للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنِّي إنَّمَا تَبِعْتُهُ لِأُوذِيَهُ فَنَهَمَنِي [١] ، ثُمَّ قَالَ: مَا جَاءَ بِكَ يَا بن الْخَطَّابِ هَذِهِ السَّاعَةَ؟ قَالَ: قُلْتُ: (جِئْتُ) [٢] لِأُومِنَ باللَّه وَبِرَسُولِهِ، وَبِمَا جَاءَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، قَالَ: فَحَمِدَ اللَّهَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ قَالَ:

قَدْ هَدَاكَ اللَّهُ يَا عُمَرُ، ثُمَّ مَسَحَ صَدْرِي، وَدَعَا لِي بِالثَّبَاتِ، ثُمَّ انْصَرَفْتُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَدَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْتَهُ [٣] .

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَيَّ ذَلِكَ كَانَ.

(ذِكْرُ قُوَّةِ عُمَرَ فِي الْإِسْلَامِ وَجَلَدِهِ) :

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي نَافِعٌ مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ:

لَمَّا أَسْلَمَ أَبِي عُمَرُ قَالَ: أَيُّ قُرَيْشٍ أَنْقَلُ لِلْحَدِيثِ؟ فَقِيلَ [٤] لَهُ: جَمِيلُ بْنُ مَعْمَرٍ [٥]


[١] نهمنى: زجرني.
[٢] زِيَادَة عَن أ.
[٣] وَذكر ابْن سنجر زِيَادَة فِي إِسْلَام عمر قَالَ: حَدثنَا أَبُو الْمُغيرَة قَالَ: حَدثنَا صَفْوَان بن عَمْرو قَالَ: حَدثنِي شُرَيْح بن عبيد قَالَ: قَالَ عمر بن الْخطاب: خرجت أتعرض رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قبل أَن أسلم فَوَجَدته قد سبقني إِلَى الْمَسْجِد، فَقُمْت خَلفه، فَاسْتَفْتَحَ «سُورَة الحاقة» فَجعلت أتعجب من تأليف الْقُرْآن. قَالَ: قلت: هَذَا وَالله شَاعِر كَمَا قَالَت قُرَيْش، فَقَرَأَ: إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ، وَما هُوَ بِقَوْلِ شاعِرٍ قَلِيلًا مَا تُؤْمِنُونَ ٦٩: ٤٠- ٤١ قَالَ: قلت كَاهِن علم مَا فِي نَفسِي، فَقَالَ وَلا بِقَوْلِ كاهِنٍ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ ٦٩: ٤٢ إِلَى آخر السُّورَة، قَالَ: فَوَقع الْإِسْلَام فِي قلبِي كل موقع، ويذكرون أَن عمر قَالَ حِين أسلم:
الْحَمد الله ذِي الْمَنّ الّذي وَجَبت ... لَهُ علينا أياد مَا لَهَا غير
وَقد بدأنا فكذبنا فَقَالَ لنا ... صدق الحَدِيث نَبِي عِنْده الْخَبَر
وَقد ظلمت ابْنة الْخطاب ثمَّ هدى ... ربى عَشِيَّة قَالُوا قد صبا عمر
وَقد نَدِمت على مَا كَانَ من زلل ... بظلمها حِين تتلى عِنْدهَا السُّور
لما دعت رَبهَا ذَا الْعَرْش جاهدة ... والدمع من عينهَا عجلَان يبتدر
أيقنت أَن الّذي تَدعُوهُ خَالِقهَا ... فكاد تسبقني من عِبْرَة دُرَر
فَقلت اشْهَدْ أَن الله خالقنا ... وَأَن أَحْمد فِينَا الْيَوْم مشتهر
نَبِي صدق أَتَى بِالْحَقِّ من ثِقَة ... وافى الْأَمَانَة مَا فِي عوده خور
(رَاجع الرَّوْض الْأنف) .
[٤] كَذَا فِي أ. وَفِي سَائِر الْأُصُول: «قَالَ قيل» .
[٥] وَجَمِيل هَذَا هُوَ الّذي كَانَ يُقَال لَهُ: ذُو القلبين، وَفِيه نزلت، فِي أحد الْأَقْوَال: مَا جَعَلَ الله لِرَجُلٍ من قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ ٣٣: ٤. وَفِيه قيل:
وَكَيف ثرائى بِالْمَدِينَةِ بعد مَا ... قضى وطرا مِنْهَا جميل بن معمر