أَوَ كُلُّ تَمْرِ خَيْبَرَ هَكَذَا» سَمَّاهُ تَمْرًا وَبَيْعُ التَّمْرِ بِمِثْلِهِ مُتَسَاوِيًا جَائِزٌ وَعِنْدَهُمَا لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ «النَّبِيَّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - سُئِلَ عَنْ بَيْعِ الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ فَقَالَ أَيَنْقُصُ إذَا جَفَّ فَقِيلَ نَعَمْ قَالَ فَلَا إذًا» قَالَ فِي النِّهَايَةِ تَأْوِيلُ الْحَدِيثِ أَنَّهُ قِيلَ إنَّ السَّائِلَ كَانَ وَصِيًّا لِيَتِيمٍ فَلَمْ يَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي ذَلِكَ التَّصَرُّفِ مَنْفَعَةً لِلْيَتِيمِ بِاعْتِبَارِ النُّقْصَانِ عِنْدَ الْجَفَافِ فَمَنَعَ الْوَصِيَّ مِنْهُ عَلَى طَرِيقِ الْإِشْفَاقِ لَا عَلَى طَرِيقِ فَسَادِ الْعَقْدِ فَإِنْ قِيلَ لَوْ كَانَ الرُّطَبُ تَمْرًا يَنْبَغِي أَنْ يَحْنَثَ فِيمَا إذَا حَلَفَ لَا يَأْكُلُ رُطَبًا فَأَكَلَ تَمْرًا قُلْنَا مَبْنَى الْإِيمَانِ عَلَى الْعُرْفِ، وَالْعَادَةِ، وَفِي الْعُرْفِ الرُّطَبُ غَيْرُ التَّمْرِ وَبَيْعُ الرُّطَبِ بِالرُّطَبِ جَائِزٌ بِالْإِجْمَاعِ مُتَمَاثِلًا كَذَا فِي الْخُجَنْدِيِّ، وَفِي شَرْحِهِ إنَّمَا يَجُوزُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ أَمَّا عِنْدَهُمَا فَلَا يَجُوزُ وَكَذَا بَيْعُ الْبُسْرِ بِالرُّطَبِ يَجُوزُ عِنْدَهُ وَعِنْدَهُمَا لَا يَجُوزُ وَلَوْ بَاعَ الْبُسْرَ بِالتَّمْرِ مُتَفَاضِلًا لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الْبُسْرَ تَمْرٌ.
. قَوْلُهُ: (وَكَذَلِكَ الْعِنَبُ بِالزَّبِيبِ) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُهُ مِثْلًا بِمِثْلٍ عَلَى الْخِلَافِ يَجُوزُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا لَا يَجُوزُ وَقِيلَ لَا يَجُوزُ بِالِاتِّفَاقِ اعْتِبَارًا بِالْحِنْطَةِ الْمَقْلِيَّةِ بِغَيْرِ الْمَقْلِيَّةِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ، وَالْفَرْقُ لِأَبِي حَنِيفَةَ بَيْنَ بَيْعِ التَّمْرِ بِالرُّطَبِ وَبَيْنَ بَيْعِ الْعِنَبِ بِالزَّبِيبِ عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ أَنَّ النَّصَّ وَرَدَ بِإِطْلَاقِ لَفْظِ التَّمْرِ عَلَى الرُّطَبِ فِي قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «أَوَ كُلُّ تَمْرِ خَيْبَرَ هَكَذَا» وَلَمْ يَرِدْ بِإِطْلَاقِ اسْمِ الزَّبِيبِ عَلَى الْعِنَبِ فَافْتَرَقَا كَذَا فِي النِّهَايَةِ.
قَوْلُهُ: (وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ الزَّيْتُونِ بِالزَّيْتِ وَالسِّمْسِمِ بِالشَّيْرَجِ حَتَّى يَكُونَ الزَّيْتُ وَالشَّيْرَجُ أَكْثَرَ مِمَّا فِي الزَّيْتُونِ وَالسِّمْسِمِ فَيَكُونُ الدُّهْنُ بِمِثْلِهِ وَالزِّيَادَةُ بِالثَّجِيرَةِ) وَلَا خَيْرَ فِي ذَلِكَ نَسِيئَةً الشَّيْرَجُ السَّلِيطُ وَالثَّجِيرَةُ الْعُصَارَةُ وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ مِقْدَارُ مَا فِيهِ لَا يَجُوزُ لِاحْتِمَالِ الرِّبَا وَكَذَا الْجَوْزُ بِدُهْنِهِ وَاللَّبَنُ بِسَمْنِهِ، وَالْعِنَبُ بِعَصِيرِهِ وَالتَّمْرُ بِدِبْسِهِ وَاخْتَلَفُوا فِي الْقُطْنِ بِغَزْلِهِ فَذَكَرَ فِي الذَّخِيرَةِ لَا يَجُوزُ بَيْعُ غَزْلِ الْقُطْنِ بِالْقُطْنِ مُتَسَاوِيًا؛ لِأَنَّ الْقُطْنَ يَنْقُصُ بِالْغَزْلِ وَهُوَ نَظِيرُ الْحِنْطَةِ مَعَ الدَّقِيقِ.
وَفِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْغَزْلِ بِالْقُطْنِ إلَّا مُتَسَاوِيًا؛ لِأَنَّ أَصْلَهُمَا وَاحِدٌ وَكِلَاهُمَا مَوْزُونٌ كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَبَيْعُ الْغَزْلِ بِالثَّوْبِ جَائِزٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ قَالَ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْكِرْبَاسُ بِالْقُطْنِ يَجُوزُ كَيْفَمَا كَانَ بِالْإِجْمَاعِ.
. قَوْلُهُ: (وَيَجُوزُ بَيْع اللُّحْمَانِ الْمُخْتَلِفَةِ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ مُتَفَاضِلًا) يَعْنِي لَحْمَ الْبَقَرِ بِلَحْمِ الْإِبِلِ، أَوْ بِلَحْمِ الْغَنَمِ أَمَّا لَحْمُ الْبَقَرِ، وَالْجَوَامِيسِ جِنْسٌ وَاحِدٌ وَكَذَا الْمَعَزُ مَعَ الضَّأْنِ، وَالْبُخْتُ مَعَ الْعِرَابِ لَا يَجُوزُ فِيهِ التَّفَاضُلُ؛ لِأَنَّهَا جِنْسٌ وَاحِدٌ، وَإِنْ اخْتَلَفَتْ أَلْوَانُهَا. قَوْلُهُ: (وَكَذَلِكَ أَلْبَانُ الْبَقَرِ، وَالْغَنَمِ) ؛ لِأَنَّهَا فُرُوعٌ مِنْ أُصُولٍ هِيَ أَجْنَاسٌ فَكَانَتْ أَجْنَاسًا، وَالْأَلْيَةُ وَاللَّحْمُ جِنْسَانِ وَشَحْمُ الْبَطْنِ، وَالْأَلْيَةُ جِنْسَانِ. قَوْلُهُ: (وَخَلُّ الدَّقَلِ بِخَلِّ الْعِنَبِ) لِلِاخْتِلَافِ بَيْنَ أَصْلَيْهِمَا فَجَازَ بَيْعُ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ مُتَفَاضِلًا وَلَا يَجُوزُ نَسِيئَةً؛ لِأَنَّهُ قَدْ جَمَعَهُمَا قَدْرٌ وَاحِدٌ وَهُوَ الْكَيْلُ، أَوْ الْوَزْنُ كَذَا فِي النِّهَايَةِ.
. قَوْلُهُ: (وَيَجُوزُ بَيْعُ الْخُبْزِ بِالْحِنْطَةِ وَالدَّقِيقِ مُتَفَاضِلًا) ؛ لِأَنَّ الْخُبْزَ بِالصَّنْعَةِ خَرَجَ مِنْ أَصْلِهِ؛ لِأَنَّهُ دَخَلَ فِي الْعَدِّ، وَالْوَزْنِ، وَالْحِنْطَةُ مَكِيلَةٌ وَهَذَا إذَا كَانَا نَقْدَيْنِ، أَوْ كَانَتْ الْحِنْطَةُ نَسِيئَةً أَمَّا إذَا كَانَ الْخُبْزُ نَسِيئَةً قَالَ أَبُو يُوسُفَ يَجُوزُ أَيْضًا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَلَا خَيْرَ فِي اسْتِقْرَاضِ الْخُبْزِ عَدَدًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لِأَنَّهُ يَتَفَاوَتُ بِالْخَبْزِ، وَالْخَبَّازِ وَالتَّنُّورِ وَالتَّقَدُّمِ وَالتَّأَخُّرِ يَعْنِي فِي أَوَّلِ التَّنُّورِ وَآخِرِهِ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يَجُوزُ لِتَعَامُلِ النَّاسِ بِهِ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَجُوزُ وَزْنًا وَلَا يَجُوزُ عَدَدًا لِلتَّفَاوُتِ فِي آحَادِهِ.
وَقَالَ مُحَمَّدٌ ثَلَاثٌ مِنْ الدَّنَاءَةِ اقْتِرَاضُ الْخُبْزِ وَزْنًا، وَالْجُلُوسُ عَلَى بَابِ الْحَمَّامِ وَالنَّظَرُ فِي مِرْآةِ الْحَجَّامِ.
. قَوْلُهُ: (وَلَا رِبَا بَيْنَ الْمَوْلَى وَعَبْدِهِ) لِأَنَّ الْعَبْدَ وَمَا فِي يَدِهِ مِلْكٌ لِلْمَوْلَى وَمَعْنَاهُ إذَا كَانَ مَأْذُونًا وَلَمْ يَكُنْ مَدْيُونًا فَإِنْ كَانَ مَدْيُونًا لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ مَا فِي يَدِهِ لَيْسَ بِمِلْكٍ لِلْمَوْلَى عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute