للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِالِاسْتِفْتَاحِ عَقِيبَ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ قَبْلَ التَّكْبِيرَاتِ وَكَذَا الْقُعُودُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يَتَعَوَّذُ بَعْدَ التَّكْبِيرَاتِ قَبْلَ الْقِرَاءَةِ، وَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ يُكَبِّرُ فِي الْأُولَى سَبْعًا وَفِي الثَّانِيَةِ خَمْسًا يَعْنِي سَبْعًا مَا خَلَا تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ وَفِي الثَّانِيَةِ خَمْسًا مَا خَلَا تَكْبِيرَةَ الْقِيَامِ وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَقَوْلُنَا مَذْهَبُ ابْنِ مَسْعُودٍ.

(قَوْلُهُ: ثُمَّ يَقْرَأُ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ وَسُورَةً مَعَهَا) يَعْنِي أَيَّ سُورَةٍ شَاءَ وَرُوِيَ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - قَرَأَ فِيهِمَا سَبِّحْ وَالْغَاشِيَةَ وَرُوِيَ ق وَاقْتَرَبَتْ السَّاعَةُ.

(قَوْلُهُ: وَيُكَبِّرُ تَكْبِيرَةً يَرْكَعُ بِهَا) اعْلَمْ أَنَّ تَكْبِيرَتَيْ الرُّكُوعِ فِي صَلَاةِ الْعِيدِ مِنْ الْوَاجِبَاتِ حَتَّى يَجِبَ السَّهْوُ بِتَرْكِهِمَا سَاهِيًا وَلَوْ انْتَهَى رَجُلٌ إلَى الْإِمَامِ فِي الرُّكُوعِ فِي الْعِيدِ فَإِنَّهُ يُكَبِّرُ لِلِافْتِتَاحِ قَائِمًا فَإِنْ أَمْكَنَهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالتَّكْبِيرَاتِ وَيُدْرِكَ الرُّكُوعَ فَعَلَ وَيُكَبِّرُ عَلَى رَأْيِ نَفْسِهِ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ رَكَعَ وَاشْتَغَلَ بِتَسْبِيحَاتِ الرُّكُوعِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَعِنْدَهُمَا يَشْتَغِلُ بِالتَّكْبِيرَاتِ فَإِذَا قُلْنَا يُكَبِّرُ فِي الرُّكُوعِ هَلْ يَرْفَعُ يَدَيْهِ قَالَ الْخُجَنْدِيُّ لَا يَرْفَعُ وَقِيلَ يَرْفَعُ وَلَوْ رَفَعَ الْإِمَامُ رَأْسَهُ بَعْدَمَا أَدَّى بَعْضَ التَّكْبِيرَاتِ فَإِنَّهُ يَرْفَعُ رَأْسَهُ وَيُتَابِعُ الْإِمَامَ وَيَسْقُطُ عَنْهُ بَاقِي التَّكْبِيرَاتِ؛ لِأَنَّ مُتَابَعَةَ الْإِمَامِ وَاجِبَةٌ.

(قَوْلُهُ: وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي تَكْبِيرَاتِ الْعِيدَيْنِ) يُرِيدُ مَا سِوَى تَكْبِيرَتَيْ الرُّكُوعِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ لَا يَرْفَعُ.

(قَوْلُهُ: وَيَجْهَرُ بِالْقِرَاءَةِ فِي صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ) لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - جَهَرَ فِيهِمَا.

(قَوْلُهُ: ثُمَّ يَخْطُبُ بَعْدَ الصَّلَاةِ خُطْبَتَيْنِ) بِذَلِكَ وَرَدَ النَّقْلُ الْمُسْتَفِيضُ وَالْخُطْبَةُ لَيْسَتْ بِوَاجِبَةٍ؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ تَتَقَدَّمُ عَلَيْهَا وَلَوْ كَانَتْ شَرْطًا لَتَقَدَّمَتْ عَلَى الصَّلَاةِ كَالْجُمُعَةِ وَهِيَ سُنَّةٌ فَإِنْ تَرَكَهَا كَانَ مُسِيئًا وَإِنْ خَطَبَ قَبْلَ الصَّلَاةِ أَجْزَأَهُ مَعَ الْإِسَاءَةِ وَلَا تُعَادُ بَعْدَ الصَّلَاةِ كَذَا فِي النِّهَايَةِ.

(قَوْلُهُ: يُعَلِّمُ النَّاسَ فِيهَا صَدَقَةَ الْفِطْرِ وَأَحْكَامَهَا) وَهِيَ خَمْسَةٌ عَلَى مَنْ تَجِبُ وَلِمَنْ تَجِبُ وَمَتَى تَجِبُ وَكَمْ تَجِبُ وَمِمَّ تَجِبُ أَمَّا عَلَى مَنْ تَجِبُ فَعَلَى الْحُرِّ الْمُسْلِمِ الْمَالِكِ لِلنِّصَابِ، وَأَمَّا لِمَنْ تَجِبُ فَلِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَأَمَّا مَتَى تَجِبُ فَبِطُلُوعِ الْفَجْرِ مِنْ يَوْمِ الْفِطْرِ وَأَمَّا كَمْ تَجِبُ فَنِصْفُ صَاعٍ مِنْ بُرٍّ أَوْ صَاعٌ مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعٌ مِنْ شَعِيرٍ، وَأَمَّا مِمَّ تَجِبُ فَمِنْ أَرْبَعَةِ أَشْيَاءَ مِنْ الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَالتَّمْرِ وَالزَّبِيبِ وَمَا سِوَى هَذِهِ الْأَشْيَاءِ فَلَا يَجُوزُ إلَّا بِالْقِيمَةِ.

(قَوْلُهُ: وَمَنْ فَاتَتْهُ صَلَاةُ الْعِيدِ مَعَ الْإِمَامِ لَمْ يَقْضِهَا) كَلِمَةُ مَعَ مُتَعَلِّقَةٌ بِصَلَاةٍ لَا بِفَاتَتْهُ أَيْ فَاتَتْ عَنْهُ الصَّلَاةُ بِالْجَمَاعَةِ وَلَيْسَ مَعْنَاهُ فَاتَتْ عَنْهُ وَعَنْ الْإِمَامِ، بَلْ الْمَعْنَى صَلَّى الْإِمَامُ الْعِيدَ وَفَاتَتْ هِيَ عَلَى هَذَا فَإِنَّهُ لَا يَقْضِي.

(قَوْلُهُ: فَإِنْ غُمَّ الْهِلَالُ عَلَى النَّاسِ إلَى آخِرِهِ) التَّقْيِيدُ بِالْهِلَالِ لَيْسَ بِشَرْطٍ بَلْ لَوْ حَصَلَ عُذْرٌ مَانِعٌ كَالْمَطَرِ وَشَبَهِهِ فَإِنَّهُ يُصَلِّيهَا مِنْ الْغَدِ؛ لِأَنَّهُ تَأْخِيرٌ لِلْعُذْرِ.

(قَوْلُهُ: فَإِنْ حَدَثَ عُذْرٌ يَمْنَعُ النَّاسَ مِنْ الصَّلَاةِ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي لَمْ يُصَلِّهَا بَعْدَهُ) وَإِنْ تَرَكَهَا فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ بِغَيْرِ عُذْرٍ حَتَّى زَالَتْ الشَّمْسُ لَمْ يُصَلِّهَا فِي الْغَدِ كَذَا فِي الْكَرْخِيِّ.

(قَوْلُهُ: وَيُسْتَحَبُّ فِي يَوْمِ الْأَضْحَى أَنْ يَغْتَسِلَ وَيَتَطَيَّبَ وَيُؤَخِّرَ الْأَكْلَ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْ الصَّلَاةِ) لِيُخَالِفَ الْأَيَّامَ الَّتِي قَبْلَهُ فَإِنْ أَكَلَ قَبْلَ الْخُرُوجِ هَلْ يُكْرَهُ فِيهِ رِوَايَتَانِ، وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ لَكِنْ يُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يَأْكُلَ اقْتِدَاءً بِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِنَّهُ كَانَ لَا يَأْكُلُ حَتَّى يَرْجِعَ.

(قَوْلُهُ: وَيَتَوَجَّهَ إلَى الْمُصَلَّى وَهُوَ يُكَبِّرُ) يَعْنِي جَهْرًا وَيَجْهَرُ بِالتَّكْبِيرِ إلَى أَنْ يَأْتِيَ الْمُصَلَّى فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا وَتَجُوزُ صَلَاةُ الْعِيدِ فِي الْمِصْرِ فِي مَوْضِعَيْنِ وَيَجُوزُ أَنْ يُضَحِّيَ بَعْدَمَا صَلَّى فِي أَحَدِ الْمَوْضِعَيْنِ اسْتِحْسَانًا، وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَجُوزَ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْ الصَّلَاةِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ كَذَا فِي الْخُجَنْدِيِّ.

(قَوْلُهُ: وَيُصَلِّي الْأَضْحَى رَكْعَتَيْنِ كَصَلَاةِ الْفِطْرِ) لِأَنَّهَا مِثْلُهَا.

(قَوْلُهُ: وَيَخْطُبَ بَعْدَهَا خُطْبَتَيْنِ يُعَلِّمُ النَّاسَ فِيهِمَا الْأُضْحِيَّةَ وَتَكْبِيرَ التَّشْرِيقِ) لِأَنَّ الْخُطْبَةَ مَا شُرِعَتْ إلَّا لِذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا بَعْدَ الصَّلَاةِ.

وَقَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ هَذِهِ الْإِضَافَةُ فِي تَكْبِيرِ التَّشْرِيقِ لَا تَسْتَقِيمُ إلَّا عَلَى قَوْلِهِمَا؛ لِأَنَّ بَعْضَ التَّكْبِيرِ يَقَعُ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ فَلَا يَقَعُ شَيْءٌ مِنْهُ فِيهَا فَلَا تَسْتَقِيمُ الْإِضَافَةُ وَكَيْفَ يَنْفَعُ التَّعْلِيمُ فِي شَيْءٍ قَدْ فَرَغَ لَكِنْ قَدْ قِيلَ التَّشْرِيقُ اسْمٌ لِصَلَاةِ الْعِيدِ وَفَجْرُ عَرَفَةَ قَرِيبٌ مِنْهُ وَمَا قَارَبَ الشَّيْءَ سُمِّيَ بِاسْمِهِ وَإِنَّمَا سُمِّيَتْ صَلَاةُ الْعِيدِ تَشْرِيقًا؛ لِأَنَّهَا تُؤَدَّى بَعْدَ تَشْرِيقِ الشَّمْسِ وَارْتِفَاعِهَا وَمِنْهُ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «لَا جُمُعَةَ وَلَا تَشْرِيقَ إلَّا فِي مِصْرٍ جَامِعٍ» وَإِذَا أَدْرَكَ الْإِمَامَ فِي صَلَاةِ الْعِيدِ بَعْدَمَا تَشَهَّدَ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ أَوْ بَعْدَمَا سَجَدَ لِلسَّهْوِ فَإِنَّهُ يَقُومُ وَيَقْضِي صَلَاةَ الْعِيدِ فَمِنْ الْمَشَايِخِ مَنْ قَالَ هَذَا قَوْلُهُمَا وَأَمَّا عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>