عَلَيْهِ) أَيْ تَقَرَّرَ (فَعَلَيَّ) إنَّمَا قَالَ فُلَانًا لِيُعْلَمَ الْمَكْفُولُ عَنْهُ؛ لِأَنَّ جَهَالَتَهُ تَمْنَعُ صِحَّةَ الْكَفَالَةِ حَتَّى لَوْ قَالَ مَا بَايَعَتْ مِنْ النَّاسِ فَأَنَا ضَامِنٌ لَهُ لَمْ يَجُزْ لِجَهَالَةِ الْمَكْفُولِ عَنْهُ وَالْمَكْفُولِ بِهِ فَتَفَاحَشَتْ الْجَهَالَةُ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ كَذَا فِي شَاهَانْ، وَإِنْ قَالَ مَا ذَابَ لَك عَلَى أَحَدٍ مِنْ النَّاسِ فَهُوَ عَلَيَّ لَمْ تَصِحَّ لِجَهَالَةِ الْمَضْمُونِ عَنْهُ، وَكَذَا إذَا قَالَ مَا ذَابَ عَلَيْك لِأَحَدٍ مِنْ النَّاسِ فَهُوَ عَلَيَّ لَمْ تَصِحَّ لِجَهَالَةِ الْمَكْفُولِ لَهُ.
قَوْلُهُ (وَإِذَا قَالَ تَكَفَّلْت بِمَا لَك عَلَيْهِ فَقَامَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَيْهِ بِأَلْفٍ ضَمِنَهَا الْكَفِيلُ) إنَّمَا صَحَّتْ الْكَفَالَةُ بِالْمَجْهُولِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ} [يوسف: ٧٢] أَيْ كَفِيلٌ وَحِمْلُ الْبَعِيرِ مَجْهُولٌ قَدْ يَزِيدُ، وَقَدْ يَنْقُصُ قَوْلُهُ (وَإِنْ لَمْ تَقُمْ الْبَيِّنَةُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْكَفِيلِ مَعَ يَمِينِهِ فِي مِقْدَارِ مَا يَعْتَرِفُ بِهِ) ؛ لِأَنَّهُ الْمُلْتَزِمُ لَهُ وَهُوَ مُنْكِرٌ لِلزِّيَادَةِ وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُنْكِرِ مَعَ يَمِينِهِ قَوْلُهُ (وَإِنْ اعْتَرَفَ الْمَكْفُولُ عَنْهُ بِأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ لَمْ يُصَدَّقْ عَلَى كَفِيلِهِ) ؛ لِأَنَّهُ إقْرَارٌ عَلَى الْغَيْرِ وَلَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَيْهِ وَيُصَدَّقُ فِي حَقِّ نَفْسِهِ لِوِلَايَتِهِ عَلَيْهَا.
قَوْلُهُ (وَتَجُوزُ الْكَفَالَةُ بِأَمْرِ الْمَكْفُولِ عَنْهُ وَبِغَيْرِ أَمْرِهِ) ؛ لِأَنَّهُ الْتَزَمَ الْمُطَالَبَةَ وَهُوَ تَصَرُّفٌ فِي حَقِّ نَفْسِهِ وَفِيهِ نَفْعُ الطَّالِبِ وَلَا ضَرَرَ فِيهِ عَلَى الْمَطْلُوبِ بِثُبُوتِ الرُّجُوعِ إذْ هُوَ عِنْدَ أَمْرِهِ قَوْلُهُ (فَإِنْ كَفَلَ بِأَمْرِهِ رَجَعَ بِمَا يُؤَدِّي عَلَيْهِ) هَذَا إذَا كَانَ الْآمِرُ مِمَّنْ يَجُوزُ إقْرَارُهُ عَلَى نَفْسِهِ بِالدُّيُونِ وَيَمْلِكُ التَّبَرُّعَ حَتَّى لَوْ كَانَ صَبِيًّا مَحْجُورًا أَمَرَ رَجُلًا بِأَنْ يَكْفُلَ عَنْهُ فَالْكَفَالَةُ صَحِيحَةٌ وَلَكِنْ إذَا أَدَّى لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ اضْمَنْ لِفُلَانٍ عَنِّي بِأَلْفٍ لَهُ عَلَيَّ أَمَّا إذَا قَالَ اضْمَنْ الْأَلْفَ الَّذِي لِفُلَانٍ عَلَيَّ وَلَمْ يَقُلْ عَنِّي لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ عِنْدَهُمَا،.
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ إنْ كَانَ حِرِّيفًا لَهُ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِ وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ سَوَاءٌ كَانَ حِرِّيفًا لَهُ أَوْ لَمْ يَكُنْ، وَإِنْ كَانَ الْمَأْمُورُ خَلِيطًا لَهُ رَجَعَ عَلَيْهِ إجْمَاعًا اسْتِحْسَانًا وَالْخَلِيطُ هُوَ الَّذِي فِي عِيَالِهِ كَالْوَالِدِ الَّذِي هُوَ فِي عِيَالِهِ وَوَلَدِهِ وَزَوْجَتِهِ وَمَنْ فِي عِيَالِهِ مِنْ الْأُجَرَاءِ وَالشَّرِيكِ شَرِكَةَ عِنَانٍ وَقِيلَ الْخَلِيطُ الَّذِي يَأْخُذُ مِنْهُ وَيُعْطِيهِ وَيُدَايِنُهُ وَيَضَعُ عِنْدَهُ الْمَالَ، وَلَوْ تَكَفَّلَ الْعَبْدُ عَنْ مَوْلَاهُ بِأَمْرِهِ فَعَتَقَ ثُمَّ أَدَّى لَمْ يَرْجِعْ بِهِ عِنْدَنَا خِلَافًا لِزُفَرَ.
وَقَوْلُهُ رَجَعَ بِمَا يُؤَدِّي عَلَيْهِ هَذَا إذَا أَدَّى مِثْلَ الدَّيْنِ الَّذِي ضَمِنَهُ قَدْرًا وَصِفَةً أَمَّا إذَا أَدَّى خِلَافَهُ رَجَعَ بِمَا ضَمِنَ لَا بِمَا أَدَّى كَمَا إذَا تَكَفَّلَ بِصِحَاحٍ أَوْ جِيَادٍ فَأَدَّى مُكَسَّرَةً أَوْ زُيُوفًا وَتَجَوَّزَ بِهَا الطَّالِبُ أَوْ أَعْطَاهُ دَنَانِيرَ أَوْ مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا رَجَعَ بِمَا ضَمِنَ أَيْ بِالصِّحَاحِ وَالْجِيَادِ وَلَا يَرْجِعُ بِمَا أَدَّى؛ لِأَنَّهُ مَلَكَ الدَّيْنَ بِالْأَدَاءِ بِخِلَافِ الْمَأْمُورِ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ مِنْ حَيْثُ يَرْجِعُ بِمَا أَدَّى؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ شَيْءٌ حَتَّى يَمْلِكَ الدَّيْنَ بِالْأَدَاءِ قَوْلُهُ (وَإِنْ كَفَلَ عَنْهُ بِغَيْرِ أَمْرِهِ لَمْ يَرْجِعْ بِمَا يُؤَدِّي عَلَيْهِ) ؛ لِأَنَّهُ مُتَبَرِّعٌ بِأَدَائِهِ وَعَلَى هَذَا قَالُوا فِيمَنْ كَفَلَ لِلرَّجُلِ بِأَلْفٍ بِغَيْرِ أَمْرِهِ وَمَاتَ الطَّالِبُ وَالْكَفِيلُ وَارِثُهُ بَرِئَ الْكَفِيلُ؛ لِأَنَّ مَا فِي ذِمَّتِهِ انْتَقَلَ إلَيْهِ بِالْإِرْثِ وَمَلَكَهُ، وَإِنْ كَفَلَ عَنْهُ بِأَمْرِهِ فَالْمَالُ لَازِمٌ لِلْمَكْفُولِ عَنْهُ عَلَى حَالِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَفَلَ بِأَمْرِهِ لَمْ يَكُنْ مُتَبَرِّعًا وَلِهَذَا لَوْ دَفَعَ الْمَالَ عَنْهُ رَجَعَ عَلَيْهِ، وَلَوْ وَهَبَ لَهُ الطَّالِبُ الْمَالَ يَرْجِعُ بِذَلِكَ عَلَيْهِ إذَا كَانَتْ الْكَفَالَةُ بِأَمْرِهِ، وَإِنْ كَفَلَ عَنْهُ بِغَيْرِ أَمْرِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ تَبَرَّعَ عَلَيْهِ بِالْكَفَالَةِ وَلِهَذَا لَوْ أَدَّى عَنْهُ لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهِ كَذَا فِي شَرْحِهِ قَوْلُهُ (وَلَيْسَ لِلْكَفِيلِ أَنْ يُطَالِبَ الْمَكْفُولَ عَنْهُ بِالْمَالِ قَبْلَ أَنْ يُؤَدِّيَ عَنْهُ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ قَبْلَ الْأَدَاءِ وَلِأَنَّ الْكَفِيلَ فِي حُكْمِ الْمُقْرِضِ وَمَنْ سَأَلَ رَجُلًا أَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute