الدَّيْنُ عَلَى قِيمَةِ الْأَصْلِ يَوْمَ الْقَبْضِ وَعَلَى قِيمَةِ الزِّيَادَةِ يَوْمَ قُبِضَتْ حَتَّى لَوْ كَانَتْ قِيمَةُ الزِّيَادَةِ يَوْمَ قَبْضِهَا خَمْسَمِائَةٍ وَقِيمَةُ الْأَصْلِ يَوْمَ الْقَبْضِ أَلْفًا - وَالدَّيْنُ أَلْفٌ - يُقْسَمُ الدَّيْنُ أَثْلَاثًا يَكُونُ فِي الزِّيَادَةِ ثُلُثُ الدَّيْنِ، وَفِي الْأَصْلِ ثُلُثَاهُ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الزِّيَادَةِ مِائَتَيْنِ فَفِيهَا سُدُسُ الدَّيْنِ وَلَا يُعْتَبَرُ نُقْصَانُ قِيمَةِ الْأَوَّلِ فِي السِّعْرِ؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ يَتَعَلَّقُ بِالْقَبْضِ فَالْمُعْتَبَرُ بِالْقِيمَةِ يَوْمَ الْقَبْضِ، وَإِنْ نَقَصَ الْأَصْلُ فِي يَدِهِ ذَهَبَ مِنْ الدَّيْنِ بِقَدْرِ النُّقْصَانِ فَإِنْ زَادَهُ الرَّاهِنُ بَعْدَ نُقْصَانِ الْأَصْلِ رَهْنًا آخَرَ قَسَمْتَ مَا بَقِيَ مِنْ الدَّيْنِ فِي الْأَوَّلِ عَلَى قِيمَةِ الْبَاقِي مِنْهُ وَعَلَى قِيمَةِ الزِّيَادَةِ يَوْمَ قُبِضَتْ وَكَانَ الدَّيْنُ فِيهِمَا عَلَى قَدْرِ ذَلِكَ كَرَجُلٍ رَهَنَ جَارِيَةً تُسَاوِي أَلْفًا بِأَلْفٍ، ثُمَّ اعْوَرَّتْ فَزَادَهُ عَبْدًا يُسَاوِي أَلْفًا فَقَدْ ذَهَبَ بِاعْوِرَارِهَا نِصْفُ الدَّيْنِ وَبَقِيَ فِيهَا خَمْسُمِائَةٍ مَقْسُومَةٌ عَلَى قِيمَتِهَا عَوْرَاءَ وَعَلَى قِيمَةِ الْعَبْدِ الزِّيَادَةِ يَوْمَ الْقَبْضِ فَيَكُونُ فِي الْعَبْدِ ثُلُثَا خَمْسِمِائَةٍ وَهُوَ ثُلُثُ الْأَلْفِ إنْ هَلَكَ بِثُلُثِ الْأَلْفِ، وَإِنْ هَلَكَتْ الْعَوْرَاءُ ذَهَبَ بِهَلَاكِهَا ثُلُثُ خَمْسِمِائَةٍ وَقَدْ ذَهَبَ بِالْعَوَرِ خَمْسُمِائَةٍ. قَوْلُهُ: (وَلَا تَجُوزُ فِي الدَّيْنِ) عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ.
وَقَالَ زُفَرُ وَالشَّافِعِيُّ: لَا تَجُوزُ فِيهِمَا وَلَا يَصِيرُ الرَّهْنُ رَهْنًا بِهِمَا.
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: هُوَ جَائِزٌ فَأَبُو يُوسُفَ سَوَّى بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ فَقَالَ تَجُوزُ الزِّيَادَةُ فِي الرَّهْنِ وَالزِّيَادَةُ فِي الدَّيْنِ وَزُفَرُ سَوَّى بَيْنَهُمَا أَيْضًا وَقَالَ: لَا يَجُوزُ كِلَاهُمَا وَهُمَا فَرَّقَا بَيْنَهُمَا فَقَالَا زِيَادَةُ الرَّهْنِ عَلَى الرَّهْنِ جَائِزَةٌ وَالزِّيَادَةُ فِي الدَّيْنِ لَا تَجُوزُ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ فِي الرَّهْنِ تُؤَدِّي إلَى شُيُوعِ الدَّيْنِ وَذَلِكَ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الرَّهْنِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ رَهَنَ بِنِصْفِ الدَّيْنِ رَهْنًا جَازَ وَشُيُوعُ الرَّهْنِ يَمْنَعُ صِحَّةَ الرَّهْنِ فَافْتَرَقَا وَصُورَةُ الزِّيَادَةِ فِي الدَّيْنِ إذَا رَهَنَ عَبْدًا يُسَاوِي أَلْفَيْنِ بِأَلْفٍ، ثُمَّ اسْتَقْرَضَ الرَّاهِنُ مِنْ الْمُرْتَهِنِ أَلْفًا أُخْرَى عَلَى أَنْ يَكُون الْعَبْدُ رَهْنًا بِهِمَا جَمِيعًا فَإِنَّهُ يَكُونُ رَهْنًا بِالْأَلْفِ خَاصَّةً وَلَوْ هَلَكَ يَهْلِكُ بِالْأَلْفِ الْأَوَّلِ وَلَا يَهْلِكُ بِأَلْفَيْنِ وَكَذَا إذَا رَهَنَ عَبْدًا بِمِائَةٍ وَقِيمَته مِائَتَانِ، ثُمَّ أَخَذَ الرَّاهِنُ مِنْ الْمُرْتَهِنِ مِائَةً أُخْرَى عَلَى أَنْ يَكُون الْعَبْدُ رَهْنًا بِالدَّيْنَيْنِ، ثُمَّ مَاتَ الْعَبْدُ فَإِنَّهُ يَسْقُطُ الدَّيْنُ الْأَوَّلُ وَالْفَضْلُ مِنْ الْعَبْدِ أَمَانَةٌ وَيَبْقَى الدَّيْنُ الثَّانِي بِلَا رَهْنٍ وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ وَلَا يَصِيرُ الرَّهْنُ رَهْنًا بِهِمَا.
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: الزِّيَادَةُ فِي الدَّيْنِ جَائِزَةٌ وَيَسْقُطُ بِمَوْتِهِ الدَّيْنَانِ جَمِيعًا.
(قَوْلُهُ: وَإِذَا رَهَنَ عَيْنًا وَاحِدَةً عِنْدَ رَجُلَيْنِ بِدَيْنٍ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَيْهِ جَازَ وَجَمِيعُهَا رَهْنٌ عِنْدَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا) ؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ أُضِيفَ إلَى جَمِيعِ الْعَيْنِ فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ وَلَا شُيُوعَ فِيهِ وَهَذَا بِخِلَافِ الْهِبَةِ مِنْ رَجُلَيْنِ حَيْثُ لَا تَجُوزُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِالْهِبَةِ الْمِلْكُ وَيَسْتَحِيلُ أَنْ تَكُونَ الْهِبَةُ مِلْكًا لِهَذَا وَمِلْكًا لِهَذَا فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَالِكًا لِلنِّصْفِ فَيَحْصُلَ قَبْضُهُ فِي مُشَاعٍ فَلَا تَصِحَّ الْهِبَةُ، وَأَمَّا الرَّهْنُ فَالْمَقْصُودُ مِنْهُ الْوَثِيقَةُ لَا الْمِلْكُ وَيُمْكِنُ أَنْ يُجْعَلَ جَمِيعُ الرَّهْنِ وَثِيقَةً لِهَذَا وَجَمِيعُهُ وَثِيقَةً لِهَذَا فَلَا يُؤَدِّي إلَى الْإِشَاعَةِ.
(قَوْلُهُ: وَالْمَضْمُونُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حِصَّةُ دَيْنِهِ مِنْهَا) أَيْ مِنْ الْعَيْنِ؛ لِأَنَّ عِنْدَ الْهَلَاكِ يَصِيرُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُسْتَوْفِيًا حِصَّتَهُ إذْ الِاسْتِيفَاءُ مِمَّا يَتَجَزَّأُ فَكَانَ الْمَضْمُونُ عَلَيْهِ مِقْدَارَ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ قَضَى أَحَدُهُمَا دَيْنَهُ كَانَتْ كُلُّهَا رَهْنًا فِي يَدِ الْآخَرِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ) لِأَنَّهَا فِي أَيْدِيهِمَا رَهْنٌ وَاحِدٌ فَإِنْ هَلَكَ الرَّهْنُ عِنْدَهُ بَعْدَ قَضَاءِ دَيْنِ صَاحِبِهِ اسْتَرَدَّ مِنْ الدَّيْنِ قَضَاءَ مَا أَعْطَاهُ؛ لِأَنَّهُ مَا دَامَ فِي يَدِ الْآخَرِ فَحُكْمُ الرَّهْنِ بَاقٍ عَلَيْهِ فَصَارَ كَالرَّهْنِ مِنْ وَاحِدٍ إذَا اسْتَوْفَى دَيْنَهُ، ثُمَّ هَلَكَ الرَّهْنُ فِي يَدِهِ بَعْدَ ذَلِكَ.
قَوْلُهُ: (وَمَنْ بَاعَ عَبْدًا عَلَى أَنْ يَرْهَنَهُ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ شَيْئًا بِعَيْنِهِ فَامْتَنَعَ الْمُشْتَرِي مِنْ تَسْلِيمِ الرَّهْنِ لَمْ يُجْبَرْ عَلَيْهِ وَكَانَ الْبَائِعُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute