للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: قَرَأَ أَبُو عَمْرِو بْنِ الْعِلَاءِ: «وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِناً ٤: ٩٤» لِهَذَا الْحَدِيثِ.

(ابْنُ حَابِسٍ وَابْنُ حِصْنٍ يَخْتَصِمَانِ فِي دَمِ ابْنِ الْأَضْبَطِ إلَى الرَّسُولِ) :

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ، قَالَ: سَمِعْتُ زِيَادَ بْنَ ضُمَيْرةَ [١] بْنِ سَعْدٍ السُّلَمِيَّ يُحَدِّثُ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، وَكَانَا شَهِدَا حُنَيْنًا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الظُّهْرَ، ثُمَّ عَمِدَ إلَى ظِلِّ شَجَرَةٍ، فَجَلَسَ تَحْتَهَا، وَهُوَ بِحُنَيْنٍ، فَقَامَ إلَيْهِ الْأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ، وَعُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنِ بْنِ حُذَيْفَةَ بْنِ بَدْرٍ، يَخْتَصِمَانِ فِي عَامِرِ ابْن أَضْبَطَ الْأَشْجَعِيِّ: عُيَيْنَةُ يَطْلُبُ بِدَمِ عَامِرٍ، وَهُوَ يَوْمئِذٍ رَئِيسُ غَطَفَانَ، وَالْأَقْرَعُ ابْن حَابِسٍ يَدْفَعُ عَنْ مُحَلِّمِ بْنِ جَثَّامَةَ، لِمَكَانِهِ مِنْ خُنْدُفَ، فَتَدَاوَلَا الْخُصُومَةَ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَنَحْنُ نَسْمَعُ، فَسَمِعْنَا عُيَيْنَةُ بْنَ حِصْنٍ وَهُوَ يَقُولُ:

وَاَللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَا أَدْعُهُ حَتَّى أُذِيقَ نِسَاءَهُ مِنْ الْحُرْقَةِ [٢] مِثْلَ مَا أَذَاقَ نِسَائِي، وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: بَلْ تَأْخُذُونَ الدِّيَةَ خَمْسِينَ فِي سَفَرِنَا هَذَا، وَخَمْسِينَ إذَا رَجَعْنَا، وَهُوَ يَأْبَى عَلَيْهِ، إذْ قَامَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي لَيْثٍ، يُقَالُ لَهُ: مُكَيْثِرٌ، قَصِيرٌ مَجْمُوعٌ- قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: مُكَيْتِلٌ- فَقَالَ: وَاَللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا وَجَدْتُ لِهَذَا الْقَتِيلِ شَبَهًا فِي غُرَّةِ الْإِسْلَامِ [٣] إلَّا كَغَنَمٍ وَرَدَتْ فَرُمِيَتْ أُولَاهَا، فَنَفَرَتْ أُخْرَاهَا، اُسْنُنْ [٤] الْيَوْمَ، وَغَيِّرْ [٥] غَدًا. قَالَ: فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَهُ.

فَقَالَ: بَلْ تَأْخُذُونَ الدِّيَةَ خَمْسِينَ فِي سَفَرِنَا هَذَا، وَخَمْسِينَ إذَا رَجَعْنَا. قَالَ: فَقَبِلُوا الدِّيَةَ. قَالَ: ثُمَّ قَالُوا: أَيْنَ صَاحِبُكُمْ هَذَا، يَسْتَغْفِرُ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ


[١] قَالَ أَبُو ذَر: «كَذَا وَقع هُنَا فِي الأَصْل بِالْمِيم، ويروى أَيْضا: «ضبيرة» بِالْبَاء وَالصَّوَاب:
«ضميرَة» بِالْمِيم. وَكَذَلِكَ ذكره البُخَارِيّ.
[٢] فِي أ: «من الْحر» .
[٣] غرَّة الْإِسْلَام: أَوله.
[٤] اسنن الْيَوْم: احكم لنا الْيَوْم بِالدَّمِ فِي أمرنَا هَذَا، واحكم غَدا بِالدِّيَةِ لمن شِئْت.
[٥] وَغير: من الْغيرَة، وَهِي الدِّيَة (هُنَا) وَذَلِكَ أَن قَتله عِنْد رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ خطأ لَا عمدا. ويروى: «غبر» بِالْبَاء الْمُوَحدَة، أَي أبق حُكُومَة الدِّيَة إِلَى وَقت آخر. (عَن أَبى ذَر) .