أَقَلَّ مِنْ نِصْفِ عُشْرِ الدِّيَةِ فَفِي مَالِهِ وَإِنْ كَانَ نِصْفَ الْعُشْرِ فَصَاعِدًا فَهُوَ عَلَى الْعَاقِلَةِ.
قَوْلُهُ: (وَلَا يَضْمَنُ مَا نَفَحَتْ بِرِجْلِهَا أَوْ بِذَنَبِهَا) هَذَا إذَا كَانَتْ تَسِيرُ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ مَعَ السَّيْرِ أَمَّا إذَا أَوْقَفَهَا فِي الطَّرِيقِ فَهُوَ ضَامِنٌ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ فِي النَّفْحَةِ بِالرِّجْلِ، وَالذَّنَبِ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ بِالْإِيقَافِ وَشَغْلِ الطَّرِيقِ وَإِنْ أَثَارَتْ بِيَدِهَا أَوْ رِجْلِهَا حَصَاةً أَوْ غُبَارًا فَفَقَأَتْ عَيْنَ إنْسَانٍ لَمْ يَضْمَنْ وَإِنْ كَانَ الْحَجَرُ كَبِيرًا ضَمِنَ لِأَنَّ فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ لَا يُمْكِنُهُ التَّحَرُّزُ عَنْهُ لِأَنَّ سَيْرَ الدَّابَّةِ لَا يَعْرَى عَنْهُ، وَفِي الثَّانِي إنَّمَا هُوَ بِتَعَسُّفِ الرَّاكِبِ وَشِدَّةِ ضَرْبِهِ لَهَا، وَالْمُرْتَدِفُ فِيمَا ذَكَرْنَا كَالرَّاكِبِ وَكُلُّ شَيْءٍ ضَمِنَهُ الرَّاكِبُ ضَمِنَهُ السَّائِقُ، وَالْقَائِدُ إلَّا أَنَّ عَلَى الرَّاكِبِ الْكَفَّارَةُ فِيمَا أَوْطَأَتْهُ الدَّابَّةُ بِيَدِهَا أَوْ رِجْلِهَا وَلَا كَفَّارَةَ عَلَى السَّائِقِ، وَالْقَائِدِ لِأَنَّهُمَا مُسَبِّبَانِ وَلَا يُحْرَمَانِ الْمِيرَاثَ، وَالْوَصِيَّةَ لِأَنَّهُمَا غَيْرُ مُبَاشِرَيْنِ لِلْقَتْلِ وَلَا يَتَّصِلُ مِنْهُمَا إلَى الْمَحِلِّ شَيْءٌ وَكَذَا لَا كَفَّارَةَ عَلَى الرَّاكِبِ فِيمَا وَرَاءَ الْإِيطَاءِ وَأَمَّا فِي الْإِيطَاءِ فَالرَّاكِبُ مُبَاشِرٌ فِيهِ لِأَنَّ التَّلَفَ بِثِقَلِهِ وَثِقَلِ الدَّابَّةِ تَبَعٌ لَهُ لِأَنَّ سَيْرَ الدَّابَّةِ مُضَافٌ إلَيْهِ وَهِيَ آلَةٌ لَهُ وَيُحْرَمُ الرَّاكِبُ الْمِيرَاثَ، وَالْوَصِيَّةَ لِأَنَّهُ مُبَاشِرٌ بِخِلَافِ السَّائِقِ، وَالْقَائِدِ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ رَاثَتْ أَوْ بَالَتْ فِي الطَّرِيقِ وَهِيَ تَسِيرُ فَعَطِبَ بِهِ إنْسَانٌ لَمْ يَضْمَنْ) لِأَنَّهُ مِنْ ضَرُورَاتِ السَّيْرِ لَا يُمْكِنُهُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ وَكَذَا إذَا أَوْقَفَهَا لِذَلِكَ لِأَنَّ مِنْ الدَّوَابِّ مَنْ لَا يَفْعَلُ ذَلِكَ إلَّا بِالْإِيقَافِ فَإِنْ أَوْقَفَهَا لِغَيْرِ ذَلِكَ فَعَطِبَ إنْسَانٌ بِرَوْثِهَا أَوْ بِبَوْلِهَا ضَمِنَ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ فِي هَذَا الْإِيقَافِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ ضَرُورَاتِ السَّيْرِ، وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا نَخَسَ دَابَّةً وَعَلَيْهَا رَاكِبٌ بِغَيْرِ أَمْرِهِ فَوَثَبَتْ فَأَلْقَتْ الرَّاكِبَ فَالنَّاخِسُ ضَامِنٌ وَإِنْ لَمْ تُلْقِهِ وَلَكِنْ جَمَحَتْ بِهِ فَمَا أَصَابَتْ فِي فَوْرِهَا ضَمِنَهُ النَّاخِسُ فَإِنْ نَفَحَتْ النَّاخِسَ فَقَتَلَتْهُ فَدَمُهُ هَدَرٌ لِأَنَّهُ الْجَانِي عَلَى نَفْسِهِ، وَالنَّاخِسُ إذَا كَانَ عَبْدًا فَالضَّمَانُ فِي رَقَبَتِهِ وَإِنْ كَانَ صَبِيًّا فَفِي مَالِهِ.
قَوْلُهُ: (وَالسَّائِقُ ضَامِنٌ لِمَا أَصَابَتْ بِيَدِهَا أَوْ رِجْلِهَا، وَالْقَائِدُ ضَامِنٌ لِمَا أَصَابَتْ بِيَدِهَا دُونَ رِجْلِهَا) ، وَالْمُرَادُ النَّفْحَةُ قَالَ فِي الْهِدَايَةِ: هَكَذَا ذَكَرَ الْقُدُورِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ وَإِلَيْهِ مَالَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ وَوَجْهُهُ أَنَّ النَّفْحَةَ بِمَرْأًى مِنْ عَيْنِ السَّائِقِ فَيُمْكِنُهُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ وَغَائِبَةٌ عَنْ بَصَرِ الْقَائِدِ فَلَا يُمْكِنُهُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ، وَقَالَ أَكْثَرُ الْمَشَايِخِ إنَّ السَّائِقَ لَا يَضْمَنُ بِالنَّفْحَةِ أَيْضًا وَإِنْ كَانَ يَرَاهَا لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ التَّحَرُّزُ عَنْهُ وَهُوَ الْأَصَحُّ.
قَوْلُهُ: (وَمَنْ قَادَ قِطَارًا فَهُوَ ضَامِنٌ لِمَا أَوْطَأَ) لِأَنَّهُ مُقَرِّبٌ لَهُ إلَى الْجِنَايَةِ وَيَسْتَوِي فِيهِ أَوَّلُ الْقِطَارِ وَآخِرُهُ فَإِنْ وَطِئَ بَعِيرُ إنْسَانٍ ضَمِنَ دِيَتَهُ وَيَكُونُ عَلَى الْعَاقِلَةِ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ كَانَ مَعَهُ سَائِقٌ فَالضَّمَانُ عَلَيْهِمَا) لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي ذَلِكَ وَإِنْ رَبَطَ رَجُلٌ بَعِيرًا إلَى الْقِطَارِ، وَالْقَائِدٌ لَا يَعْلَمُ فَوَطِئَ الْمَرْبُوطُ إنْسَانًا فَقَتَلَهُ فَعَلَى عَاقِلَةِ الْقَائِدِ الدِّيَةُ لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ صِيَانَةُ الْقِطَارِ مِنْ رَبْطِ غَيْرِهِ ثُمَّ يَرْجِعُونَ عَلَى عَاقِلَةِ الرَّابِطِ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي أَوْقَعَهُمْ فِي هَذِهِ الْعُهْدَةِ وَهَذَا إذَا رَبَطَ، وَالْقِطَارُ يَسِيرُ أَمَّا إذَا رَبَطَ، وَالْإِبِلُ قِيَامٌ ثُمَّ قَادَهَا ضَمِنَ الْقَائِدُ لِأَنَّهُ قَادَ بَعِيرَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ لَا صَرِيحًا وَلَا دَلَالَةً فَلَا يَرْجِعُ بِمَا لَحِقَهُ عَلَيْهِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَمَنْ سَاقَ دَابَّةً فَوَقَعَ السَّرْجُ أَوْ اللِّجَامُ أَوْ سَائِرُ الْأَدَوَاتِ أَوْ الْحِمْلُ عَلَى رَجُلٍ فَقَتَلَهُ ضَمِنَ لِأَنَّ الْوُقُوعَ لِتَقْصِيرِهِ بِتَرْكِ الرَّبْطِ، وَالْأَحْكَامُ فِيهِ وَمَنْ أَرْسَلَ بَهِيمَةً وَكَانَ لَهَا سَائِقًا فَأَصَابَتْ فِي فَوْرِهَا إنْسَانًا أَوْ شَيْئًا ضَمِنَهُ وَإِنْ أَرْسَلَ طَائِرًا وَأَصَابَ شَيْئًا فِي فَوْرِهِ لَمْ يَضْمَنْ، وَالْفَرْقُ أَنَّ بَدَنَ الْبَهِيمَةِ يَحْتَمِلُ السَّوْقَ فَاعْتُبِرَ سَوْقُهُ، وَالطَّيْرُ لَا يَحْتَمِلُ السَّوْقَ فَصَارَ وُجُودُ السَّوْقِ وَعَدَمُهُ سَوَاءٌ، وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا جَرَحَ رَجُلًا جِرَاحَةً وَاحِدَةً وَجَرَحَهُ آخَرُ عَشْرَ جِرَاحَاتٍ فَمَاتَ مِنْ ذَلِكَ فَالدِّيَةُ عَلَيْهِمَا نِصْفَانِ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ قَدْ يَمُوتُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute