إحْضَارِهِ وَلَكِنْ لَا يَلْزَمُ ذَلِكَ الْمَطْلُوبَ وَجَوَازُ الْكَفَالَةِ مَوْقُوفٌ عَلَى إمْكَانِ الْأَدَاءِ دُونَ اسْتِحْقَاقِهِ قَوْلُهُ (وَعَلَى الضَّامِنِ بِهَا إحْضَارُ الْمَكْفُولِ بِهِ) ؛ لِأَنَّ الْحُضُورَ هُوَ الَّذِي لَزِمَ الْمَكْفُولَ بِهِ، وَقَدْ الْتَزَمَهُ الْكَفِيلُ، وَإِنْ لَمْ يُحْضِرْهُ وَهُوَ يَقْدِرُ عَلَى إحْضَارِهِ أَلْزَمَهُ الْحَاكِمُ ذَلِكَ فَإِنْ أَحْضَرَهُ وَإِلَّا حَبَسَهُ؛ لِأَنَّ الْحُضُورَ تَوَجَّهَ عَلَيْهِ قَوْلُهُ (وَتَنْعَقِدُ إذَا قَالَ تَكَفَّلْتُ بِنَفْسِ فُلَانٍ أَوْ بِرَقَبَتِهِ أَوْ بِرُوحِهِ أَوْ بِجَسَدِهِ أَوْ بِرَأْسِهِ) أَوْ بِوَجْهِهِ أَوْ بِبَدَنِهِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَلْفَاظَ يُعَبَّرُ بِهَا عَنْ جَمِيعِ الْبَدَنِ قَوْلُهُ (أَوْ بِنِصْفِهِ أَوْ بِثُلُثِهِ) ، وَكَذَا بِأَيِّ جُزْءٍ مِنْهُ؛ لِأَنَّ النَّفْسَ الْوَاحِدَةَ لَا تَتَجَزَّأُ فَكَانَ ذِكْرُ بَعْضِهَا شَائِعًا كَذِكْرِ كُلِّهَا بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ تَكَفَّلْت بِيَدِ فُلَانٍ أَوْ بِرِجْلِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعَبَّرُ بِهِمَا عَنْ جَمِيعِ الْبَدَنِ. وَأَمَّا إذَا أَضَافَ الْجُزْءَ إلَى الْكَفِيلِ بِأَنْ قَالَ الْكَفِيلُ كَفَلَ لَك نِصْفِي أَوْ ثُلُثِي فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ كَذَا فِي الْكَرْخِيِّ ذَكَرَهُ فِي بَابِ الرَّهْنِ قَوْلُهُ (وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ ضَمِنْته لَك أَوْ هُوَ عَلَيَّ أَوْ إلَيَّ أَوْ أَنَا زَعِيمٌ بِهِ أَوْ كَفِيلٌ بِهِ أَوْ قَبِيلٌ بِهِ) أَوْ أَنَا ضَامِنٌ بِوَجْهِهِ أَمَّا إذَا قَالَ أَنَا ضَامِنٌ بِمَعْرِفَتِهِ فَهُوَ بَاطِلٌ، وَإِنْ قَالَ تَكَلَّفْتُ بِهِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ كَفِيلٌ أَبَدًا إلَّا أَنْ يَقُولَ فَإِنْ مَضَتْ فَأَنَا بَرِيءٌ فَيَكُونُ الْأَمْرُ عَلَى مَا شَرَطَ كَذَا فِي الْيَنَابِيعِ.
قَوْلُهُ (فَإِنْ شَرَطَ فِي الْكَفَالَةِ تَسْلِيمَ الْمَكْفُولِ بِهِ فِي وَقْتٍ بِعَيْنِهِ لَزِمَهُ إحْضَارُهُ إذَا طَالَبَهُ بِهِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ فَإِنْ أَحْضَرَهُ وَإِلَّا حَبَسَهُ الْحَاكِمُ وَإِذَا أَحْضَرَهُ وَسَلَّمَ فِي مَكَان يَقْدِرُ الْمَكْفُولُ لَهُ عَلَى مُحَاكَمَتِهِ بَرِئَ الْكَفِيلُ مِنْ الْكَفَالَةِ) فَإِنْ كَانَ الْمَكْفُولُ بِهِ غَائِبًا عَنْ الْبَلَدِ أَمْهَلَهُ الْحَاكِمُ مُدَّةَ الْمَسَافَةِ ذَاهِبًا وَجَائِيًا فَإِنْ مَضَتْ وَلَمْ يُحْضِرْهُ حَبَسَهُ، وَهَذَا إذَا عَلِمَ الْكَفِيلُ مَكَانَهُ أَمَّا إذَا لَمْ يَعْرِفْ مَكَانَهُ سَقَطَتْ الْمُطَالَبَةُ إلَى أَنْ يَعْرِفَ مَكَانَهُ، وَإِنْ سَلَّمَ الْمَكْفُولُ بِهِ بِالنَّفْسِ نَفْسَهُ إلَى الْمَكْفُولِ لَهُ بِجِهَةِ الْكَفَالَةِ يُجْبَرُ عَلَى قَبُولِهِ حَتَّى إنَّهُ يَبْرَأُ الْكَفِيلُ، وَهَذَا إذَا كَانَتْ الْكَفَالَةُ بِالْأَمْرِ أَمَّا إذَا كَانَتْ بِغَيْرِ الْأَمْرِ لَا يَبْرَأُ كَذَا فِي الْفَوَائِدِ، وَلَوْ أَنَّ ثَلَاثَةً كُفِّلُوا بِنَفْسِ رَجُلٍ كَفَالَةً وَاحِدَةً فَأَحْضَرَهُ أَحَدُهُمْ بَرِئُوا جَمِيعًا، وَإِنْ كَانَتْ الْكَفَالَةُ مُتَفَرِّقَةٌ لَمْ يَبْرَأْ الْبَاقُونَ؛ لِأَنَّ كُلَّ عَقْدٍ أَوْجَبَ إحْضَارًا عَلَى حِدَةٍ، وَإِنْ تَكَفَّلَ ثَلَاثَةٌ بِمَالٍ كَفَالَةً وَاحِدَةً أَوْ مُتَفَرِّقَةً فَأَدَّى أَحَدُهُمْ جَمِيعَ الْمَالِ بَرِئَ الْبَاقُونَ قَوْلُهُ (وَإِذَا تَكَفَّلَ بِهِ عَلَى أَنْ يُسَلِّمَهُ فِي مَجْلِسِ الْقَاضِي فَسَلَّمَهُ فِي السُّوقِ بَرِئَ) لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ وَقِيلَ فِي زَمَانِنَا لَا يَبْرَأُ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ الْمُعَاوَنَةُ عَلَى الِامْتِنَاعِ لَا عَلَى الْإِحْضَارِ، وَكَذَا إذَا سَلَّمَهُ فِي نَوَاحِي الْبَلَدِ الَّذِي ضَمِنَ لَهُ فِيهِ فَهُوَ عَلَى هَذَا قَوْلُهُ (وَإِنْ سَلَّمَهُ فِي بَرِّيَّةٍ لَمْ يَبْرَأْ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْمُحَاكَمَةِ فِيهَا وَلَا عَلَى إحْضَارِهِ إلَى الْقَاضِي، وَكَذَا إذَا سَلَّمَهُ فِي الْوَادِي لِعَدَمِ قَاضٍ يَفْصِلُ الْحُكْمَ بِهِ، وَإِنْ سَلَّمَ فِي مِصْرٍ آخَرَ غَيْرِ الْمِصْرِ الَّذِي كَفَلَ فِيهِ فَإِنَّهُ يَبْرَأُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لِلْقُدْرَةِ عَلَى الْمُخَاصَمَةِ فِيهِ وَعِنْدَهُمَا لَا يَبْرَأُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ شُهُودُهُ فِيمَا عَيَّنَهُ قُلْنَا وَلَعَلَّ شُهُودَهُ فِي هَذَا الْمِصْرِ أَيْضًا فَتَعَارَضَتْ الْمُوهِمَاتُ، وَلَوْ سَلَّمَهُ فِي السِّجْنِ، وَقَدْ حَبَسَهُ غَيْرُ الطَّالِبِ لَا يَبْرَأُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْمُحَاكَمَةِ فِيهِ.
قَوْلُهُ (وَإِذَا مَاتَ الْمَكْفُولُ بِهِ بَرِئَ الْكَفِيلُ بِالنَّفْسِ مِنْ الْكَفَالَةِ وَإِذَا مَاتَ الْمَكْفُولُ لَهُ لَمْ يَبْرَأْ) لِعَجْزِهِ عَنْ إحْضَارِهِ، وَكَذَا إذَا مَاتَ الْكَفِيلُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ قَادِرًا عَلَى تَسْلِيمِ الْمَكْفُولِ بِهِ بِنَفْسِهِ وَمَالُهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute