تَعَالَى دُونَ غَيْرِهِ) لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «مَنْ كَانَ حَالِفًا فَلْيَحْلِفْ بِاَللَّهِ أَوْ لِيَذَرْ» قَوْلُهُ (وَيُؤَكَّدُ بِذِكْرِ أَوْصَافِهِ) يَعْنِي بِدُونِ حَرْفِ الْعَطْفِ مِثْلُ وَاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الرَّحِيمُ الرَّحْمَنُ مَا لِفُلَانٍ عَلَيْك وَلَا قِبَلَك هَذَا الْمَالُ الَّذِي ادَّعَاهُ وَهُوَ كَذَا وَكَذَا وَلَا شَيْءَ مِنْهُ وَأَمَّا بِحَرْفِ الْعَطْفِ فَإِنَّ الْيَمِينَ تَتَكَرَّرُ عَلَيْهِ وَالْمُسْتَحَقُّ عَلَيْهِ يَمِينٌ وَاحِدَةٌ فَإِنَّهُ لَوْ قَالَ: وَاَللَّهِ وَالرَّحْمَنِ وَالرَّحِيمِ كَانَ أَيْمَانًا ثَلَاثًا وَإِنْ شَاءَ الْقَاضِي لَمْ يُغَلِّظْ فَيَقُولُ: وَاَللَّهِ أَوْ بِاَللَّهِ وَقِيلَ: لَا يُغَلِّظُ عَلَى الْمَعْرُوفِ بِالصَّلَاحِ وَيُغَلِّظُ عَلَى غَيْرِهِ وَقِيلَ: يُغَلِّظُ فِي الْخَطِيرِ مِنْ الْمَالِ دُونَ الْحَقِيرِ مِنْ الْمَالِ قَوْلُهُ (وَلَا يُسْتَحْلَفُ بِالطَّلَاقِ وَلَا بِالْعَتَاقِ) وَقِيلَ: فِي زَمَانِنَا إذَا أَلَحَّ الْخَصْمُ سَاغَ لِلْقَاضِي أَنْ يُحَلِّفَهُ بِذَلِكَ لِقِلَّةِ مُبَالَاةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْيَمِينِ بِاَللَّهِ تَعَالَى وَكَثْرَةِ الِامْتِنَاعِ بِسَبَبِ الْحَلِفِ بِالطَّلَاقِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.
وَفِي النِّهَايَةِ ذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّ الْقَاضِيَ إذَا حَلَّفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالطَّلَاقِ نَكَلَ لَا يُقْضَى بِالنُّكُولِ لِأَنَّهُ نَكَلَ عَمَّا هُوَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ شَرْعًا وَإِنْ قَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: الشَّاهِدُ كَاذِبٌ وَأَرَادَ تَحْلِيفَ الْمُدَّعِي مَا يَعْلَمُ أَنَّهُ كَاذِبٌ لَا يُحَلِّفُهُ وَكَذَا لَا يَحْلِفُ الشَّاهِدُ لِأَنَّا أُمِرْنَا بِإِكْرَامِ الشُّهُودِ وَلَيْسَ مِنْ إكْرَامِهِمْ اسْتِحْلَافُهُمْ قَوْلُهُ (وَيُسْتَحْلَفُ الْيَهُودِيُّ بِاَللَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ عَلَى مُوسَى وَالنَّصْرَانِيُّ بِاَللَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ الْإِنْجِيلَ عَلَى عِيسَى وَالْمَجُوسِيُّ بِاَللَّهِ الَّذِي خَلَقَ النَّارَ) وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ لَا يُسْتَحْلَفُ أَحَدٌ إلَّا بِاَللَّهِ خَاصَّةً وَذَكَرَ الْخَصَّافُ أَنَّهُ لَا يُسْتَحْلَفُ غَيْرُ الْيَهُودِيِّ وَالنَّصْرَانِيِّ إلَّا بِاَللَّهِ لِأَنَّ ذِكْرَ النَّارِ مَعَ اسْمِ اللَّهِ تَعْظِيمًا لَهَا فَلَا يَنْبَغِي أَنْ تُذْكَرَ بِخِلَافِ الْكِتَابَيْنِ لِأَنَّ كُتُبَ اللَّهِ مُعَظَّمَةٌ وَيُسْتَحْلَفُ الْوَثَنِيُّ بِاَللَّهِ تَعَالَى خَاصَّةً وَلَا يُسْتَحْلَفُ بِاَللَّهِ الَّذِي خَلَقَ الْوَثَنَ قَوْلُهُ (وَلَا يَحْلِفُونَ فِي بُيُوتِ عِبَادَاتِهِمْ) لِأَنَّ الْقَاضِيَ مَمْنُوعٌ مِنْ أَنْ يَحْضُرَهَا قَوْلُهُ (وَلَا يَجِبُ تَغْلِيظُ الْيَمِينِ عَلَى الْمُسْلِمِ بِزَمَانٍ وَلَا بِمَكَانٍ) لِأَنَّ الْمَقْصُودَ تَعْظِيمُ الْمُقْسَمِ بِهِ وَهُوَ حَاصِلٌ بِدُونِ ذَلِكَ
قَوْلُهُ (وَمَنْ ادَّعَى أَنَّهُ ابْتَاعَ مِنْ هَذَا عَبْدَهُ بِأَلْفٍ فَجَحَدَهُ اُسْتُحْلِفَ بِاَللَّهِ مَا بَيْنَكُمَا بَيْعٌ قَائِمٌ فِي الْحَالِ وَلَا يُسْتَحْلَفُ بِاَللَّهِ مَا بِعْت) لِأَنَّهُ قَدْ يُبَاعُ الشَّيْءُ ثُمَّ يُقَالُ فِيهِ أَوْ يُرَدُّ بِالْعَيْبِ قَوْلُهُ (وَيُسْتَحْلَفُ فِي الْغَصْبِ بِاَللَّهِ مَا يَسْتَحِقُّ عَلَيْك رَدَّ هَذِهِ الْعَيْنِ وَلَا رَدَّ قِيمَتَهَا وَلَا يُسْتَحْلَفُ بِاَللَّهِ مَا غَصَبْت) لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ غَصَبَهُ ثُمَّ رَدَّهُ إلَيْهِ أَوْ وَهَبَهُ مِنْهُ أَوْ اشْتَرَاهُ مِنْهُ وَكَذَا دَعْوَى الْوَدِيعَةِ وَالْعَارِيَّةِ لَا يُسْتَحْلَفُ بِاَللَّهِ مَا أَوْدَعَك وَلَا أَعَارَك وَلَكِنْ يُسْتَحْلَفُ بِاَللَّهِ مَا يَسْتَحِقُّ عَلَيْك رَدَّ هَذِهِ الْعَيْنِ وَلَا رَدَّ قِيمَتِهَا وَإِنَّمَا ذَكَرَ الْقِيمَةَ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ تَلِفَتْ عِنْدَ الْمُودَعِ وَالْمُسْتَعِيرِ بِتَعَدٍّ مِنْهُمَا قَوْلُهُ (وَفِي النِّكَاحِ بِاَللَّهِ مَا بَيْنَكُمَا نِكَاحٌ قَائِمٌ فِي الْحَالِ) هَذَا عَلَى قَوْلِ مَنْ يَسْتَحْلِفُ فِي النِّكَاحِ وَإِنَّمَا اُسْتُحْلِفَ عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ تَزَوَّجَهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا وَبَانَتْ مِنْهُ أَوْ خَالَعَهَا فَإِذَا حَلَّفَهُ الْحَاكِمُ يَقُولُ: فَرَّقْت بَيْنَكُمَا كَذَا رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ وَقَالَ بَعْضُهُمْ يَقُولُ الْقَاضِي: إنْ كَانَتْ امْرَأَتُك فَهِيَ طَالِقٌ وَالْفَرْقُ بَيْنَ قَضَاءِ التَّرْكِ وَقَضَاءِ الْإِلْزَامِ أَنَّ فِي قَضَاءِ الْإِلْزَامِ إذَا ادَّعَى ثَالِثٌ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ لَا تُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ إلَّا بِالتَّلَقِّي مِنْهُ بِخِلَافِ قَضَاءِ التَّرْكِ فَإِنَّهُ تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ بِدُونِ التَّلَقِّي مِنْهُ فَإِذَا حَلَّفَهُ الْحَاكِمُ يَقُولُ: فَرَّقْت بَيْنَكُمَا هَكَذَا رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَقُولُ الْقَاضِي: إنْ كَانَتْ امْرَأَتَك فَهِيَ طَالِقٌ فَيَقُولُ الزَّوْجُ: نَعَمْ وَالْحِيلَةُ فِي دَفْعِ الْيَمِينِ فِي دَعْوَى النِّكَاحِ عَلَى قَوْلِهِمَا أَنْ تَتَزَوَّجَ بِزَوْجٍ آخَرَ فَإِنْ بَعْدَ مَا تَزَوَّجَتْ لَا تُسْتَحْلَفُ لِلْمُدَّعِي كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَلَا نَفَقَةَ لَهَا فِي مُدَّةِ الْمَسْأَلَةِ عَنْ الشُّهُودِ وَلَوْ كَانَ الزَّوْجُ هُوَ الْمُدَّعِي وَأَقَامَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute