للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَرِثْنَا الْمجد من آبَائِنَا ... فَنَمَى بِنَا صُعُدَا

أَلَمْ نَسْقِ الْحَجِيجَ وَنَنْحَرُ ... الدَّلَّافَةَ الرُّفُدَا [١]

وَنُلْقَى عِنْدَ تَصْرِيفِ ... الْمَنَايَا شُدَّدًا رُفُدَا [٢]

فَإِنْ نَهْلِكْ فَلَمْ نُمْلَكْ [٣] ... وَمَنْ ذَا خَالِدٌ أَبَدَا [٤]

وَزَمْزَمُ فِي [٥] أَرُومَتِنَا [٦] ... وَنَفْقَأُ عَيْنَ مَنْ حَسَدَا

قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَهَذِهِ الْأَبْيَاتُ فِي قَصِيدَةٍ لَهُ.

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَقَالَ حُذَيْفَةُ بْنُ غَانِمٍ أَخُو بَنِي عَدِيِّ بْنِ كَعْبِ بْنِ لُؤَيٍّ:

وَسَاقِي الْحَجِيجِ ثُمَّ لِلْخَيْرِ هَاشِمُ ... وَعَبْدُ مَنَافٍ ذَلِكَ السَّيِّدُ الفِهري [٧]

طوى زمزما عِنْدَ الْمَقَامِ فَأَصْبَحَتْ ... سِقَايَتُهُ فَخْرًا عَلَى كُلِّ ذِي فَخْرِ

قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: يَعْنِي عَبْدَ الْمُطَّلِبِ بْنَ هَاشِمٍ. وَهَذَانِ الْبَيْتَانِ فِي قَصِيدَةٍ لِحُذَيْفَةَ بْنِ غَانِمٍ سَأَذْكُرُهَا فِي مَوْضِعِهَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

ذِكْرُ نَذْرِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ذَبْحَ وَلَدِهِ

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَكَانَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ بْنُ هَاشِمٍ- فِيمَا يَزْعُمُونَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ- قَدْ نَذَرَ حِينَ لَقِيَ مِنْ قُرَيْشٍ مَا لَقِيَ عِنْدَ حَفْرِ زَمْزَمَ، لَئِنْ وُلِدَ لَهُ عَشَرَةُ نَفَرٍ، ثُمَّ بَلَغُوا مَعَهُ حَتَّى يَمْنَعُوهُ، لَيَنْحَرَنَّ أَحَدَهُمْ للَّه عِنْدَ الْكَعْبَةِ. فَلَمَّا تَوَافَى بَنُوهُ عَشَرَةً، وَعَرَفَ أَنَّهُمْ سَيَمْنَعُونَهُ، جَمَعَهُمْ ثُمَّ أَخْبَرَهُمْ بِنَذْرِهِ، وَدَعَاهُمْ إلَى الْوَفَاء للَّه بِذَلِكَ، فَأَطَاعُوهُ وَقَالُوا: كَيْفَ نَصْنَعُ؟ قَالَ: لِيَأْخُذْ كُلُّ رَجُلٍ مِنْكُمْ قِدْحًا


[١] الدلافة: يُرِيد بهَا هُنَا الْإِبِل الَّتِي تمشى متمهلة لِكَثْرَة سمنها، يُقَال: دلف الشَّيْخ، إِذا مَشى مشيا ضَعِيفا، وَهُوَ فَوق الدبيب. والرفد: جمع رفود. وَهِي الَّتِي تملأ الرفد، وَهُوَ قدح يحلب فِيهِ.
[٢] رفد: من الرفد، وَهُوَ الْإِعْطَاء.
[٣] لم نملك (بِالْبِنَاءِ للْمَجْهُول) : أَي لم يكن علينا وَال وَلَا ملك.
[٤] فِي أ: «خلدا» .
[٥] فِي الأغاني: «من» .
[٦] الأرومة: الأَصْل.
[٧] ويروى: «الْغمر» : أَي الْكثير الْعَطاء. كَمَا يرْوى: «الْقَهْر» : أَي القاهر، وَيكون صفة بِالْمَصْدَرِ.