للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَاحِدٍ، فَانْتَظَمَهَا بِالرُّمْحِ، فَقَتَلَهُمَا جَمِيعًا، وَاسْتَنْقَذُوا بَعْضَ اللِّقَاحِ، وَسَارَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى نَزَلَ بِالْجَبَلِ مِنْ ذِي قَرَدٍ، وَتَلَاحَقَ بِهِ النَّاسُ، فَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهِ، وَأَقَامَ عَلَيْهِ يَوْمًا وَلَيْلَةً، وَقَالَ لَهُ سَلَمَةُ بْنُ الْأَكْوَعِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَوْ سرحتنى فِي مائَة رَجُلٍ لَاسْتَنْقَذْتُ بَقِيَّةَ السَّرْحِ، وَأَخَذْتُ بِأَعْنَاقِ الْقَوْمِ؟ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِيمَا بَلَغَنِي: إنَّهُمْ الْآنَ لَيُغْبَقُونَ [١] فِي غَطَفَانَ.

(تَقْسِيمُ الْفَيْءِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ) :

فَقَسَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَصْحَابِهِ فِي كل مائَة رَجُلٍ جَزُورًا، وَأَقَامُوا عَلَيْهَا، ثُمَّ رَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَافِلًا حَتَّى قَدِمَ الْمَدِينَةَ.

(امْرَأَةُ الْغِفَارِيِّ وَمَا نَذَرَتْ مَعَ الرَّسُولِ) :

وَأَقْبَلَتْ امْرَأَةُ الْغِفَارِيِّ [٢] عَلَى نَاقَةٍ [٣] مِنْ إبِلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَتَّى قَدِمَتْ عَلَيْهِ فَأَخْبَرَتْهُ الْخَبَرَ، فَلَمَّا فَرَغَتْ، قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنِّي قَدْ نَذَرْتُ للَّه أَنْ أَنَحْرَهَا إنْ نَجَّانِي اللَّهُ عَلَيْهَا، قَالَ: فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ قَالَ: بِئْسَ مَا جَزَيْتِهَا أَنْ حَمَلَكَ اللَّهُ عَلَيْهَا وَنَجَّاكَ بِهَا ثُمَّ تَنْحَرِينَهَا! إنَّهُ لَا نَذْرَ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ وَلَا فِيمَا لَا تَمْلِكِينَ، إنَّمَا هِيَ نَاقَةٌ مِنْ إبِلِي، فَارْجِعِي إلَى أَهْلِكَ عَلَى بَرَكَةِ اللَّهِ.

وَالْحَدِيثُ عَنْ امْرَأَةِ الْغِفَارِيِّ وَمَا قَالَتْ، وَمَا قَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ الْمَكِّيِّ، عَنْ الْحَسَنِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ:

(شِعْرُ حَسَّانَ فِي ذِي قَرَدٍ) :

وَكَانَ مِمَّا قِيلَ مِنْ الشِّعْرِ فِي يَوْمِ ذِي قَرَدٍ قَوْلُ حَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ:

لَوْلَا الَّذِي لَاقَتْ وَمَسَّ نُسُورُهَا ... بِجَنُوبِ سَايَةَ أَمْسِ فِي التَّقْوَادِ [٤]


[١] يغبقون: يسقون اللَّبن بالْعَشي.
[٢] هِيَ ليلى امْرَأَة ابْن أَبى ذَر، وَقد تقدم ذكرهمَا.
[٣] اسْم هَذِه النَّاقة: العضباء. (رَاجع شرح الْمَوَاهِب) .
[٤] أضمر ذكر الْخَيل، وَإِن لم يتَقَدَّم لَهَا ذكر، لِأَن الْكَلَام يدل عَلَيْهَا. والنسور: مَا يكون فِي بَاطِن حافر الدَّابَّة، مثل الْحَصَى والنوى. وساية: مَوضِع، وَقد تقدم شَرحه.