الْجَذَاذِ عَلَى الْبَائِعِ، أَوْ رَطْبَةً بِشَرْطِ الْجَذَاذِ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّ هَذَا شَرْطٌ لَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ، وَفِيهِ مَنْفَعَةٌ لِلْمُشْتَرِي.
وَكَذَا إذَا كَانَ الشَّرْطُ فِيهِ مَنْفَعَةٌ لِلْبَائِعِ مِثْلُ أَنْ يَشْتَرِيَ دَارًا بِشَرْطِ أَنْ يَسْكُنَهَا الْبَائِعُ شَهْرًا أَوْ أَرْضًا بِشَرْطِ أَنْ يَزْرَعَهَا الْبَائِعُ سَنَةً، أَوْ دَابَّةً بِشَرْطِ أَنْ يَرْكَبَهَا، أَوْ ثَوْبًا بِشَرْطِ أَنْ يَلْبَسَهُ شَهْرًا، أَوْ بِشَرْطِ أَنْ يُقْرِضَهُ الْمُشْتَرِي دَرَاهِمَ وَكَذَا إذَا كَانَ فِي الشَّرْطِ مَنْفَعَةٌ لِلْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْخُصُومَةِ نَحْوُ أَنْ يَبِيعَ عَبْدًا بِشَرْطِ الْعِتْقِ، أَوْ التَّدْبِيرِ، أَوْ جَارِيَةً بِشَرْطِ الِاسْتِيلَادِ.
وَقَالَ الْكَرْخِيُّ: إذَا اشْتَرَى عَبْدًا بِشَرْطِ الْعِتْقِ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ فَإِذَا قَبَضَهُ وَأَعْتَقَهُ وَجَبَ عَلَيْهِ الْمُسَمَّى عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ اسْتِحْسَانًا وَعِنْدَهُمَا عَلَيْهِ الْقِيمَةُ؛ لِأَنَّهُ بَيْعٌ فَاسِدٌ كَالْبَيْعِ بِشَرْطِ التَّدْبِيرِ وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يَنْعَقِدُ عَلَى الْفَسَادِ ثُمَّ يَنْقَلِبُ إلَى الْجَوَازِ بِالْعِتْقِ، وَأَمَّا الْوَجْهُ الَّذِي يَجُوزُ فِيهِ الْبَيْعُ وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ فَهُوَ أَنْ يَبِيعَ طَعَامًا عَلَى أَنْ لَا يَأْكُلَهُ الْمُشْتَرِي، أَوْ الدَّابَّةَ عَلَى أَنْ لَا يَبِيعَهَا فَالْبَيْعُ جَائِزٌ وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّ هَذَا شَرْطٌ لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ وَلَوْ شَرَطَ الْمَضَرَّةَ مِثْلُ أَنْ يَبِيعَ ثَوْبًا عَلَى أَنْ يَخْرِقَهُ، أَوْ جَارِيَةً عَلَى أَنْ لَا يَطَأَهَا، أَوْ دَارًا عَلَى أَنْ يَهْدِمَهَا فَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ الْبَيْعُ فَاسِدٌ.
وَقَالَ مُحَمَّدٌ الْبَيْعُ جَائِزٌ وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ وَلَوْ بَاعَ جَارِيَةً بِشَرْطِ أَنْ يَطَأَهَا فَالْبَيْعُ جَائِزٌ إجْمَاعًا؛ لِأَنَّ هَذَا شَرْطٌ يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ قَالَ الْخُجَنْدِيُّ: وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ إذَا اشْتَرَاهَا عَلَى أَنْ يَطَأَهَا، أَوْ لَا يَطَأَهَا فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ فِيهِمَا وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ جَائِزٌ فِيهِمَا وَأَبُو يُوسُفَ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا فَقَالَ: إذَا بَاعَهَا بِشَرْطِ الْوَطْءِ يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ وَبِشَرْطِ أَنْ لَا يَطَأَهَا فَاسِدٌ.
قَوْلُهُ: (وَكَذَلِكَ لَوْ بَاعَ عَبْدًا عَلَى أَنْ يَسْتَخْدِمَهُ الْبَائِعُ شَهْرًا، أَوْ دَارًا عَلَى أَنْ يَسْكُنَهَا شَهْرًا، أَوْ عَلَى أَنْ يُقْرِضَهُ الْمُشْتَرِي دَرَاهِمَ، أَوْ عَلَى أَنْ يُهْدِيَ لَهُ هَدِيَّةً) فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ لَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ، وَفِيهِ مَنْفَعَةٌ لِأَحَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ وَلِأَنَّهُ لَوْ كَانَ الْخِدْمَةُ وَالسُّكْنَى يُقَابِلُهُمَا شَيْءٌ مِنْ الثَّمَنِ تَكُونُ إجَارَةً فِي بَيْعٍ وَلَوْ كَانَ لَا يُقَابِلُهُمَا شَيْءٌ يَكُونُ إعَارَةً فِي بَيْعٍ وَقَدْ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ صَفْقَتَيْنِ فِي صَفْقَةٍ وَنَهَى عَنْ بَيْعٍ وَشَرْطٍ عَنْ شَرْطَيْنِ فِي بَيْعٍ وَعَنْ بَيْعٍ وَسَلَفٍ وَعَنْ رِبْحِ مَا لَمْ يُضْمَنْ وَعَنْ بَيْعِ مَا لَمْ يُقْبَضْ وَعَنْ بَيْعِ مَا لَيْسَ عِنْدَ الْإِنْسَانِ» ، أَمَّا بَيْعٌ وَشَرْطٌ فَهُوَ أَنْ يَبِيعَ بِشَرْطٍ فِيهِ مَنْفَعَةٌ لِأَحَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ وَأَمَّا نَهْيُهُ عَنْ شَرْطَيْنِ فِي بَيْعٍ فَهُوَ أَنْ يَبِيعَ عَبْدًا بِأَلْفٍ إلَى سَنَةٍ، أَوْ بِأَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةٍ إلَى سَنَتَيْنِ وَلَمْ يَثْبُتْ الْعَقْدُ عَلَى أَحَدِهِمَا، أَوْ يَقُولَ: عَلَى إنْ أَعْطَيْتَنِي الثَّمَنَ حَالًّا فَبِأَلْفٍ، وَإِنْ أَخَّرْتَهُ إلَى شَهْرٍ فَبِأَلْفَيْنِ، أَوْ أَبِيعُكَ بِقَفِيزِ حِنْطَةٍ، أَوْ بِقَفِيزَيْ شَعِيرٍ فَهَذَا لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ مَجْهُولٌ عِنْدَ الْعَقْدِ وَلَا يَدْرِي الْبَائِعُ أَيَّ الثَّمَنَيْنِ يَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ، وَأَمَّا صَفْقَتَانِ فِي صَفْقَةٍ أَنْ يَقُولَ: أَبِيعُك هَذَا الْعَبْدَ بِأَلْفٍ عَلَى أَنْ تَبِيعَنِي هَذَا الْفَرَسَ بِأَلْفٍ وَقِيلَ هُوَ أَنْ يَبِيعَ ثَوْبًا بِشَرْطِ الْخِيَاطَةِ، أَوْ حِنْطَةً بِشَرْطِ الْحَمْلِ إلَى مَنْزِلِهِ فَقَدْ جَعَلَ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ بَدَلًا لِلْعَيْنِ وَالْعَمَلِ فَمَا حَاذَى الْعَيْنَ يَكُونُ بَيْعًا وَمَا حَاذَى الْعَمَلَ يَكُونُ إجَارَةً فَقَدْ جَمَعَ صَفْقَتَيْنِ فِي صَفْقَةٍ، وَأَمَّا نَهْيُهُ عَنْ بَيْعٍ وَسَلَفٍ فَهُوَ أَنْ يَبِيعَ بِشَرْطِ الْقَبْضِ، أَوْ الْهِبَةِ، وَأَمَّا رِبْحُ مَا لَمْ يُضْمَنْ فَهُوَ أَنْ يَشْتَرِيَ عَبْدًا فَيُوهَبَ لَهُ هِبَةٌ قَبْلَ الْقَبْضِ، أَوْ اكْتَسَبَ كَسْبًا قَبْلَ الْقَبْضِ مِنْ جِنْسِ الثَّمَنِ أَوْ مِنْ خِلَافِهِ، فَقَبَضَ الْعَبْدَ مَعَ هَذِهِ الزَّوَائِدِ لَا يَطِيبُ لَهُ الزَّوَائِدُ؛ لِأَنَّهُ رِبْحُ مَا لَمْ يُضْمَنْ، وَأَمَّا نَهْيُهُ عَنْ بَيْعِ مَا لَمْ يَقْبِضْ يَعْنِي فِي الْمَنْقُولَاتِ، وَأَمَّا نَهْيُهُ عَنْ بَيْعِ مَا لَيْسَ عِنْدَهُ فَهُوَ أَنْ يَبِيعَ مَا لَيْسَ فِي مِلْكِهِ، ثُمَّ مَلَكَهُ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ إلَّا فِي السَّلَمِ فَإِنَّهُ رُخِّصَ فِيهِ.
قَوْلُهُ: (وَمَنْ بَاعَ عَيْنًا عَلَى أَنْ لَا يُسَلِّمَهَا إلَى شَهْرٍ، أَوْ إلَى رَأْسِ الشَّهْرِ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ) ؛ لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ لِلْبَائِعِ فِي تَأْجِيلِ الْمَبِيعِ، وَفِيهِ شَرْطُ نَفْيِ التَّسْلِيمِ الْمُسْتَحَقِّ بِالْعَقْدِ.
قَوْلُهُ: (وَمَنْ بَاعَ جَارِيَةً إلَّا حَمْلَهَا فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ) الِاسْتِثْنَاءُ لِمَا فِي الْبُطُونِ عَلَى ثَلَاثَةِ مَرَاتِبَ: فِي وَجْهٍ الْعَقْدُ فَاسِدٌ وَالِاسْتِثْنَاءُ فَاسِدٌ، وَفِي وَجْهٍ الْعَقْدُ جَائِزٌ وَالِاسْتِثْنَاءُ فَاسِدٌ وَفِي وَجْهٍ كِلَاهُمَا جَائِزَانِ أَمَّا الَّذِي كِلَاهُمَا فَاسِدَانِ فَهُوَ الْبَيْعُ وَالْإِجَارَةُ، وَالْكِتَابَةُ وَالرَّهْنُ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْعُقُودَ يُبْطِلُهَا الشُّرُوطُ الْفَاسِدَةُ وَاسْتِثْنَاءُ مَا فِي الْبَطْنِ بِمَنْزِلَةِ شَرْطٍ فَاسِدٍ، وَأَمَّا الَّذِي يَجُوزُ الْعَقْدُ فِيهِ وَيَبْطُلُ الِاسْتِثْنَاءُ فَالْهِبَةُ وَالصَّدَقَةُ وَالنِّكَاحُ، وَالْخُلْعُ وَالصُّلْحُ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْعُقُودَ لَا يُبْطِلُهَا الشُّرُوطُ الْفَاسِدَةُ فَيَصِحُّ الْعَقْدُ وَيَبْطُلُ الِاسْتِثْنَاءُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute