يَسْتَمِرَّ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ) ؛ لِأَنَّ مَا يَنْقَطِعُ دُونَهُ لَا يَكُونُ حَيْضًا قَوْلُهُ (فَإِذَا تَمَّتْ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ حَكَمْنَا بِالطَّلَاقِ مِنْ حِينِ حَاضَتْ) وَفَائِدَتُهُ أَنَّ الطَّلَاقَ بِدْعِيٌّ وَلَوْ عَلَّقَ عِتْقَ عَبْدِهِ بِذَلِكَ كَانَ فِي الثَّلَاثِ حُكْمُهُ حُكْمَ الْأَحْرَارِ وَلَوْ خَالَعَهَا فِي الثَّلَاثِ بَطَلَ الْخُلْعُ لِكَوْنِهَا مُطَلَّقَةً وَلَوْ كَانَتْ غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا فَتَزَوَّجَتْ حِينَ رَأَتْ الدَّمَ صَحَّ التَّزْوِيجُ.
قَوْلُهُ (وَإِذَا قَالَ لَهَا إنْ حِضْت حَيْضَةً فَأَنْتِ طَالِقٌ لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى تَطْهُرَ مِنْ حَيْضَتِهَا) ؛ لِأَنَّ الْحَيْضَةَ بِالْهَاءِ هِيَ الْكَامِلُ مِنْهَا وَكَمَالُهَا بِانْتِهَائِهَا وَذَلِكَ بِالطُّهْرِ ثُمَّ إذَا كَانَتْ أَيَّامُهَا دُونَ الْعَشَرَةِ لَمْ يُحْكَمْ بِطَهَارَتِهَا بِالِانْقِطَاعِ مَا لَمْ تَغْتَسِلْ أَوْ يَمْضِي عَلَيْهَا وَقْتُ صَلَاةٍ كَامِلٍ لِجَوَازِ أَنْ يُعَاوِدَهَا الدَّمُ فِي الْمُدَّةِ فَتَكُونَ حَائِضًا وَإِنْ كَانَتْ أَيَّامُهَا عَشْرَةً وَقَعَ عَلَيْهَا الطَّلَاقُ بِمُضِيِّهَا وَإِنْ لَمْ تَغْتَسِلْ وَقَوْلُهُ حَتَّى تَطْهُرَ مِنْ حَيْضَتِهَا فَائِدَتُهُ أَنَّ الطَّلَاقَ سُنِّيٌّ وَلَوْ عَلَّقَ عِتْقَ عَبْدِهِ بِذَلِكَ كَانَ فِي الثَّلَاثِ حُكْمُهُ حُكْمَ الْعَبِيدِ وَإِنْ خَالَعَهَا صَحَّ الْخُلْعُ لِكَوْنِهَا زَوْجَةً وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا فَتَزَوَّجَتْ حِينَ رَأَتْ الدَّمَ لَمْ يَصِحُّ النِّكَاحُ وَإِنْ قَالَ إنْ حِضْت نِصْفَ حَيْضَةٍ فَأَنْتِ طَالِقٌ لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى تَحِيضَ وَتَطْهُرَ، وَكَذَا إذَا قَالَ ثُلُثَ حَيْضَةٍ أَوْ سُدُسَ حَيْضَةٍ وَإِذَا قَالَ إذَا حِضْت نِصْفَ حَيْضَةٍ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَإِذَا حِضْت نِصْفَهَا الْآخَرَ فَأَنْتِ طَالِقٌ لَا يَقَعُ شَيْءٌ مَا لَمْ تَحِضْ وَتَطْهُرْ فَإِذَا حَاضَتْ وَطَهُرَتْ وَقَعَ طَلْقَتَانِ وَإِنْ قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ فِي حَيْضِك أَوْ مَعَ حَيْضِك فَحِينَ مَا رَأَتْ الدَّمَ تَطْلُقُ بِشَرْطِ أَنْ يَسْتَمِرَّ ثَلَاثًا وَإِنْ قَالَ فِي حَيْضَتِك أَوْ مَعَ حَيْضَتِك فَمَا لَمْ تَحِضْ وَتَطْهُرْ لَا تَطْلُقُ وَلَا يُعْتَدُّ بِتِلْكَ الْحَيْضَةِ مِنْ الْعِدَّةِ وَلَوْ قَالَ لَهَا وَهِيَ حَائِضٌ إذَا حِضْتِ فَأَنْتِ طَالِقٌ أَوْ قَالَ، وَهُوَ مَرِيضٌ إذَا مَرِضْتِ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَهَذَا عَلَى حَيْضٍ مُسْتَقْبَلٍ وَمَرَضٍ مُسْتَقْبَلٍ فَإِنْ قَالَ عَنَيْت مَا يَحْدُثُ مِنْ هَذَا الْحَيْضِ أَوْ مَا يَزِيدُ مِنْ هَذَا الْمَرَضِ فَهُوَ كَمَا نَوَى؛ لِأَنَّ الْحَيْضَ ذُو أَجْزَاءٍ فَيَحْدُثُ حَالًا فَحَالًا.
وَكَذَا الْمَرَضُ فَإِذَا نَوَى جُزْءًا حَادِثًا مِنْ ذَلِكَ صُدِّقَ، وَكَذَا صَاحِبُ الرُّعَافِ إذَا قَالَ إنْ رَعَفْتُ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَهُوَ عَلَى هَذَا، وَكَذَا إذَا قَالَ لِلْحُبْلَى إذَا حَبِلْتِ فَهُوَ عَلَى حَبَلٍ مُسْتَقْبَلٍ إلَّا أَنَّهُ إذَا نَوَى الْحَبَلَ الَّذِي هِيَ فِيهِ لَا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَجْزَاءٌ مُتَعَدِّدَةٌ وَإِنَّمَا هُوَ مَعْنًى وَاحِدٌ وَإِنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إذَا صُمْت يَوْمًا طَلُقَتْ حِينَ تَغِيبُ الشَّمْسُ فِي الْيَوْمِ الَّذِي تَصُومُ فِيهِ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ إذَا صُمْتُ فَإِنَّهَا تَطْلُقُ إذَا أَصْبَحَ صَائِمًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُقَدِّرْهُ بِمِعْيَارٍ وَقَدْ وُجِدَ الصَّوْمُ بِرُكْنِهِ وَشَرْطِهِ وَمَنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ إذَا وَلَدْت غُلَامًا فَأَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً وَإِذَا وَلَدْت جَارِيَةً فَأَنْتِ طَالِقٌ اثْنَتَيْنِ فَوَلَدَتْ غُلَامًا وَجَارِيَةً وَلَا يَدْرِي أَيُّهُمَا أَوَّلًا لَزِمَهُ فِي الْقَضَاءِ طَلْقَةً وَفِي التَّنَزُّهِ ثِنْتَانِ وَانْقَضَتْ الْعِدَّةُ؛ لِأَنَّهَا إنْ وَلَدَتْ الْغُلَامَ أَوَّلًا وَقَعَتْ الْوَاحِدَةُ وَتَنْقَضِي عِدَّتُهَا بِوَضْعِ الْجَارِيَةِ ثُمَّ لَا يَقَعُ شَيْءٌ آخَرُ؛ لِأَنَّهُ حَالَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَإِنْ وَلَدَتْ الْجَارِيَةَ أَوَّلًا وَقَعَتْ طَلْقَتَانِ وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِوَضْعِ الْغُلَامِ ثُمَّ لَا يَقَعُ شَيْءٌ آخَرُ؛ لِأَنَّهُ حَالَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ فَإِذًا فِي حَالٍ يَقَعُ وَاحِدَةً وَفِي حَالٍ اثْنَتَانِ فَلَا تَقَعُ الثَّانِيَةُ بِالشَّكِّ وَالْأَوْلَى أَنْ يَأْخُذَ بِالثِّنْتَيْنِ تَنَزُّهًا وَاحْتِيَاطًا وَالْعِدَّةُ مُنْقَضِيَةٌ بِيَقِينٍ وَإِنْ قَالَ إذَا وَلَدْت وَلَدًا فَأَنْتِ طَالِقٌ فَوَلَدَتْ وَلَدًا مَيِّتًا طَلُقَتْ، وَكَذَا إذَا قَالَ لِأَمَتِهِ إذَا وَلَدْت وَلَدًا فَأَنْتِ حُرَّةٌ فَهُوَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمَوْجُودَ مَوْلُودٌ فَيَكُونُ وَلَدًا حَقِيقَةً وَيُعْتَبَرُ وَلَدًا فِي الشَّرْعِ حَتَّى تَنْقَضِيَ بِهِ الْعِدَّةُ وَالدَّمُ بَعْدَهُ نِفَاسٌ وَأُمُّهُ أُمُّ وَلَدٍ فَيَتَحَقَّقُ الشَّرْطُ، وَهُوَ وِلَادَةُ الْوَلَدِ.
قَوْلُهُ (وَطَلَاقُ الْأَمَةِ تَطْلِيقَتَانِ حُرًّا كَانَ زَوْجُهَا أَوْ عَبْدًا وَطَلَاقُ الْحُرَّةِ ثَلَاثٌ حُرًّا كَانَ زَوْجُهَا أَوْ عَبْدًا) وَالْأَصْلُ فِي هَذَا أَنَّ الطَّلَاقَ وَالْعِدَّةَ عِنْدَنَا مُعْتَبَرَانِ بِالنِّسَاءِ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ الطَّلَاقُ بِالرِّجَالِ وَالْعِدَّةُ بِالنِّسَاءِ وَتَفْسِيرُهُ حُرَّةٌ تَحْتَ عَبْدٍ طَلَاقُهَا ثَلَاثٌ عِنْدَنَا وَعِنْدَهُ ثِنْتَانِ وَأَجْمَعُوا أَنَّ عِدَّتَهَا ثَلَاثُ حِيَضٍ أَمَةٌ تَحْتَ حُرٍّ طَلَاقُهَا ثِنْتَانِ عِنْدَنَا وَعِنْدَهُ ثَلَاثٌ وَأَجْمَعُوا أَنَّ عِدَّتَهَا حَيْضَتَانِ وَأَمَّا إذَا كَانَتْ الْأَمَةُ تَحْتَ عَبْدٍ فَطَلَاقُهَا ثِنْتَانِ وَعِدَّتُهَا حَيْضَتَانِ بِالْإِجْمَاعِ وَأَجْمَعُوا أَنَّ عِدَّةَ الْمَنْكُوحَةِ مُعْتَبَرَةٌ بِالرِّجَالِ فَإِنْ كَانَ الرَّجُلُ حُرًّا يَمْلِكُ أَرْبَعًا مِنْ الْحَرَائِرِ وَالْإِمَاءِ وَإِنْ كَانَ عَبْدًا يَمْلِكُ اثْنَتَيْنِ حُرَّتَيْنِ كَانَتَا أَوْ أَمَتَيْنِ.
قَوْلُهُ (وَإِذَا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا ثَلَاثًا وَقَعْنَ عَلَيْهَا) ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقْدِرُ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِهَا إلَّا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ ثَلَاثًا تَفْسِيرٌ وَصِفَةٌ وَلَيْسَ بِابْتِدَاءِ إيقَاعٍ وَكَذَا أَنْتِ طَالِقٌ بَائِنٌ؛ لِأَنَّ الصِّفَةَ وَالْمَوْصُوفَ كَلَامٌ وَاحِدٌ وَكَذَا أَنْتِ طَالِقٌ اثْنَتَيْنِ.
(قَوْلُهُ فَإِنْ فَرَّقَ الطَّلَاقَ بَانَتْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute