للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يَدَهُ ثُمَّ يَقْتُلَهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ.

وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ إنْ فَعَلَ ذَلِكَ قَبْلَ الْبُرْءِ فَعَلَيْهِ الْقِصَاصُ فِي النَّفْسِ وَسَقَطَ حُكْمُ الْيَدِ وَإِنْ قَطَعَ يَدَهُ فَاقْتَصَّ لَهُ بِهَا ثُمَّ مَاتَ فَإِنَّهُ يُقْتَلُ الْمُقْتَصُّ مِنْهُ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّ الْجِنَايَةَ كَانَتْ قَتْلَ عَمْدٍ وَحَقُّ الْمُقْتَصِّ الْقَوَدُ وَاسْتِيفَاءُ الْقَطْعِ لَا يُوجِبُ سُقُوطَ الْقَوَدِ.

وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يَسْقُطُ حَقُّهُ فِي الْقِصَاصِ لِأَنَّهُ لَمَّا أَقْدَمَ عَلَى الْقَطْعِ فَقَدْ أَبْرَأَهُ عَمَّا وَرَاءَهُ قُلْنَا: إنَّمَا أَقْدَمَ عَلَى الْقَطْعِ ظَنًّا مِنْهُ أَنَّ حَقَّهُ فِيهِ وَبَعْدَ السِّرَايَةِ تَبَيَّنَ أَنَّهُ فِي الْقَوَدِ فَلَمْ يَكُنْ مُبَرِّئًا عَنْهُ بِدُونِ الْعِلْمِ بِهِ وَمَنْ لَهُ الْقِصَاصُ فِي الطَّرَفِ إذَا اسْتَوْفَاهُ ثُمَّ سَرَى إلَى النَّفْسِ، وَمَاتَ ضَمِنَ دِيَةَ النَّفْسِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لِأَنَّهُ قَتَلَ بِغَيْرِ حَقٍّ لِأَنَّ حَقَّهُ فِي الْقَطْعِ وَهَذَا وَقَعَ قَتْلًا إلَّا أَنَّ الْقِصَاصَ سَقَطَ لِلشُّبْهَةِ فَوَجَبَ الْمَالُ وَعِنْدَهُمَا لَا يَضْمَنُ لِأَنَّهُ اسْتَوْفَى حَقَّهُ وَهُوَ الْقَطْعُ وَلَا يُمْكِنُ التَّقْيِيدُ بِوَصْفِ السَّلَامَةِ لِمَا فِيهِ مِنْ سَدِّ بَابِ الْقِصَاصِ إذْ الِاحْتِرَازُ عَنْ السِّرَايَةِ لَيْسَ فِي وُسْعِهِ وَمَنْ قَطَعَ يَدَ رَجُلٍ عَمْدًا فَمَاتَ مِنْ ذَلِكَ فَلِلْوَلِيِّ أَنْ يَقْتُلَهُ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَقْطَعَ يَدَهُ.

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: تُقْطَعُ يَدُهُ فَإِنْ مَاتَ وَإِلَّا قَتَلَهُ.

قَوْلُهُ: (وَكُلُّ عَمْدٍ سَقَطَ فِيهِ الْقِصَاصُ بِشُبْهَةٍ فَالدِّيَةُ فِي مَالِ الْقَاتِلِ) يَعْنِي فِي ثَلَاثِ سِنِينَ كَمَا إذَا قَتَلَ الْأَبُ وَلَدَهُ أَوْ وَلَدَ وَلَدِهِ أَوْ عَشَرَةٌ قَتَلُوا رَجُلًا وَأَحَدُهُمْ أَبُوهُ فَإِنَّ الْقِصَاصَ يَسْقُطُ عَنْهُمْ جَمِيعًا عِنْدَنَا وَيَجِبُ عَلَى جَمِيعِهِمْ دِيَةٌ وَاحِدَةٌ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ عُشْرُهَا وَذَلِكَ الْعُشْرُ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ وَيَجِبُ فِي مَالِهِمْ إذَا كَانَ عَمْدًا وَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ كَفَّارَةٌ إنْ كَانَ الْقَتْلُ خَطَأً كَذَا فِي الْيَنَابِيعِ.

قَوْلُهُ: (وَكُلُّ أَرْشٍ وَجَبَ بِالصُّلْحِ فَهُوَ فِي مَالِ الْقَاتِلِ) وَيَجِبُ حَالًّا لِأَنَّهُ مَالٌ اُسْتُحِقَّ بِالْعَقْدِ وَكُلُّ مَالٍ وَجَبَ بِالْعَقْدِ فَهُوَ حَالٌّ حَتَّى يُشْتَرَطَ فِيهِ الْأَجَلُ كَأَثْمَانِ الْبِيَاعَاتِ وَأَصْلُهُ. قَوْلُهُ: - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «لَا تَعْقِلُ الْعَاقِلَةُ عَمْدًا وَلَا عَبْدًا وَلَا صُلْحًا وَلَا اعْتِرَافًا» . قَوْلُهُ: وَلَا عَبْدًا أَيْ إذَا جَنَى عَلَى الْعَبْدِ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ لَا يَجِبُ عَلَى الْعَاقِلَةِ لِأَنَّهُ يَسْلُكُ فِيهِ مَسْلَكَ الْأَمْوَالِ وَكَذَا الْعَبْدُ إذَا جَنَى يَجِبُ عَلَى مَوْلَاهُ الدَّفْعُ أَوْ الْفِدَاءُ وَلَا يَجِبُ عَلَى الْعَاقِلَةِ فَأَمَّا إذَا قَتَلَ الرَّجُلُ عَبْدًا خَطَأً يَجِبُ قِيمَتُهُ عَلَى الْعَاقِلَةِ وَذَلِكَ غَيْرُ مُرَادٍ بِالْخَبَرِ. قَوْلُهُ: وَلَا صُلْحًا أَيْ إذَا ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ قِصَاصًا فِي النَّفْسِ أَوْ فِيمَا دُونَهَا أَوْ خَطَأً فَصَالَحَهُ مِنْ ذَلِكَ عَلَى مَالٍ فَإِنْ صَالَحَهُ جَازَ عَلَى نَفْسِهِ وَلَا يَجُوزُ عَلَى غَيْرِهِ. قَوْلُهُ: وَلَا اعْتِرَافًا أَيْ وَلَا إقْرَارًا إذَا أَقَرَّ بِجِنَايَةٍ تُوجِبُ الْمَالَ فَإِنَّهَا تَجِبُ فِي مَالِهِ دُونَ الْعَاقِلَةِ.

قَوْلُهُ: (وَإِذَا قَتَلَ الْأَبُ ابْنَهُ عَمْدًا فَالدِّيَةُ فِي مَالِهِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ) ، وَلَوْ اشْتَرَكَ الْأَبُ، وَالْأَجْنَبِيُّ فِي قَتْلِ الِابْنِ فَلَا قِصَاصَ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ،.

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ عَلَيْهِ الْقِصَاصُ وَإِذَا اشْتَرَكَ عَامِدَانِ فِي قَتْلِ رَجُلٍ فَعَفَا عَنْ أَحَدِهِمَا فَالْمَشْهُورُ أَنَّ الْآخَرَ يَجِبُ عَلَيْهِ الْقِصَاصُ.

وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ لَا قِصَاصَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَمَّا أَسْقَطَ عَنْ أَحَدِهِمَا صَارَ كَأَنَّ جَمِيعَ النَّفْسِ مُسْتَوْفَاةٌ بِفِعْلِهِ كَذَا فِي الْكَرْخِيِّ.

قَوْلُهُ: (وَكُلُّ جِنَايَةٍ اعْتَرَفَ بِهَا الْجَانِي فَهِيَ فِي مَالِهِ وَلَا يَصْدُقُ عَلَى عَاقِلَتِهِ) وَتَكُونُ فِي مَالِهِ حَالًّا لِأَنَّهُ مَالٌ الْتَزَمَهُ بِإِقْرَارِهِ فَلَا يَثْبُتُ التَّأْجِيلُ فِيهِ إلَّا بِالشَّرْطِ.

قَوْلُهُ: (وَعَمْدُ الصَّبِيِّ، وَالْمَجْنُونِ خَطَأٌ، وَفِيهِ الدِّيَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ) وَلَا يَحْرُمُ الْمِيرَاثُ لِأَنَّ حِرْمَانَ الْمِيرَاثِ عُقُوبَةٌ وَهُمَا لَيْسَا مِنْ أَهْلِ الْعُقُوبَةِ، وَالْمَعْتُوهُ كَالْمَجْنُونِ.

قَوْلُهُ: (وَمَنْ حَفَرَ بِئْرًا فِي طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ أَوْ وَضَعَ حَجَرًا فَتَلِفَ بِذَلِكَ إنْسَانٌ فَدِيَتُهُ عَلَى عَاقِلَتِهِ وَإِنْ تَلِفَ

<<  <  ج: ص:  >  >>