تَكُونُ فَرْضًا وَلَا نَفْلًا وَقَالَ بَعْضُهُمْ تَنْقَلِبُ كُلُّهَا نَفْلًا.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَقْعُدْ فِي الثَّانِيَةِ قَدْرَ التَّشَهُّدِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ) لِاخْتِلَاطِ النَّافِلَةِ بِهَا قَبْلَ إكْمَالِ أَرْكَانِهَا كَمَا فِي الْفَجْرِ، وَلَوْ أَنَّهُ لَمَّا تَرَكَ الْقَعْدَةَ هُنَا وَقَامَ إلَى الثَّالِثَةِ فَنَوَى الْإِقَامَةَ وَأَتَمَّهَا أَرْبَعًا فَإِنَّهُ تَجُوزُ صَلَاتُهُ وَيَتَحَوَّلُ فَرْضُهُ أَرْبَعًا.
(قَوْلُهُ: وَمَنْ خَرَجَ مُسَافِرًا صَلَّى رَكْعَتَيْنِ إذَا فَارَقَ بُيُوتَ الْمِصْرِ) يَعْنِي مِنْ الْجَانِبِ الَّذِي خَرَجَ مِنْهُ لَا جَوَانِبِ كُلِّ الْبَلَدِ حَتَّى لَوْ كَانَ قَدْ خَلَفَ الْأَبْنِيَةَ الَّتِي فِي الطَّرِيقِ الَّذِي خَرَجَ مِنْهُ قَصَرَ وَإِنْ كَانَ بِحِذَائِهِ أَبْنِيَةٌ أُخْرَى مِنْ جَانِبٍ آخَرَ مِنْ الْمِصْرِ.
(قَوْلُهُ: وَلَا يَزَالُ عَلَى حُكْمِ السَّفَرِ حَتَّى يَنْوِيَ الْإِقَامَةَ فِي بَلَدٍ يَصْلُحُ لِلْإِقَامَةِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَصَاعِدًا فَيَلْزَمُهُ الْإِتْمَامُ وَإِنْ نَوَى الْإِقَامَةَ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ لَمْ يُتِمَّ) لِأَنَّ الْإِقَامَةَ أَصْلٌ كَالطُّهْرِ وَالسَّفَرُ عَارِضٌ كَالْحَيْضِ وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ أَقَلَّ الطُّهْرِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَكَذَا الْإِقَامَةِ وَإِنَّمَا اعْتَبَرْنَاهُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُمَا مُدَّتَانِ مُوجِبَتَانِ أَيْ مُدَّةُ الْإِقَامَةِ تُوجِبُ الْإِتْمَامَ وَمُدَّةُ الطُّهْرِ تُوجِبُ عَلَى الْمَرْأَةِ الصَّوْمَ وَالصَّلَاةَ وَقَوْلُهُ: (حَتَّى يَنْوِيَ الْإِقَامَةَ) اشْتِرَاطُ النِّيَّةِ إنَّمَا هُوَ فِي حَقِّ مَنْ هُوَ أَصْلٌ بِنَفْسِهِ أَمَّا فِي حَقِّ مَنْ هُوَ تَبَعٌ لِغَيْرِهِ كَالْعَبْدِ فَإِنَّهُ يَصِيرُ مُقِيمًا بِنِيَّةِ الْمَوْلَى، وَالْمَرْأَةِ بِنِيَّةِ الزَّوْجِ إذَا كَانَتْ قَدْ قَبَضَتْ الْمَهْرَ الْمُعَجَّلَ وَكَذَا الْجُنْدِيُّ مَعَ السُّلْطَانِ وَهَذَا إذَا عَلِمَ التَّبَعُ نِيَّةَ الْأَصْلِ أَمَّا إذَا لَمْ يَعْلَمْ فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَصِيرُ مُقِيمًا كَذَا فِي الْوَجِيزِ، وَإِذَا نَوَى الْمُسَافِرُ الْإِقَامَةَ فِي الصَّلَاةِ أَتَمَّهَا سَوَاءٌ كَانَ مُنْفَرِدًا أَوْ مُقْتَدِيًا مَسْبُوقًا كَانَ أَوْ مُدْرِكًا وَقُيِّدَ بِقَوْلِهِ فِي بَلَدٍ إشَارَةً إلَى أَنَّهُ لَا تَصِحُّ نِيَّةُ الْإِقَامَةِ فِي الْمَفَازَةِ وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنْ الرِّوَايَةِ.
وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ الرُّعَاةَ إذَا نَزَلُوا مَوْضِعًا كَثِيرَ الْكَلَأِ وَالْمَاءِ وَنَوَوْا إقَامَةً خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا وَالْمَاءُ وَالْكَلَأُ يَكْفِيهِمْ تِلْكَ الْمُدَّةَ صَارُوا مُقِيمِينَ لَكِنَّ ظَاهِرَ الرِّوَايَةِ أَنَّ نِيَّةَ الْإِقَامَةِ لَا تَصِحُّ إلَّا فِي الْعُمْرَانِ وَالْبُيُوتِ الْمُتَّخَذَةِ مِنْ الْحَجَرِ وَالْمَدَرِ وَالْخَشَبِ لَا الْخِيَامِ وَالْأَخْبِيَةِ وَالْوَبَرِ، وَلَوْ صَلَّى الظُّهْرَ فِي مَنْزِلِهِ ثُمَّ سَافَرَ قَبْلَ خُرُوجِ الْوَقْتِ فَلَمَّا دَخَلَ وَقْتُ الْعَصْرِ صَلَّى صَلَاةَ الْمُسَافِرِ ثُمَّ بَدَا لَهُ فَتَرَكَ السَّفَرَ قَبْلَ الْغُرُوبِ وَتَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ صَلَّاهُمَا بِغَيْرِ وُضُوءٍ فَإِنَّهُ يَقْضِي الظُّهْرَ رَكْعَتَيْنِ وَالْعَصْرَ أَرْبَعًا، وَكَذَا لَوْ صَلَّاهُمَا وَهُوَ مُقِيمٌ وَسَافَرَ قَبْلَ الْغُرُوبِ وَتَبَيَّنَ لَهُ فَسَادٌ فِيهِمَا فَإِنَّهُ يُصَلِّي الظُّهْرَ أَرْبَعًا وَالْعَصْرَ رَكْعَتَيْنِ؛ لِأَنَّ الْوُجُوبَ مُتَعَلِّقٌ بِآخِرِ الْوَقْتِ، وَلَوْ سَافَرَ فِي آخِرِ الْوَقْتِ يَقْصُرُ عِنْدَنَا وَإِنْ لَمْ يَبْقَ مِنْ الْوَقْتِ إلَّا مِقْدَارُ التَّحْرِيمَةِ.
وَقَالَ زُفَرُ إنْ بَقِيَ مِنْ الْوَقْتِ قَدْرُ مَا يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ قَصَرَ وَإِلَّا فَلَا وَإِنْ أَقَامَ فِي آخِرِ الْوَقْتِ إنْ كَانَ قَدْ صَلَّى فِي حَالِ السَّفَرِ جَازَ وَإِلَّا صَلَّى أَرْبَعًا بِالِاتِّفَاقِ سَوَاءٌ قَلَّ مَا بَقِيَ مِنْ الْوَقْتِ أَوْ كَثُرَ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ دَخَلَ بَلَدًا وَلَمْ يَنْوِ أَنْ يُقِيمَ فِيهِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا وَإِنَّمَا يَقُولُ غَدًا أَخْرُجُ أَوْ بَعْدَ غَدٍ أَخْرُجُ حَتَّى بَقِيَ عَلَى ذَلِكَ سِنِينَ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ) لِأَنَّ ابْنَ عُمَرَ أَقَامَ بِأَذْرَبِيجَان سِتَّةَ أَشْهُرٍ وَكَانَ يَقْصُرُ وَعَنْ أَنَسٍ أَنَّهُ أَقَامَ بِنَيْسَابُورَ سَنَةً يَقْصُرُ.
(قَوْلُهُ: وَإِذَا دَخَلَ الْعَسْكَرُ أَرْضَ الْحَرْبِ فَنَوَوْا إقَامَةَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا لَمْ يُتِمُّوا) ظَاهِرُ هَذَا وَلَوْ كَانَتْ الشَّوْكَةُ لَهُمْ؛ لِأَنَّ حَالَهُمْ مُبْطِلٌ عَزِيمَتَهُمْ؛ لِأَنَّهُمْ بَيْنَ أَنْ يَغْلِبُوا فَيَقِرُّوا وَبَيْنَ أَنْ يُغْلَبُوا فَيَفِرُّوا فَلَمْ يَكُنْ دَارُ إقَامَةٍ كَالْمَفَازَةِ، وَالْعَبْدُ إذَا كَانَ مَعَ مَوْلَاهُ أَوْ الْمَرْأَةِ مَعَ زَوْجِهَا فَالْعَبْدُ مُقِيمٌ بِإِقَامَةِ مَوْلَاهُ وَالْمَرْأَةُ مُقِيمَةٌ بِإِقَامَةِ زَوْجِهَا وَمُسَافِرَيْنِ بِسَفَرِهِمَا؛ لِأَنَّ إقَامَتَهُمَا لَا تَقِفُ عَلَى اخْتِيَارِهِمَا وَالْعَبْدَيْنِ الْمَوْلَيَيْنِ فِي السَّفَرِ إذَا نَوَى أَحَدُهُمَا الْإِقَامَةَ دُونَ الْآخَرِ قَالَ فِي الْفَتَاوَى لَا يَصِيرُ الْعَبْدُ مُقِيمًا؛ لِأَنَّ إقَامَةَ أَحَدِهِمَا إنْ أَوْجَبَتْ إقَامَتَهُ فَمُسَافَرَةُ الْآخَرِ تَمْنَعُهُ فَبَقِيَ عَلَى مَا كَانَ وَقَالَ بَعْضُهُمْ يَصِيرُ مُقِيمًا؛ لِأَنَّهُ وَقَعَ التَّعَارُضُ بَيْنَ الْإِقَامَةِ وَالسَّفَرِ فَتَرَجَّحَ الْإِقَامَةُ احْتِيَاطًا لِأَمْرِ الْعِبَادَةِ وَإِذَا نَوَى الْمَوْلَى الْإِقَامَةَ وَلَمْ يَعْلَمْ الْعَبْدُ حَتَّى صَلَّى أَيَّامًا صَلَاةَ مُسَافِرٍ ثُمَّ أَخْبَرَهُ بِذَلِكَ كَانَ عَلَيْهِ إعَادَةُ تِلْكَ الصَّلَاةِ، وَكَذَا الْمَرْأَةُ إذَا أَخْبَرَهَا زَوْجُهَا بِنِيَّةِ الْإِقَامَةِ يَلْزَمُهَا الْإِعَادَةُ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ إذَا أَمَّ الْعَبْدُ مَوْلَاهُ فِي السَّفَرِ وَنَوَى الْمَوْلَى الْإِقَامَةَ صَحَّتْ بِنِيَّتِهِ حَتَّى لَوْ سَلَّمَ الْعَبْدُ عَلَى رَكْعَتَيْنِ كَانَ عَلَيْهِمَا إعَادَةُ تِلْكَ الصَّلَاةِ وَكَذَا لَوْ كَانَ الْعَبْدُ مَعَ مَوْلَاهُ فِي السَّفَرِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute