تَقَدَّمَ عَلَى الْمُحَابَاةِ أَوْ تَأَخَّرَ فَيُصْرَفُ الثُّلُثُ وَهُوَ أَلْفٌ إلَى الْعِتْقِ فَيَعْتِقُ الْعَبْدُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَيَرُدُّ الْبَائِعُ إلَى الْوَرَثَةِ أَلْفَ دِرْهَمٍ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ إذَا حَابَى ثُمَّ أَعْتَقَ ثُمَّ حَابَى قُسِّمَ الثُّلُثُ بَيْنَ الْمُحَابَاتَيْنِ نِصْفَيْنِ لِتَسَاوِيهِمَا فِي الْجِهَةِ فَمَا أَصَابَ الْمُحَابَاةَ الْأَخِيرَةَ قُسِّمَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْعِتْقِ نِصْفَيْنِ لِأَنَّ الْعِتْقَ مُقَدَّمٌ عَلَيْهَا وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّهُ إذَا تَقَدَّمَ عَلَيْهَا سَاوَاهَا وَلَوْ أَعْتَقَ ثُمَّ حَابَى ثُمَّ أَعْتَقَ قُسِّمَ الثُّلُثُ بَيْنَ الْعِتْقِ الْأَوَّلِ وَالْمُحَابَاةِ نِصْفَيْنِ فَمَا أَصَابَ الْعِتْقَ قُسِّمَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْعِتْقِ الثَّانِي لِتَسَاوِيهِمَا فِي الْجِهَةِ كَمَا لَوْ أَعْتَقَ ثُمَّ أَعْتَقَ تَسَاوَيَا فِي الثُّلُثِ كَذَلِكَ هَذَا قَالَ فِي الْيَنَابِيعِ رَجُلٌ لَهُ عَبْدَانِ أَحَدُهُمَا يُسَاوِي أَلْفَيْنِ بَاعَهُ بِأَلْفٍ وَالْآخَرُ يُسَاوِي أَلْفًا فَأَعْتَقَهُ وَلَا مَالَ لَهُ سِوَاهُمَا فَالْمُحَابَاةُ أَوْلَى وَالْعِتْقُ جَائِزٌ وَيَسْعَى لِلْوَرَثَةِ فِي جَمِيعِ قِيمَتِهِ وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا الْعِتْقُ أَوْلَى وَالْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَ الْعَبْدَ بِأَلْفَيْنِ وَإِنْ شَاءَ رَدَّهُ فَإِنْ قُدِّمَ الْعِتْقُ فَالثُّلُثُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَيَسْعَى الْعَبْدُ فِي نِصْفِ قِيمَتِهِ وَالْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَ الْعَبْدَ بِأَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةٍ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهُ فَإِنْ رَضِيَ بِأَخْذِهِ سَعَى الْمُعْتَقُ لِلْوَرَثَةِ فِي خَمْسِمِائَةٍ وَإِنْ رَضِيَ الْمُشْتَرِي بِالتَّرْكِ عَتَقَ الْعَبْدُ وَلَا سِعَايَةَ عَلَيْهِ
قَوْلُهُ (وَمَنْ أَوْصَى بِسَهْمٍ مِنْ مَالِهِ فَلَهُ أَخَسُّ سِهَامِ الْوَرَثَةِ إلَّا أَنْ يَنْقُصَ عَنْ السُّدُسِ فَيُتِمُّ لَهُ السُّدُسَ) وَهَذِهِ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَلَا يُزَادُ عَلَيْهِ وَرُوِيَ عَنْهُ رِوَايَةٌ أُخْرَى أَنَّ لَهُ أَخَسَّ سِهَامِ الْوَرَثَةِ إلَّا أَنْ يَزِيدَ عَلَى السُّدُسِ فَحِينَئِذٍ يُعْطَى السُّدُسَ فَقَطْ فَعَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ يَجُوزُ النُّقْصَانُ عَنْ السُّدُسِ وَلَا يَجُوزُ الزِّيَادَةُ عَلَيْهِ وَاعْتَمَدَهَا السَّرَخْسِيُّ وَأَخَذَ بِهَا صَاحِبُ الْمَنْظُومَةِ حَيْثُ قَالَ
وَالسَّهْمُ أَدْنَى حَقِّ أَهْلِ الْإِرْثِ ... فَإِنْ يَزِدْ فَالسُّدُسُ دُونَ الثُّلُثِ
أَيْ فَإِنْ يُزَادُ أَخَسُّ سِهَامِ الْوَرَثَةِ عَلَى السُّدُسِ فَلَهُ السُّدُسُ حِينَئِذٍ.
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ لَهُ أَخَسُّ سِهَامِ الْوَرَثَةِ إلَّا أَنْ يَزِيدَ عَلَى الثُّلُثِ فَحِينَئِذٍ يُرَدُّ إلَى الثُّلُثِ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ لَا مَزِيدَ لَهَا عَلَى الثُّلُثِ عِنْدَ عَدَمِ الْإِجَازَةِ بَيَانُهُ زَوْجَةٌ وَابْنٌ وَأَوْصَى لِرَجُلٍ بِسَهْمٍ مِنْ مَالِهِ فَعَلَى الرِّوَايَةِ الْأُولَى عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ يُعْطِي الْمُوصَى لَهُ سُدُسَ الْمَالِ لِأَنَّ أَخَسَّ سِهَامِ الْوَرَثَةِ الثُّمْنُ وَهُوَ نَصِيبُ الزَّوْجَةِ وَهُوَ نَاقِصٌ عَنْ السُّدُسِ فَيُتِمُّ لَهُ السُّدُسَ وَعَلَى الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ يُعْطِي مِثْلَ نَصِيبِ الزَّوْجَةِ وَإِنْ كَانَ نَاقِصًا عَنْ السُّدُسِ فَيُزَادُ عَلَى الْفَرِيضَةِ سَهْمٌ يَكُونُ تِسْعَةً فَيُعْطِي الْمُوصَى لَهُ سَهْمًا وَالزَّوْجَةَ سَهْمًا وَيَبْقَى لِلِابْنِ سَبْعَةً وَكَذَا أَيْضًا عَلَى قَوْلِهِمَا لِأَنَّ أَخَسَّ سِهَامِهِمْ لَا يَزِيدُ عَلَى الثُّلُثِ وَإِنْ تَرَكَ زَوْجَةً وَأَخًا لِأَبٍ وَأُمٍّ أَوْ لِأَبٍ فَأَخَسُّ سِهَامِهِمْ الرُّبْعُ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ يُعْطَى السُّدُسَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ الزِّيَادَةُ عَلَيْهِ وَعَلَى قَوْلِهِمَا يُعْطَى الرُّبْعَ؛ لِأَنَّهُ أَقَلُّ مِنْ الثُّلُثِ وَيُزَادُ عَلَى الْفَرِيضَةِ سَهْمٌ يَكُونُ خَمْسَةً فَيُعْطِي الْمُوصَى لَهُ الْخُمْسَ عَلَى قَوْلِهِمَا وَفِي الْمُنْتَقَى إذَا أَوْصَى بِسَهْمٍ مِنْ مَالِهِ فَمَاتَ وَلَا وَارِثَ لَهُ فَلَهُ نِصْفُ الْمَالِ وَيُجْعَلُ نِصْفُ الْمَالِ بِمَنْزِلَةِ ابْنٍ وَاحِدٍ
قَوْلُهُ (وَإِنْ أَوْصَى بِجُزْءٍ مِنْ مَالِهِ قِيلَ لِلْوَرَثَةِ أَعْطَوْهُ مَا شِئْتُمْ) ؛ لِأَنَّهُ مَجْهُولٌ يَتَنَاوَلُ الْقَلِيلَ وَالْكَثِيرَ غَيْرَ أَنَّ الْجَهَالَةَ لَا تَمْنَعُ صِحَّةَ الْوَصِيَّةِ وَالْوَرَثَةُ قَائِمُونَ مَقَامَ الْمُوصِي فَإِلَيْهِمْ الْبَيَانُ بِخِلَافِ السَّهْمِ؛ لِأَنَّهُ عِبَارَةٌ عَنْ قَدْرٍ مَعْلُومٍ فَلَا يَقِفُ عَلَى بَيَانِ الْوَرَثَةِ وَكَذَا إذَا أَوْصَى بِحَظٍّ مِنْ مَالِهِ أَوْ بِشِقْصٍ مِنْ مَالِهِ أَوْ بِشَيْءٍ أَوْ بِنَصِيبٍ أَوْ بِبَعْضٍ فَإِنَّ الْبَيَانَ إلَى الْمُوصِي مَا دَامَ حَيًّا فَإِنْ مَاتَ فَالْبَيَانُ إلَى وَرَثَتِهِ؛ لِأَنَّهُمْ قَائِمُونَ مَقَامَهُ وَمَنْ قَالَ سُدُسُ مَالِي لِفُلَانٍ ثُمَّ قَالَ فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ أَوْ فِي مَجْلِسٍ آخَرَ لَهُ ثُلُثُ مَالِي وَأَجَازَتْ الْوَرَثَةُ فَلَهُ ثُلُثُ مَالِهِ وَيَدْخُلُ السُّدُسُ فِيهِ وَإِنْ قَالَ سُدُسُ مَالِي لِفُلَانٍ ثُمَّ قَالَ فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ أَوْ فِي غَيْرِهِ سُدُسُ مَالِي لِفُلَانٍ فَلَهُ سُدُسٌ وَاحِدٍ لِأَنَّ السُّدُسَ ذُكِرَ مُعَرَّفًا بِالْإِضَافَةِ إلَى الْمَالِ وَالْمَعْرِفَةُ مَتَى أُعِيدَتْ يُرَادُ بِالثَّانِي عَيْنَ الْأَوَّلِ وَهُوَ الْمَعْهُودُ فِي اللُّغَةِ
قَوْلُهُ (وَمَنْ أَوْصَى بِوَصَايَا مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى قُدِّمَتْ الْفَرَائِضُ مِنْهَا سَوَاءٌ قَدَّمَهَا الْمُوصِي أَوْ أَخَّرَهَا مِثْلُ الْحَجِّ وَالزَّكَاةِ وَالْكَفَّارَاتِ) لِأَنَّ الْفَرِيضَةَ أَهَمُّ مِنْ النَّافِلَةِ، وَالظَّاهِرُ مِنْهُ الْبِدَايَةُ بِمَا هُوَ الْأَهَمُّ بِحُسْنِ الظَّنِّ بِهِ فَإِنْ كَانَتْ الْفَرَائِضُ كُلُّهَا مُتَسَاوِيَةً فِي الْقُوَّةِ بَدَأَ مِنْهَا بِمَا قَدَّمَهُ الْمُوصِي إذَا ضَاقَ الثُّلُثُ عَنْ جَمِيعِهَا وَاخْتَلَفَتْ الرِّوَايَةُ عَنْ أَبِي يُوسُفَ فِي الْحَجِّ وَالزَّكَاةِ فَقَالَ فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ يَبْدَأ بِالْحَجِّ وَإِنْ أَخَّرَهُ الْمُوصِي؛ لِأَنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِالْبَدَنِ وَالْمَالِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute