للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَيْهِ إلَّا سَجْدَةٌ وَاحِدَةٌ إذَا لَمْ يَتَغَيَّرْ الْمَجْلِسُ وَإِنْ سَمِعَهَا مِنْ الصَّدَى لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ شَيْءٌ.

(قَوْلُهُ: وَإِذَا تَلَا الْإِمَامُ آيَةَ سَجْدَةٍ سَجَدَهَا وَسَجَدَ الْمَأْمُومُ مَعَهُ) سَوَاءٌ سَمِعَهَا مِنْهُ أَمْ لَا وَسَوَاءٌ كَانَ فِي صَلَاةِ الْجَهْرِ أَوْ الْمُخَافَتَةِ إلَّا أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يَقْرَأَهَا فِي صَلَاةِ الْمُخَافَتَةِ فَإِنْ سَمِعَهَا رَجُلٌ خَارِجَ الصَّلَاةِ ثُمَّ دَخَلَ مَعَ الْإِمَامِ فِي تِلْكَ الرَّكْعَةِ بَعْدَ سُجُودِ الْإِمَامِ لَهَا لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ سُجُودٌ وَإِنْ أَدْرَكَهُ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ أَوْ الثَّالِثَةِ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ أَيْضًا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ، وَنَظِيرُهُ لَوْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ فِي الرَّكْعَةِ الثَّالِثَةِ مِنْ الْوِتْرِ فِي الرُّكُوعِ فِي رَمَضَانَ يَصِيرُ مُدْرِكًا لِلْقُنُوتِ حَتَّى لَا يَأْتِيَ بِهِ فِي الرَّكْعَةِ الْأَخِيرَةِ، وَلَوْ سَمِعَهَا مِنْ الْإِمَامِ أَجْنَبِيٌّ لَيْسَ مَعَهُمْ فِي الصَّلَاةِ وَلَمْ يَدْخُلْ مَعَهُمْ فِي الصَّلَاةِ لَزِمَهُ السُّجُودُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ صَحَّ لَهُ السَّمَاعُ وَهُوَ مِمَّنْ يَصِحُّ مِنْهُ السُّجُودُ كَذَا فِي شَرْحِهِ

(قَوْلُهُ: وَإِنْ تَلَا الْمَأْمُومُ لَمْ يَلْزَمْ الْإِمَامَ وَلَا الْمُؤْتَمَّ السُّجُودُ) يَعْنِي لَا فِي الصَّلَاةِ وَلَا بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْهَا عِنْدَهُمَا.

وَقَالَ مُحَمَّدٌ يَلْزَمُهُمْ بَعْدَ الْفَرَاغِ؛ لِأَنَّ السَّبَبَ قَدْ تَقَرَّرَ وَلَا مَانِعَ بِخِلَافِ حَالَةِ الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى خِلَافِ مَوْضُوعِ الْإِمَامَةِ أَوْ التِّلَاوَةِ؛ لِأَنَّ التَّالِيَ كَالْإِمَامِ لِلسَّامِعِ فِي سُجُودِ التِّلَاوَةِ وَمَعْنَى قَوْلِنَا خِلَافِ مَوْضُوعِ الْإِمَامَةِ وَذَلِكَ عَلَى تَقْدِيرِ أَنْ يَسْجُدَ التَّالِي أَوَّلًا فَيُتَابِعَهُ الْإِمَامُ فَيَنْقَلِبَ التَّابِعُ مَتْبُوعًا وَالْمَتْبُوعُ تَبَعًا وَإِنْ لَمْ يُتَابِعْهُ الْإِمَامُ كَانَ مُخَالِفًا لِإِمَامِهِ أَيْضًا وَمَعْنَى قَوْلِنَا أَوْ التِّلَاوَةِ أَيْ عَلَى تَقْدِيرِ أَنْ يَسْجُدَ الْإِمَامُ أَوَّلًا فَيُتَابِعَهُ التَّالِي وَهَذَا خِلَافُ مَوْضُوعِ سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ فَإِنَّ التَّالِيَ إمَامُ السَّامِعِينَ فَيَنْبَغِي أَنْ يَتَقَدَّمَ سُجُودُ التَّالِي قَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «لِلتَّالِي كُنْت إمَامَنَا لَوْ سَجَدْت لَسَجَدْنَا» قَالَهُ لِرَجُلٍ تَلَا عِنْدَهُ آيَةَ سَجْدَةٍ فَلَمْ يَسْجُدْ وَلَهُمَا أَنَّ الْمُقْتَدِيَ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ عَنْ الْقِرَاءَةِ لِنَفَاذِ تَصَرُّفِ الْإِمَامِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ قِرَاءَةَ الْإِمَامِ لَهُ قِرَاءَةٌ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «مَنْ كَانَ لَهُ إمَامٌ فَقِرَاءَةُ الْإِمَامِ لَهُ قِرَاءَةٌ» وَذَلِكَ دَلِيلُ الْوِلَايَةِ عَلَيْهِ وَالْوِلَايَةُ دَلِيلُ الْحَجْرِ عَلَيْهِ؛ وَلِأَنَّ الشَّارِعَ مَنَعَهُ عَنْ الْقِرَاءَةِ وَالْمَحْجُورُ لَا حُكْمَ لِتَصَرُّفِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا سَمِعَهَا مِنْ الْجُنُبِ وَالْحَائِضِ؛ لِأَنَّهُمَا لَيْسَا بِمَحْجُورَيْنِ بَلْ مَنْهِيَّيْنِ وَالتَّصَرُّفَاتُ الْمَنْهِيُّ عَنْهَا يُعْتَدُّ بِهَا وَيُعْتَبَرُ حُكْمُهَا.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ سَمِعُوا وَهُمْ فِي الصَّلَاةِ آيَةَ سَجْدَةٍ مِنْ رَجُلٍ لَيْسَ مَعَهُمْ فِي الصَّلَاةِ لَمْ يَسْجُدُوهَا فِي الصَّلَاةِ) لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِصَلَاتِيَّةٍ فَيَكُونُ إدْخَالُهَا فِيهَا مَنْهِيًّا عَنْهُ وَهِيَ وَجَبَتْ كَامِلَةً فَلَا تَتَأَدَّى بِالْمَنْهِيِّ.

(قَوْلُهُ: وَسَجَدُوهَا بَعْدَ الصَّلَاةِ) لِصِحَّةِ التِّلَاوَةِ مِنْ غَيْرِ حَجْرٍ.

(قَوْلُهُ: فَإِنْ سَجَدُوهَا فِي الصَّلَاةِ لَمْ تُجْزِهِمْ) لِنُقْصَانِهَا يَعْنِي أَنَّهَا نَاقِصَةٌ لِمَكَانِ النَّهْيِ فَلَا يَتَأَدَّى بِهَا الْكَامِلُ؛ وَلِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِصَلَاتِيَّةٍ وَغَيْرُ الصَّلَاتِيَّةِ لَا يُؤَدَّى فِي الصَّلَاةِ فَيُمْكِنُ النُّقْصَانُ بِأَدَائِهَا فِي الصَّلَاةِ وَمَا وَجَبَ بِصِفَةِ الْكَمَالِ لَا يَتَأَدَّى بِالنَّاقِصِ

(قَوْلُهُ: وَلَمْ تُفْسِدْ عَلَيْهِمْ الصَّلَاةَ) ؛ لِأَنَّهَا مِنْ أَفْعَالِ الصَّلَاةِ.

وَفِي النَّوَادِرِ تُفْسِدُ وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ وَالْأَوَّلُ قَوْلُهُمَا وَهُوَ الْأَصَحُّ وَلَوْ قَرَأَ آيَةَ السَّجْدَةِ الَّتِي سَمِعَهَا مِنْ الْأَجْنَبِيِّ فِي الصَّلَاةِ قَبْلَ فَرَاغِهِ مِنْهَا سَجَدَهَا فِي الصَّلَاةِ وَأَجْزَأَتْهُ عَنْهُمَا جَمِيعًا، وَلَوْ قَرَأَ الْإِمَامُ آيَةَ سَجْدَةٍ فَسَمِعَهَا رَجُلٌ لَيْسَ مَعَهُمْ فِي الصَّلَاةِ فَدَخَلَ مَعَهُ بَعْدَمَا سَجَدَهَا الْإِمَامُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ أَنْ يَسْجُدَهَا؛ لِأَنَّهُ صَارَ مُدْرِكًا لَهَا بِإِدْرَاكِ الرَّكْعَةِ قَالَ فِي النِّهَايَةِ هَذَا إذَا أَدْرَكَ الْإِمَامَ فِي آخِرِ تِلْكَ الرَّكْعَةِ الَّتِي تَلَا فِيهَا السَّجْدَةَ أَمَّا إذَا أَدْرَكَهُ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ لَمْ يَصِرْ مُدْرِكًا لِلرَّكْعَةِ الَّتِي قَبْلَهَا وَلَا مَا تَعَلَّقَ بِهَا مِنْ الْقِرَاءَةِ وَالسَّجْدَةِ فَيَلْزَمُهُ أَنْ يَسْجُدَهَا خَارِجَ الصَّلَاةِ، وَقِيلَ تَصِيرُ صَلَاتِيَّةً فَلَا تَلْزَمُهُ خَارِجَ الصَّلَاةِ وَأَمَّا إذَا لَمْ يَدْخُلْ مَعَهُ فِي الصَّلَاةِ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَسْجُدَهَا لِتَحَقُّقِ السَّبَبِ.

(قَوْلُهُ: وَمَنْ تَلَا آيَةَ سَجْدَةٍ فَلَمْ يَسْجُدْهَا حَتَّى دَخَلَ فِي الصَّلَاةِ فَتَلَاهَا وَسَجَدَ أَجْزَأَتْهُ السَّجْدَةُ عَنْ التِّلَاوَتَيْنِ) لِأَنَّ الثَّانِيَةَ أَقْوَى لِكَوْنِهَا صَلَاتِيَّةً فَاسْتَتْبَعَتْ الْأُولَى وَكَوْنُهَا سَابِقًا لَا يُنَافِي التَّبَعِيَّةَ كَسُنَّةِ الظُّهْرِ الْأُولَى لِلظُّهْرِ.

وَفِي النَّوَادِرِ يَسْجُدُ أُخْرَى بَعْدَ الْفَرَاغِ؛ لِأَنَّ لِلْأُولَى قُوَّةَ السَّبْقِ فَاسْتَوَيَا قُلْنَا لِلثَّانِيَةِ قُوَّةُ اتِّصَالِ السَّجْدَةِ بِالتِّلَاوَةِ فَتَرَجَّحَتْ عَلَى الْأُولَى فَاسْتَتْبَعَتْهَا وَهَذَا إذَا دَخَلَ فِي الصَّلَاةِ قَبْلَ أَنْ يَتَبَدَّلَ الْمَجْلِسُ أَمَّا إذَا تَبَدَّلَ لَمْ يُجْزِهِ سَجْدَةُ الصَّلَاةِ عَنْ التِّلَاوَتَيْنِ، وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ الشَّيْخُ هُوَ رِوَايَةُ كِتَابِ الصَّلَاةِ.

وَفِي النَّوَادِرِ وَلَا يَسْقُطُ مَا وَجَبَ خَارِجَ الصَّلَاةِ بَلْ يَسْجُدُهَا بَعْدَ الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّهُ حِينَ اشْتَغَلَ بِالصَّلَاةِ تَبَدَّلَ الْمَجْلِسُ كَمَا لَوْ اشْتَغَلَ بِالْأَكْلِ وَلَا يُمْكِنُ جَعْلُ الْأُولَى تَبَعًا؛ لِأَنَّ السَّابِقَ لَا يَكُونُ تَبَعًا لِلَّاحِقِ وَلَا يُمْكِنُ جَعْلُ

<<  <  ج: ص:  >  >>