للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَبُو يُوسُفَ أَرْبَعًا قَبْلَهَا وَسِتًّا بَعْدَهَا وَفِي الْكَرْخِيِّ مُحَمَّدٌ مَعَ أَبِي يُوسُفَ.

وَفِي الْمَنْظُومَةِ مَعَ أَبِي حَنِيفَةَ ثُمَّ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يُصَلِّي أَرْبَعًا ثُمَّ اثْنَتَيْنِ قَالَ الْحَلْوَانِيُّ أَقْوَى السُّنَنِ رَكْعَتَا الْفَجْرِ ثُمَّ رَكْعَتَا الْمَغْرِبِ ثُمَّ الَّتِي بَعْدَ الظُّهْرِ ثُمَّ الَّتِي بَعْدَ الْعِشَاءِ ثُمَّ الَّتِي قَبْلَ الظُّهْرِ ثُمَّ الَّتِي قَبْلَ الْعَصْرِ ثُمَّ الَّتِي قَبْلَ الْعِشَاءِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ الْأَصَحُّ أَنَّ أَقْوَاهَا رَكْعَتَا الْفَجْرِ ثُمَّ الْأَرْبَعُ الَّتِي قَبْلَ الظُّهْرِ وَاَلَّتِي بَعْدَ الظُّهْرِ وَاَلَّتِي بَعْدَ الْمَغْرِبِ سَوَاءٌ فَإِنْ قِيلَ لَك لِمَا شُرِعَ بَعْضُ النَّوَافِلِ قَبْلَ الْفَرْضِ وَبَعْضُهَا بَعْدَهُ فَالْجَوَابُ أَنَّ الَّذِي بَعْدَ الْفَرْضِ شُرِعَ لِجَبْرِ النُّقْصَانِ وَاَلَّذِي قَبْلَهُ قَطْعًا لِطَمَعِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَقُولُ مَنْ لَمْ يُطِعْنِي فِي تَرْكِ مَا لَمْ يُكْتَبْ عَلَيْهِ كَيْفَ يُطِعْنِي فِي تَرْكِ مَا كُتِبَ عَلَيْهِ، وَيُكْرَهُ لِلْإِمَامِ أَنْ يَتَنَفَّلَ فِي مَكَانِهِ الَّذِي صَلَّى فِيهِ الْفَرْضَ وَلَا يُكْرَهُ لِلْمَأْمُومِ ذَلِكَ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «أَيَعْجِزُ أَحَدُكُمْ إذَا صَلَّى أَنْ يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ» ؛ وَلِأَنَّهُ إذَا تَنَفَّلَ فِي مَكَانِهِ ظَنَّ الدَّاخِلُ أَنَّهُ فِي الْفَرْضِ فَيَقْتَدِي بِهِ وَرُوِيَ أَيْضًا أَنَّ ذَلِكَ يُسْتَحَبُّ لِلْمَأْمُومِ حَتَّى لَا تَتَشَوَّشَ الصُّفُوفُ كَذَا فِي الْكَرْخِيِّ

(قَوْلُهُ: فَإِنْ صَلَّى بِاللَّيْلِ صَلَّى ثَمَانَ رَكَعَاتٍ) يَعْنِي أَقَلَّ مَا يَنْبَغِي أَنْ يَتَنَفَّلَ فِي اللَّيْلِ بِثَمَانِي رَكَعَاتٍ وَاعْلَمْ أَنَّ صَلَاةَ اللَّيْلِ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاةِ النَّهَارِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ} [السجدة: ١٦] ثُمَّ قَالَ {فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ} [السجدة: ١٧] وَقَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «مَنْ أَطَالَ قِيَامَ اللَّيْلِ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» .

(قَوْلُهُ: وَنَوَافِلُ النَّهَارِ إنْ شَاءَ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ بِتَسْلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ وَإِنْ شَاءَ أَرْبَعًا) وَتُكْرَهُ الزِّيَادَةُ عَلَى ذَلِكَ يَعْنِي بِتَسْلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ.

(قَوْلُهُ: وَأَمَّا نَافِلَةُ اللَّيْلِ فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ إنْ صَلَّى ثَمَانِي رَكَعَاتٍ بِتَسْلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ جَازَ وَتُكْرَهُ الزِّيَادَةُ عَلَى ذَلِكَ) يَعْنِي إنْ شَاءَ صَلَّى بِاللَّيْلِ أَرْبَعًا بِتَسْلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ وَإِنْ شَاءَ سِتًّا بِتَسْلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ وَإِنْ شَاءَ ثَمَانِيًا بِتَسْلِيمَةٍ وَتُكْرَهُ الزِّيَادَةُ عَلَى ذَلِكَ وَلَكِنَّ الْأَفْضَلَ أَرْبَعًا أَرْبَعًا بِتَسْلِيمَةٍ لَيْلًا وَنَهَارًا.

(قَوْلُهُ: وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ لَا يَزِيدُ بِاللَّيْلِ عَلَى رَكْعَتَيْنِ بِتَسْلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ) أَيْ مِنْ حَيْثُ الْأَفْضَلِيَّةُ قَالَ فِي الْهِدَايَةِ الْأَفْضَلُ فِي اللَّيْلِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ مَثْنًى مَثْنًى وَفِي النَّهَارِ أَرْبَعٌ أَرْبَعٌ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ فِيهِمَا مَثْنًى مَثْنًى وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فِيهِمَا أَرْبَعٌ أَرْبَعٌ لَهُمَا الِاعْتِبَارُ بِالتَّرَاوِيحِ؛ وَلِأَنَّ فِيهِ زِيَادَةَ تَحْرِيمَةٍ وَتَسْلِيمَةٍ وَدُعَاءٍ وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ أَدْوَمُ تَحْرِيمَةً فَيَكُونُ أَكْثَرَ مَشَقَّةً وَأَزْيَدَ فَضِيلَةً، وَلِهَذَا لَوْ نَذَرَ أَنْ يُصَلِّي أَرْبَعًا بِتَسْلِيمَةٍ لَا يَخْرُجُ عَنْهُ بِتَسْلِيمَتَيْنِ وَعَلَى الْعَكْسِ يَخْرُجُ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ، وَأَمَّا فِي التَّرَاوِيحِ فَإِنَّهَا تُؤَدَّى بِجَمَاعَةٍ فَيُرَاعَى فِيهَا التَّيْسِيرُ.

(قَوْلُهُ: وَتُكْرَهُ) (الزِّيَادَةُ عَلَى ذَلِكَ) أَيْ عَلَى ثَمَانِ رَكَعَاتٍ فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ بِتَسْلِيمَةٍ وَالزِّيَادَةُ فِي صَلَاةِ النَّهَارِ عَلَى أَرْبَعٍ بِتَسْلِيمَةٍ وَمُوجِبُ الْعَقْدِ فِي التَّطَوُّعِ رَكْعَتَانِ وَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ الشَّفْعُ الثَّانِي بِالْقِيَامِ إلَيْهِ فِي الثَّالِثَةِ؛ لِأَنَّ كُلَّ شَفْعٍ مِنْ التَّطَوُّعِ كَصَلَاةٍ عَلَى حِدَةٍ أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَقْرَأُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ مِنْهُ الْفَاتِحَةَ وَسُورَةً وَإِذَا قَامَ إلَى الثَّالِثَةِ اسْتَفْتَحَ كَمَا يَسْتَفْتِحُ عَقِيبَ التَّحْرِيمَةِ فَعَلَى هَذَا إذَا افْتَتَحَ التَّطَوُّعَ بِنِيَّةِ الْأَرْبَعِ أَوْ السِّتِّ أَوْ الثَّمَانِ ثُمَّ أَفْسَدَهُ لَمْ يَلْزَمْهُ إلَّا قَضَاءُ رَكْعَتَيْنِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ رِوَايَتَانِ فِي رِوَايَةِ يَلْزَمُهُ أَرْبَعٌ وَفِي رِوَايَةٍ يَلْزَمُهُ مَا نَوَى وَلَوْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُصَلِّيَ رَكْعَةً لَزِمَهُ رَكْعَتَانِ وَإِنْ قَالَ ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ يَلْزَمُهُ أَرْبَعٌ؛ لِأَنَّ التَّطَوُّعَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ وِتْرًا وَإِنْ قَالَ نِصْفَ رَكْعَةٍ لَزِمَهُ رَكْعَةٌ؛ لِأَنَّهَا لَا تَتَبَعَّضُ وَإِذَا لَزِمَتْهُ رَكْعَةٌ وَجَبَ عَلَيْهِ رَكْعَتَانِ؛ لِأَنَّ التَّطَوُّعَ لَا يَكُونُ وِتْرًا وَلَوْ قَالَ رَكْعَتَيْنِ بِغَيْرِ وُضُوءٍ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ عِنْدَ مُحَمَّدٍ.

وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ يَلْزَمُهُ رَكْعَتَانِ بِوُضُوءٍ تَصْحِيحًا لِلنَّذْرِ وَلَوْ قَالَ رَكْعَتَيْنِ بِغَيْرِ قِرَاءَةٍ لَزِمَهُ رَكْعَتَانِ بِقِرَاءَةٍ إجْمَاعًا؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ بِغَيْرِ طَهَارَةٍ لَيْسَتْ بِعِبَادَةٍ وَأَمَّا بِغَيْرِ قِرَاءَةٍ فَهِيَ عِبَادَةٌ كَصَلَاةِ الْأُمِّيِّ وَالْأَخْرَسِ.

(قَوْلُهُ: وَالْقِرَاءَةُ فِي الْفَرَائِضِ وَاجِبَةٌ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ) أَيْ فَرْضٌ قَطْعِيٌّ فِي حَقِّ الْعَمَلِ.

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فَرْضٌ فِي الرَّكَعَاتِ كُلِّهَا لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «لَا صَلَاةَ إلَّا بِقِرَاءَةٍ وَكُلُّ رَكْعَةٍ صَلَاةٌ» وَقَالَ مَالِكٌ فُرِضَ فِي ثَلَاثٍ إقَامَةً لِلْأَكْثَرِ مَقَامَ الْكُلِّ تَيْسِيرًا وَلَنَا قَوْله تَعَالَى {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ} [المزمل: ٢٠] وَالْأَمْرُ بِالْفِعْلِ لَا يَقْتَضِي التَّكْرَارَ وَإِنَّمَا أَوْجَبْنَاهَا فِي الثَّانِيَةِ اسْتِدْلَالًا بِالْأُولَى؛ لِأَنَّهُمَا يَتَشَاكَلَانِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، وَأَمَّا الْأُخْرَيَانِ فَيُفَارِقَانِهِمَا فِي حَقِّ السُّقُوطِ وَصِفَةِ الْقِرَاءَةِ فِي الْجَهْرِ وَالْإِخْفَاءِ وَفِي قَدْرِ الْقِرَاءَةِ فَلَا يَلْحَقَانِ بِهِمَا، وَأَمَّا قَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «لَا صَلَاةَ إلَّا بِقِرَاءَةٍ» فَهُوَ شَاهِدٌ لَنَا؛ لِأَنَّهُ ذَكَرَ الصَّلَاةَ مُطْلَقًا وَالصَّلَاةُ مَتَى ذُكِرَتْ مُطْلَقَةً

<<  <  ج: ص:  >  >>