(قَوْلُهُ وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ إلَّا الْخَطَّابِيَّةَ) وَهُمْ قَوْمٌ مِنْ الرَّوَافِضِ يَشْهَدُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ بِتَصْدِيقِ الْمَشْهُودِ لَهُ يَعْتَقِدُونَ بِأَنَّهُ صَادِقٌ فِي دَعْوَاهُ نُسِبُوا إلَى ابْنِ الْخَطَّابِ وَهُوَ رَجُلٌ بِالْكُوفَةِ يَعْتَقِدُ أَنَّ عَلِيًّا هُوَ الْإِلَهُ الْأَكْبَرُ وَجَعْفَرٌ الصَّادِقُ الْإِلَهُ الْأَصْغَرُ وَقَدْ قَتَلَهُ الْأَمِيرُ عِيسَى بْنُ مُوسَى وَصَلَبَهُ.
(قَوْلُهُ وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ أَهْلِ الذِّمَّةِ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضِ) إذَا كَانُوا عُدُولًا فِي دِينِهِمْ (قَوْلُهُ وَإِنْ اخْتَلَفَتْ مِلَلُهُمْ) وَهُمْ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسُ إذَا ضُرِبَتْ عَلَيْهِمْ الْجِزْيَةُ وَأُعْطُوا الذِّمَّةَ وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ عَلَى الْمُسْلِمِ.
(قَوْلُهُ وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْحَرْبِيِّ عَلَى الذِّمِّيِّ) يَعْنِي بِالْحَرْبِيِّ الْمُسْتَأْمَنَ وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ الذِّمِّيِّ عَلَيْهِ وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ الْمُسْتَأْمَنِينَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضِ إذَا كَانُوا مِنْ أَهْلِ دَارٍ وَاحِدَةٍ فَإِنْ كَانُوا مِنْ أَهْلِ دَارَيْنِ كَالرُّومِ وَالتُّرْكِ لَا تُقْبَلُ وَعَلَى هَذَا الْإِرْثُ لِأَنَّ اخْتِلَافَ الدَّارَيْنِ يَقْطَعُ الْوِلَايَةَ وَيَمْنَعُ التَّوَارُثَ بَيْنَهُمَا بِخِلَافِ الذِّمِّيِّينَ لِأَنَّهُمْ مِنْ أَهْلِ دَارِنَا وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ الْمُسْلِمِ عَلَى الذِّمِّيِّ لِأَنَّ الْمُسْلِمَ مُحِقٌّ فِي عَدَاوَتِهِ لِلذِّمِّيِّ فَقُبِلَتْ شَهَادَتُهُ عَلَيْهِ وَالذِّمِّيُّ مُبْطِلٌ فِي عَدَاوَتِهِ لِلْمُسْلِمِ فَلَا تُقْبَلُ عَلَيْهِ
(قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَتْ الْحَسَنَاتُ أَغْلَبَ مِنْ السَّيِّئَاتِ وَالرَّجُلُ مِمَّنْ يَجْتَنِبُ الْكَبَائِرَ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ وَإِنْ أَلَمَّ بِمَعْصِيَةٍ) هَذَا هُوَ حَدُّ الْعَدَالَةِ الْمُعْتَبَرَةِ إذْ لَا بُدَّ مِنْ تَوَقِّي الْكَبَائِرِ كُلِّهَا وَبَعْدَ تَوَقِّيهَا يُعْتَبَرُ الْغَالِبُ فَمَنْ كَثُرَتْ مَعَاصِيهِ أَثَّرَ ذَلِكَ فِي شَهَادَتِهِ وَمَنْ نَدَرَتْ مِنْهُ الْمَعْصِيَةُ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ لِأَنَّ فِي اعْتِبَارِ اجْتِنَابِ الْكُلِّ سَدَّ بَابِ الشَّهَادَةِ وَهُوَ مَفْتُوحٌ إحْيَاءً لِلْحُقُوقِ وَقَوْلُهُ وَإِنْ أَلَمَّ بِمَعْصِيَةٍ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ دُونِ الْأَنْبِيَاءِ - عَلَيْهِمْ السَّلَامُ - لَا يَخْلُو مِنْ ارْتِكَابِ خَطِيئَةٍ فَلَوْ وَقَعَتْ الشَّهَادَةُ عَلَى مَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ أَصْلًا لَتَعَذَّرَ وُجُودُ ذَلِكَ فِي الدُّنْيَا فَسُومِحَ فِي ذَلِكَ وَاعْتُبِرَ الْأَغْلَبُ وَقَوْلُهُ إنْ كَانَتْ الْحَسَنَاتُ أَغْلَبَ مِنْ السَّيِّئَاتِ يَعْنِي الصَّغَائِرَ وَحَاصِلُهُ أَنَّ كُلَّ مَنْ ارْتَكَبَ كَبِيرَةً أَوْ أَصَرَّ عَلَى صَغِيرَةٍ فَإِنَّهُ تَسْقُطُ عَدَالَتُهُ.
(قَوْلُهُ وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ الْأَقْلَفِ) وَهُوَ الَّذِي لَمْ يُخْتَتَنْ وَخَصَّهُ بِالذِّكْرِ لِلشُّبْهَةِ الْوَارِدَةِ مِنْ قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَإِنَّمَا تُقْبَلُ إذَا تَرَكَ الِاخْتِتَانَ مِنْ عُذْرٍ أَمَّا إذَا تَرَكَهُ اسْتِخْفَافًا بِالدِّينِ وَاسْتِهَانَةً بِالسُّنَّةِ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُ.
(قَوْلُهُ وَالْخَصِيِّ) لِأَنَّهُ قُطِعَ مِنْهُ عُضْوٌ ظُلْمًا فَصَارَ كَمَا إذَا قُطِعَتْ يَدُهُ ظُلْمًا قَوْلُهُ (وَوَلَدِ الزِّنَا) يَعْنِي إذَا كَانَ عَدْلًا لِأَنَّ فِسْقَ الْوَالِدَيْنِ لَا يُوجِبُ فِسْقَ الْوَلَدِ كَكُفْرِهِمَا، وَقَالَ مَالِكٌ: لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ فِي الزِّنَا لِأَنَّهُ يُحِبُّ أَنْ يَكُونَ غَيْرُهُ كَمِثْلِهِ فَيُتَّهَمُ قُلْنَا: الْعَدْلُ لَا يُحِبُّ ذَلِكَ وَالْكَلَامُ إنَّمَا هُوَ فِي الْعَدْلِ (قَوْلُهُ وَشَهَادَةُ الْخُنْثَى جَائِزَةٌ) الْمُرَادُ الْمُشْكِلُ وَحُكْمُهُ فِي الشَّهَادَةِ حُكْمُ الْمَرْأَةِ.
(قَوْلُهُ وَإِذَا وَافَقَتْ الشَّهَادَةُ الدَّعْوَى قُبِلَتْ وَإِنْ خَالَفَتْهَا لَمْ تُقْبَلْ) كَمَا إذَا ادَّعَى أَلْفَ دِرْهَمٍ وَشَهِدَ بِمِائَةِ دِينَارٍ أَوْ بِكُرِّ حِنْطَةٍ لِأَنَّ مِنْ حُكْمِ الشَّهَادَةِ أَنْ تُطَابِقَ الدَّعْوَى فِي الْمَعْنَى وَاللَّفْظِ.
(قَوْلُهُ وَيُعْتَبَرُ اتِّفَاقُ الشَّاهِدَيْنِ فِي اللَّفْظِ وَالْمَعْنَى) عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فِي الْأَمْوَالِ وَالطَّلَاقِ حَتَّى لَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ قَالَ: أَنْتِ خَلِيَّةٌ وَشَهِدَ آخَرُ أَنَّهُ قَالَ: أَنْتِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute