أَوْ أَجْنَاسًا مُخْتَلِفَةً ثُمَّ إذَا أَشْهَدَ فَجَاءَ صَاحِبُهَا يَطْلُبُهَا، فَقَالَ قَدْ هَلَكَتْ فَهُوَ مُصَدَّقٌ؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ حِينَ أَشْهَدَ وَالْأَمِينُ لَا يَضْمَنُ مِنْ غَيْرِ تَعَدٍّ وَقَوْلُهُ إذَا أَشْهَدَ الْإِشْهَادُ حَتْمٌ عِنْدَهُمَا.
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ لَا يُشْتَرَطُ الْإِشْهَادُ وَالْخِلَافُ فِيمَا إذَا أَمْكَنَهُ أَنْ يُشْهِدَ أَمَّا إذَا لَمْ يَجِدْ مَنْ يُشْهِدُهُ أَوْ خَافَ إذَا أَشْهَدَ أَنْ يَأْخُذَهُ الظَّلَمَةُ فَتَرَكَ الْإِشْهَادَ لَمْ يَضْمَنْ إجْمَاعًا.
قَوْلُهُ (فَإِنْ كَانَتْ أَقَلَّ مِنْ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ عَرَّفَهَا أَيَّامًا، وَإِنْ كَانَتْ عَشَرَةً فَصَاعِدًا عَرَّفَهَا حَوْلًا كَامِلًا) وَهَذِهِ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَوْلُهُ أَيَّامًا مَعْنَاهُ عَلَى حَسَبِ مَا يَرَى وَقَدَّرَهُ مُحَمَّدٌ فِي الْأَصْلِ بِالْحَوْلِ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ بَيْنَ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ التَّعْرِيفَ عَلَى قَدْرِ خَطَرِ الْمَالِ إنْ كَانَ مِائَةَ دِرْهَمٍ فَصَاعِدًا عَرَّفَهَا حَوْلًا، وَإِنْ كَانَ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ فَشَهْرًا، وَإِنْ كَانَتْ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ فَثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَفِي الْخُجَنْدِيِّ إذَا كَانَتْ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ وَنَحْوَهَا عَرَّفَهَا جُمُعَةً، وَإِنْ كَانَتْ دِرْهَمًا فَثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَإِنْ كَانَتْ دَانِقًا فَيَوْمًا يَعْنِي إذَا كَانَ الدَّانِقُ فِضَّةً أَمَّا إذَا كَانَ ذَهَبًا فَثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَإِنْ كَانَتْ كِسْرَةً أَوْ تَمْرَةً أَوْ نَحْوَهَا تَصَدَّقَ بِهَا مَكَانَهَا، وَإِنْ كَانَ مُحْتَاجًا أَكَلَهَا وَقِيلَ إنَّ هَذِهِ الْمَقَادِيرَ كُلَّهَا لَيْسَتْ بِلَازِمَةٍ، وَإِنَّمَا يُعَرِّفُهَا مُدَّةً يَقَعُ بِهَا التَّعْرِيفُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى ثُمَّ التَّعْرِيفُ إنَّمَا يَكُونُ جَهْرًا فِي الْأَسْوَاقِ وَأَبْوَابِ الْمَسَاجِدِ وَفِي الْمَوْضِعِ الَّذِي وُجِدَ فِيهِ وَفِي الْمَجَامِعِ، وَإِنْ وَجَدَ اللُّقَطَةَ رَجُلَانِ عَرَّفَاهَا جَمِيعًا وَاشْتَرَكَا فِي حُكْمِهَا، وَلَوْ ضَاعَتْ اللُّقَطَةُ مِنْ يَدِ مُلْتَقِطِهَا فَوَجَدَهَا فِي يَدِ آخَرَ فَلَا خُصُومَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ قَدْ ارْتَفَعَتْ يَدُهُ، وَلَوْ كَانَا يَمْشِيَانِ فَرَأَى أَحَدُهُمَا لُقَطَةً، فَقَالَ صَاحِبُهُ هَاتِهَا فَأَخَذَهَا لِنَفْسِهِ فَهِيَ لِلْآخِذِ دُونَ الْآمِرِ وَإِذَا كَانَتْ اللُّقَطَةُ شَيْئًا يُعْلَمُ أَنَّ صَاحِبَهَا لَا يَطْلُبُهَا كَالنَّوَى الْمُبَدَّدِ فَإِنَّهُ يَكُونُ إبَاحَةً يَجُوزُ أَخْذُهُ مِنْ غَيْرِ تَعْرِيفٍ وَلَكِنَّهُ يَبْقَى عَلَى مَالِكِهِ قَالَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ الْتِقَاطُ السَّنَابِلِ فِي أَيَّامِ الْحَصَادِ إنْ كَانَ قَلِيلًا يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهُ لَا يَشُقُّ عَلَى صَاحِبِهِ لَا بَأْسَ أَنْ يَأْخُذَهُ مِنْ غَيْرِ تَعْرِيفٍ وَإِلَّا فَلَا يَأْخُذُهُ.
قَوْلُهُ (فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا وَإِلَّا تَصَدَّقَ بِهَا) أَمَّا إذَا جَاءَ صَاحِبُهَا وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ سَلَّمَهَا إلَيْهِ إيصَالًا لِلْحَقِّ إلَى مُسْتَحِقِّهِ وَذَلِكَ وَاجِبٌ. وَأَمَّا إذَا لَمْ يَجِئْ يَتَصَدَّقْ بِهَا لِيَصِلَ خَلْفُهَا إلَيْهِ وَهُوَ الثَّوَابُ عَلَى اعْتِبَارِ إجَازَتِهِ التَّصَدُّقَ بِهَا، وَإِنْ شَاءَ أَمْسَكَهَا رَجَاءَ الظَّفَرِ بِصَاحِبِهَا. قَوْلُهُ (فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا) يَعْنِي بَعْدَ التَّصَدُّقِ بِهَا فَهُوَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَجَازَ الصَّدَقَةَ وَلَهُ ثَوَابَهَا، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمُلْتَقِطَ فَإِنْ ضَمَّنَهُ لَمْ يَرْجِعْ بِهَا عَلَى الْمِسْكِينِ؛ لِأَنَّهُ بِالتَّضْمِينِ مَلَكَهَا فَظَهَرَ أَنَّهُ تَصَدَّقَ بِمِلْكِ نَفْسِهِ فَلَهُ ثَوَابُهَا، وَإِنْ ضَمَّنَ الْمُتَصَدَّقَ عَلَيْهِ لَمْ يَرْجِعْ بِهِ أَيْضًا عَلَى الْمُلْتَقِطِ؛ لِأَنَّ الصَّدَقَةَ عَقْدُ تَبَرُّعٍ فَإِذَا ضَمَّنَهَا الَّذِي تَبَرَّعَ عَلَيْهِ لَمْ يَرْجِعْ بِهِ عَلَى الْمُتَبَرِّعِ.
قَوْلُهُ (وَيَجُوزُ الْتِقَاطُ الشَّاةِ وَالْبَقَرَةِ وَالْبَعِيرِ) هَذَا إذَا خَافَ عَلَيْهِمْ التَّلَفَ وَالضَّيَاعَ، مِثْلُ أَنْ يَكُونَ الْبَلَدُ فِيهَا الْأُسْدُ وَاللُّصُوصُ، أَمَّا إذَا كَانَتْ مَأْمُونَةَ التَّلَفِ لَا يَأْخُذُهَا أَمَّا الشَّاةُ فَلِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «خُذْهَا فَإِنَّمَا هِيَ لَك أَوْ لِأَخِيك أَوْ لِلذِّئْبِ» . وَأَمَّا الْإِبِلُ فَلِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «مَا لَك وَلَهَا مَعَهَا حِذَاؤُهَا وَسِقَاؤُهَا تَرِدُ الْمَاءَ وَتَرْعَى الشَّجَرَ حَتَّى يَأْتِيَهَا صَاحِبُهَا فَيَأْخُذَهَا» .
قَوْلُهُ (فَإِنْ أَنْفَقَ الْمُلْتَقِطُ عَلَيْهَا بِغَيْرِ إذْنِ الْحَاكِمِ فَهُوَ مُتَبَرِّعٌ) لِقُصُورِ وَلَايَتِهِ قَوْلُهُ (وَإِنْ أَنْفَقَ بِأَمْرِهِ كَانَ ذَلِكَ دَيْنًا عَلَى صَاحِبِهَا) ؛ لِأَنَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute