مِنْهُمَا فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ؛ لِأَنَّهُمَا إذَا تَكَلَّمَا مَعًا لَمْ يُفْهَمْ مَا يَقُولَانِ وَلَكِنْ إذَا آلَ الْأَمْرُ إلَى الْقَبْضِ لَيْسَ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَقْبِضَ إلَّا بِإِذْنِ الْآخَرِ وَكَذَا قَبُولُ الْهِبَةِ لِلصَّغِيرِ لِأَنَّ فِي التَّأْخِيرِ خِيفَةَ الْفَوَاتِ وَكَذَا بَيْعُ مَا يُخْشَى عَلَيْهِ التَّلَفُ لِأَنَّ فِي التَّأْخِيرِ خَشْيَةَ التَّلَفِ وَفِيهِ ضَرُورَةٌ قَالَ الْخُجَنْدِيُّ فَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ قَالَ إنَّ الِاخْتِلَافَ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ فِيمَا إذَا أَوْصَى إلَيْهِمَا مَعًا أَمَّا إذَا أَوْصَى إلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى حِدَةٍ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَتَصَرَّفَ دُونَ الْآخَرِ إجْمَاعًا وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ الِاخْتِلَافُ فِيمَا إذَا أَوْصَى إلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى حِدَةٍ أَمَّا إذَا أَوْصَى إلَيْهِمَا مَعًا فَلَا يَجُوزُ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَنْفَرِدَ بِالتَّصَرُّفِ إجْمَاعًا وَالصَّحِيحُ أَنَّ الِاخْتِلَافَ فِيهِمَا وَاحِدٌ وَكَذَلِكَ هَذَا الِاخْتِلَافُ فِي الْأَبَوَيْنِ لَيْسَ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي مَالِ الْوَلَدِ إلَّا بِإِذْنِ الْآخَرِ إلَّا فِي الْأَشْيَاءِ الْمَخْصُوصَةِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا فِي الْوَصِيَّيْنِ إلَّا أَنَّ فِيهِ زِيَادَةَ شَيْءٍ وَهُوَ أَنَّ لِأَحَدِ الْأَبَوَيْنِ أَنْ يُزَوِّجَهُ امْرَأَةً إنْ كَانَ ابْنًا وَإِنْ كَانَتْ بِنْتًا يُزَوِّجُهَا وَلَيْسَ لِلْآخِرِ أَنْ يُبْطِلَهُ.
وَلَوْ مَاتَ أَحَدُ الْوَصِيِّينَ لَا تَنْتَقِلُ وِلَايَتُهُ إلَى الْآخَرِ حَتَّى أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَصَرَّفَ مَا لَمْ يَنْصِبْ الْقَاضِي وَصِيًّا آخَرَ أَوْ الْوَصِيُّ الَّذِي مَاتَ أَوْصَى إلَى الْحَيِّ أَوْ إلَى رَجُلٍ آخَرَ وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ إذَا أَوْصَى إلَى الْحَيِّ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَصَرَّفَ مَا لَمْ يَنْصِبْ الْقَاضِي وَصِيًّا آخَرَ لِأَنَّ الْمَيِّتَ لَمْ يَرْضَ بِرَأْيِ أَحَدِهِمَا وَإِنَّمَا رَضِيَ بِرَأْيِ اثْنَيْنِ وَلَوْ أَوْصَى إلَى رَجُلَيْنِ ثُمَّ إنَّ أَحَدَهُمَا تَصَرَّفَ فِي الْمَالِ فِي غَيْرِ الْأَشْيَاءِ الْمَعْدُودَةِ ثُمَّ أَجَازَهُ صَاحِبُهُ فَإِنَّهُ يَجُوزُ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى تَحْدِيدِ الْعَقْدِ وَإِذَا مَاتَ الْوَصِيُّ وَأَوْصَى إلَى آخَرَ فَهُوَ وَصِيٌّ فِي تَرِكَتِهِ وَتَرِكَةِ الْمَيِّتِ الْأَوَّلِ عِنْدَنَا.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يَكُونُ وَصِيًّا فِي تَرِكَةِ الْمَيِّتِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ رَضِيَ بِرَأْيِهِ لَا بِرَأْيِ غَيْرِهِ وَلَنَا أَنَّهُ لَمَّا اسْتَعَانَ بِهِ فِي ذَلِكَ مَعَ عِلْمِهِ أَنَّهُ تَعْتَرِيهِ الْمَنِيَّةُ قَبْلَ تَتْمِيمِ مَقْصُودِهِ صَارَ رَاضِيًا بِإِيصَائِهِ إلَى غَيْرِهِ
قَوْلُهُ (وَمَنْ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِثُلُثِ مَالِهِ وَلِآخَرَ بِثُلُثِ مَالِهِ وَلَمْ تُجِزْ الْوَرَثَةُ فَالثُّلُثُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ) أَمَّا إذَا أَجَازُوا اسْتَحَقَّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الثُّلُثَ بِكَمَالِهِ فَيَكُونُ لَهُمَا الثُّلُثَانِ وَيَبْقَى لِلْوَرَثَةِ الثُّلُثُ.
(قَوْلُهُ فَإِنْ أَوْصَى لِأَحَدِهِمَا بِالثُّلُثِ وَلِلْآخَرِ بِالسُّدُسِ وَلَمْ تُجِزْ الْوَرَثَةُ فَالثُّلُثُ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا) لِأَنَّ الثُّلُثَ ضَاقَ عَنْ حَقَّيْهِمَا فَيَقْتَسِمَانِهِ عَلَى قَدْرِ حَقَّيْهِمَا فَيُعْطَى لِلْأَقَلِّ سَهْمٌ وَلِلْأَكْثَرِ سَهْمَانِ قَوْلُهُ (فَإِنْ أَوْصَى لِأَحَدِهِمَا بِجَمِيعِ مَالِهِ وَلِلْآخَرِ بِثُلُثِ مَالِهِ فَلَمْ تُجِزْ الْوَرَثَةُ فَالثُّلُثُ بَيْنَهُمَا عَلَى أَرْبَعَةِ أَسْهُمٍ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ) عَلَى طَرِيقِ الْعَوْلِ لِصَاحِبِ الْجَمِيعِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ وَلِصَاحِبِ الثُّلُثِ رُبْعُهُ وَتَخْرِيجُهُ أَنْ تَقُولَ جَمِيعُ الْمَالِ ثَلَاثَةُ أَثْلَاثٍ فَإِذَا ضَمَمْت إلَيْهِ الثُّلُثَ الْمُوصَى بِهِ لِلْآخَرِ كَانَ ذَلِكَ أَرْبَعَةَ أَثْلَاثٍ لِصَاحِبِ الْجَمِيعِ ثَلَاثَةٌ وَلِصَاحِبِ الثُّلُثِ وَاحِدٌ.
قَوْلُهُ (وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ الثُّلُثُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ) يَعْنِي إذَا لَمْ تُجِزْ الْوَرَثَةُ وَوَجْهُهُ أَنَّ فِي الْمُوصَى لَهُ بِمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ وَقَعَتْ الزِّيَادَةُ عَلَى غَيْرِ الْمَشْرُوعِ عِنْدَ عَدَمِ الْإِجَازَةِ لِأَنَّهَا وَصِيَّةٌ بِحَقِّ الْغَيْرِ فَوَجَبَ أَنْ لَا يُضْرَبَ بِتِلْكَ الزِّيَادَةِ مَعَ الْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ وَإِنْ شِئْت قُلْت بِأَنَّ الْمُوصَى لَهُ بِمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ يُدْلِي بِسَبَبٍ غَيْرِ ثَابِتٍ فِي الْحَالِ؛ لِأَنَّهُ مَوْقُوفٌ عَلَى الْإِجَازَةِ فَكَأَنَّهُ لَمْ يَرْضَ لَهُ إلَّا بِالثُّلُثِ وَلِلْآخَرِ بِالثُّلُثِ فَتَسَاوَيَا فَكَانَ الثُّلُثُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَإِنْ أَجَازَتْ الْوَرَثَةُ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ تَكُونُ الْقِسْمَةُ بَيْنَهُمَا عَلَى طَرِيقِ الْمُنَازَعَةِ فَيُعْطَى صَاحِبُ الْجَمِيعِ ثُلُثَيْ الْمَالِ بِلَا مُنَازَعَةٍ وَاسْتَوَتْ مُنَازَعَتُهُمَا فِي الثُّلُثِ الْبَاقِي فَيَكُونُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ فَيَكُونُ لِصَاحِبِ الْجَمِيعِ خَمْسَةُ أَسْدَاسٍ وَلِصَاحِبِ الثُّلُثِ السُّدُسُ وَعَلَى هَذَا إذَا أَوْصَى لِرَجُلٍ بِرُبْعِ مَالِهِ وَلِآخَرَ بِنِصْفِ مَالِهِ.
فَإِنْ أَجَازَتْ الْوَرَثَةُ كَانَ نِصْفُ الْمَالِ لِصَاحِبِ النِّصْفِ وَلِلْآخَرِ الرُّبْعُ وَيَبْقَى لِلْوَرَثَةِ الرُّبْعُ وَإِنْ لَمْ يُجِيزُوا فَإِنَّمَا تَجُوزُ الْوَصِيَّةُ مِنْ الثُّلُثِ فَيَكُونُ الثُّلُثُ بَيْنَهُمَا عَلَى سَبْعَةٍ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ لِلْمُوصَى لَهُ بِالنِّصْفِ أَرْبَعَةٌ وَلِلْمُوصَى لَهُ بِالرُّبْعِ ثَلَاثَةٌ وَوَجْهُهُ أَنَّ الْمُوصَى لَهُ بِالنِّصْفِ لَا يَضْرِبُ إلَّا بِالثُّلُثِ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ عَلَى الثُّلُثِ مُلْغَاةٌ عِنْدَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute