وَطِئَ الْمَوْلَى مُكَاتَبَتَهُ لَزِمَهُ الْعُقْرُ) لِأَنَّ الْمَوْلَى عَقَدَ مَعَهَا عَقْدًا مَنَعَ بِهِ نَفْسَهُ مِنْ التَّصَرُّفِ فِيهَا أَوْ فِي مَنَافِعِهَا، وَالْوَطْءُ مِنْ مَنَافِعِهَا؛ وَلِهَذَا قَالُوا: إنَّ الْمُكَاتَبَةَ حَرَامٌ عَلَى مَوْلَاهَا مَا دَامَتْ مُكَاتَبَةً لِأَنَّهَا خَارِجَةٌ عَنْ يَدِهِ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ جَنَى عَلَيْهَا أَوْ عَلَى وَلَدِهَا لَزِمَتْهُ الْجِنَايَةُ) لِمَا بَيَّنَّا فِي الْوَطْءِ يَعْنِي جِنَايَةَ خَطَأٍ فَإِنْ جَنَى عَلَيْهَا عَمْدًا سَقَطَ الْقِصَاصُ لِلشُّبْهَةِ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ أَتْلَفَ مَالَهَا غَرِمَهُ) لِأَنَّ الْمَوْلَى فِي كَسْبِ الْمُكَاتَبِ كَالْأَجْنَبِيِّ.
(قَوْلُهُ: وَإِذَا اشْتَرَى الْمُكَاتَبُ أَبَاهُ أَوْ ابْنَهُ دَخَلَ فِي كِتَابَتِهِ) يَعْنِي أَنَّهُ يَعْتِقُ بِعِتْقِهِ وَيَرِقُّ بِرِقِّهِ وَلَا يُمْكِنُهُ بَيْعُهُ وَعَلَى هَذَا كُلُّ مَنْ مَلَكَهُ مِنْ قَرَابَةِ الْوِلَادَةِ كَالْأَجْدَادِ، وَالْجَدَّاتِ وَأَوْلَادِ الْأَوْلَادِ ثُمَّ إذَا اشْتَرَى الْمُكَاتَبُ أَبَاهُ أَوْ ابْنَهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ بِالْعَيْبِ وَلَا يَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ إلَّا إذَا عَجَزَ حِينَئِذٍ لَهُ الرَّدُّ.
قَوْلُهُ: (وَإِذَا اشْتَرَى أُمَّ وَلَدِهِ دَخَلَ وَلَدُهَا فِي الْكِتَابَةِ وَلَمْ يَجُزْ لَهُ بَيْعُهَا) يُرِيدُ بِهَذَا أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مَعَ وَلَدِهَا أَوْ اشْتَرَاهَا ثُمَّ اشْتَرَى الْوَلَدَ بَعْدَهَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهَا وَلَدٌ فَكَذَلِكَ عِنْدَهُمَا لَا يَجُوزُ لَهُ بَيْعُهَا لِأَنَّهَا أُمُّ وَلَدٍ وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لَهُ بَيْعُهَا وَأَمَّا إذَا وَلَدَتْ فِي مِلْكِهِ لَمْ يَجُزْ لَهُ بَيْعُهَا سَوَاءٌ كَانَ وَلَدُهَا بَاقِيًا أَوْ مَيِّتًا.
قَوْلُهُ: (وَإِذَا اشْتَرَى ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهُ لَا وِلَادَةَ لَهُ لَمْ يَدْخُلْ فِي كِتَابَتِهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ) حَتَّى إنَّهُ يَجُوزُ لَهُ بَيْعُهُ وَعِنْدَهُمَا يَدْخُلُ وَلَيْسَ لَهُ بَيْعُهُ وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ إذَا أَدَّى الْمُكَاتَبُ مَالَ الْكِتَابَةِ وَهُمْ فِي مِلْكِهِ عَتَقُوا وَلَا سِعَايَةَ عَلَيْهِمْ، وَلَوْ اشْتَرَى زَوْجَتَهُ لَمْ يَنْفَسِخْ النِّكَاحُ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ مِلْكٌ وَإِنَّمَا لَهُ حَقُّ الْمِلْكِ وَحَقُّ الْمِلْكِ لَا يَمْنَعُ بَقَاءَ النِّكَاحِ وَاسْتِدَامَتَهُ وَيَمْنَعُ ابْتِدَاءَ النِّكَاحِ كَالْعِدَّةِ وَصُورَتُهُ مُسْلِمٌ تَزَوَّجَ مُعْتَدَّةً مِنْ مُسْلِمٍ لَا يَجُوزُ، وَلَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً ثُمَّ وُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ حَتَّى وَجَبَتْ الْعِدَّةُ يَبْقَى النِّكَاحُ بَيْنَهُمَا وَصُورَتُهُ فِي الْعَبْدِ إذَا زَوَّجَهُ مَوْلَاهُ ثُمَّ كَاتَبَهُ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ فِي حَالِ الْكِتَابَةِ وَلَا يَبْطُلُ النِّكَاحُ الْمُتَقَدِّمُ.
قَوْلُهُ: (وَإِذَا عَجَزَ الْمُكَاتَبُ عَنْ نَجْمِ نَظَرَ الْحَاكِمُ فِي حَالِهِ فَإِنْ كَانَ لَهُ دَيْنٌ يَقْتَضِيهِ أَوْ مَالٌ يَقْدَمُ عَلَيْهِ لَمْ يَعْجَلْ بِتَعْجِيزِهِ وَانْتُظِرَ عَلَيْهِ الْيَوْمَيْنِ، وَالثَّلَاثَةِ وَلَا يَزِيدُ عَلَى ذَلِكَ) لِأَنَّ الثَّلَاثَةَ الْأَيَّامَ هِيَ الْعِدَّةُ الَّتِي ضُرِبَتْ لِإِبْلَاءِ الْأَعْذَارِ كَإِمْهَالِ الْخَصْمِ لِلدَّفْعِ، وَالْمَدْيُونِ لِلْقَضَاءِ فَلَا يَزِدْ عَلَيْهَا. قَوْلُهُ: (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَجْهٌ وَطَلَبَ الْمَوْلَى تَعْجِيزَهُ عَجَّزَهُ وَفَسَخَ الْكِتَابَةَ) هَذَا. قَوْلُهُمَا لِأَنَّهُ قَدْ تَبَيَّنَ عَجْزُهُ. قَوْلُهُ: (وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ لَا يُعَجِّزُهُ حَتَّى يَتَوَالَى عَلَيْهِ نَجْمَانِ) تَيْسِيرًا عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (وَإِذَا عَجَزَ الْمُكَاتَبُ عَادَ إلَى أَحْكَامِ الرِّقِّ) إنَّمَا لَمْ يَقُلْ عَادَ إلَى الرِّقِّ لِأَنَّ الرِّقَّ فِيهِ ثَابِتٌ إلَّا أَنَّ الْكِتَابَةَ مَنَعَتْ الْمَوْلَى عَنْ بَعْضِ الْأَحْكَامِ فَإِذَا عَجَزَ عَادَ إلَى أَحْكَامِهِ. قَوْلُهُ: (وَكَانَ مَا فِي يَدِهِ مِنْ الِاكْتِسَابِ لِمَوْلَاهُ) لِأَنَّهُ ظَهَرَ أَنَّهُ كَسْبُ عَبْدِهِ وَإِذَا أَدَّى الْمُكَاتَبُ مِنْ الصَّدَقَاتِ إلَى مَوْلَاهُ ثُمَّ عَجَزَ فَهُوَ طَيِّبٌ لِلْمَوْلَى لِتَبَدُّلِ الْمِلْكِ فَإِنَّ الْعَبْدَ يَتَمَلَّكُهُ صَدَقَةً، وَالْمَوْلَى عِوَضًا عَنْ الْعِتْقِ وَإِلَيْهِ وَقَعَتْ الْإِشَارَةُ النَّبَوِيَّةُ فِي حَدِيثِ بَرِيرَةَ «هِيَ لَهَا صَدَقَةٌ وَلَنَا هَدِيَّةٌ» وَهَذَا بِخِلَافِ مَا إذَا أَبَاحَ لِلْغَنِيِّ أَوْ لِلْهَاشِمَيَّ لِأَنَّ الْمُبَاحَ لَهُ يَتَنَاوَلُهُ عَلَى مِلْكِ الْمُبِيحِ وَإِنْ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ قَبْلَ الْأَدَاءِ إلَى الْوَلِيِّ فَكَذَلِكَ الْجَوَابُ لِأَنَّهُ بِالْعَجْزِ يَتَبَدَّلُ الْمِلْكُ.
قَوْلُهُ: (فَإِنْ مَاتَ الْمُكَاتَبُ وَلَهُ مَالٌ لَمْ تَنْفَسِخْ الْكِتَابَةُ وَقُضِيَ مَا عَلَيْهِ مِنْ اكْتِسَابِهِ وَحُكِمَ بِعِتْقِهِ فِي آخَرِ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ حَيَاتِهِ) وَمَا بَقِيَ فَهُوَ مِيرَاثٌ لِوَرَثَتِهِ وَيَعْتِقُ أَوْلَادُهُ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ تَنْفَسِخُ الْكِتَابَةُ وَيَمُوتُ عَبْدًا وَمَا تَرَكَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute