للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلَنَا أَنَّ الْمُعْتَبَرَ لِجَوَازِ الْعَقْدِ الْعِلْمُ بِالْمُسَاوَاةِ عِنْدَ الْعَقْدِ فَإِذَا لَمْ يُعْلَمْ ذَلِكَ كَانَ التَّسَاوِي مَعْدُومًا، أَوْ مَوْهُومًا فِيمَا بُنِيَ أَمْرُهُ عَلَى الِاحْتِيَاطِ فَلَا يَجُوزُ.

قَوْلُهُ: (وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ الْجَيِّدِ بِالرَّدِيءِ مِمَّا فِيهِ الرِّبَا إلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ) ؛ لِأَنَّ الْجَوْدَةَ إذَا لَاقَتْ جِنْسَهَا فِيمَا يَثْبُتُ فِيهِ الرِّبَا لَا قِيمَةَ لَهَا.

قَوْلُهُ: (وَإِذَا عُدِمَ الْوَصْفَانِ الْجِنْسُ، وَالْمَعْنَى الْمَضْمُومُ إلَيْهِ حَلَّ التَّفَاضُلُ وَالنَّسَاءُ) لِعَدَمِ الْعِلَّةِ الْمُحَرِّمَةِ، وَالْمُرَادُ بِالْمَعْنَى الْمَضْمُومِ إلَيْهِ هُوَ الْكَيْلُ فِي الْحِنْطَةِ، وَالْوَزْنُ فِي الْفِضَّةِ يَعْنِي الْقَدْرَ إمَّا الْكَيْلُ، أَوْ الْوَزْنُ وَهَذَا كَالْهَرَوِيِّ بِالْمَرْوِيِّ، وَالْجَوْزِ بِالْبَيْضِ لِعَدَمِ الْعِلَّتَيْنِ، وَالنَّسَاءُ بِالْمَدِّ التَّأْخِيرُ. قَوْلُهُ: (وَإِذَا وُجِدَا حَرُمَ التَّفَاضُلُ وَالنَّسَاءُ) لِوُجُودِ الْعِلَّةِ مِثْلُ الْحِنْطَةِ بِالْحِنْطَةِ، وَالْفِضَّةِ بِالْفِضَّةِ؛ لِأَنَّهُ وُجِدَ الْجِنْسُ وَالْمَعْنَى الْمَضْمُومُ إلَيْهِ. قَوْلُهُ: (وَإِذَا وُجِدَ أَحَدُهُمَا وَعُدِمَ الْآخَرُ حَلَّ التَّفَاضُلُ وَحَرُمَ النَّسَاءُ) مِثْلُ الْحِنْطَةِ بِالشَّعِيرِ وَالْفِضَّةِ بِالذَّهَبِ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «إذَا اخْتَلَفَ النَّوْعَانِ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ يَدًا بِيَدٍ وَلَا خَيْرَ فِيهِ نَسِيئَةً» وَاعْلَمْ أَنَّ الْحِنْطَةَ وَالشَّعِيرَ جِنْسَانِ يَجُوزُ بَيْعُ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ مُتَفَاضِلًا وَقَالَ مَالِكٌ هُمَا جِنْسٌ وَاحِدٌ وَثِمَارُ النَّخِيلِ كُلُّهَا جِنْسٌ وَاحِدٌ، وَإِنْ اخْتَلَفَ أَلْوَانُهَا وَأَسْمَاؤُهَا كَالْبَرْنِيِّ، وَالْمَعْقِلِيِّ وَالدَّقَلِ فَلَا يَجُوزُ التَّفَاضُلُ فِيهَا لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «التَّمْرُ بِالتَّمْرِ مِثْلًا بِمِثْلٍ» وَهُوَ عَامٌّ وَثِمَارُ الْكُرُومِ كُلُّهَا جِنْسٌ وَاحِدٌ، وَإِنْ اخْتَلَفَتْ أَوْصَافُهَا لِأَنَّ اسْمَ الْعِنَبِ يَقَعُ عَلَيْهَا وَالزَّبِيبُ جِنْسٌ وَاحِدٌ، وَإِنْ اخْتَلَفَتْ أَوْصَافُهُ وَبُلْدَانُهُ، وَالْحِنْطَةُ كُلُّهَا جِنْسٌ وَاحِدٌ، وَإِنْ اخْتَلَفَتْ أَوْصَافُهَا، وَإِذَا بِيعَ التَّمْرُ بِالزَّبِيبِ أَوْ الزَّبِيبُ بِالْحِنْطَةِ، أَوْ التَّمْرُ بِالذُّرَةِ يَجُوزُ مُتَفَاضِلًا بَعْدَ أَنْ يَكُونَ عَيْنًا بِعَيْنٍ وَلَا يَجُوزُ نَسِيئَةً؛ لِأَنَّ الْكَيْلَ جَمَعَهُمَا وَلُحُومُ الْغَنَمِ كُلُّهَا جِنْسٌ وَاحِدٌ ضَأْنُهَا وَمَعَزُهَا وَالنَّعْجَةُ وَالتَّيْسُ فَلَوْ بَاعَ لَحْمَ الشَّاةِ بِشَحْمِهَا، أَوْ بِأَلْيَتِهَا، أَوْ بِصُوفِهَا يَجُوزُ مُتَفَاضِلًا وَلَا يَجُوزُ نَسِيئَةً؛ لِأَنَّ الْوَزْنَ جَمَعَهُمَا وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ غَزْلِ الْقُطْنِ بِالْقُطْنِ مُتَسَاوِيًا وَزْنًا؛ لِأَنَّ الْقُطْنَ يَنْقُصُ إذَا غُزِلَ فَهُوَ كَالدَّقِيقِ بِالْحِنْطَةِ.

قَوْلُهُ: (وَكُلُّ شَيْءٍ نَصَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى تَحْرِيمِ التَّفَاضُلِ فِيهِ كَيْلًا فَهُوَ مَكِيلٌ أَبَدًا، وَإِنْ تَرَكَ النَّاسُ الْكَيْلَ فِيهِ مِثْلُ الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَالتَّمْرِ، وَالْمِلْحِ) ؛ لِأَنَّ النَّصَّ أَقْوَى مِنْ الْعُرْفِ، وَالْأَقْوَى لَا يُتْرَكُ بِالْأَدْنَى فَعَلَى هَذَا إذَا بَاعَ الْحِنْطَةَ بِجِنْسِهَا مُتَسَاوِيَةً وَزْنًا، أَوْ الْفِضَّةَ بِجِنْسِهَا مُتَمَاثِلًا كَيْلًا لَا يَجُوزُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ، وَإِنْ تَعَارَفُوا ذَلِكَ لِتَوَهُّمِ الْفَضْلِ عَلَى مَا هُوَ الْمِعْيَارُ فِيهِ كَمَا إذَا بَاعَهُ مُجَازَفَةً إلَّا أَنَّهُ يَجُوزُ السَّلَمُ فِي الْحِنْطَةِ وَنَحْوهَا وَزْنًا لِوُجُودِ السَّلَمِ فِي مَعْلُومٍ وَلِأَنَّ الْمُسْلَمَ فِيهِ لَا تُعْتَبَرُ فِيهِ الْمُمَاثَلَةُ وَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ فِيهِ الْإِعْلَامُ عَلَى وَجْهٍ لَا يَبْقَى بَيْنَهُمَا مُنَازَعَةٌ فِي التَّسْلِيمِ وَذَلِكَ يَحْصُلُ بِذِكْرِ الْوَزْنِ كَمَا يَحْصُلُ بِذِكْرِ الْكَيْلِ.

قَوْلُهُ: (وَكُلُّ شَيْءٍ نَصَّ عَلَى تَحْرِيمِهِ وَزْنًا فَهُوَ مَوْزُونٌ أَبَدًا، وَإِنْ تَرَكَ النَّاسُ الْوَزْنَ فِيهِ مِثْلُ الذَّهَبِ، وَالْفِضَّةِ) حَتَّى لَوْ بَاعَ الْفِضَّةَ وَالذَّهَبَ بِأَمْثَالِهِمَا كَيْلًا لَا يَجُوزُ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يَجُوزُ. قَوْلُهُ: (وَمَا لَمْ يَنُصَّ عَلَيْهِ فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى عَادَاتِ النَّاسِ)

<<  <  ج: ص:  >  >>