الْأَبُ عَقْدَ النِّكَاحِ جَائِزًا فَهِيَ حَرَامٌ عَلَى الِابْنِ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ أَمَّا إذَا كَانَ النِّكَاحُ فَاسِدًا فَإِنَّهَا لَا تَحْرُمُ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ إلَّا إذَا اتَّصَلَ بِهِ الْوَطْءُ أَوْ النَّظَرُ إلَى الْفَرْجِ بِشَهْوَةٍ أَوْ اللَّمْسُ بِشَهْوَةٍ قَالَ فِي شَرْحِهِ سَوَاءٌ وَطِئَهَا الْأَبُ حَرَامًا أَوْ حَلَالًا؛ لِأَنَّ اسْمَ النِّكَاحِ يَقَعُ عَلَى الْعَقْدِ وَالْوَطْءِ جَمِيعِهَا وَسَوَاءٌ كَانَ الْأَبُ مِنْ النَّسَبِ أَوْ الرَّضَاعِ فِي تَحْرِيمِ مَنْكُوحَتِهِ وَمَوْطُوءَتِهِ وَمَنْ مَسَّهَا أَوْ قَبَّلَهَا أَوْ نَظَرَ إلَى فَرْجِهَا بِشَهْوَةٍ وَكَذَلِكَ نِسَاءُ أَجْدَادِهِ حَرَامٌ عَلَيْهِ قَوْلُهُ (وَلَا بِامْرَأَةِ ابْنِهِ وَبَنِي أَوْلَادِهِ) وَلَا يُشْتَرَطُ الدُّخُولُ فِي امْرَأَةِ الِابْنِ وَالْأَبِ إذَا كَانَ النِّكَاحُ صَحِيحًا أَمَّا إذَا كَانَ فَاسِدًا يَجُوزُ قَبْلَ الدُّخُولِ وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ ابْنُهُ مِنْ الرَّضَاعِ أَوْ النَّسَبِ، وَكَذَا امْرَأَةُ ابْنِ الِابْنِ وَإِنْ سَفَلَ حَرَامٌ عَلَى الْأَبِ وَأَمَّا إذَا كَانَ لِلِابْنِ أَمَةٌ لَا تَحْرُمُ عَلَى الْأَبِ مَا لَمْ يَطَأْهَا الِابْنُ؛ لِأَنَّهَا لَا تُسَمَّى حَلِيلَةً وَالتَّحْرِيمُ مُقَيَّدٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ} [النساء: ٢٣] وَلَا بَأْسَ أَنْ يَتَزَوَّجَ الرَّجُلُ رَبِيبَةَ أَبِيهِ وَأُمَّ زَوْجَةِ ابْنِهِ وَكَذَا يَجُوزُ لِلْأَبِ أَنْ يَتَزَوَّجَ أُمَّ حَلِيلَةِ ابْنِهِ وَبِنْتِهَا قَوْلُهُ (وَلَا بِأَمَةٍ مِنْ الرَّضَاعَةِ وَلَا بِأُخْتِهِ مِنْ الرَّضَاعَةِ) وَكَذَلِكَ أُمَّهَاتُ الَّتِي أَرْضَعَتْهُ وَبَنَاتُهَا وَأَخَوَاتُهَا وَبَنَاتُ أَخِيهِ وَبَنَاتُ أُخْتِهِ مِنْ الرَّضَاعَةِ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ» .
قَوْلُهُ (وَلَا يَجْمَعُ بَيْنَ أُخْتَيْنِ بِنِكَاحٍ وَلَا بِمِلْكِ يَمِينٍ) مَعْنَاهُ لَا يَجْمَعُ بَيْنَ أُخْتَيْنِ بِنِكَاحٍ يَعْنِي عَقْدًا وَلَا بِمِلْكِ يَمِينٍ يَعْنِي وَطْئًا أَمَّا فِي الْمِلْكِ مِنْ غَيْرِ وَطْءٍ فَلَهُ أَنْ يَجْمَعَ مَا شَاءَ وَسَوَاءٌ كَانَتَا أُخْتَيْنِ مِنْ النَّسَبِ أَوْ الرَّضَاعِ وَإِنْ تَزَوَّجَ أُخْتَ أَمَةٍ لَهُ قَدْ وَطِئَهَا صَحَّ النِّكَاحُ وَلَا يَطَأُ الْأَمَةَ وَإِنْ كَانَ لَمْ يَطَأْ الْمَنْكُوحَةَ؛ لِأَنَّ الْمَنْكُوحَةَ مَوْطُوءَةٌ حُكْمًا وَلَا يَطَأُ الْمَنْكُوحَةَ إلَّا إذَا حَرَّمَ الْمَوْطُوءَةَ عَلَى نَفْسِهِ بِسَبَبٍ مِنْ أَسْبَابِ الْمِلْكِ بِبَيْعٍ أَوْ تَزْوِيجٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ عِتْقٍ أَوْ كِتَابَةٍ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ الْكِتَابَةَ لَا تُبِيحُ لَهُ ذَلِكَ وَلَوْ تَزَوَّجَ جَارِيَةً فَلَمْ يَطَأْهَا حَتَّى اشْتَرَى أُخْتَهَا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَمْتِعَ بِالْمُشْتَرَاةِ؛ لِأَنَّ الْفِرَاشَ ثَبَتَ لِأُخْتِهَا بِنَفْسِ النِّكَاحِ فَلَوْ وَطِئَ الَّتِي اشْتَرَاهَا صَارَ جَامِعًا بَيْنَهُمَا بِالْفِرَاشِ وَلَوْ كَانَتْ لَهُ أَمَةٌ فَلَمْ يَطَأْهَا حَتَّى تَزَوَّجَ أُخْتَهَا حَلَّ لَهُ أَنْ يَطَأَ الْمَنْكُوحَةَ لِعَدَمِ الْجَمْعِ وَطْئًا إذْ الْمَرْقُوقَةُ لَيْسَتْ مَوْطُوءَةً حُكْمًا وَإِنْ تَزَوَّجَ أُخْتَيْنِ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ يُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمَا فَإِنْ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ فَلَا شَيْءَ لَهُمَا وَإِنْ كَانَ بَعْدَهُ فَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ الْأَقَلُّ مِنْ مَهْرِ مِثْلِهَا وَمِنْ الْمُسَمَّى ثُمَّ لَا يَجُوزُ تَزَوُّجُ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّةُ الْأُخْرَى وَإِنْ تَزَوَّجَهُمَا فِي عَقْدَيْنِ فَنِكَاحُ الْأُولَى جَائِزٌ وَنِكَاحُ الْأُخْرَى بَاطِلٌ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأُخْرَى فَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مَدْخُولَةٍ فَلَا شَيْءَ لَهَا وَإِنْ دَخَلَ بِهَا فَلَهَا الْأَقَلُّ مِنْ مَهْرِ مِثْلِهَا وَمِنْ الْمُسَمَّى وَلَا يَفْسُدُ نِكَاحُ الْأُولَى إلَّا أَنَّهُ لَا يَطَأُ الْأُولَى مَا لَمْ تَنْقَضِ عِدَّةُ الْأُخْرَى، وَإِنْ تَزَوَّجَهُمَا فِي عَقْدَيْنِ وَلَا يَدْرِي أَيَّتَهُمَا أَوَّلًا فَإِنَّهُ لَا يَتَحَرَّى فِي ذَلِكَ وَلَكِنْ يُفَرَّقَ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَهُ؛ لِأَنَّ نِكَاحَ إحْدَاهُمَا بَاطِلٌ بِيَقِينٍ وَلَا وَجْهَ إلَى التَّعْيِينِ لِعَدَمِ الْأَوْلَوِيَّةِ وَلَا إلَى التَّقْيِيدِ مَعَ التَّجْهِيلِ فَيَتَعَيَّنُ التَّفْرِيقُ وَيَلْزَمُهُ نِصْفُ الصَّدَاقِ فَيَكُونُ بَيْنَهُمَا يَعْنِي نِصْفَ الْمُسَمَّى؛ لِأَنَّهُ وَجَبَ لِلْأُولَى وَانْعَدَمَتْ الْأَوْلَوِيَّةُ فَيُصْرَفُ إلَيْهَا جَمِيعًا.
قَوْلُهُ (وَلَا يَجْمَعُ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَعَمَّتِهَا وَلَا خَالَتِهَا وَلَا بِنْتِ أُخْتِهَا وَلَا بِنْتِ أَخِيهَا) فَإِنْ قُلْتَ لِمَ قَالَ: وَلَا بِنْتِ أَخِيهَا وَقَدْ عُلِمَ بِقَوْلِهِ وَلَا يَجْمَعُ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَعَمَّتِهَا؟ قُلْت لِإِزَالَةِ الْإِشْكَالِ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا يُظَنُّ أَنَّ نِكَاحَ ابْنَةِ الْأَخِ عَلَى الْعَمَّةِ لَا يَجُوزُ وَنِكَاحُ الْعَمَّةِ عَلَيْهَا يَجُوزُ لِتَفْضِيلِ الْعَمَّةِ عَلَيْهَا كَمَا لَا يَجُوزُ نِكَاحُ الْأَمَةِ عَلَى الْحُرَّةِ وَيَجُوزُ نِكَاحُ الْحُرَّةِ عَلَى الْأَمَةِ فَبَيَّنَ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ مِنْ الْجَانِبَيْنِ.
قَوْلُهُ (وَلَا يَجْمَعُ بَيْنَ امْرَأَتَيْنِ لَوْ كَانَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا رَجُلًا لَمْ يَجُزْ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِالْأُخْرَى) سَوَاءٌ كَانَ التَّحْرِيمُ بِالرَّضَاعِ أَوْ بِالنَّسَبِ قَوْلُهُ (وَلَا بَأْسَ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ امْرَأَةٍ وَابْنَةِ زَوْجٍ كَانَ لَهَا مِنْ قَبْلِهِ) ؛ لِأَنَّهُ لَا قَرَابَةَ بَيْنَهُمَا وَلَا رَضَاعَ.
وَقَالَ زُفَرُ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ ابْنَةَ الزَّوْجِ لَوْ قَدَّرْتَهَا ذَكَرًا لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ امْرَأَةَ أَبِيهِ قُلْنَا امْرَأَةُ الْأَبِ لَوْ صَوَّرْتهَا رَجُلًا جَازَ لَهُ تَزَوُّجُ هَذِهِ فَالشَّرْطُ أَنْ يُتَصَوَّرَ التَّحْرِيمُ مِنْ الْجَانِبَيْنِ، وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمَانِعَ مِنْ النِّكَاحِ خَمْسَةُ أَوْجُهٍ، النَّسَبُ وَالسَّبَبُ وَالْجَمْعُ وَحَقُّ الْغَيْرِ وَالدِّينُ فَالنَّسَبُ الْأُمَّهَاتُ وَالْبَنَاتُ وَالْأَخَوَاتُ وَالْعَمَّاتُ وَالْخَالَاتُ وَالسَّبَبُ الرَّضَاعُ وَالصُّهُورِيَّةُ وَالْجَمْعُ هُوَ الْجَمْعُ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ وَمَنْ فِي مَعْنَاهُمَا وَالْجَمْعُ بَيْنَ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعٍ وَالتَّحْرِيمُ لِحَقِّ الْغَيْرِ زَوْجَةُ غَيْرِهِ وَمُعْتَدَّتُهُ وَالتَّحْرِيمُ لِأَجْلِ الدِّينِ الْمَجُوسِيَّاتُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute