تَحَقُّقُ الْإِيَاسِ وَذَلِكَ بِاسْتِدَامَةِ الْعَجْزِ إلَى الْمَمَاتِ أَمَّا عَلَى الرِّوَايَةِ الَّذِي قَدَّرُوا الْإِيَاسَ فِيهَا بِمُدَّةٍ إذَا بَلَغَتْهَا ثُمَّ رَأَتْ الدَّمَ بَعْدَهَا لَمْ يَكُنْ حَيْضًا وَيَكُونُ كَمَا تَرَاهُ الصَّغِيرَةُ الَّتِي لَا تَحِيضُ مِثْلُهَا وَفِي الْمَرْتَبَةِ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّ مَا تَرَاهُ الْآيِسَةُ حَيْضٌ عَلَى الرِّوَايَاتِ أَجْمَعَ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ بِالْإِيَاسِ بَعْدَ خَمْسٍ وَخَمْسِينَ سَنَةً بِالِاجْتِهَادِ وَرُؤْيَةُ الدَّمِ نَصٌّ فَيَبْطُلُ بِهِ الِاجْتِهَادُ فَعَلَى هَذَا لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الدَّمُ أَحْمَرَ عَلَى مَا هُوَ الْعَادَةُ أَمَّا إذَا كَانَ أَصْفَرَ أَوْ أَخْضَرَ لَا يَبْطُلُ الْإِيَاسُ ثُمَّ عَلَى هَذَا الِاخْتِيَارِ إذَا كَانَ أَحْمَرَ تَبْطُلُ عِدَّةُ الْأَشْهُرِ وَيَفْسُدُ النِّكَاحُ، وَهَذَا بَعِيدٌ وَقَالَ بَعْضُهُمْ إنْ كَانَ الْقَاضِي قَضَى بِجَوَازِ النِّكَاحِ ثُمَّ رَأَتْ الدَّمَ لَا يُقْضَى بِفَسَادِهِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ يُقْضَى بِفَسَادِهِ قَضَى أَوْ لَمْ يَقْضِ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَذَكَرَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ أَنَّ الْمَرْئِيَّ بَعْدَ الْحُكْمِ بِالْإِيَاسِ إذَا كَانَ دَمًا خَالِصًا فَهُوَ حَيْضٌ وَيُنْتَقَضُ الْحُكْمُ بِالْإِيَاسِ لَكِنْ فِيمَا يَسْتَقْبِلُ لَا فِيمَا مَضَى مِنْ الْأَحْكَامِ وَإِنْ كَانَ الْمَرْئِيُّ كُدْرَةً أَوْ خُضْرَةً لَا يَكُونُ حَيْضًا وَيُحْمَلُ عَلَى فَسَادِ الْمَنْبَتِ وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الْمُخْتَارُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَهُوَ يُشْتَرَطُ حُكْمٍ الْحَاكِمِ بِالْإِيَاسِ لِعَدَمِ بُطْلَانِ مَا مَضَى أَوْ لَا يُشْتَرَطُ إذَا بَلَغَتْ مُدَّةَ الْإِيَاسِ وَلَمْ تَرَ الدَّمَ فِيهِ اخْتِلَافُ الْمَشَايِخ وَالْأَوْلَى أَنْ لَا يُشْتَرَطَ وَاخْتَلَفُوا فِي مُدَّةِ الْإِيَاسِ قَالَ بَعْضُهُمْ سِتُّونَ سَنَةً وَقِيلَ سَبْعُونَ.
وَفِي النِّهَايَةِ الِاعْتِمَادُ عَلَى خَمْسٍ وَخَمْسِينَ سَنَةً وَإِلَيْهِ ذَهَبَ أَكْثَرُ الْمَشَايِخِ الْمُتَأَخِّرِينَ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ اثْنَانِ وَسِتُّونَ سَنَةً، وَلَوْ حَاضَتْ الْمَرْأَةُ حَيْضَةً أَوْ حَيْضَتَيْنِ ثُمَّ انْقَطَعَ حَيْضُهَا فَإِنَّهَا تَصْبِرُ إلَى خَمْسٍ وَخَمْسِينَ سَنَةً ثُمَّ تَسْتَأْنِفُ الْعِدَّةَ بِالشُّهُورِ وَإِنْ حَاضَتْ الصَّغِيرَةُ قَبْلَ تَمَامِ عِدَّتِهَا اسْتَأْنَفَتْ الْعِدَّةَ بِالْحَيْضِ سَوَاءٌ كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا أَوْ رَجْعِيًّا.
(قَوْلُهُ وَالْمَنْكُوحَةُ نِكَاحًا فَاسِدًا وَالْمَوْطُوءَةُ بِشُبْهَةٍ عِدَّتُهَا الْحَيْضُ فِي الْفُرْقَةِ وَالْمَوْتِ) هَذَا إذَا دَخَلَ بِهَا أَمَّا إذَا لَمْ يَدْخُلْ بِهَا حَتَّى مَاتَ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهَا شَيْءٌ وَإِنَّمَا كَانَ عِدَّتُهَا الْحَيْضَ فِي الْفُرْقَةِ وَالْمَوْتِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْعِدَّةَ تَجِبُ لِأَجْلِ الْوَطْءِ لَا لِقَضَاءِ حَقِّ النِّكَاحِ وَالْعِدَّةُ إذَا وَجَبَتْ لِأَجْلِ الْوَطْءِ كَانَتْ ثَلَاثَ حِيَضٍ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مِنْ ذَوَاتِ الْحَيْضِ كَانَ عَلَيْهَا ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ؛ لِأَنَّ كُلَّ شَهْرٍ يَقُومُ مَقَامَ حَيْضَةٍ وَإِنَّمَا اسْتَوَى الْمَوْتُ وَالطَّلَاقُ؛ لِأَنَّ عِدَّةَ الْوَفَاةِ إنَّمَا تَجِبُ عَلَى الزَّوْجَةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا} [البقرة: ٢٣٤] هَذِهِ لَيْسَتْ بِزَوْجَةٍ وَإِنْ كَانَتْ أَمَةً فَعِدَّتُهَا بِالْحَيْضِ حَيْضَتَانِ وَبِالْأَشْهُرِ شَهْرٌ وَنِصْفٌ.
(قَوْلُهُ وَإِذَا مَاتَ مَوْلَى أُمِّ الْوَلَدِ عَنْهَا أَوْ أَعْتَقَهَا فَعِدَّتُهَا ثَلَاثُ حِيَضٍ) هَذَا إذَا لَمْ تَكُنْ مُعْتَدَّةً وَلَا تَحْتَ زَوْجٍ وَلَا نَفَقَةَ لَهَا فِي الْعِدَّةِ؛ لِأَنَّهَا عِدَّةُ وَطْءٍ كَالْمُعْتَدَّةِ مِنْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ وَإِنْ كَانَتْ مِمَّنْ لَا تَحِيضُ فَعِدَّتُهَا ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ كَمَا فِي النِّكَاحِ وَإِنَّمَا اسْتَوَى فِيهَا الْمَوْتُ وَالْعِتْقُ؛ لِأَنَّهَا عِدَّةُ وَطْءٍ وَإِنْ مَاتَ عَنْ أَمَةٍ كَانَ يَطَؤُهَا أَوْ مُدَبَّرَةٍ كَانَ يَطَؤُهَا أَوْ أَعْتَقَهَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِمَا شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُمَا لَيْسَا بِفِرَاشٍ لَهُ وَإِذَا زَوَّجَ أُمَّ وَلَدِهِ ثُمَّ مَاتَ عَنْهَا، وَهِيَ تَحْتَ زَوْجٍ أَوْ فِي عِدَّةٍ مِنْ زَوْجٍ فَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا بِمَوْتِ الْمَوْلَى؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ فِرَاشًا لَهُ فَإِنْ أَعْتَقَهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا لِزَوْجٍ فَعِدَّتُهَا عِدَّةُ الْحَرَائِرِ وَإِنْ أَعْتَقَهَا، وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ إنْ كَانَتْ رَجْعِيَّةً تَغَيَّرَتْ عِدَّتُهَا وَإِنْ كَانَتْ بَائِنًا لَمْ تَتَغَيَّرْ وَإِنْ كَانَتْ عِدَّتُهَا قَدْ انْقَضَتْ ثُمَّ مَاتَ الْمَوْلَى فَعَلَيْهَا بِمَوْتِهِ ثَلَاثُ حِيَضٍ؛ لِأَنَّهَا عَادَتْ فِرَاشًا لَهُ.
فَإِنْ مَاتَ الْمَوْلَى وَالزَّوْجُ وَبَيْنَ مَوْتَيْهِمَا أَكْثَرُ مِنْ شَهْرَيْنِ وَخَمْسَةُ أَيَّامٍ وَلَا يُعْلَمُ أَيُّهُمَا مَاتَ أَوَّلًا فَعَلَيْهِمَا أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ فِيهَا ثَلَاثُ حِيَضٍ بِالْإِجْمَاعِ؛ لِأَنَّهُ إذَا مَاتَ الزَّوْجُ أَوَّلًا فَقَدْ وَجَبَ عَلَيْهَا شَهْرَانِ وَخَمْسَةُ أَيَّامٍ؛ لِأَنَّهَا أَمَةٌ ثُمَّ مَاتَ الْمَوْلَى بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا فَوَجَبَ عَلَيْهَا ثَلَاثُ حِيَضٍ عِدَّةُ الْمَوْلَى فَيُجْمَعُ بَيْنَهُمَا احْتِيَاطًا وَإِنْ مَاتَ الْمَوْلَى أَوَّلًا عَتَقَتْ بِمَوْتِهِ وَلَمْ يَجِبْ عَلَيْهَا عِدَّةٌ بِمَوْتِهِ؛ لِأَنَّهَا مَنْكُوحَةُ الْغَيْرِ فَلَمَّا مَاتَ الزَّوْجُ، وَهِيَ حُرَّةٌ وَجَبَ عَلَيْهَا أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ وَالشُّهُورُ يَدْخُلُ أَقَلُّهَا فِي أَكْثَرِهَا فَوَجَبَ عَلَيْهَا عَلَى طَرِيقِ الِاحْتِيَاطِ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ فِيهَا ثَلَاثُ حِيَضٍ وَإِنْ كَانَ بَيْنَ مَوْتَيْهِمَا أَقَلُّ مِنْ شَهْرَيْنِ وَخَمْسَةِ أَيَّامٍ فَعَلَيْهَا أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ إجْمَاعًا وَلَيْسَ عَلَيْهَا حَيْضٌ؛ لِأَنَّهُ لَا حَالَةَ لِوُجُوبِ الْحَيْضِ هَا هُنَا؛ لِأَنَّ الْمَوْلَى إنْ مَاتَ أَوَّلًا لَمْ يَجِبْ عَلَيْهَا شَيْءٌ؛ لِأَنَّهَا تَحْتَ زَوْجٍ وَتُعْتَقُ بِمَوْتِهِ ثُمَّ بِمَوْتِ الزَّوْجُ يَجِبُ عَلَيْهَا أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ؛ لِأَنَّهَا حُرَّةٌ وَإِنْ مَاتَ الزَّوْجُ أَوَّلًا وَجَبَ عَلَيْهَا شَهْرَانِ وَخَمْسَةُ أَيَّامٍ وَبِمَوْتِ الْمَوْلَى لَا يَلْزَمُهَا عِدَّةٌ؛ لِأَنَّهَا تَعْتَدُّ مِنْ نِكَاحٍ فَيَلْزَمُهَا فِي حَالٍ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ وَفِي حَالٍ نِصْفُهُ فَأَلْزَمْنَاهَا الْأَكْثَرَ احْتِيَاطًا.
وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ كَمْ بَيْنَ مَوْتَيْهِمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute