مِنْهُ مِمَّنْ لَهُ حَضَانَتُهُ لَمْ يَسْقُطْ حَقُّهَا لِقِيَامِ الشَّفَقَةِ.
(قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلصَّبِيِّ امْرَأَةٌ مِنْ أَهْلِهِ وَاخْتَصَمَ فِيهِ الرِّجَالُ فَأَوْلَاهُمْ بِهِ أَقْرَبُهُمْ تَعْصِيبًا) وَكَذَا إذَا اسْتَغْنَى الصَّبِيُّ بِنَفْسِهِ أَوْ بَلَغَتْ الْجَارِيَةُ فَالْعَصَبَات أَوْلَى بِهِمَا عَلَى التَّرْتِيبِ فِي الْقَرَابَةِ وَالْأَقْرَبُ الْأَبُ ثُمَّ الْجَدُّ أَبُو الْأَبِ ثُمَّ الْأَخُ لِلْأَبَوَيْنِ ثُمَّ الْأَخُ لِلْأَبِ كَمَا فِي الْمِيرَاثِ وَإِذَا اجْتَمَعَ مُسْتَحِقُّو الْحَضَانَةِ فِي دَرَجَةٍ وَاحِدَةٍ فَأَوْرَعُهُمْ أَوْلَى ثُمَّ أَكْبَرُهُمْ سِنًّا وَلَا حَقَّ لِابْنِ الْعَمِّ وَابْنِ الْخَالِ فِي كَفَالَةِ الْجَارِيَةِ وَلَهُمَا حَقٌّ فِي كَفَالَةِ الْغُلَامِ؛ لِأَنَّهُمَا لَيْسَا بِمَحْرَمٍ لَهَا فَلَا يُؤْمَنَانِ عَلَيْهَا.
(قَوْلُهُ وَالْأُمُّ وَالْجَدَّةُ أَحَقُّ بِالْغُلَامِ حَتَّى يَأْكُلَ وَحْدَهُ وَيَشْرَبَ وَحْدَهُ وَيَلْبَسَ وَحْدَهُ وَيَسْتَنْجِيَ وَحْدَهُ) قَدَّرَهُ الْخَصَّافُ بِسَبْعِ سِنِينَ اعْتِبَارًا لِلْغَالِبِ وَالْمُرَادُ بِالِاسْتِنْجَاءِ أَنْ يُطَهِّرَ نَفْسَهُ مِنْ النَّجَاسَاتِ؛ لِأَنَّهُ يُؤْمَرُ بِالصَّلَاةِ لِسَبْعِ سِنِينَ وَفِي الْخُجَنْدِيِّ قَالَ وَالْأُمُّ وَالْجَدَّاتُ بِلَفْظِ الْجَمْعِ أَحَقُّ بِالْغُلَامِ وَهُنَا بِلَفْظِ الْوَاحِدِ؛ لِأَنَّهُنَّ جِنْسٌ وَاحِدٌ وَفِي الْكَرْخِيِّ وَالْأُمُّ وَالْجَدَّتَانِ وَلِأَنَّ الْوَلَدَ إذَا بَلَغَ هَذَا الْمَبْلَغَ اسْتَغْنَى عَنْ قِيَامِ النِّسَاءِ وَاحْتَاجَ إلَى التَّأْدِيبِ وَالتَّخَلُّقِ بِأَخْلَاقِ الرِّجَالِ وَالْأَبُ أَقْدَرُ عَلَى التَّأْدِيبِ وَالتَّثْقِيفِ (قَوْلُهُ وَبِالْجَارِيَةِ حَتَّى تَحِيضَ) وَعَنْ مُحَمَّدٍ حَتَّى تَبْلُغَ حَدَّ الشَّهْوَةِ قَالَ أَبُو اللَّيْثِ لَا تُشْتَهَى مَا لَمْ تَبْلُغْ سَبْعَ سِنِينَ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَمَنْ بَلَغَ مَعْتُوهًا كَانَ عِنْدَ الْأُمِّ سَوَاءٌ كَانَ ابْنًا أَوْ بِنْتًا قَالَ الْخُجَنْدِيُّ إذَا كَانَ لِلرَّجُلِ بِنْتٌ بَالِغَةٌ وَطَلَبَتْ الِانْفِرَادَ مِنْهُ إنْ كَانَتْ ثَيِّبًا وَهِيَ مَأْمُونَةٌ عَلَى نَفْسِهَا وَلَهَا رَأْيٌ فَلَيْسَ لَهُ مَنْعُهَا وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مَأْمُونَةٍ ضَمَّهَا إلَى نَفْسِهِ وَإِنْ كَرِهَتْ وَأَمَّا إذَا كَانَتْ بِكْرًا فَلَهُ مَنْعُهَا مِنْ الِانْفِرَادِ وَإِنْ كَانَتْ مَأْمُونَةً وَإِذَا اخْتَلَفَ الْأُمُّ وَالْأَبُ فِي الْوَلَدِ لَمْ يُخَيَّرْ قَبْلَ الْبُلُوغِ عِنْدَنَا.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يُخَيَّرُ الْغُلَامُ وَالْجَارِيَةُ إذَا عَقَلَا التَّخْيِيرَ لَنَا أَنَّ مَصَالِحَ الصَّغِيرِ لَا يُرْجَعُ فِيهَا إلَى اخْتِيَارِهِ كَمَصَالِحِ مَالِهِ وَلِأَنَّهُ يَخْتَارُ مَنْ يُخْلِي بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّعِبِ وَيَتْرُكُ تَأْدِيبَهُ فَلَا يَتَحَقَّقُ النَّظَرُ وَأَمَّا مَا رُوِيَ «أَنَّ امْرَأَةً أَتَتْ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَتْ إنَّ هَذَا يُرِيدُ أَنْ يَنْتَزِعَ ابْنَهُ مِنِّي وَإِنَّهُ قَدْ نَفَعَنِي وَسَقَانِي مِنْ بِئْرِ أَبِي عُتْبَةَ فَقَالَ اسْتَهِمَا عَلَيْهِ فَقَالَ الرَّجُلُ مَنْ يُشَاقُّنِي فِي ابْنِي فَقَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لِلْغُلَامِ اخْتَرْ أَيَّهُمَا شِئْت فَاخْتَارَهَا فَأَعْطَاهَا إيَّاهُ» فَقَدْ رُوِيَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ اللَّهُمَّ اهْدِهِ» فَوُفِّقَ لِاخْتِيَارِهِ إلَّا نَظَرَ بِدُعَاءِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ بَالِغٌ؛ لِأَنَّهَا قَالَتْ نَفَعَنِي أَيْ اكْتَسَبَ عَلَيَّ وَقِيلَ إنَّ بِئْرَ أَبِي عُتْبَةَ لَا يُمْكِنُ الصَّغِيرَ الِاسْتِسْقَاءُ مِنْهَا قَالَ أَصْحَابُنَا وَلَيْسَ لِلْأَبِ أَنْ يَأْخُذَ الصَّغِيرَ مِنْ أُمِّهِ وَيُسَافِرَ بِهِ قَبْلَ بُلُوغِ الْحَدِّ الَّذِي يَجُوزُ لَهُ أَخْذُهُ فِيهِ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ لَهُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَمَنْ سِوَى الْأُمِّ وَالْجَدَّةِ أَحَقُّ بِالْجَارِيَةِ حَتَّى تَبْلُغَ حَدًّا تُشْتَهَى) ؛ لِأَنَّ حَقَّ هَؤُلَاءِ لَا يَسْتَحِقُّ بِالْوِلَادَةِ وَإِنَّمَا يَثْبُتُ لَهُمْ مَا دَامَ الصَّغِيرُ يَحْتَاجُ إلَى الْحَضَانَةِ فَإِذَا اسْتَغْنَى عَنْهَا زَالَ ذَلِكَ الْمَعْنَى.
(قَوْلُهُ وَالْأَمَةُ إذَا أَعْتَقَهَا مَوْلَاهَا وَأُمُّ الْوَلَدِ إذَا أُعْتِقَتْ فَهِيَ فِي الْوَلَدِ كَالْحُرَّةِ) يَعْنِي فِي الْحَضَانَةِ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ لِلْأَمَةِ وَأُمِّ الْوَلَدِ قَبْلَ الْعِتْقِ حَقٌّ فِي الْوَلَدِ) ؛ لِأَنَّ الْحَضَانَةَ ضَرْبٌ مِنْ الْوِلَايَةِ وَلَا حَقَّ لِلْإِمَاءِ فِي الْوِلَايَةِ وَلِأَنَّ مَنَافِعَهُمَا عَلَى مِلْكِ الْمَوْلَى وَبِالِاشْتِغَالِ بِالْحَضَانَةِ تَنْقَطِعُ خِدْمَةُ الْمَوْلَى ثُمَّ الْمَوْلَى إذَا أَعْتَقَ أُمَّ وَلَدِهِ وَلَهَا مِنْهُ وَلَدٌ فَهِيَ أَوْلَى بِحَضَانَتِهِ.
(قَوْلُهُ وَالذِّمِّيَّةُ أَحَقُّ بِوَلَدِهَا مِنْ زَوْجِهَا الْمُسْلِمِ مَا لَمْ يَعْقِلْ الْأَدْيَانَ وَيُخَافُ عَلَيْهِ أَنْ يَأْلَفَ الْكُفْرَ) سَوَاءٌ كَانَ الْوَلَدُ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى وَصُورَتُهُ أَنْ يُسْلِمَ الزَّوْجُ فَتَقَعَ الْفُرْقَةُ بَيْنَهُمَا وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يُرِيدُ أَنْ يَكُونَ الْوَلَدُ عِنْدَهُ فَهِيَ أَحَقُّ بِهِ مَا لَمْ يَعْقِلْ الْأَدْيَانَ؛ لِأَنَّهُ مَتَى عَقَلَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute