للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اشْتَرَى الْبَاقِيَ أَوْ لَمْ يَشْتَرِ نَحْوُ أَنْ يُوَكِّلَهُ بِشِرَاءِ كُرِّ حِنْطَةٍ بِمِائَةٍ فَاشْتَرَى نِصْفَ كُرٍّ بِخَمْسِينَ لَزِمَ الْآمِرَ، وَكَذَا لَوْ وَكَّلَهُ بِشِرَاءِ عَبْدَيْنِ فَاشْتَرَى وَاحِدًا مِنْهُمَا لَزِمَ الْآمِرَ إجْمَاعًا، وَكَذَا إذَا وَكَّلَهُ بِشِرَاءِ جَمَاعَةٍ مِنْ الْعَدَدِيِّ الْمُتَقَارِبِ فَاشْتَرَى وَاحِدًا مِنْهَا لَزِمَ الْآمِرَ.

قَوْلُهُ (وَإِذَا وَكَّلَهُ بِشِرَاءِ عَشَرَةِ أَرْطَالِ لَحْمٍ بِدِرْهَمٍ فَاشْتَرَى عِشْرِينَ رِطْلًا بِدِرْهَمٍ مِنْ لَحْمٍ يُبَاع مِثْلُهُ عَشَرَةُ أَرْطَالٍ بِدِرْهَمٍ لَزِمَ الْمُوَكِّلَ مِنْهُ عَشَرَةٌ بِنِصْفِ دِرْهَمٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ) ؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ يَتَصَرَّفُ مِنْ جِهَةِ الْآمِرِ وَهُوَ إنَّمَا أَمَرَهُ بِعَشَرَةٍ وَمَا زَادَ عَلَيْهَا غَيْرُ مَأْمُورٍ بِهِ فَلَا يَلْزَمُ الْمُوَكِّلَ وَيَلْزَمُ الْوَكِيلَ وَمَعْنَاهُ إذَا كَانَتْ عَشَرَةُ أَرْطَالٍ مِنْ ذَلِكَ اللَّحْمِ تُسَاوِي قِيمَتَهُ دِرْهَمًا، وَإِنَّمَا قَيَّدَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَتْ عَشَرَةٌ مِنْهُ لَا تُسَاوِي ذَلِكَ نَفَذَ الْكُلُّ عَلَى الْوَكِيلِ إجْمَاعًا فَإِنْ قِيلَ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَلْزَمَ الْمُوَكِّلَ ذَلِكَ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْعَشَرَةَ تَثْبُتُ ضِمْنًا فِي الْعِشْرِينَ لَا قَصْدًا، وَهَذَا قَدْ وَكَّلَهُ بِشِرَاءِ عَشَرَةٍ قَصْدًا وَمِثْلُ هَذَا لَا يَجُوزُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ كَمَا إذَا قَالَ طَلِّقْ امْرَأَتِي وَاحِدَةً فَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا لَا تَقَعُ الْوَاحِدَةُ لِثُبُوتِهَا فِي ضِمْنِ الثَّلَاثِ وَالْمُتَضَمِّنُ لَا يَثْبُتُ لِعَدَمِ التَّوْكِيلِ بِهِ قُلْنَا ذَاكَ مُسَلَّمٌ فِي الطَّلَاقِ؛ لِأَنَّ الْمُتَضَمِّنَ لَا يَثْبُتُ أَصْلًا لَا مِنْ الْمُوَكِّلِ لِعَدَمِ التَّوْكِيلِ بِهِ وَلَا مِنْ الْوَكِيلِ لِعَدَمِ شَرْطِهِ؛ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ امْرَأَةُ الْمُوَكِّلِ وَهُنَا إذَا لَمْ يَثْبُتْ الشِّرَاءُ مِنْ الْمُوَكِّلِ ثَبَتَ مِنْ الْوَكِيلِ قَوْلُهُ (وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ يَلْزَمُهُ الْعِشْرُونَ) وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ قَوْلُ مُحَمَّدٍ مَعَ أَبِي حَنِيفَةَ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَفِي شَرْحِهِ أَبُو يُوسُفَ مَعَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ وَحْدَهُ. وَأَمَّا إذَا اشْتَرَى مِمَّا يُسَاوِي عِشْرِينَ رِطْلًا بِدِرْهَمٍ فَإِنَّ الْوَكِيلَ يَكُونُ مُشْتَرِيًا لِنَفْسِهِ بِالْإِجْمَاعِ؛ لِأَنَّ الْمَأْمُورَ بِهِ السَّمِينُ، وَهَذَا مَهْزُولٌ فَلَمْ يَحْصُلْ مَقْصُودُ الْآمِرِ.

قَوْلُهُ (وَإِذَا وَكَّلَهُ بِشِرَاءِ شَيْءٍ بِعَيْنِهِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَهُ لِنَفْسِهِ) ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا قَبِلَ الْوَكَالَةَ تَعَيَّنَتْ فَفِعْلُ مَا يَتَعَيَّنُ يَقَعُ لِمُسْتَحِقِّهِ سَوَاءٌ نَوَى عِنْدَ الْعَقْدِ الشِّرَاءَ لِلْمُوَكِّلِ أَوْ صَرَّحَ بِهِ لِنَفْسِهِ بِأَنْ قَالَ اشْتَرَيْت لِنَفْسِي فَهُوَ لِلْمُوَكِّلِ إلَّا إذَا خَالَفَ فِي الثَّمَنِ إلَى شِرَاءٍ وَإِلَى جِنْسٍ آخَرَ غَيْرِ الَّذِي سَمَّاهُ الْمُوَكِّلُ، وَهَذَا إذَا كَانَ الْمُوَكِّلُ غَائِبًا أَمَّا إذَا كَانَ حَاضِرًا، وَقَدْ صَرَّحَ الْوَكِيلُ لِنَفْسِهِ يَصِيرُ لِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ عَزَلَ نَفْسَهُ بِالْإِقْدَامِ عَلَى الشِّرَاءِ لِنَفْسِهِ وَلَهُ أَنْ يَعْزِلَ نَفْسَهُ بِحَضْرَةِ الْمُوَكِّلِ دُونَ غَيْبَتِهِ فَأَمَّا إذَا كَانَ الثَّمَنُ مُسَمًّى فَاشْتَرَى بِخِلَافِ جِنْسِهِ أَوْ لَمْ يَكُنْ مُسَمًّى فَاشْتَرَى بِغَيْرِ النُّقُودِ أَوْ وَكَّلَ وَكِيلًا بِشِرَائِهِ فَاشْتَرَى الثَّانِي وَهُوَ غَائِبٌ ثَبَتَ الْمِلْكُ لِلْوَكِيلِ الْأَوَّلِ فِي هَذِهِ الْوُجُوهِ، وَإِنْ اشْتَرَى الثَّانِي بِحَضْرَةِ الْوَكِيلِ الْأَوَّلِ نَفَذَ عَلَى الْمُوَكِّلِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ حَضَرَ رَأْيَهُ فَلَمْ يَكُنْ مُخَالِفًا، وَهَذَا أَيْضًا إذَا لَمْ يُعَيِّنْ الثَّمَنَ أَمَّا إذَا عَيَّنَهُ فَاشْتَرَى بِأَكْثَرَ مِمَّا سَمَّى لَهُ لَزِمَ الْوَكِيلَ؛ لِأَنَّهُ خَالَفَ إلَى شِرَاءٍ.

قَوْلُهُ (وَإِنْ وَكَّلَهُ بِشِرَاءِ عَبْدٍ بِغَيْرِ عَيْنِهِ فَاشْتَرَى عَبْدًا فَهُوَ لِلْوَكِيلِ إلَّا أَنْ يَقُولَ نَوَيْت الشِّرَاءَ لِلْمُوَكِّلِ أَوْ يَشْتَرِيَهُ بِمَالِ الْمُوَكِّلِ) هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى وُجُوهٍ إنْ أَضَافَ الْعَقْدَ إلَى دَرَاهِمِ الْآمِرِ كَانَ لِلْآمِرِ وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ أَوْ يَشْتَرِيَهُ بِمَالِ الْمُوَكِّلِ، وَهَذَا بِالْإِجْمَاعِ، وَإِنْ أَضَافَهُ إلَى دَرَاهِمِ نَفْسِهِ كَانَ لِنَفْسِهِ، وَإِنْ أَضَافَهُ إلَى دَرَاهِمَ مُطْلَقَةٍ إنْ نَوَاهُ لِلْآمِرِ فَلِلْآمِرِ وَإِنْ نَوَاهُ لِنَفْسِهِ فَلِنَفْسِهِ، وَإِنْ تَكَاذَبَا فِي النِّيَّةِ يُحَكَّمُ النَّقْدُ بِالْإِجْمَاعِ؛ لِأَنَّهُ دَلَالَةٌ ظَاهِرَةٌ، وَإِنْ تَوَافَقَا عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَحْضُرْهُ نِيَّةٌ قَالَ مُحَمَّدٌ هُوَ لِلْعَاقِدِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ أَنَّ كُلَّ أَحَدٍ يَعْمَلُ لِنَفْسِهِ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يُحْكَمُ النَّقْدُ؛ لِأَنَّ مَا أَوْقَعَهُ مُطْلَقًا يَحْتَمِلُ الْوَجْهَيْنِ مَوْقُوفًا فَأَيُّ الْمَالَيْنِ نَقَدَ فَقَدْ فَعَلَ الْمُحْتَمَلَ لِصَاحِبِهِ قَوْلُهُ (أَوْ يَشْتَرِيَهُ بِمَالِ الْمُوَكِّلِ) أَرَادَ بِهِ إضَافَةَ الْعَقْدِ إلَى دَرَاهِمِ الْمُوَكِّلِ وَلَمْ يُرِدْ بِهِ النَّقْدَ مِنْ مَالِهِ أَيْ لَيْسَ الْمُرَادُ أَنْ يَشْتَرِيَهُ بِدَرَاهِمَ

<<  <  ج: ص:  >  >>