غَيْرُ لَازِمٍ، وَإِنَّمَا هُوَ لِنَفْيِ التَّجَاحُدِ، ثُمَّ طَلَبُ الشُّفْعَةِ طَلَبَانِ: طَلَبُ مُوَاثَبَةٍ وَطَلَبُ اسْتِحْقَاقٍ؛ فَطَلَبُ الْمُوَاثَبَةِ عِنْدَ سَمَاعِهِ بِالْبَيْعِ فَيُشْهِدُ عَلَى طَلَبِهَا، ثُمَّ لَا يَمْكُثُ حَتَّى يَذْهَبَ إلَى الْمُشْتَرِي أَوْ إلَى الْبَائِعِ إنْ كَانَتْ الدَّارُ فِي يَدِهِ، أَوْ إلَى الدَّارِ الْمَبِيعَةِ وَيَطْلُبَ عِنْدَ وَاحِدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ طَلَبًا آخَرَ وَهُوَ طَلَبُ الِاسْتِحْقَاقِ وَيُشْهِدَ عَلَيْهِ شُهُودًا فَإِذَا ثَبَتَتْ شُفْعَتُهُ بِالطَّلَبَيْنِ فَهُوَ عَلَى شُفْعَتِهِ أَبَدًا وَلَا تَبْطُلُ بَعْدَ ذَلِكَ بِتَرْكِ الطَّلَبِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَعَنْ مُحَمَّدٍ إذَا مَضَى شَهْرٌ وَلَمْ يَطْلُبْ مَرَّةً أُخْرَى بَطَلَتْ، وَيُقَالُ: طَلَبُ الشُّفْعَةِ طَلَبَانِ: طَلَبُ الْمُوَاثَبَةِ، وَطَلَبُ التَّقْرِيرِ؛ فَطَلَبُ الْمُوَاثَبَةِ أَنْ يَطْلُبَ عَلَى فَوْرِ الْعِلْمِ بِالشِّرَاءِ حَتَّى لَوْ سَكَتَ هُنَيْهَةً وَلَمْ يَطْلُبْ بَطَلَتْ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الشُّفْعَةُ لِمَنْ وَاثَبَهَا» وَعَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ يَتَوَقَّفُ بِمَجْلِسِ عِلْمِ الشَّفِيعِ وَهُوَ اخْتِيَارُ الْكَرْخِيِّ وَطَلَبُ التَّقْرِيرِ هُوَ قَوْلُ الشَّيْخِ ثُمَّ يَنْهَضُ مِنْهُ أَيْ مِنْ الْمَجْلِسِ فَيُشْهِدُ عَلَى الْبَائِعِ إنْ كَانَ الْمَبِيعُ فِي يَدِهِ وَتَقْيِيدُ الشَّيْخِ بِقَوْلِهِ أَشْهَدَ فِي مَجْلِسِهِ إشَارَةٌ إلَيْهِ أَيْ إلَى اخْتِيَارِ الْكَرْخِيِّ وَلَا يَبْطُلُ بِالسُّكُوتِ إلَّا أَنْ يُوجَدَ مِنْهُ مَا يَدُلُّ عَلَى الْإِعْرَاضِ وَكَيْفِيَّةُ الطَّلَبِ أَنْ يَقُولَ طَلَبْت، أَوْ أَنَا أَطْلُبُهَا، أَوْ أَنَا طَالِبُهَا، وَإِنْ قَالَ: لِي فِيمَا اشْتَرَيْتَ شُفْعَةٌ بَطَلَتْ.
وَفِي الْهِدَايَةِ يَصِحُّ الطَّلَبُ بِكُلِّ لَفْظٍ يُفْهَمُ مِنْهُ طَلَبُ الشُّفْعَةِ كَمَا لَوْ قَالَ طَلَبْت الشُّفْعَةَ، أَوْ أَطْلُبُهَا، أَوْ أَنَا طَالِبُهَا؛ لِأَنَّ الِاعْتِبَارَ لِلْمَعْنَى.
وَأَمَّا طَلَبُ التَّقْرِيرِ، وَالْإِشْهَادِ فَهُوَ أَنْ يَقُولَ إنَّ فُلَانًا اشْتَرَى هَذِهِ الدَّارَ وَأَنَا شَفِيعُهَا وَقَدْ كُنْت طَلَبْت الشُّفْعَةَ وَأَطْلُبُهَا الْآنَ فَاشْهَدُوا عَلَى ذَلِكَ، وَفِي الْكَرْخِيِّ طَلَبُ الشُّفْعَةِ عَلَى الْفَوْرِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ أَنَّهَا عَلَى الْمَجْلِسِ كَخِيَارِ الْقَبُولِ وَخِيَارِ الْمُخَيَّرَةِ وَلَهُمَا قَوْلُهُ: - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «الشُّفْعَةُ كَنَشْطَةِ عِقَالٍ» فَإِذَا ثَبَتَ أَنَّهَا عَلَى الْمَجْلِسِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ كَانَ عَلَى شُفْعَتِهِ مَا لَمْ يَقُمْ، أَوْ يَتَشَاغَلْ بِغَيْرِ الطَّلَبِ وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ الرَّازِيّ يَقُولُ إذَا بَلَغَهُ الْبَيْعُ وَلَيْسَ بِحَضْرَتِهِ مَنْ يَشْهَدُ قَالَ: إنِّي مُطَالِبٌ بِالشُّفْعَةِ حَتَّى لَا تَسْقُطَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى، ثُمَّ يَنْهَضُ إلَى مَنْ يُشْهِدُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُصَدَّقُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ وَلَوْ حَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْإِشْهَادِ حَائِلٌ فَلَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَصِلَ إلَيْهِ فَهُوَ عَلَى شُفْعَتِهِ، وَإِنْ كَانَ الشَّفِيعُ حِينَ عَلِمَ بِالْبَيْعِ غَائِبًا عَنْ الْبَلَدِ فَإِنْ أَشْهَدَ حِينَ عَلِمَ، أَوْ وَكَّلَ مَنْ يَأْخُذُ لَهُ بِالشُّفْعَةِ فَهُوَ عَلَى شُفْعَتِهِ، وَإِنْ عَلِمَهُ وَلَمْ يُشْهِدْ وَلَمْ يُوَكِّلْ حِينَ بَلَغَهُ ذَلِكَ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَيْهِ وَسَكَتَ سَاعَةً بَطَلَتْ شُفْعَتُهُ؛ لِأَنَّ الْغَائِبَ يَقْدِرُ عَلَى الطَّلَبِ كَمَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ الْحَاضِرُ، وَإِنْ أُخْبِرَ بِكِتَابٍ، وَالشُّفْعَةُ فِي أَوَّلِهِ أَوْ وَسَطِهِ، وَقَرَأَ الْكِتَابَ إلَى آخِرِهِ قَبْلَ الطَّلَبِ بَطَلَتْ شُفْعَتُهُ عَلَى هَذَا عَامَّةُ الْمَشَايِخِ وَهَذَا عَلَى اعْتِبَارِ الْفَوْرِ.
وَعَنْ مُحَمَّدٍ لَهُ مَجْلِسُ الْعِلْمِ وَلَوْ قَالَ بَعْدَ مَا بَلَغَهُ الْبَيْعُ مَنْ اشْتَرَاهَا، أَوْ بِكَمْ بِيعَتْ، ثُمَّ طَلَبَهَا فَهُوَ عَلَى شُفْعَتِهِ ثُمَّ إذَا بَلَغَهُ الْعِلْمُ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْإِشْهَادُ حَتَّى يُخْبِرَهُ رَجُلَانِ أَوْ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ، أَوْ وَاحِدٌ عَدْلٌ وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي الْخَبَرِ أَحَدُ شَرْطَيْ الشَّهَادَةِ: إمَّا الْعَدَدُ، أَوْ الْعَدَالَةُ وَقَالَ زُفَرُ حَتَّى يُخْبِرَهُ رَجُلَانِ عَدْلَانِ، أَوْ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ عُدُولٌ كَالشَّهَادَةِ.
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ: يَجِبُ عَلَيْهِ الْإِشْهَادُ إذَا أَخْبَرَهُ وَاحِدٌ سَوَاءٌ كَانَ حُرًّا، أَوْ عَبْدًا صَبِيًّا كَانَ أَوْ امْرَأَةً عَدْلًا كَانَ، أَوْ غَيْرَ عَدْلٍ إذَا كَانَ الْخَبَرُ حَقًّا فَإِنْ لَمْ يُشْهِدْ عِنْدَ ذَلِكَ بَطَلَتْ شُفْعَتُهُ، وَأَمَّا فِي الْمُخَيَّرَةِ إذَا بَلَغَهَا التَّخْيِيرُ فِي الْمَجْلِسِ لَمْ يُعْتَبَرْ فِي الْمُخْبِرِ أَحَدُ شَرْطَيْ الشَّهَادَةِ إجْمَاعًا وَكَذَا الْمُشْتَرِي إذَا قَالَ لِلشَّفِيعِ قَدْ اشْتَرَيْت فَسَكَتَ بَطَلَتْ شُفْعَتُهُ إجْمَاعًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْمُشْتَرِي أَحَدُ شَرْطَيْ الشَّهَادَةِ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ يَنْهَضُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْمَجْلِسِ.
(فَيُشْهِدُ عَلَى الْبَائِعِ إنْ كَانَ الْمَبِيعُ فِي يَدِهِ) أَيْ لَمْ يُسَلِّمْهُ إلَى الْمُشْتَرِي (أَوْ عَلَى الْمُبْتَاعِ، أَوْ عِنْدَ الْعَقَارِ) وَهَذَا طَلَبُ التَّقْرِيرِ، وَالْإِشْهَادِ وَحَاصِلُهُ إذَا كَانَ الْمَبِيعُ لَمْ يُقْبَضْ فَالشَّفِيعُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَشْهَدَ عَلَى الْبَائِعِ؛ لِأَنَّ لِلْبَائِعِ فِيهِ حَقًّا مَا دَامَ فِي يَدِهِ، وَإِنْ شَاءَ أَشْهَدَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ لَهُ، وَإِنْ شَاءَ عِنْدَ الْعَقَارِ؛ لِأَنَّهُ عَيْنُ الْمَبِيعِ وَحَقُّهُ مُتَعَلِّقٌ بِهِ فَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ قَدْ سَلَّمَ الْمَبِيعَ فَلَا مَعْنَى لِلْإِشْهَادِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ بِالتَّسْلِيمِ خَرَجَ مِنْ الْخُصُومَةِ وَصَارَ كَالْأَجْنَبِيِّ لِعَدَمِ الْمِلْكِ، وَالْيَدِ وَيَصِحُّ الْإِشْهَادُ عَلَى الْمُشْتَرِي، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي يَدِهِ، وَفِي الْكِتَابِ إشَارَةٌ إلَيْهِ حَيْثُ قَالَ أَوْ عَلَى الْمُبْتَاعِ مُطْلَقًا وَلَمْ يُقَيِّدْهُ بِقَوْلِهِ إنْ كَانَ الْمَبِيعُ فِي يَدِهِ وَقَوْلُهُ: أَوْ عِنْدَ الْعَقَارِ هَذَا إذَا جَمَعَهُمْ مَوْضِعٌ وَاحِدٌ بِأَنْ كَانُوا فِي مِصْرٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute