بِبَعْضِ الْخَارِجِ لَا يَجُوزُ.
قَوْلُهُ (وَلَا تَصِحُّ الْمُزَارَعَةُ إلَّا عَلَى مُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ) ؛ لِأَنَّ جَهَالَتَهَا تُؤَدِّي إلَى الِاخْتِلَافِ فَرُبَّمَا يَدَّعِي أَحَدُهُمَا مُدَّةً تَزِيدُ عَلَى مُدَّةِ الْآخَرِ قَالَ فِي الْيَنَابِيعِ هَذَا عِنْدَ عُلَمَائِنَا بِالْكُوفَةِ فَإِنَّ مُدَّةَ الزَّرْعِ عِنْدَهُمْ مُتَفَاوِتَةٌ فَابْتِدَاؤُهَا وَانْتِهَاؤُهَا مَجْهُولٌ أَمَّا فِي بِلَادِنَا فَوَقْتُ الزِّرَاعَةِ مَعْلُومٌ فَيَجُوزُ قَالَ أَبُو اللَّيْثِ وَبِهِ نَأْخُذُ.
قَوْلُهُ (وَأَنْ يَكُونَ الْخَارِجُ بَيْنَهُمَا مُشَاعًا) تَحْقِيقًا لِلْمُشَارَكَةِ. قَوْلُهُ (فَإِنْ شَرَطَ لِأَحَدِهِمَا قُفْزَانًا مُسَمَّاةً فَهِيَ بَاطِلَةٌ) ؛ لِأَنَّ بِهِ تَنْقَطِعُ الشَّرِكَةُ لِجَوَازِ أَنْ لَا تُخْرِجَ الْأَرْضُ إلَّا ذَلِكَ الْقَدْرَ فَيَسْتَحِقُّهُ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ، وَكَذَا إذَا شَرَطَ صَاحِبُ الْبَذْرِ أَنْ يَرْفَعَ بِقَدْرِ بَذْرِهِ وَيَكُونُ الْبَاقِي بَيْنَهُمَا فَهُوَ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى قَطْعِ الشَّرِكَةِ فِي بَعْضٍ مُعَيَّنٍ أَوْ فِي جَمِيعِهِ بِأَنْ لَا تُخْرِجَ إلَّا قَدْرَ الْبَذْرِ.
قَوْلُهُ (وَكَذَلِكَ إذَا شَرَطَا مَا عَلَى الْمَاذِيَانَاتِ وَالسَّوَّاقِي) يَعْنِي شَرَطَاهُ لِأَحَدِهِمَا فَهُوَ فَاسِدٌ وَالْمَاذِيَانَاتُ اسْمٌ عَجَمِيٌّ وَهِيَ الَّتِي تَكُونُ أَصْغَرَ مِنْ النَّهْرِ وَأَعْظَمَ مِنْ الْجَدْوَلِ وَهُوَ الْمَشْرَبُ الصَّغِيرُ الَّذِي يَسْقِي بَعْضَ الْأَرْضِ وَالسَّوَّاقِي جَمْعُ سَاقِيَةٍ وَكَأَنَّهَا الَّتِي يُسْقَى بِهَا كُلُّ الْأَرْضِ وَهِيَ فَوْقَ الْجَدْوَلِ وَقِيلَ الْمَاذِيَانَاتُ الْعُيُونُ وَهِيَ لُغَةٌ فَارِسِيَّةٌ، وَكَذَا إذَا شَرَطَ لِأَحَدِهِمَا زَرْعَ مَوْضِعٍ مُعَيَّنٍ أَوْ مَا يَخْرُجُ مِنْ نَاحِيَةٍ مُعَيَّنَةٍ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ يُفْضِي إلَى قَطْعِ الشَّرِكَةِ لِجَوَازِ أَنَّهُ لَا يَخْرُجُ إلَّا مِنْ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ، وَكَذَا إذَا شَرَطَ لِأَحَدِهِمَا التِّبْنَ وَلِلْآخَرِ الْحَبَّ فَهُوَ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّهُ قَدْ تُصِيبُهُ آفَةٌ فَلَا يَنْعَقِدُ الْحَبُّ وَلَا يَخْرُجُ إلَّا التِّبْنُ، وَكَذَا إذَا شَرَطَ التِّبْنَ نِصْفَيْنِ وَالْحَبَّ لِأَحَدِهِمَا؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى قَطْعِ الشَّرِكَةِ فِيمَا هُوَ الْمَقْصُودُ وَهُوَ الْحَبُّ، وَإِنْ شَرَطَا الْحَبَّ نِصْفَيْنِ وَلَمْ يَتَعَرَّضَا لِلتِّبْنِ صَحَّتْ الْمُزَارَعَةُ لِاشْتِرَاطِهِمَا الشَّرِكَةَ فَمَا هُوَ الْمَقْصُودُ ثُمَّ التِّبْنُ يَكُونُ لِصَاحِبِ الْبَذْرِ؛ لِأَنَّهُ نَمَاءُ بَذْرِهِ، وَقَالَ مَشَايِخُ بَلْخِي التِّبْنُ بَيْنَهُمَا أَيْضًا اعْتِبَارًا لِلْعُرْفِ فِيمَا لَمْ يَنُصَّ عَلَيْهِ الْمُتَعَاقِدَانِ وَلِأَنَّهُ تَبَعٌ لِلْحَبِّ وَالتَّبَعُ يَقُومُ بِشَرْطِ الْأَصْلِ، وَلَوْ شَرَطَا الْحَبَّ نِصْفَيْنِ وَالتِّبْنَ لِصَاحِبِ الْبَذْرِ صَحَّتْ؛ لِأَنَّهُ حُكْمُ الْعَقْدِ وَقَدْ قَالُوا إنَّ الشَّرْطَ إنَّمَا يُعْتَبَرُ فِي حَقِّ مَنْ لَيْسَ مِنْ قِبَلِهِ الْبَذْرِ أَمَّا صَاحِبُ الْبَذْرِ فَيَسْتَحِقُّ الْخَارِجَ بِبَذْرِهِ فَعَلَى هَذَا إذَا دَفَعَ أَرْضًا وَبَذْرًا عَلَى أَنْ يَعْمَلَ فِيهَا الْعَامِلُ وَلَهُ ثُلُثُ مَا يَخْرُجُ أَوْ نِصْفُهُ وَلَمْ يُسَمِّ غَيْرَ ذَلِكَ جَازَ؛ لِأَنَّ الَّذِي يَحْتَاجُ إلَى الشَّرْطِ هُوَ الَّذِي لَا بَذْرَ مِنْهُ، وَقَدْ وُجِدَ الشَّرْطُ. وَأَمَّا إذَا سَمَّى لِصَاحِبِ الْبَذْرِ وَلَمْ يُسَمِّ لِلْعَامِلِ شَيْئًا فَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَجُوزَ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا شَرَطَ لِنَفْسِهِ نِصْفَ الْخَارِجِ صَارَ مُسْتَحِقًّا لَهُ بِالشَّرْطِ وَالْبَاقِي إذَا لَمْ يَشْرِطْهُ لِلْمُزَارِعِ يَسْتَحِقُّهُ بِبَذْرِهِ فَلِهَذَا لَمْ يَصِحَّ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ إذَا قَالَ عَلَى أَنَّ لِي النِّصْفَ أَوْ الثُّلُثَ فَقُلْ بَذْلُ الْبَاقِي لِلْعَامِلِ؛ لِأَنَّ مِنْ شَأْنِ الْخَارِجِ أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ.
قَوْلُهُ (وَإِنْ لَمْ تُخْرِجْ الْأَرْضُ شَيْئًا فَلَا شَيْءَ لِلْعَامِلِ) هَذَا فِي الْمُزَارَعَةِ الصَّحِيحَةِ إذَا كَانَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute