للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِالتَّقَادُمِ إلَّا فِي شُرْبِ الْخَمْرِ فَإِنَّ وُجُودَ الرَّائِحَةِ مِنْ شَرْطِهِ عِنْدَهُمَا.

وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَيْسَ مِنْ شَرْطِهِ فِي الْبَيِّنَةِ، وَالْإِقْرَارِ جَمِيعًا وَإِنْ جَاءُوا بِهِ مِنْ مَكَان بَعِيدٍ تَذْهَبُ الرَّائِحَةُ فِي مِثْلِ ذَلِكَ الْوَقْتِ يُقْبَلُ بِالِاتِّفَاقِ وَقَوْلُهُ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُمْ وَهَلْ يُحَدُّونَ حَدَّ الْقَذْفِ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ الْكَرْخِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا حَدَّ عَلَيْهِمْ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ كَامِلَةُ الْعَدَدِ وَإِنَّمَا سَقَطَ الْحَدُّ عَنْ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ بِالشُّبْهَةِ فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ سَبَبًا فِي إيجَابِ الْحَدِّ عَلَى الشُّهُودِ ثُمَّ التَّقَادُمُ كَمَا يَمْنَعُ قَبُولَ الشَّهَادَةِ فِي الِابْتِدَاءِ فَكَذَلِكَ يَمْنَعُ الْإِقَامَةَ بَعْدَ الْقَضَاءِ، وَقَالَ زُفَرُ لَا يَمْنَعُ وَفَائِدَتُهُ إذَا هَرَبَ بَعْدَ مَا ضُرِبَ بَعْضَ الْحَدِّ ثُمَّ أُخِذَ بَعْدَ مَا تَقَادَمَ الزَّمَانُ فَإِنَّهُ لَا يُقَامُ عَلَيْهِ الْحَدُّ لِأَنَّ الْإِمْضَاءَ مِنْ الْقَضَاءِ فِي بَابِ الْحُدُودِ وَعِنْدَ زُفَرَ يُقَامُ عَلَيْهِ الْحَدُّ.

قَوْلُهُ: (وَمَنْ وَطِئَ أَجْنَبِيَّةً فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ عُزِّرَ) لِأَنَّهُ أَتَى مُنْكَرًا.

قَوْلُهُ: (وَلَا حَدَّ عَلَى مَنْ وَطِئَ جَارِيَةَ وَلَدِهِ أَوْ وَلَدِ وَلَدِهِ وَإِنْ قَالَ عَلِمْت أَنَّهَا حَرَامٌ) لِأَنَّ الشُّبْهَةَ فِيهِ حُكْمِيَّةٌ وَهِيَ نَشَأَتْ عَلَى دَلِيلٍ قَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «أَنْتَ وَمَالُك لِأَبِيك» وَاعْلَمْ أَنَّ الشُّبْهَةَ نَوْعَانِ شُبْهَةٌ فِي الْمَحَلِّ وَتُسَمَّى شُبْهَةً حُكْمِيَّةً وَشُبْهَةٌ فِي الْفِعْلِ وَتُسَمَّى شُبْهَةَ اشْتِبَاهٍ فَالشُّبْهَةُ فِي الْمَحَلِّ فِي سِتَّةِ مَوَاضِعَ جَارِيَةُ ابْنِهِ، وَالْمُطَلَّقَةُ بَائِنًا بِالْكِنَايَاتِ، وَالْمَبِيعَةُ فِي حَقِّ الْبَائِعِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ، وَالْمَمْهُورَةُ فِي حَقِّ الزَّوْجِ قَبْلَ الْقَبْضِ، وَالْجَارِيَةُ الْمُشْتَرَكَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ، وَالْمَرْهُونَةُ فِي حَقِّ الْمُرْتَهِنِ فِي رِوَايَةِ كِتَابِ الرَّهْنِ فَفِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ لَا يَجِبُ الْحَدُّ وَإِنْ قَالَ عَلِمْت أَنَّهَا حَرَامٌ وَيَجِبُ الْمَهْرُ وَيَثْبُتُ النَّسَبُ إذَا ادَّعَاهُ وَلَا يُشْتَرَطُ تَصْدِيقُ الْمَالِكِ إذَا كَانَ الْمُدَّعِي جَدًّا مَعَ وُجُودِ الْأَبِ وَلَا يَجِبُ الْحَدُّ عَلَى قَاذِفِ هَؤُلَاءِ وَأَمَّا الشُّبْهَةُ فِي الْفِعْلِ فَفِي ثَمَانِيَةِ مَوَاضِعَ جَارِيَةُ أَبِيهِ وَأُمِّهِ وَزَوْجَتِهِ، وَالْمُطَلَّقَةُ ثَلَاثًا وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ وَبَائِنًا بِالطَّلَاقِ عَلَى مَالٍ فِي الْعِدَّةِ وَأُمُّ الْوَلَدِ إذَا أَعْتَقَهَا الْمَوْلَى وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ وَجَارِيَةُ الْمَوْلَى فِي حَقِّ الْعَبْدِ، وَالْجَارِيَةُ الْمَرْهُونَةُ فِي حَقِّ الْمُرْتَهِنِ فِي رِوَايَةِ كِتَابِ الْحُدُودِ وَهُوَ الْأَصَحُّ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.

وَالْمُسْتَعِيرُ لِلرَّهْنِ فِي هَذَا بِمَنْزِلَةِ الْمُرْتَهِنِ فَفِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ لَا حَدَّ عَلَيْهِ إذَا قَالَ ظَنَنْت أَنَّهَا تَحِلُّ لِي وَإِنْ قَالَ عَلِمْت أَنَّهَا حَرَامٌ حُدَّ ثُمَّ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ كَانَتْ الشُّبْهَةُ فِي الْفِعْلِ لَا يَثْبُتُ نَسَبُ الْوَلَدِ مِنْهُ وَإِنْ ادَّعَاهُ، وَفِي كُلِّ مَوْضِعٍ كَانَتْ الشُّبْهَةُ فِي الْمَحَلِّ يَثْبُتُ النَّسَبُ مِنْهُ إذَا ادَّعَاهُ وَمَنْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ ثَلَاثًا ثُمَّ وَطِئَهَا فِي الْعِدَّةِ، وَقَالَ عَلِمْت أَنَّهَا حَرَامٌ حُدَّ لِزَوَالِ الْمِلْكِ فِي الْمَحَلِّ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَتَكُونُ الشُّبْهَةُ مُنْتَفِيَةً وَإِنْ قَالَ ظَنَنْت أَنَّهَا تَحِلُّ لِي لَمْ يُحَدَّ لِأَنَّ الظَّنَّ فِي مَوْضِعِهِ إذْ أَثَرُ الْمِلْكِ قَائِمٌ فِي حَقِّ النَّسَبِ، وَالْحَبْسِ، وَالنَّفَقَةِ وَأُمُّ الْوَلَدِ إذَا أَعْتَقَهَا مَوْلَاهَا، وَالْمُخْتَلِعَةُ، وَالْمُطَلَّقَةُ عَلَى مَالٍ بِمَنْزِلَةِ الْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا لِثُبُوتِ الْحُرْمَةِ بِالْإِجْمَاعِ وَقِيَامُ بَعْضِ الْآثَارِ فِي الْعِدَّةِ وَإِنْ قَالَ أَنْتِ خَلِيَّةٌ أَوْ بَرِيَّةٌ أَوْ أَمْرُك بِيَدِك فَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا ثُمَّ وَطِئَهَا فِي الْعِدَّةِ، وَقَالَ عَلِمْت أَنَّهَا حَرَامٌ عَلَيَّ لَمْ يُحَدَّ وَأَمَّا الْجَارِيَةُ الْعَارِيَّةُ، وَالْمُسْتَعَارَةُ لِلْخِدْمَةِ، الْوَدِيعَةِ فَيَجِبُ الْحَدُّ فِيهِنَّ مُطْلَقًا وَمَنْ وَطِئَ جَارِيَةَ ابْنِهِ أَوْ جَارِيَةَ مُكَاتَبِهِ أَوْ وَطِئَ امْرَأَتَهُ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ مِرَارًا فَعَلَيْهِ مَهْرٌ وَاحِدٌ لِأَنَّهُ شُبْهَةُ مِلْكٍ وَإِنْ وَطِئَ الِابْنُ جَارِيَةَ أَبِيهِ أَوْ جَارِيَةَ أُمِّهِ مِرَارًا وَقَدْ ادَّعَى الشُّبْهَةَ فَعَلَيْهِ لِكُلِّ وَطْءٍ مَهْرٌ لِأَنَّ وَطْأَهُ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ وَإِنْ كَانَتْ الْجَارِيَةُ بَيْنَ شَرِيكَيْنِ فَوَطِئَهَا أَحَدُهُمَا مِرَارًا فَعَلَيْهِ لِكُلِّ وَطْءٍ نِصْفُ مَهْرٍ كَذَا فِي الْوَاقِعَاتِ.

قَوْلُهُ: (وَإِذَا وَطِئَ جَارِيَةَ أَبِيهِ أَوْ أُمِّهِ أَوْ زَوْجَتِهِ أَوْ وَطِئَ الْعَبْدُ جَارِيَةَ مَوْلَاهُ فَإِنْ قَالَ: عَلِمْت أَنَّهَا حَرَامٌ حُدَّ) لِأَنَّهُ لَا شُبْهَةَ لَهُمَا فِي الْمَوْطُوءَةِ قَوْلُهُ: (وَإِنْ قَالَ: ظَنَنْت أَنَّهَا تَحِلُّ لِي فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ وَلَا عَلَى قَاذِفِهِ أَيْضًا) لِأَنَّ ظَنَّهُ اسْتَنَدَ إلَى ظَاهِرٍ لِأَنَّ لَهُ تَبَسُّطًا فِي مَالِ أَبَوَيْهِ وَزَوْجَتِهِ وَكَذَا الْعَبْدُ فِي مَالِ مَوْلَاهُ يَأْكُلُ مِنْهُ عِنْدَ حَاجَتِهِ فَجَازَ أَنْ يَشْتَبِهَ عَلَيْهِ الِاسْتِمْتَاعُ فَكَانَ شُبْهَةَ اشْتِبَاهٍ إلَّا أَنَّهُ زِنًا حَقِيقَةً فَلَا يُحَدُّ قَاذِفُهُ وَكَذَا إذَا قَالَتْ الْجَارِيَةُ: ظَنَنْت أَنَّهُ يَحِلُّ لِي، وَالْفَحْلُ لَمْ يَدَّعِ الْحِلَّ لِأَنَّ الْفِعْلَ وَاحِدٌ فَأَيُّهُمَا قَالَ ظَنَنْت أَنَّهَا تَحِلُّ لِي دُرِئَ عَنْهُمَا الْحَدُّ حَتَّى يُقِرَّا جَمِيعًا أَنَّهُمَا قَدْ عَلِمَا أَنَّ ذَلِكَ حَرَامٌ عَلَيْهِمَا قَالَ فِي الْوَاقِعَاتِ رَجُلٌ زَنَى بِجَارِيَةِ أَبِيهِ أَوْ أُمِّهِ أَوْ جَدِّهٍ أَوْ جَدَّتِهِ، وَقَالَ ظَنَنْت أَنَّهَا تَحِلُّ لِي، وَقَالَتْ الْجَارِيَةُ إنَّهُ حَرَامٌ دُرِئَ الْحَدُّ عَنْهُمَا إجْمَاعًا، وَلَوْ كَانَ عَلَى الْعَكْسِ بِأَنْ قَالَتْ الْأَمَةُ: ظَنَنْت أَنَّهُ حَلَالٌ، وَقَالَ هُوَ عَلِمْت أَنَّهُ حَرَامٌ دُرِئَ الْحَدُّ أَيْضًا عَنْهُمَا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ يَجِبُ عَلَيْهِ الْحَدُّ وَدُرِئَ عَنْهَا وَقَوْلُهُ: وَإِنْ قَالَ ظَنَنْت أَنَّهَا تَحِلُّ لِي لَمْ يُحَدَّ وَلَا يَثْبُتُ النَّسَبُ إذَا ادَّعَى أَنَّهُ ابْنَهُ مِنْ هَذَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>