التَّعْلِيمُ وَالْفَصْلُ بَيْنَ كُلِّ عَشْرِ آيَاتٍ بِعَلَامَةٍ يُقَالُ إنَّ فِي الْقُرْآنِ سِتُّمِائَةِ عَاشِرَةٍ وَثَلَاثًا وَعِشْرِينَ عَاشِرَةً قَوْلُهُ (وَالنَّقْطُ) إنَّمَا كَانَ النُّقَطُ مَكْرُوهًا فِيمَا تَقَدَّمَ؛ لِأَنَّهُمْ كَانُوا عَرَبًا صَرِيحًا لَا يَعْتَرِيهِمْ اللَّحْنُ وَالتَّصْحِيفُ أَمَّا الْآنَ فَقَدْ اخْتَلَطَتْ الْعَجَمُ بِالْعَرَبِ فَالنَّقْطُ وَالشَّكْلُ مُسْتَحَبٌّ لِأَنَّ تَرْكَ ذَلِكَ إخْلَالٌ بِالْحِفْظِ قَوْلُهُ (وَلَا بَأْسَ بِتَحْلِيَةِ الْمُصْحَفِ وَنَقْشِ الْمَسْجِدِ وَالزَّخْرَفَةِ بِمَاءِ الذَّهَبِ) لِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِذَلِكَ التَّعْظِيمُ وَالتَّشْرِيفُ وَيُكْرَهُ فِعْلُ ذَلِكَ عَلَى طَرِيقِ الرِّيَاءِ وَزِينَةِ الدُّنْيَا وَفِي الْخُجَنْدِيِّ لَا بَأْسَ بِهِ إذَا كَانَ مِنْ غَيْرِ غَلَّةِ وَقْفِ الْمَسْجِدِ أَمَّا إذَا كَانَ مِنْ غَلَّةِ وَقْفِ الْمَسْجِدِ لَمْ يَجُزْ وَيَضْمَن الْمُتَوَلِّي ذَلِكَ
قَوْلُهُ (وَيُكْرَهُ اسْتِخْدَامُ الْخُصْيَانِ) لِأَنَّ الرَّغْبَةَ فِي اسْتِخْدَامِهِمْ حَثٌّ لِلنَّاسِ عَلَى هَذَا الطَّبْعِ وَهُوَ مُثْلَةٌ مُحَرَّمَةٌ قَوْلُهُ (وَلَا بَأْسَ بِخِصَاءِ الْبَهَائِمِ) ؛ لِأَنَّهُ يُفْعَلُ لِلنَّفْعِ لِأَنَّ الدَّابَّةَ تَسْمَنُ وَيَطِيبُ لَحْمُهَا بِذَلِكَ.
(قَوْلُهُ وَإِنْزَاءُ الْحَمِيرِ عَلَى الْخَيْلِ) لِأَنَّ النَّبِيَّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «كَانَ يَرْكَبُ الْبَغْلَةَ وَيَتَّخِذُهَا» فَلَوْ كَانَ هَذَا الْفِعْلُ مَكْرُوهًا لَمَا اتَّخَذَهَا وَلَا رَكِبَهَا وَاَلَّذِي رُوِيَ أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - كَرِهَ ذَلِكَ لِبَنِي هَاشِمٍ فَلِأَنَّ الْخَيْلَ كَانَتْ عِنْدَهُمْ قَلِيلَةً فَأَحَبَّ تَكْثِيرَهَا
قَوْلُهُ (وَيَجُوزُ أَنْ يَقْبَلَ فِي الْهَدِيَّةِ وَالْإِذْنِ قَوْلَ الْعَبْدِ وَالْجَارِيَةِ وَالصَّبِيِّ) وَهَذَا إذَا غَلَبَ عَلَى رَأْيِهِ صِدْقُهُمْ وَثِقَتُهُمْ أَمَّا إذَا لَمْ يَغْلِبْ عَلَى ظَنِّهِ ذَلِكَ لَمْ يَسَعْهُ قَبُولُهُ مِنْهُمْ قَالَ فِي الْمَبْسُوطِ إذَا أَتَى صَغِيرٌ بِفُلُوسٍ إلَى سُوقٍ لِيَشْتَرِيَ بِهَا شَيْئًا مِنْهُ وَأَخْبَرَ أَنَّ أُمَّهُ أَمَرَتْهُ بِذَلِكَ فَإِنْ طَلَبَ الصَّابُونَ أَوْ الْأُشْنَانَ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَبِيعَهُ وَإِنْ طَلَبَ الزَّبِيبَ أَوْ الْحَلْوَى أَوْ مَا يَأْكُلُهُ الصِّبْيَانُ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَبِيعَهُ مِنْهُ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ كَاذِبٌ وَقَدْ عَثَرَ عَلَى فُلُوسِ أُمِّهِ فَأَخَذَهَا لِيَشْتَرِيَ بِهَا حَاجَةَ نَفْسِهِ قَالَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ إذَا قَالَتْ جَارِيَةٌ لِرَجُلٍ بَعَثَنِي مَوْلَايَ إلَيْك هَدِيَّةً وَسِعَهُ أَنْ يَأْخُذَهَا؛ لِأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ مَا إذَا أَخْبَرَتْ بِإِهْدَاءِ الْمَوْلَى نَفْسَهَا أَوْ غَيْرَهَا
قَوْلُهُ (وَيَقْبَلُ فِي الْمُعَامَلَاتِ قَوْلَ الْفَاسِقِ) مِثْلَ الْوَكَالَاتِ وَالْمُضَارَبَاتِ وَالْإِذْنِ فِي التِّجَارَاتِ وَهَذَا إذَا غَلَبَ عَلَى الرَّأْيِ صِدْقُهُ أَمَّا إذَا غَلَبَ عَلَيْهِ كَذِبُهُ فَلَا يَعْمَلُ عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ وَلَا يَقْبَلُ فِي أَخْبَارِ الدِّيَانَاتِ إلَّا الْعَدْلَ) وَيَقْبَلُ فِيهَا قَوْلَ الْحُرِّ وَالْعَبْدِ وَالْأَمَةِ إذَا كَانُوا عُدُولًا وَمِنْ الدِّيَانَاتِ الْإِخْبَارُ بِنَجَاسَةِ الْمَاءِ حَتَّى إذَا أَخْبَرَهُ مُسْلِمٌ مَرْضِيٌّ بِنَجَاسَةِ الْمَاءِ لَمْ يَتَوَضَّأْ بِهِ وَيَتَيَمَّمُ وَإِنْ كَانَ الْمُخْبِرُ فَاسِقًا تَحَرَّى فَإِنْ كَانَ أَكْثَرُ رَأْيِهِ أَنَّهُ صَادِقٌ يَتَيَمَّمُ وَلَا يَتَوَضَّأُ بِهِ وَإِنْ أَرَاقَ الْمَاءَ وَتَيَمَّمَ كَانَ أَحْوَطَ وَإِنْ كَانَ أَكْثَرُ رَأْيِهِ أَنَّهُ كَاذِبٌ يَتَوَضَّأُ بِهِ وَلَا يَتَيَمَّمُ وَهَذَا جَوَابُ الْحُكْمِ أَمَّا فِي الِاحْتِيَاطِ يَتَيَمَّمُ بَعْدَ الْوُضُوءِ
قَوْلُهُ (وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَنْظُرَ الرَّجُلُ مِنْ الْأَجْنَبِيَّةِ إلَّا إلَى وَجْهِهَا وَكَفَّيْهَا) لِأَنَّ فِي إبْدَاءِ الْوَجْهِ وَالْكَفِّ ضَرُورَةً لِحَاجَتِهَا إلَى الْمُعَامَلَةِ مَعَ الرِّجَالِ أَخْذًا وَإِعْطَاءً وَقَدْ يَضْطَرُّ إلَى كَشْفِ وَجْهِهَا لِلشَّهَادَةِ لَهَا وَعَلَيْهَا عِنْدَ الْحَاكِمِ فَرُخِّصَ لَهَا فِيهِ وَفِي كَلَامِ الشَّيْخِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يُبَاحُ لَهُ النَّظَرُ إلَى قَدَمِهَا وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يُبَاحُ ذَلِكَ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ تَضْطَرُّ إلَى الْمَشْيِ فَيَبْدُو قَدَمُهَا فَصَارَ كَالْكَفِّ وَلِأَنَّ الْوَجْهَ يُشْتَهَى وَالْقَدَمُ لَا يُشْتَهَى فَإِذَا جَازَ النَّظَرُ إلَى وَجْهِهَا فَقَدَمُهَا أَوْلَى قُلْنَا الضَّرُورَةُ لَا تَتَحَقَّقُ فِي كَشْفِ الْقَدَمِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute