لِمَا ذَكَرْنَا.
قَوْلُهُ: (وَإِنْ قَالَ: لَا سُلْطَانَ لِي عَلَيْك وَنَوَى الْعِتْقَ لَمْ يَعْتِقْ) لِأَنَّ السُّلْطَانَ عِبَارَةٌ عَنْ الْيَدِ وَسُمِّيَ السُّلْطَانُ بِهِ لِقِيَامِ يَدِهِ وَقَدْ يَبْقَى الْمِلْكُ دُونَ الْيَدِ كَمَا فِي الْمُكَاتَبِ فَكَأَنَّهُ قَالَ: لَا يَدَ لِي عَلَيْك بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ: لَا سَبِيلَ عَلَيْك وَنَوَى بِهِ الْعِتْقَ أَنَّهُ يَعْتِقُ لِأَنَّ نَفْيَهُ مُطْلَقًا إنَّمَا يَكُونُ بِانْتِفَاءِ الْمِلْكِ أَلَا تَرَى أَنَّ لِلْمَوْلَى عَلَى الْمُكَاتَبِ سَبِيلًا فَلِهَذَا يَحْتَمِلُ الْعِتْقَ وَإِنْ قَالَ: لَا سَبِيلَ لِي عَلَيْك إلَّا سَبِيلَ الْوَلَاءِ عَتَقَ فِي الْقَضَاءِ وَلَمْ يُصَدَّقْ عَلَى صَرْفِهِ عَنْ الْعِتْقِ لِأَنَّهُ لَمَّا نَفَى السَّبِيلَ عَنْهُ وَأَثْبَتَ الْوَلَاءَ، وَالْوَلَاءُ يَقْتَضِي الْحُرِّيَّةَ عُلِمَ أَنَّهُ أَرَادَ ذَلِكَ فَلَا يُصَدَّقُ عَلَى غَيْرِهِ وَقِيلَ يَدِينُ فِي الْقَضَاءِ قَالَ فِي الْوَاقِعَاتِ إذَا قَالَ: عِتْقُك عَلَيَّ وَاجِبٌ لَا يَعْتِقُ.
قَوْلُهُ: (وَإِنْ قَالَ: هَذَا ابْنِي وَثَبَتَ عَلَى ذَلِكَ عَتَقَ) وَكَذَا إذَا قَالَ لِأَمَتِهِ: هَذِهِ بِنْتِي أَوْ أُمِّي أَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ: هَذَا أَبِي أَوْ عَمِّي أَوْ خَالِي فَهَذِهِ الْأَلْفَاظُ يَقَعُ بِهَا الْعِتْقُ وَلَا تَحْتَاجُ إلَى النِّيَّةِ فَإِنْ قَالَ: نَوَيْت بِهِ الْكَذِبَ صُدِّقَ دِيَانَةً لَا قَضَاءً، وَقَوْلُهُ: وَثَبَتَ عَلَى ذَلِكَ مَعْنَاهُ إذَا كَانَ يُولَدُ مِثْلُهُ لِمِثْلِهِ ثُمَّ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْعَبْدِ نَسَبٌ مَعْرُوفٌ ثَبَتَ نَسَبُهُ مِنْهُ وَيَعْتِقُ وَإِنْ كَانَ لَهُ نَسَبٌ مَعْرُوفٌ لَا يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْهُ، وَيَعْتِقُ وَقِيلَ مَعْنَى قَوْلِهِ وَثَبَتَ عَلَى ذَلِكَ أَيْ لَمْ يَقُلْ إنْ شَاءَ اللَّهُ مُتَّصِلًا، وَقِيلَ احْتَرَزَ بِذَلِكَ عَنْ مَنْ لَا يُولَدُ، وَلَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ: هَذَا أَبِي وَمِثْلُهُ لَا يُولَدُ لِمِثْلِهِ عَتَقَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا لَا يَعْتِقُ، وَلَوْ قَالَ لِعَبْدِ غَيْرِهِ: هَذَا ابْنِي مِنْ الزِّنَا ثُمَّ اشْتَرَاهُ عَتَقَ عَلَيْهِ وَلَا يَثْبُتُ نَسَبُهُ، وَلَوْ اشْتَرَى أَخَاهُ مِنْ الزِّنَا لَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ فَإِنْ كَانَ الْأَخُ لِلْأُمِّ عَتَقَ، وَلَوْ اشْتَرَى الْمَمْلُوكُ وَلَدَهُ لَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ فَإِنْ اشْتَرَى ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْ سَيِّدِهِ عَتَقَ فَإِنْ كَانَ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ فَاشْتَرَى ابْنَ مَوْلَاهُ لَمْ يَعْتِقْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَيَعْتِقُ عِنْدَهُمَا فَأَمَّا الْمُكَاتَبُ إذَا اشْتَرَى ابْنَ مَوْلَاهُ لَمْ يَعْتِقْ إجْمَاعًا فَإِنْ اشْتَرَتْ الْمُكَاتَبَةُ ابْنَهَا مِنْ سَيِّدِهَا عَتَقَ إجْمَاعًا وَإِنْ قَالَ لِعَبْدِهِ: هَذَا ابْنَتِي قِيلَ يَعْتِقُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا لَا يَعْتِقُ وَقِيلَ: لَا يَعْتِقُ إجْمَاعًا.
قَوْلُهُ: (أَوْ هَذَا مَوْلَايَ أَوْ يَا مَوْلَايَ عَتَقَ) وَكَذَا إذَا قَالَ لِأَمَتِهِ: هَذِهِ مَوْلَاتِي وَإِنْ قَالَ: عَنَيْت بِهِ الْكَذِبَ صُدِّقَ دِيَانَةً لَا قَضَاءً ثُمَّ فِي قَوْلِهِ هَذَا مَوْلَايَ لَا يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ لِأَنَّهُ الْتَحَقَ بِالصَّرِيحِ وَكَذَا يَا مَوْلَايَ لِأَنَّ النِّدَاءَ بِالصَّرِيحِ لَا يَحْتَاجُ إلَى النِّيَّةِ كَقَوْلِهِ: يَا حُرُّ وَيَا عَتِيقُ ثُمَّ الْحُرِّيَّةُ لَا تَقَعُ بِالنِّدَاءِ إلَّا فِي ثَلَاثَةِ أَلْفَاظٍ يَا حُرُّ يَا عَتِيقُ يَا مَوْلَايَ فَإِنْ قَالَ: يَا سَيِّدِي يَا مَالِكِي لَا يَعْتِقُ.
قَوْلُهُ: (وَإِنْ قَالَ يَا ابْنِي أَوْ يَا أَخِي لَمْ يَعْتِقْ) لِأَنَّ هَذَا اللَّفْظَ فِي الْعَادَةِ يُسْتَعْمَلُ لِلْإِكْرَامِ، وَالشَّفَقَةِ وَلَا يُرَادُ بِهِ إلَّا تَحْقِيقَ وَإِنْ قَالَ: يَا ابْنُ بِالضَّمِّ لَمْ يَعْتِقْ لِأَنَّهُ كَمَا أَخْبَرَ فَإِنَّهُ ابْنُ أَبِيهِ.
قَوْلُهُ: (وَإِنْ قَالَ لِغُلَامٍ لَهُ لَا يُولَدُ مِثْلُهُ لِمِثْلِهِ هَذَا ابْنِي عَتَقَ عَلَيْهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ) وَعِنْدَهُمَا لَا يَعْتِقُ، وَالْكَلَامُ فِي قَوْلِهِ هَذَا أَبِي أَوْ جَدِّي أَوْ هَذِهِ أُمِّي كَالْكَلَامِ فِي قَوْلِهِ هَذَا ابْنِي عَلَى الْخِلَافِ وَأَمَّا إذَا كَانَ يُولَدُ مِثْلُهُ لِمِثْلِهِ إلَّا أَنَّهُ مَعْرُوفُ النَّسَبِ فَإِنَّهُ يَعْتِقُ إجْمَاعًا وَلَمْ يَثْبُتْ النَّسَبُ أَمَّا وُقُوعُ الْعِتْقِ فَإِنَّهُ أَقَرَّ بِمَا لَا يَسْتَحِيلُ مِنْهُ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَخْلُوقًا مِنْ مَائِهِ بِأَنْ وَطِئَ بِزِنًا أَوْ بِشُبْهَةٍ وَإِنَّمَا لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ لِأَنَّهُ مُسْتَحَقٌّ لِمَنْ هُوَ مَنْسُوبٌ إلَيْهِ وَإِنْ كَانَ مِثْلُهُ يُولَدُ لِمِثْلِهِ وَلَا يُعْرَفُ لَهُ نَسَبٌ عَتَقَ عَلَيْهِ وَيَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْهُ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِمُمْكِنٍ عَلَى نَفْسِهِ وَهُوَ الْخَصْمُ فِيهِ فَقُبِلَ إقْرَارُهُ وَقَوْلُنَا وَهُوَ الْخَصْمُ فِيهِ احْتِرَازٌ عَمَّا إذَا قَالَ هَذَا أَخِي وَإِذَا قَالَ لِعَبْدِهِ وَهُوَ صَبِيٌّ: هَذَا جَدِّي فَهُوَ عَلَى الْخِلَافِ وَقِيلَ لَا يَعْتِقُ إجْمَاعًا لِأَنَّ هَذَا الْكَلَامَ مُوجِبٌ لَهُ فِي الْمِلْكِ إلَّا بِوَاسِطَةٍ وَهُوَ الْأَبُ وَهِيَ غَيْرُ ثَابِتَةٍ فِي كَلَامِهِ فَتَعَذَّرَ أَنْ يُجْعَلَ مَجَازًا عَنْ الْوَاجِبِ بِخِلَافِ الْأُبُوَّةِ، وَالْبُنُوَّةِ لِأَنَّ لَهُمَا مُوجِبًا فِي الْمِلْكِ مِنْ غَيْرِ وَاسِطَةٍ.
وَلَوْ قَالَ: هَذَا أَخِي لَا يَعْتِقُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ يَعْتِقُ، وَلَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ هَذِهِ بِنْتِي قِيلَ هُوَ عَلَى الْخِلَافِ وَقِيلَ لَا يَعْتِقُ بِالْإِجْمَاعِ لِأَنَّ الْمُشَارَ إلَيْهِ لَيْسَ مِنْ جِنْسِ الْمُسَمَّى فَتَعَلَّقَ الْحُكْمُ بِالْمُسَمَّى وَهُوَ مَعْدُومٌ فَلَا يُعْتَبَرُ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ، وَلَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ أَنْتَ حُرَّةٌ أَوْ قَالَ لِأَمَتِهِ: أَنْتِ حُرٌّ عَتَقَ كَذَا فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute