الرَّجُلِ بِالْوَالِدَيْنِ، وَالْوَلَدِ وَالزَّوْجَةِ، وَالْمَوْلَى) لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ تَحْمِيلُ النَّسَبِ عَلَى الْغَيْرِ وَيُعْتَبَرُ تَصْدِيقُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ الْوَلَدُ لَا يُولَدُ مِثْلُهُ لِمِثْلِهِ لَا يَصِحُّ دَعْوَاهُ سَوَاءٌ صَدَّقَهُ الِابْنُ أَمْ لَمْ يُصَدِّقْهُ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ، أَوْ لَمْ يُقِمْ لِاسْتِحَالَةِ ذَلِكَ.
(قَوْلُهُ: وَيُقْبَلُ إقْرَارُ الْمَرْأَةِ بِالْوَالِدَيْنِ وَالزَّوْجِ، وَالْمَوْلَى) ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مَعْنًى تُلْزِمُهُ نَفْسَهَا وَلَا تَحْمِلُهُ عَلَى غَيْرِهَا. (قَوْلُهُ: وَلَا يُقْبَلُ إقْرَارُهَا بِالْوَلَدِ إلَّا أَنْ يُصَدِّقَهَا الزَّوْجُ، أَوْ تَشْهَدَ بِوِلَادَتِهَا قَابِلَةٌ) يُرِيدُ بِهِ إذَا كَانَتْ مُزَوَّجَةً، أَوْ فِي عِدَّةٍ مِنْ زَوْجٍ أَمَّا إذَا لَمْ يُعْرَفْ لَهَا زَوْجٌ ثَبَتَ نَسَبُهُ مِنْهَا، وَإِنَّمَا لَمْ يُقْبَلْ إقْرَارُهَا بِالْوَلَدِ؛ لِأَنَّهَا تَحْمِلُهُ عَلَى غَيْرِهَا فَلَا تُصَدَّقُ فَإِنْ صَدَّقَهَا الزَّوْجُ قَبْلَ إقْرَارِهَا وَكَذَا إذَا شَهِدَتْ بِوِلَادَتِهَا قَابِلَةٌ؛ لِأَنَّ الْوِلَادَةَ تَثْبُتُ بِشَهَادَةِ امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ عِنْدَنَا، وَإِذَا ثَبَتَ الْوِلَادَةُ مِنْهَا يَثْبُتُ نَسَبُهُ فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَجُوزُ إقْرَارُ الْمَرْأَةِ بِثَلَاثَةٍ الزَّوْجِ، وَالْمَوْلَى، وَالْأَبِ لَا غَيْرُ فَيَظْهَرُ بِهَذَا أَنَّ قَوْلَهُ بِالْوَالِدَيْنِ وَقَعَ سَهْوًا؛ لِأَنَّهُ يَقَعُ التَّنَاقُضُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ صَحَّ الْإِقْرَارُ بِالْأُمِّ وَذَلِكَ يَتَوَقَّفُ عَلَى تَصْدِيقِهَا فَيَكُونُ تَصْدِيقُهَا بِمَنْزِلَةِ إقْرَارِهَا بِالْوَلَدِ وَقَدْ ذَكَرَ بَعْدَ هَذَا أَنَّ إقْرَارَ الْمَرْأَةِ بِالْوَلَدِ لَا يُقْبَلُ وَيَصِحُّ عَلَى الرِّوَايَةِ الَّتِي تَقُولُ: إنَّهَا تُصَدَّقُ فِي حَقِّ نَفْسِهَا كَمَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا زَوْجٌ وَيَكُونُ كَوَلَدِ الزِّنَا فَيَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْ أُمِّهِ فَلَا إشْكَالَ حِينَئِذٍ وَلَوْ ادَّعَى الْوَلَدَ اثْنَانِ وَأَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ ابْنُهُ كَانَ ابْنَهُمَا فَإِنْ مَاتَ الْوَلَدُ لَا يَرِثُ الْأَبَوَانِ مِنْهُ إلَّا مِيرَاثَ أَبٍ وَاحِدٍ وَهُوَ السُّدُسُ إذَا كَانَ الْوَلَدُ خَلَفَ أَوْلَادًا، وَإِذَا مَاتَ أَحَدُ الْأَبَوَيْنِ وَرِثَ الْأَبُ الْبَاقِي السُّدُسَ كَامِلًا، وَإِنْ ادَّعَى ثَلَاثَةٌ وَلِذَا قَالَ أَبُو يُوسُفَ لَا يَثْبُتُ النَّسَبُ مِنْ ثَلَاثَةٍ وَقَالَ مُحَمَّدٌ يَثْبُتُ مِنْ ثَلَاثَةٍ وَلَا يَثْبُتُ مِنْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يَثْبُتُ مِنْ خَمْسَةٍ وَلَا يَثْبُتُ مِنْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، وَإِنْ ادَّعَاهُ امْرَأَتَانِ وَأَقَامَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا الْبَيِّنَةَ فَهُوَ ابْنُهُمَا جَمِيعًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَكَذَا يَثْبُتُ مِنْ خَمْسٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ كَمَا يَثْبُتُ مِنْ خَمْسَةِ رِجَالٍ.
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ: لَا يُقْضَى بِهِ مِنْ امْرَأَتَيْنِ وَلَا يَكُونُ ابْنَ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّهُ يَسْتَحِيلُ أَنْ تَلِدَ امْرَأَتَانِ ابْنًا وَاحِدًا، وَإِنْ تَنَازَعَ فِيهِ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ يُقْضَى بِهِ بَيْنَهُمْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا يُقْضَى بِهِ لِلرَّجُلِ وَلَا يُقْضَى بِهِ لِلْمَرْأَتَيْنِ، وَإِنْ تَنَازَعَ فِيهِ رَجُلَانِ وَامْرَأَتَانِ كُلُّ وَاحِدٍ يَدَّعِي أَنَّهُ ابْنُهُ مِنْ هَذِهِ الْمَرْأَةِ، وَالْمَرْأَةُ تُصَدِّقُهُ عَلَى ذَلِكَ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ يُقْضَى بِهِ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ، وَالْمَرْأَتَيْنِ.
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ يُقْضَى بِهِ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ، وَإِذَا زَنَى الرَّجُلُ بِامْرَأَةٍ فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ فَادَّعَاهُ الزَّانِي لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ مِنْهُ، وَأَمَّا الْأُمُّ فَالنَّسَبُ يَثْبُتُ مِنْهَا بِالْوِلَادَةِ.
(قَوْلُهُ: وَمَنْ أَقَرَّ بِنَسَبٍ مِنْ غَيْرِ الْوَالِدَيْنِ، وَالْوَلَدِ مِثْلُ الْأَخِ، وَالْعَمِّ لَمْ يُقْبَلْ إقْرَارُهُ فِي النَّسَبِ) لِأَنَّ فِيهِ حَمْلَ النَّسَبِ عَلَى الْغَيْرِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ لَهُ وَارِثٌ مَعْرُوفٌ قَرِيبٌ، أَوْ بَعِيدٌ فَهُوَ أَوْلَى بِالْمِيرَاثِ مِنْ الْمُقَرِّ لَهُ) لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ فَلَا يُزَاحِمُ الْوَارِثَ الْمَعْرُوفَ وَعَلَى هَذَا لَوْ كَانَ لَهُ عَمَّةٌ أَوْ خَالَةٌ فَهِيَ أَوْلَى مِنْهُ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ اسْتَحَقَّ الْمُقَرُّ لَهُ مِيرَاثَهُ) لِأَنَّ لَهُ وِلَايَةَ التَّصَرُّفِ فِي مَالِهِ عِنْدَ عَدَمِ الْوَارِثِ أَلَا تَرَى أَنَّ لَهُ أَنْ يُوصِيَ بِجَمِيعِهِ فَيَسْتَحِقَّ جَمِيعَ الْمَالِ، وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ وَلَيْسَتْ هَذِهِ وَصِيَّةٌ حَقِيقَةً حَتَّى إنَّ مَنْ أَقَرَّ فِي مَرَضِهِ بِأَخٍ، ثُمَّ أَوْصَى لِآخَرَ بِجَمِيعِ مَالِهِ كَانَ لِلْمُوصَى لَهُ ثُلُثُ الْمَالِ وَلَوْ كَانَ الْأَوَّلُ وَصِيَّةً لَاشْتَرَكَا نِصْفَيْنِ قَالَ فِي الْيَنَابِيعِ وَمَنْ أَقَرَّ بِأَخٍ أَوْ خَالٍ، أَوْ عَمٍّ وَلَيْسَ لَهُ وَارِثٌ ثُمَّ رَجَعَ عَنْ إقْرَارِهِ وَقَالَ لَيْسَ بَيْنِي وَبَيْنَك قَرَابَةٌ صَحَّ رُجُوعُهُ وَيَكُونُ مَالُهُ لِبَيْتِ الْمَالِ.
(قَوْلُهُ: وَمَنْ مَاتَ أَبُوهُ فَأَقَرَّ بِأَخٍ لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُ أَخِيهِ وَيُشَارِكُهُ فِي الْمِيرَاثِ) لِأَنَّ إقْرَارَهُ تَضَمَّنَ شَيْئَيْنِ؛ حَمْلَ النَّسَبِ عَلَى الْغَيْرِ وَلَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَيْهِ: وَالِاشْتِرَاكَ فِي الْمَالِ وَلَهُ فِيهِ وِلَايَةٌ فَيَثْبُتُ كَالْمُشْتَرِي إذَا أَقَرَّ عَلَى الْبَائِعِ بِالْعِتْقِ لَمْ يُقْبَلْ إقْرَارُهُ عَلَيْهِ حَتَّى لَا يَرْجِعَ عَلَيْهِ بِالثَّمَنِ وَلَكِنَّهُ يُقْبَلُ فِي حَقِّ الْعِتْقِ وَقَالَ النَّخَعِيُّ: يَثْبُتُ نَسَبُهُ وَيُشَارِكُهُ فِي الْمِيرَاثِ وَمِنْ فَوَائِدِ قَوْلِهِ " وَيُشَارِكُهُ " إذَا أَقَرَّ الِابْنُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute