للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِأَنَّهَا لَمْ تُفَارِقْ زَوْجَهَا فَلَمْ يَجِبْ عَلَيْهَا الْإِحْدَادُ (قَوْلُهُ وَالْإِحْدَادُ أَنْ تَتْرُكَ الطِّيبَ وَالزِّينَةَ وَالْكُحْلَ وَالدُّهْنَ) وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الدُّهْنُ الْمُطَيِّبُ أَوْ غَيْرُهُ؛ لِأَنَّ فِيهِ زِينَةَ الشَّعْرِ وَيُقَالُ الْحِدَادُ وَالْإِحْدَادُ لُغَتَانِ (قَوْلُهُ إلَّا مِنْ عُذْرٍ) بِأَنْ كَانَ بِهَا وَجَعُ الْعَيْنِ فَتَكْتَحِلُ أَوْ حَكَّةٌ فَتَلْبَسُ الْحَرِيرَ أَوْ تَشْكِي رَأْسَهَا فَتَدَّهِنُ وَتَمْتَشِطُ بِالْأَسْنَانِ الْغَلِيظَةِ الْمُتَبَاعِدَةِ مِنْ غَيْرِ إرَادَةِ الزِّينَةِ؛ لِأَنَّ هَذَا تَدَاوٍ لَا زِينَةٌ (قَوْلُهُ وَلَا تَخْتَضِبُ بِالْحِنَّاءِ) لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «الْحِنَّاءُ طِيبٌ» وَلِأَنَّهُ زِينَةٌ (قَوْلُهُ وَلَا تَلْبَسُ ثَوْبًا مَصْبُوغًا بِعُصْفُرٍ وَلَا بِزَعْفَرَانٍ وَلَا وَرْسٍ) فَإِنْ غُسِلَ الثَّوْبُ الْمَصْبُوغُ حَتَّى صَارَ لَا يَنْفُضُ جَازَ أَنْ تَلْبَسَهُ لِزَوَالِ الطِّيبِ مِنْهُ وَكَذَا لَا تَلْبَسُ الثَّوْبَ الْمُطَيَّبَ وَأَمَّا لُبْسُ الْحَرِيرِ إنْ قَصَدَتْ بِهِ الزِّينَةَ لَمْ يَجُزْ وَإِنْ لَبِسْته لِعُذْرٍ كَمَا إذَا كَانَ بِهَا حَكَّةٌ أَوْ لِعَدَمِ غَيْرِهِ جَازَ مِنْ غَيْرِ إرَادَةِ الزِّينَةِ وَكَذَا لَا يَحِلُّ لَهَا لُبْسُ الْحُلِيِّ؛ لِأَنَّهَا تُلْبَسُ لِلزِّينَةِ.

(قَوْلُهُ وَلَا إحْدَادَ عَلَى كَافِرَةٍ وَلَا صَغِيرَةٍ) .

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يَجِبُ عَلَى الصَّغِيرَةِ قِيَاسًا عَلَى الْعِدَّةِ قُلْنَا الْإِحْدَادُ عِبَادَةٌ بَدَنِيَّةٌ كَالصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ فَلَا يَلْزَمْهَا وَأَمَّا الْعِدَّةُ فَلَيْسَتْ بِعِبَادَةٍ؛ لِأَنَّهَا مُضِيُّ الزَّمَانِ قَدْ أَسْلَمَتْ الْكَافِرَةُ فِي الْعِدَّةِ لَزِمَهَا الْإِحْدَادُ فِيمَا بَقِيَ مِنْ الْعِدَّةِ.

(قَوْلُهُ وَعَلَى الْأَمَةِ الْإِحْدَادُ) وَكَذَا الْمُكَاتَبَةُ وَالْمُدَبَّرَةُ وَأُمُّ الْوَلَدِ؛ لِأَنَّهُنَّ مُخَاطَبَاتٌ بِحُقُوقِ اللَّهِ فِيمَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ إبْطَالُ حَقِّ الْمَوْلَى بِخِلَافِ الْمَنْعِ مِنْ الْخُرُوجِ؛ لِأَنَّ فِيهِ إبْطَالَ حَقِّهِ.

(قَوْلُهُ وَلَيْسَ فِي عِدَّةِ النِّكَاحِ الْفَاسِدِ وَلَا فِي عِدَّةِ أُمِّ الْوَلَدِ إحْدَادٌ) ؛ لِأَنَّ الْإِحْدَادَ لِحُرْمَةِ الزَّوْجِيَّةُ وَالْفَاسِدُ لَا حُرْمَةَ لَهُ وَأُمُّ الْوَلَدِ عِدَّتُهَا وَطْءٌ فَهِيَ كَالْمَنْكُوحَةِ نِكَاحًا فَاسِدًا وَمَعْنَى قَوْلِهِ وَلَا فِي عِدَّةِ أُمِّ الْوَلَدِ يَعْنِي مِنْ الْمَوْلَى إذَا أَعْتَقَهَا أَوْ مَاتَ عَنْهَا؛ لِأَنَّهُ لَا زَوْجِيَّةَ بَيْنَهُمَا أَمَّا إذَا مَاتَ زَوْجُهَا فَعَلَيْهَا الْإِحْدَادُ

(قَوْلُهُ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ تُخْطَبَ الْمُعْتَدَّةُ وَلَا بَأْسَ بِالتَّعْرِيضِ فِي الْخِطْبَةِ) وَصُورَةُ التَّعْرِيضِ أَنْ يَقُولَ لَهَا إنِّي أُرِيدُ النِّكَاحَ وَأُحِبُّ امْرَأَةً صِفَتُهَا كَذَا فَيَصِفُهَا بِالصِّفَةِ الَّتِي هِيَ فِيهَا أَوْ يَقُولُ لَيْتَ لِي مِثْلُك أَوْ أَرْجُو أَنْ يَجْمَعَ اللَّهُ بَيْنِي وَبَيْنَك وَإِنْ قَضَى اللَّهُ لَنَا أَمْرًا كَانَ، وَهَذَا فِي الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا أَمَّا الْمُطَلَّقَةُ فَلَا يَجُوزُ التَّعْرِيضُ بِخِطْبَتِهَا؛ لِأَنَّهَا لَا تَخْرُجُ مِنْ مَنْزِلِهَا فَلَا يَتَمَكَّنُ مِنْ ذَلِكَ.

(قَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ لِلْمُطَلَّقَةِ الرَّجْعِيَّةِ وَالْمَبْتُوتَةِ الْخُرُوجُ مِنْ بَيْتَهَا لَيْلًا وَلَا نَهَارًا) بِخِلَافِ أُمِّ الْوَلَدِ وَالْمُدَبَّرَةِ وَالْأَمَةِ وَالْمُكَاتَبَةِ حَيْثُ يَجُوزُ لَهُنَّ الْخُرُوجُ فِي الْوَفَاةِ وَالطَّلَاقِ بَائِنًا كَانَ أَوْ رَجْعِيًّا وَالصَّغِيرَةُ تَخْرُجُ فِي الْبَائِنِ دُونَ الرَّجْعِيِّ وَكَذَا الْمُعْتَدَّةُ مِنْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ لَهَا أَنْ تَخْرُجَ وَقِيلَ لِلزَّوْجِ أَنْ يَمْنَعَ الْكِتَابِيَّةَ مِنْ الْخُرُوجِ فِي عِدَّتِهَا كَمَا لَوْ كَانَ النِّكَاحُ بَاقِيًا وَأَصْلُ هَذَا قَوْله تَعَالَى فِي الْمُطَلَّقَاتِ {لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} [الطلاق: ١] وَاخْتَلَفَ السَّلَفُ فِي الْفَاحِشَةِ قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ وَهُوَ أَنْ تَزْنِيَ فَتَخْرُجَ لِإِقَامَةِ الْحَدِّ عَلَيْهَا وَقَالَ النَّخَعِيُّ هُوَ نَفْسُ الْخُرُوجِ وَكِلَا الْقَوْلَيْنِ جَيِّدٌ إلَّا أَنَّ أَصْحَابَنَا قَالُوا: الصَّحِيحُ قَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ؛ لِأَنَّ الْغَايَةَ لَا تَكُونُ غَايَةً لِنَفْسِهَا فَلَمَّا قَالَ تَعَالَى {إِلا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ} [الطلاق: ١] دَلَّ عَلَى أَنَّ الْفَاحِشَةَ غَيْرُ الْخُرُوجِ وَالْمُطَلَّقَةُ الرَّجْعِيَّةُ وَالْبَائِنُ وَالثَّلَاثُ فِيمَا يَلْزَمُ الْمُعْتَدَّةَ سَوَاءٌ أَمَّا الرَّجْعِيَّةُ فَلِأَنَّهَا زَوْجَةٌ فَلَهُ مَنَعَهَا مِنْ الْخُرُوجِ وَكَذَا الْمَبْتُوتَةُ وَالْمُطَلَّقَةُ ثَلَاثًا لَهُ مَنْعُهُمَا لِتَحْصِينِ مَائِهِ فَإِنْ كَانَتْ الْمُعْتَدَّةُ أَمَةً أَوْ مُدَبَّرَةً أَوْ مُكَاتَبَةً أَوْ أُمَّ وَلَدٍ فَلَهَا الْخُرُوجُ فِي الطَّلَاقِ وَالْوَفَاةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهَا الْمُقَامُ فِي مَنْزِلِهِ حَالَ قِيَامِ النِّكَاحِ فَكَذَا فِي الْعِدَّةِ؛ لِأَنَّ حَقَّ الْمَوْلَى فِي خِدْمَتِهَا وَالْمُكَاتَبَةِ فِي سِعَايَتِهَا فَلَوْ مَنَعْنَاهَا الْخُرُوجَ تَعَذَّرَتْ السِّعَايَةُ وَأَمَّا الْمُعْتَقُ بَعْضُهَا فَهِيَ مُكَاتَبَةٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ

<<  <  ج: ص:  >  >>