للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

شَاءَ ضَمَّنَهُ قِيمَةَ خَمْسَةِ أَسْدَاسِهِ مِنْ خِلَافِ جِنْسِهِ فَيَكُونُ خَمْسَةُ أَسْدَاسِ الْمُنْكَسِرِ مِلْكًا لِلْمُرْتَهِنِ بِالضَّمَانِ وَيَكُونُ مَا ضَمِنَ مَعَ سُدُسِ الْمُنْكَسِرِ رَهْنًا بِجَمِيعِ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَشِيعُ الْأَمَانَةُ وَالضَّمَانُ، وَالْمَضْمُونُ مِنْ وَزْنِ الْقُلْبِ قَدْرُ مَا يَبْلُغُ قِيمَةَ جَمِيعِ الدَّيْنِ، وَخَمْسَةُ أَسْدَاسِ الْقُلْبِ يَبْلُغُ قِيمَةَ عَشَرَةٍ؛ لِأَنَّ الْوَزْنَ إذَا كَانَ عَشَرَةً، وَالْقِيمَةُ اثْنَيْ عَشَرَ كَانَتْ الْعَشَرَةُ الَّتِي هِيَ الدَّيْنُ خَمْسَةَ أَسْدَاسِ اثْنَيْ عَشَرَ؛ لِأَنَّ قِيمَةَ كُلِّ سُدُسٍ اثْنَانِ فَيَكُونُ خَمْسَةُ أَسْدَاسِ الْقُلْبِ عَشَرَةً مِنْ حَيْثُ الْقِيمَةُ، وَطَرِيقُ مَعْرِفَةِ ذَلِكَ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ الْوَزْنِ وَهُوَ عَشَرَةٌ سُدُسُهُ وَذَلِكَ دِرْهَمٌ وَثُلُثَا دِرْهَمٍ يَبْقَى ثَمَانِيَةٌ وَثُلُثٌ وَذَلِكَ خَمْسَةُ أَسْدَاسِ عَشَرَةٍ يَكُونُ مِلْكًا لِلْمُرْتَهِنِ بِالضَّمَانِ وَيُمَيَّزُ السُّدُسُ وَيَكُونُ رَهْنًا مَعَ الضَّمَانِ مَقَامَ الْأَوَّلِ وَإِنَّمَا مُيِّزَ كَيْ لَا يَتَمَكَّنَ الشُّيُوعُ وَهَذَا عَلَى الرِّوَايَةِ الَّتِي سُوِّيَ فِيهَا بَيْنَ الْإِشَاعَةِ الطَّارِئِيَّةِ، وَالْأَصْلِيَّةِ، وَفِي رِوَايَةٍ أَنَّ الطَّارِئِيَّةَ لَا تُبْطِلُ وَلَا يُحْتَاجُ إلَى تَمْيِيزٍ.

وَقَالَ مُحَمَّدٌ الْأَمَانَةُ مِنْ الْجَوْدَةِ وَالنُّقْصَانُ مِنْهَا فَإِنْ كَانَ النُّقْصَانُ دِرْهَمَيْنِ، أَوْ أَقَلَّ أُجْبِرَ الرَّاهِنُ عَلَى الْفِكَاكِ بِجَمِيعِ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّ النُّقْصَانَ عِنْدَهُ يُصْرَفُ إلَى الْجَوْدَةِ، وَالْأَمَانَةِ، وَإِنْ زَادَ النُّقْصَانُ عَلَى الدِّرْهَمَيْنِ فَالرَّاهِنُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ افْتَكَّهُ بِجَمِيعِ الدَّيْنِ، وَإِنْ شَاءَ جَعَلَهُ بِالدَّيْنِ اعْتِبَارًا لِحَالَةِ الِانْكِسَارِ بِحَالَةِ الْهَلَاكِ عِنْدَهُ.

. قَوْلُهُ: (وَمَنْ كَانَ لَهُ دَيْنٌ عَلَى غَيْرِهِ فَأَخَذَ مِنْهُ مِثْلَ دَيْنِهِ فَأَنْفَقَهُ، ثُمَّ عَلِمَ أَنَّهُ كَانَ زُيُوفًا فَلَا شَيْءَ لَهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ) يَعْنِي عَلِمَ بَعْدُ أَمَّا لَوْ عَلِمَ حَالَةَ الْقَبْضِ وَلَمْ يَرُدَّ لَمْ يَثْبُتْ لَهُ الرَّدُّ بِالْإِجْمَاعِ، ثُمَّ إذَا عَلِمَ قَبْلَ أَنْ يُنْفِقَهَا فَطَالَبَهُ بِالْجِيَادِ وَأَخَذَهَا فَإِنَّ الْجِيَادَ أَمَانَةٌ فِي يَدِهِ مَا لَمْ يَرُدَّ الزُّيُوفَ وَيُجَدِّدْ الْقَبْضَ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَقَوْلُهُ: فَلَا شَيْءَ لَهُ يَعْنِي إذَا كَانَ مَا قَبَضَهُ مِثْلَ وَزْنِهِ وَمُنَاسَبَةُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِمَا قَبْلَهَا ظَاهِرٌ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّهُ إذَا أَنْفَقَ الزُّيُوفَ مَكَانَ الْجِيَادِ فَكَأَنَّهُ اسْتَوْفَى الْجِيَادَ مِنْ الزُّيُوفِ فَيَكُونُ كَالرَّهْنِ. قَوْلُهُ: (وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ: يَرُدُّ مِثْلَ الزُّيُوفِ وَيَرْجِعُ بِالْجِيَادِ) ، وَالْمَشْهُورُ أَنَّ مُحَمَّدًا مَعَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَنْ كَانَ لَهُ عَلَى رَجُلٍ دِرْهَمٌ فَأَعْطَاهُ دِرْهَمَيْنِ صَغِيرَيْنِ وَزْنُهُمَا دِرْهَمٌ جَازَ وَيُجْبَرُ عَلَى قَبْضِ ذَلِكَ وَلَوْ كَانَ لَهُ دِينَارٌ فَأَعْطَاهُ دِينَارَيْنِ صَغِيرَيْنِ وَزْنُهُمَا دِينَارٌ فَأَبَى لَمْ يُجْبَرْ عَلَى ذَلِكَ.

قَوْلُهُ: (وَمَنْ رَهْن عَبْدَيْنِ بِأَلْفٍ فَقَضَى حِصَّةَ أَحَدِهِمَا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَقْبِضَهُ حَتَّى يُؤَدِّيَ بَاقِيَ الدَّيْنِ) لِأَنَّ الرَّهْنَ مَحْبُوسٌ بِكُلِّ الدَّيْنِ فَيَكُونُ مَحْبُوسًا بِكُلِّ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَائِهِ مُبَالَغَةً فِي حَمْلِهِ عَلَى قَضَاءِ الدَّيْنِ فَإِنْ سَمَّى لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا شَيْئًا مِنْ الْمَالِ، مِثْلُ أَنْ يَقُولَ: رَهَنْتُهُمَا بِأَلْفٍ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِخَمْسِمِائَةٍ فَكَذَلِكَ الْجَوَابُ فِي رِوَايَةِ الْأَصْلِ وَهُوَ الْمَبْسُوطُ.

وَفِي الزِّيَادَاتِ لَهُ أَنْ يَقْبِضَهُ إذَا أَدَّى خَمْسَمِائَةٍ، وَجْهُ الْأَوَّلِ أَنَّ الْعَقْدَ مُتَّحِدٌ لَا يَتَفَرَّقُ بِتَفْرِيقِ التَّسْمِيَةِ وَوَجْهُ الثَّانِي أَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَى الِاتِّحَادِ؛ لِأَنَّ أَحَدَ الْعَقْدَيْنِ لَا يَصِيرُ مَشْرُوطًا فِي الْآخَرِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ قَبِلَ الرَّهْنَ فِي أَحَدِهِمَا جَازَ.

. قَوْلُهُ: (فَإِذَا وَكَّلَ الرَّاهِنُ الْمُرْتَهِنَ، أَوْ الْعَدْلَ، أَوْ غَيْرَهُمَا بِبَيْعِ الرَّهْنِ عِنْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ فَالْوَكَالَةُ جَائِزَةٌ) لِأَنَّهُ تَوْكِيلُ بَيْعِ مَالِهِ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ شَرَطَ الْوَكَالَةَ فِي عَقْدِ الرَّهْنِ فَلَيْسَ لِلرَّاهِنِ عَزْلُهُ عَنْهَا فَإِنْ عَزَلَهُ لَمْ يَنْعَزِلْ) لِأَنَّهُ لَمَّا شُرِطَتْ فِي ضِمْنِ الْعَقْدِ صَارَ وَصْفًا مِنْ أَوْصَافِهِ وَحَقًّا مِنْ حُقُوقِهِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ بِزِيَادَةِ الْوَثِيقَةِ فَيَلْزَمُ بِلُزُومِ أَصْلِهِ وَلِأَنَّهُ تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ الْمُرْتَهِنِ، وَفِي عَزْلِهِ إسْقَاطُ حَقِّهِ وَصَارَ كَالْوَكِيلِ بِالْخُصُومَةِ يَطْلُبُ الْمُدَّعَى وَلَوْ وَكَّلَهُ بِالْبَيْعِ مُطْلَقًا حَتَّى مَلَكَ الْبَيْعَ بِالنَّقْدِ وَالنَّسِيئَةِ، ثُمَّ نَهَاهُ عَنْ الْبَيْعِ نَسِيئَةً لَمْ يُعْمَلْ نَهْيُهُ؛ لِأَنَّهُ لَازِمٌ بِأَصْلِهِ فَكَذَا بِوَصْفِهِ بِمَا ذَكَرْنَا وَكَذَا إذَا عَزَلَهُ الْمُرْتَهِنُ لَا يَنْعَزِلُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوَكِّلْهُ، وَإِنَّمَا وَكَّلَهُ غَيْرُهُ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ مَاتَ الرَّاهِنُ لَمْ يَنْعَزِلْ) لِأَنَّ الرَّهْنَ لَمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>