للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَسْمِعْنِي بَعْضَ قَوْلِهَا أَكْفِكُمُوهَا، قَالَ: فَأَنْشَدَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ بَعْضَ مَا قَالَتْ، فَقَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ:

أَشْرَتْ لَكَاعُ وَكَانَ عَادَتُهَا ... لُؤْمًا إذَا أَشْرَتْ مَعَ الْكُفْرِ [١]

قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَهَذَا الْبَيْتُ فِي أَبْيَاتٍ لَهُ تَرَكْنَاهَا، وَأَبْيَاتًا أَيْضًا لَهُ عَلَى الدَّالِ.

وَأَبْيَاتًا أُخَرَ عَلَى الذَّالِ، لِأَنَّهُ أَقْذَعَ فِيهَا.

(اسْتِنْكَارُ الْحُلَيْسِ عَلَى أَبِي سُفْيَانَ تَمْثِيلَهُ بِحَمْزَةِ) :

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَقَدْ كَانَ الْحُلَيْسُ بْنُ زَبَّانٍ، أَخُو بَنُو الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ مَنَاةَ، وَهُوَ يَوْمئِذٍ سَيِّدُ الْأُبَيْشِ، قَدْ مَرَّ بِأَبِي سُفْيَانَ، وَهُوَ يَضْرِبُ فِي شَدْقِ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بِزُجِّ الرُّمْحِ وَيَقُولُ: ذُقْ [٢] عُقَقُ، فَقَالَ الْحُلَيْسُ: يَا بَنِي كِنَانَةَ، هَذَا سَيِّدُ قُرَيْشٍ يَصْنَعُ بِابْنِ عَمِّهِ مَا تَرَوْنَ لَحْمًا [٣] ؟ فَقَالَ: وَيْحَكَ! اُكْتُمْهَا عَنِّي، فَإِنَّهَا كَانَتْ زَلَّةً.

(شَمَاتَةُ أَبِي سُفْيَانَ بِالْمُسْلِمِينَ بَعْدَ أُحُدٍ وَحَدِيثُهُ مَعَ عُمَرَ) :

ثُمَّ إنَّ أَبَا سُفْيَانَ بْنَ حَرْبٍ، حِينَ أَرَادَ الِانْصِرَافَ، أَشْرَفَ عَلَى الْجَبَلِ، ثُمَّ صَرَخَ بِأَعْلَى صَوْتِهِ فَقَالَ: أَنْعَمْتَ فَعَالِ [٤] ، وَإِنَّ الْحَرْبَ سِجَالٌ [٥] يَوْمٌ بِيَوْمِ، أُعْلُ هُبَلُ [٦] ، أَيْ أَظْهِرْ دِينَكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قُمْ يَا عُمَرُ فَأَجِبْهُ، فَقُلْ: اللَّهُ أَعَلَى وَأَجَلُّ، لَا سَوَاءَ [٧] ، قَتَلَانَا فِي الْجَنَّةِ، وَقَتْلَاكُمْ


[١] قَالَ السهيليّ: «لكاع، جعله اسْما لَهَا فِي غير مَوضِع النداء، وَذَلِكَ جَائِز، وَإِن كَانَ فِي النداء أَكثر، نَحْو يَا غدار وَيَا فساق. واللكاع: اللئيمة» .
[٢] ذُقْ عُقُق، أَرَادَ ياعاق، فعدله إِلَى فعل.
[٣] لَحْمًا: أَي مَيتا لَا يقدر على الِانْتِصَار.
[٤] أَنْعَمت فعال، أَي بالغت، يُقَال: أنعم فِي الشَّيْء، إِذا بَالغ فِيهِ. قَالَ أَبُو ذَر. «أَنْعَمت (بِفَتْح التَّاء) يُخَاطب بِهِ نَفسه. وَمن رَوَاهُ أَنْعَمت (بِسُكُون التَّاء) ، فَإِنَّهُ يعْنى بِهِ الْحَرْب أَو الوقيعة. وَقَوله فعال، أَي ارْتَفع (بِصِيغَة الْأَمر فيهمَا) يُقَال: أعل عَن الوسادة، وَعَاد عَنْهَا، أَي ارْتَفع. وَقد يجوز أَن تكون معدولة من الفعلة، كَمَا عدلوا فجار عَن الفجرة، أَي بالغت فِي هَذِه الفعلة، ويعنى بالفعلة الوقيعة»
[٥] السجال: الْمُكَافَأَة فِي الْحَرْب وَغَيرهَا وَأَصله أَن السَّاقَيْن على بِئْر يتساجلان يمْلَأ هَذَا سجلا.
وَهَذَا سجلا. والسجل: الدَّلْو.
[٦] هُبل: اسْم صنم.
[٧] لَا سَوَاء أَي لَا نَحن سَوَاء. قَالَ السهيليّ: «وَلَا يجوز دُخُول (لَا) على اسْم مبتدإ معرفَة إِلَّا مَعَ التّكْرَار وَلكنه جَازَ فِي هَذَا الْموضع لِأَن الْقَصْد فِيهِ إِلَى نفى الْفِعْل: أَي لَا نستوى.