لَا يَكُونُ رَجْعَةً إجْمَاعًا.
(قَوْلُهُ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُشْهِدَ عَلَى الرَّجْعَةِ شَاهِدَيْنِ) يَقُولُ لَهُمَا: اشْهَدَا أَنِّي قَدْ رَاجَعْت امْرَأَتِي فُلَانَةَ أَوْ مَا يُؤَدِّي عَنْ هَذَا الْمَعْنَى قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق: ٢] وَلِأَنَّهُ لَا يَأْمَنُ أَنْ تَنْقَضِيَ الْعِدَّةُ فَلَا تُصَدِّقُهُ عَلَى الرَّجْعَةِ (قَوْلُهُ وَإِذَا لَمْ يُشْهِدْ صَحَّتْ الرَّجْعَةُ) وَقَالَ مَالِكٌ لَا تَصِحُّ لِلْآيَةِ وَالْأَمْرُ لِلْوُجُوبِ وَلَنَا إطْلَاقُ النُّصُوصِ عَنْ قَيْدِ الْإِشْهَادِ وَهُوَ قَوْله تَعَالَى {فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} [الطلاق: ٢] وقَوْله تَعَالَى {فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا} [البقرة: ٢٣٠] وقَوْله تَعَالَى {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ} [البقرة: ٢٢٨] «وَقَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لِعُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مُرْ ابْنَك فَلْيُرَاجِعْهَا» وَلَمْ يَذْكُرْ الْإِشْهَادَ فِي شَيْءٍ مِنْ هَذَا وَلِأَنَّهُ اسْتِدَامَةُ النِّكَاحِ وَالشَّهَادَةُ لَيْسَتْ بِشَرْطٍ فِيهِ فِي حَالَةِ الْبَقَاءِ كَمَا فِي الْفَيْءِ فِي الْإِيلَاءِ إلَّا أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ الْإِشْهَادُ كَيْ لَا يَجْرِيَ التَّنَاكُرُ فِيهَا وَالْآيَةُ مَحْمُولَةٌ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ قَرَنَهَا بِالْمُفَارَقَةِ أَيْ قَرَنَ الْمُرَاجَعَةَ بِالْمُفَارَقَةِ فِي قَوْلِهِ {فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} [الطلاق: ٢] وَالْإِشْهَادُ فِي الْمُفَارَقَةِ مُسْتَحَبٌّ فَكَذَا فِي الْمُرَاجَعَةِ.
(قَوْلُهُ وَإِذَا انْقَضَتْ الْعِدَّةُ فَقَالَ قَدْ كُنْت رَاجَعْتهَا فِي الْعِدَّةِ فَصَدَّقَتْهُ فَهِيَ رَجْعَةٌ وَإِنْ كَذَّبَتْهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا) ؛ لِأَنَّهُ أَخْبَرَ عَمَّا لَا يَمْلِكُ إنْشَاءَهُ فِي الْحَالِ فَكَانَ مُتَّهَمًا إلَّا أَنَّ بِالتَّصْدِيقِ تَرْتَفِعُ التُّهْمَةُ وَهَذَا إذَا ادَّعَى بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ (قَوْلُهُ وَلَا يَمِينَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ) وَهَذِهِ مِنْ الْمَسَائِلِ الثَّمَانِ الَّتِي لَا يُسْتَحْلَفُ فِيهَا وَقَدْ بَيَّنَّاهَا فِي النِّكَاحِ وَتُسْتَحْلَفُ الْمَرْأَةُ عَلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ بِالْإِجْمَاعِ.
(قَوْلُهُ وَإِذَا قَالَ الزَّوْجُ قَدْ رَاجَعْتُك فَقَالَتْ مُجِيبَةً لَهُ قَدْ انْقَضَتْ عِدَّتِي لَمْ تَصِحَّ الرَّجْعَةُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ) .
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ الْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ وَتَصِحُّ الرَّجْعَةُ وَالْخِلَافُ فِيمَا إذَا قَالَتْ لَهُ عَلَى الْفَوْرِ مُتَّصِلًا بِكَلَامِهِ أَمَّا إذَا سَكَتَتْ سَاعَةً ثُمَّ قَالَتْ لَهُ ذَلِكَ صَحَّتْ الرَّجْعَةُ بِالْإِجْمَاعِ وَتُسْتَحْلَفُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّهَا بِنُكُولِهَا تَبْذُلُ الِامْتِنَاعَ مِنْ الْأَزْوَاجِ وَالْكَوْنِ فِي مَنْزِلِ الزَّوْجِ وَهَذَا مِمَّا يَصِحُّ بَذْلُهُ فَلِهَذَا صَحَّ مِنْهَا وَلَا يُقَالُ إذَا نَكَلَتْ صَحَّتْ الرَّجْعَةُ وَالرَّجْعَةُ لَا يَصِحُّ بَذْلُهَا فَنَقُولُ إنَّمَا ثَبَتَ بِنُكُولِهَا الْعِدَّةُ وَالزَّوْجُ يَمْلِكُ الرَّجْعَةَ مِنْ طَرِيقِ الْحُكْمِ لِبَقَاءِ الْعِدَّةِ لَا بِقَوْلِهَا وَلَوْ بَدَأَتْ الْمَرْأَةُ بِالْكَلَامِ فَقَالَتْ: انْقَضَتْ عِدَّتِي فَقَالَ الزَّوْجُ مُجِيبًا لَهَا مَوْصُولًا بِكَلَامِهَا: رَاجَعْتُك لَمْ تَصِحَّ الرَّجْعَةُ كَذَا فِي الْخُجَنْدِيِّ.
(قَوْلُهُ وَإِذَا قَالَ زَوْجُ الْأَمَةِ بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا قَدْ كُنْت رَاجَعْتهَا فَصَدَّقَهُ الْمَوْلَى وَكَذَّبَتْهُ الْأَمَةُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا) وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَزُفَرَ.
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ الْقَوْلُ قَوْلُ الْمَوْلَى؛ لِأَنَّ بُضْعَهَا مَمْلُوكٌ لَهُ فَقَدْ أَقَرَّ بِمَا هُوَ خَالِصُ حَقِّهِ لِلزَّوْجِ فَشَابَهُ الْإِقْرَارَ عَلَيْهَا بِالنِّكَاحِ وَلَهُمَا أَنَّ حُكْمَ الرَّجْعَةِ يُبْتَنَى عَلَى الْعِدَّةِ وَالْقَوْلُ فِي الْعِدَّةِ قَوْلُهَا فَكَذَا فِيمَا يُبْتَنَى عَلَيْهَا وَلِأَنَّ الْمَوْلَى لَا مَدْخَلَ لَهُ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الرَّجْعَةَ إلَى الزَّوْجِ وَالْعِدَّةَ مِنْ الْأَمَةِ أَلَا تَرَى أَنَّ الْمَوْلَى لَوْ قَالَ لِلزَّوْجِ أَنْتَ قَدْ رَاجَعْتهَا فَأَنْكَرَ الزَّوْجُ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُ الْمَوْلَى عَلَيْهِ وَلَوْ كَذَّبَهُ الْمَوْلَى وَصَدَّقَتْهُ الْأَمَةُ فَعِنْدَهُمَا الْقَوْلُ قَوْلُ الْمَوْلَى وَكَذَا عِنْدَهُ فِي الصَّحِيحِ؛ لِأَنَّهَا مُنْقَضِيَةُ الْعِدَّةِ فِي الْحَالِ وَقَدْ ظَهَرَ مِلْكُ الْمُتْعَةِ لِلْمَوْلَى فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهَا فِي إبْطَالِهَا بِخِلَافِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الْمَوْلَى بِالتَّصْدِيقِ فِي الرَّجْعَةِ مُقِرٌّ بِقِيَامِ الْعِدَّةِ وَلَا يَظْهَرُ مِلْكُهُ مَعَ الْعِدَّةِ وَإِنْ قَالَتْ قَدْ انْقَضَتْ عِدَّتِي وَقَالَ الزَّوْجُ وَالْمَوْلَى لَمْ تَنْقَضِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا؛ لِأَنَّهَا أَمِينَةٌ فِي ذَلِكَ.
(قَوْلُهُ وَإِذَا انْقَطَعَ الدَّمُ مِنْ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ لِعَشْرَةِ أَيَّامٍ انْقَضَتْ الْعِدَّةُ وَإِنْ لَمْ تَغْتَسِلْ) ؛ لِأَنَّ الْحَيْضَ لَا مَزِيدَ لَهُ عَلَى الْعَشَرَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute