وَكَذَلِكَ ابْنُ الِابْنِ وَإِنْ سَفَلَ حُكْمُهُ حُكْمُ الِابْنِ قَالَ مُحَمَّدٌ إذَا زَوَّجَهَا ابْنُهَا ثُمَّ عَقَلَتْ فَلَهَا الْخِيَارُ وَإِنْ زَوَّجَهَا أَبُوهَا أَوْ جَدُّهَا فَلَا خِيَارَ لَهَا وَيَنْبَغِي عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ إذَا زَوَّجَهَا ابْنُهَا وَعَقَلَتْ أَنْ لَا خِيَارَ لَهَا؛ لِأَنَّ الِابْنَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْأَبِ عِنْدَهُ وَإِنْ زَوَّجَهَا غَيْرُ الِابْنِ وَالْأَبِ وَالْجَدِّ فَلَهَا الْخِيَارُ.
قَوْلُهُ (وَلَا يَجُوزُ نِكَاحُ الْعَبْدِ وَالْأَمَةِ إلَّا بِإِذْنِ مَوْلَاهُمَا) وَقَالَ مَالِكٌ يَجُوزُ لِلْعَبْدِ؛ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ الطَّلَاقَ فَمَلَكَ النِّكَاحَ وَلَنَا قَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «أَيُّمَا عَبْدٍ تَزَوَّجَ بِغَيْرِ إذْنِ مَوْلَاهُ فَهُوَ عَاهِرٌ» أَيْ زَانٍ، وَكَذَا الْمُكَاتَبُ وَالْمُدَبَّرُ وَالْمَأْذُونُ لَا يَجُوزُ لَهُمْ التَّزْوِيجُ إلَّا بِإِذْنِ الْمَوْلَى أَمَّا الْمُدَبَّرُ فَلِأَنَّهُ بَاقٍ عَلَى مِلْكِهِ وَأَمَّا الْمُكَاتَبُ فَلِأَنَّ فَكَّ الْحَجْرِ عَنْهُ إنَّمَا هُوَ فِي حَقِّ الْكَسْبِ وَذَلِكَ لَا يَتَنَاوَلُ النِّكَاحَ حَتَّى أَنَّ الْمُكَاتَبَ لَا يَمْلِكُ تَزْوِيجَ عَبْدِهِ وَيَمْلِكُ تَزْوِيجَ أَمَتِهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الِاكْتِسَابِ، وَكَذَا الْمُكَاتَبَةُ لَا تَمْلِكُ تَزْوِيجَ نَفْسِهَا وَتَمْلِكُ تَزْوِيجَ أَمَتِهَا، وَكَذَا الْمَأْذُونُ لَا يُزَوِّجُ نَفْسَهُ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا أُذِنَ لَهُ فِي التِّجَارَةِ وَالنِّكَاحُ لَيْسَ مِنْهَا وَأَمَّا الْمُعْتَقُ بَعْضُهُ فَهُوَ كَالْمُكَاتَبِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فَهُوَ لَا يَمْلِكُ النِّكَاحَ.
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ هُوَ بِمَنْزِلَةِ حُرٍّ مَدْيُونٍ فَيَجُوزُ نِكَاحُهُ، وَكَذَا الْمُدَبَّرَةُ وَأُمُّ الْوَلَدِ لَا يَمْلِكَانِ تَزْوِيجَ أَنْفُسِهِمَا فَإِنْ تَزَوَّجَ أَحَدٌ مِنْ هَؤُلَاءِ بِغَيْرِ إذْنِ الْمَوْلَى وَقَفَ عَلَى إجَازَتِهِ فَإِنْ أَجَازَهُ جَازَ وَإِنْ رَدَّهُ بَطَلَ وَيَجُوزُ لِلْمَوْلَى إجْبَارُ الْعَبْدِ وَالْأَمَةِ عَلَى النِّكَاحِ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ لَا إجْبَارَ فِي الْعَبْدِ وَهِيَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ.
وَإِذَا زَوَّجَ أَمَتَهُ مِنْ عَبْدِهِ جَازَ وَإِنْ كَانَ بِكُرْهٍ مِنْهُمَا وَلَا يَجِبُ الْمَهْرُ فَإِنْ أَعْتَقَهُمَا جَمِيعًا فَالْعَبْدُ لَا خِيَارَ لَهُ وَلِلْأَمَةِ الْخِيَارُ وَأَمَّا الْمُكَاتَبُ وَالْمُكَاتَبَةُ فَلَيْسَ لِلْمَوْلَى أَنْ يُكْرِهَهَا عَلَى النِّكَاحِ وَلَا يَجُوزُ الْعَقْدُ إلَّا بِرِضَاهُمَا وَلَوْ أَنَّ الْمُكَاتَبَةَ زَوَّجَتْ نَفْسَهَا بِغَيْرِ إذْنِ الْمَوْلَى تَوَقَّفَ عَلَى إجَازَتِهِ فَإِذَا أَعْتَقَهَا نَفَذَ الْعَقْدَ بِالْعَتَاقِ وَلَا خِيَارَ فِيهِ، وَكَذَا إذَا أَدَّتْ فَعَتَقَتْ وَإِنْ عَجَزَتْ إنْ كَانَ بَعْضُهَا يَحِلُّ لَهُ يَبْطُلُ الْعَقْدُ وَإِنْ كَانَ لَا يَحِلُّ لَهُ كَمَا إذَا كَانَتْ أُخْتُهُ مِنْ الرَّضَاعَةِ تَوَقَّفَ عَلَى إجَازَتِهِ وَإِنْ تَزَوَّجَتْ أَمَةٌ بِغَيْرِ إذْنِ مَوْلَاهَا ثُمَّ أَعْتَقَهَا صَحَّ النِّكَاحُ؛ لِأَنَّهَا مِنْ أَهْلِ الْعِبَارَةِ وَالِامْتِنَاعِ كَانَ لِحَقِّ الْمَوْلَى وَقَدْ زَالَ وَلَا خِيَارَ لَهَا، وَكَذَا الْعَبْدُ إذَا تَزَوَّجَ بِغَيْرِ إذْنِ مَوْلَاهُ ثُمَّ عَتَقَ صَحَّ نِكَاحُهُ لِمَا ذَكَرْنَا وَإِذَا أَذِنَ لِعَبْدِهِ أَنْ يَتَزَوَّجَ لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِذَلِكَ الْإِذْنِ إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ لَا يَقْتَضِي التَّكْرَارَ بِإِطْلَاقِهِ فَإِذَا أَذِنَ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ فَهُوَ عَلَى النِّكَاحِ الصَّحِيحِ وَالْفَاسِدِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا عَلَى الصَّحِيحِ لَا غَيْرُ حَتَّى لَوْ تَزَوَّجَ نِكَاحًا فَاسِدًا فَلَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ تَزْوِيجًا صَحِيحًا بَعْدَهُ عِنْدَهُمَا وَعِنْدَهُ لَا يَجُوزُ لِانْتِهَاءِ الْأَمْرِ وَفَائِدَتُهُ أَيْضًا إذَا دَخَلَ بِالْمَنْكُوحَةِ عَلَى الْفَسَادِ بِأَنْ تَزَوَّجَهَا بِغَيْرِ شُهُودٍ أَوْ مُعْتَدَّةٍ فَالْمَهْرُ عَلَيْهِ يُؤْخَذُ بِهِ فِي الْحَالِ وَيُبَاعُ فِيهِ عِنْدَهُ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ يُؤْخَذُ بِهِ بَعْدَ الْعَتَاقِ وَعَلَى هَذَا إذَا حَلَفَ لَا يَتَزَوَّجُ لَا يَحْنَثُ بِالْفَاسِدِ عِنْدَهُمَا وَعِنْدَهُ يَحْنَثُ بِالْفَاسِدِ وَقِيلَ يَنْصَرِفُ الْيَمِينُ إلَى الْجَائِزِ إجْمَاعًا؛ لِأَنَّ الْأَيْمَانَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْعُرْفِ وَلَا عُرْفَ فِي الْفَاسِدِ.
قَوْلُهُ (وَإِذَا تَزَوَّجَ الْعَبْدُ بِإِذْنِ مَوْلَاهُ فَالْمَهْرُ دَيْنٌ فِي رَقَبَتِهِ يُبَاعُ فِيهِ) أَمَّا الْمُدَبَّرُ وَالْمُكَاتَبُ فَيَسْعَوْنَ فِي الْمَهْرِ لِتَعَذُّرِ اسْتِيفَائِهِ مِنْ الرَّقَبَةِ وَمَا لَزِمَهُمْ مِنْ ذَلِكَ بِغَيْرِ إذْنِ الْمَوْلَى أُتْبِعُوا بِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ.
قَوْلُهُ (وَإِذَا زَوَّجَ الرَّجُلُ أَمَتَهُ فَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُبَوَّأَهَا بَيْتَ الزَّوْجِ وَلَكِنَّهَا تَخْدُمُ الْمَوْلَى وَيُقَالُ لِلزَّوْجِ مَتَى ظَفِرْتَ بِهَا وَطِئْتهَا) ؛ لِأَنَّ حَقَّ الْمَوْلَى فِي الِاسْتِخْدَامِ بَاقٍ وَصُورَةُ التَّبْوِئَةِ أَنْ يُخَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا فِي مَنْزِلِ الزَّوْجِ وَلَا يَسْتَخْدِمُهَا فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَعَلَى الزَّوْجِ النَّفَقَةُ وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَلَا نَفَقَةَ لَهَا وَإِذَا بَوَّأَهَا ثُمَّ بَدَا لَهُ أَنْ يَسْتَخْدِمَهَا فَلَهُ ذَلِكَ وَتَسْقُطُ النَّفَقَةُ فَإِنْ عَادَ فَبَوَّأَهَا عَادَتْ النَّفَقَةُ وَقَدْ قَالُوا أَنَّهُ إذَا بَوَّأَهَا فَكَانَتْ تَخْدُمُ الْمَوْلَى أَحْيَانَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَسْتَخْدِمَهَا لَمْ تَسْقُطُ نَفَقَتُهَا، وَكَذَا الْمُدَبَّرَةُ وَأُمُّ الْوَلَدِ حُكْمُهَا حُكْمُ الْأَمَةِ وَأَمَّا الْمُكَاتَبَةُ إذَا تَزَوَّجَهَا بِإِذْنِ الْمَوْلَى فَلَهَا النَّفَقَةُ سَوَاءٌ بَوَّأَهَا الْمَوْلَى مَعَهُ أَوْ لَا؛ لِأَنَّهَا فِي يَدِ نَفْسِهَا لَا حَقَّ لِلْمَوْلَى فِي اسْتِخْدَامِهَا وَلَوْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ الْأَمَةَ طَلَاقًا بَائِنًا وَقَدْ كَانَ الْمَوْلَى بَوَّأَهَا مَعَهُ ثُمَّ أَخْرَجَهَا الْمَوْلَى تَخْدُمُهُ سَقَطَتْ نَفَقَتُهَا وَلَوْ أَرَادَ الْمَوْلَى أَنْ يُعِيدَهَا إلَى الزَّوْجِ وَيَأْخُذُ النَّفَقَةَ فَلَهُ ذَلِكَ وَلَوْ لَمْ تَكُنْ فِي تَبْوِئَةِ الزَّوْجِ يَوْمَ طَلَّقَ فَأَرَادَ الْمَوْلَى أَنْ يُبَوَّأَهَا فِي الْعِدَّةِ لِتَجِبَ لَهَا النَّفَقَةُ لَمْ تَجِبْ وَفِي قَوْلِ زُفَرَ تَجِبُ، وَكَذَا الْمَرْأَةُ إذَا ارْتَدَّتْ وَوَقَعَتْ الْفُرْقَةُ بِالرِّدَّةِ فَلَا نَفَقَةَ لَهَا ثُمَّ إذَا أَسْلَمَتْ لَا تَعُودُ النَّفَقَةُ ثُمَّ الْأَمَةُ إذَا زَوَّجَهَا مَوْلَاهَا وَجَاءَتْ بِأَوْلَادِ مِنْ الزَّوْجِ فَلَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute