتَقَهُ لَا يُعْتَقُ وَعِنْدَ الْبَعْضِ يَكُونُ مَضْمُونًا فَالْأَوَّلُ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَالثَّانِي قَوْلُهُمَا وَكَذَا بَيْعُ الْمَيْتَةِ وَالدَّمِ، وَالْخِنْزِيرِ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ أَمْوَالًا فَلَا تَكُونُ مَحَلًّا لِلْبَيْعِ وَكَذَا مَا ذَبَحَ الْمُحْرِمُ مِنْ الصَّيْدِ وَمَا ذَبَحَ الْحَلَالُ فِي الْحَرَمِ مِنْ الصَّيْدِ؛ لِأَنَّ ذَبِيحَتَهُ مَيْتَةٌ، وَأَمَّا بَيْعُ الْخَمْرِ، وَالْخِنْزِيرِ إنْ كَانَ بِالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ فَالْبَيْعُ بَاطِلٌ، وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ حَتَّى يَمْلِكَ مَا يُقَابِلُهُمَا، وَإِنْ كَانَ لَا يَمْلِكُ عَيْنَ الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ، وَقَوْلُهُ: وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ غَيْرَ مَمْلُوكٍ كَالْحُرِّ يَعْنِي أَنَّهُ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْعَقْدِ وَلَا يُقْدَرُ عَلَى تَسْلِيمِهِ.
قَوْلُهُ: (وَبَيْعُ أُمِّ الْوَلَدِ، وَالْمُدَبَّرِ، وَالْمُكَاتَبِ فَاسِدٌ) مَعْنَاهُ بَاطِلٌ، وَالْمُرَادُ بِالْمُدَبَّرِ الْمُطْلَقُ قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَلَوْ رَضِيَ الْمُكَاتَبُ بِالْبَيْعِ فَفِيهِ رِوَايَتَانِ، وَالْأَظْهَرُ الْجَوَازُ يَعْنِي إذَا بِيعَ بِرِضَاهُ أَمَّا إذَا بِيعَ بِغَيْرِ رِضَاهُ، ثُمَّ أَجَازَهُ فَإِنَّ الْعَقْدَ لَا يَجُوزُ رِوَايَةً وَاحِدَةً، وَالْفَرْقُ أَنَّهُ إذَا بِيعَ بِرِضَاهُ تَضَمَّنَ رِضَاهُ فَسْخَ الْكِتَابَةِ سَابِقًا عَلَى الْعَقْدِ فَوُجِدَ شَرْطُ صِحَّةِ الْعَقْدِ أَمَّا إذَا أَجَازَ بَعْدَ الْعَقْدِ لَمْ يَتَضَمَّنْ رِضَاهُ فَسْخَ الْكِتَابَةِ قَبْلَ الْعَقْدِ فَلَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ وَكَذَا الَّذِي أُعْتِقَ بَعْضُهُ لَا يَصِحُّ بَيْعُ بَاقِيهِ وَكَذَا وَلَدُ أُمِّ الْوَلَدِ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ وَكَذَا وَلَدُ الْمُدَبَّرَةِ؛ لِأَنَّهُ مُدَبَّرٌ وَكَذَا وَلَدُ الْمُكَاتَبَةِ؛ لِأَنَّهُ دَاخِلٌ فِي كِتَابَةِ أُمِّهِ فَإِنْ مَاتَتْ أُمُّ الْوَلَدِ، أَوْ الْمُدَبَّرَةُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا عَلَيْهِ قِيمَتُهَا وَقِيمَةُ الْمُدَبَّرِ ثُلُثَا قِيمَتِهِ قِنًّا عَلَى الْأَصَحِّ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَقِيمَة أُمِّ الْوَلَدِ ثُلُثُ قِيمَتِهَا قِنًّا؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ وَالِاسْتِسْعَاءَ قَدْ انْتَفَيَا عَنْهَا وَبَقِيَ مِلْكُ الْإِعْتَاقِ.
قَوْلُهُ: (وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ السَّمَكِ فِي الْمَاءِ قَبْلَ أَنْ يَصْطَادَهُ وَلَا بَيْعُ الطَّيْرِ فِي الْهَوَاءِ) اعْلَمْ أَنَّهُ إذَا بَاعَ سَمَكًا فِي حَوْضٍ إنْ كَانَ لَمْ يَأْخُذْهُ قَطُّ لَا يَجُوزُ لَهُ بَيْعُهُ؛ لِأَنَّهُ بَاعَ مَا لَا يَمْلِكُ، وَإِنْ أَخَذَهُ، ثُمَّ أَرْسَلَهُ جَازَ الْبَيْعُ إنْ كَانَ يَقْدِرُ عَلَى أَخْذِهِ مِنْ غَيْرِ صَيْدٍ وَلِلْمُشْتَرِي خِيَارُ الرُّؤْيَةِ، وَإِنْ كَانَ لَا يُمْكِنُ أَخْذُهُ إلَّا بِحِيلَةٍ وَاصْطِيَادٍ لَا يَجُوزُ الْبَيْعُ إلَّا إذَا قُدِرَ عَلَى التَّسْلِيمِ وَهَذَا قَوْلُ الْعِرَاقِيِّينَ أَمَّا عِنْدَ أَهْلِ بَلْخِي فَلَا يَجُوزُ، وَإِنْ قُدِرَ عَلَى التَّسْلِيمِ، وَأَمَّا بَيْعُ الطَّيْرِ فِي الْهَوَاءِ فَلِأَنَّهُ غَيْرُ مَمْلُوكٍ قَبْلَ الْأَخْذِ، وَإِنْ أُرْسِلَ مِنْ يَدِهِ فَغَيْرُ مَقْدُورِ التَّسْلِيمِ وَلَوْ بَاعَ طَائِرًا يَذْهَبُ وَيَجِيءُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَفِي قَاضِي خَانْ إنْ كَانَ رَاجِيًا أَنَّهُ يَعُودُ إلَى بَيْتِهِ وَيَقْدِرُ عَلَى أَخْذِهِ مِنْ غَيْرِ تَكَلُّفٍ جَازَ، وَإِلَّا فَلَا، وَأَمَّا بَيْعُ الْآبِقِ إنْ كَانَ الْمُشْتَرِي يَقْدِرُ عَلَى أَخْذِهِ، أَوْ كَانَ عِنْدَهُ فِي مَنْزِلِهِ جَازَ، وَإِنْ كَانَ لَا يَقْدِرُ عَلَى أَخْذِهِ إلَّا بِخُصُومَةٍ عِنْدَ الْحَاكِمِ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ، وَفِي الْكَرْخِيِّ بَيْعُهُ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ لَا يَقْدِرُ عَلَى تَسْلِيمِهِ عَقِيبَ الْعَقْدِ فَهُوَ كَالطَّيْرِ فِي الْهَوَاءِ، وَفِي الْخُجَنْدِيِّ إنَّمَا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ عَلَى حَالِ إبَاقِهِ لِعَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى تَسْلِيمِهِ فَإِنْ ظَهَرَ، أَوْ سَلَّمَهُ جَازَ وَأَيُّهُمَا امْتَنَعَ إمَّا الْبَائِعُ عَنْ التَّسْلِيمِ، أَوْ الْمُشْتَرِي عَنْ الْقَبْضِ أُجْبِرَ عَلَى ذَلِكَ وَلَا يُحْتَاجُ إلَى بَيْعٍ جَدِيدٍ وَقَالَ أَهْلُ بَلْخِي يُحْتَاجُ إلَى بَيْعٍ جَدِيدٍ.
قَوْلُهُ: (وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ الْحَمْلِ وَلَا النِّتَاجِ) النِّتَاجُ مَا سَيَحْمِلُهُ الْجَنِينُ، ثُمَّ بَيْعُ الْحَمْلِ لَا يَجُوزُ دُونَ أُمِّهِ وَلَا الْأُمِّ دُونَهُ؛ لِأَنَّ الْحَمْلَ لَا يُدْرَى أَمَوْجُودٌ هُوَ، أَوْ مَعْدُومٌ فَلَوْ بَاعَهُ وَوَلَدَتْهُ قَبْلَ الِافْتِرَاقِ وَسَلَّمَهُ لَا يَجُوزُ.
(قَوْلُهُ: وَلَا بَيْعُ اللَّبَنِ فِي الضَّرْعِ) ؛ لِأَنَّهُ غَرَرٌ فَعَسَاهُ انْتِفَاخًا وَرُبَّمَا يَزْدَادُ فَيَخْتَلِطُ الْمَبِيعُ مِنْهُ بِغَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (وَلَا الصُّوفِ عَلَى ظَهْرِ الْغَنَمِ) ؛ لِأَنَّ مَوْضِعَ الْقَطْعِ عَنْهُ غَيْرُ مُتَعَيَّنٍ فَيَقَعُ التَّنَازُعُ فِي مَوْضِعِ الْقَطْعِ فَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ بَيْعَ اللَّبَنِ فِي الضَّرْعِ وَالصُّوفِ عَلَى الظَّهْرِ لَا يَجُوزُ فَلَوْ سَلَّمَ ذَلِكَ الْبَائِعُ بَعْدَ الْعَقْدِ لَا يَجُوزُ فِيهِمَا جَمِيعًا وَلَا يَنْقَلِبُ صَحِيحًا وَكَذَا لَا يَجُوزُ بَيْعُ اللُّؤْلُؤِ فِي الصَّدَفِ وَلَوْ اشْتَرَى دَجَاجَةً فَوَجَدَ فِي بَطْنِهَا لُؤْلُؤَةً فَهِيَ لِلْبَائِعِ وَلَوْ اشْتَرَى شَاةً مَذْبُوحَةً لَمْ تُسْلَخْ وَبَاعَ كِرْشَهَا جَازَ وَيَكُونُ إخْرَاجُهُ عَلَى الْبَائِعِ وَيَكُونُ الْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ إذَا رَآهُ كَذَا فِي الْعُيُونِ.
. قَوْلُهُ: (وَذِرَاعٍ مِنْ ثَوْبٍ وَجِذْعٍ مِنْ سَقْفٍ) لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ التَّسْلِيمُ إلَّا بِضَرَرٍ فَلَوْ قَطَعَ الْبَائِعُ الذِّرَاعَ، أَوْ قَلَعَ الْجِذْعَ قَبْلَ أَنْ يَفْسَخَ الْمُشْتَرِي يَعُودُ صَحِيحًا لِزَوَالِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute