للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إِذا وَاَللَّهِ لَا يَخْتَارُنَا، وَعَرَفْتُ أَنَّهُ الَّذِي كَانَ يَقُولُ لَنَا: إنَّ نَبِيًّا لَمْ يُقْبَضْ حَتَّى يُخَيَّرَ.

(صَلَاةُ أَبِي بَكْرٍ بِالنَّاسِ) :

قَالَ الزُّهْرِيُّ: وَحَدَّثَنِي حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ: لَمَّا اُسْتُعِزَّ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ. قَالَتْ: قُلْتُ:

يَا نَبِيَّ اللَّهِ، إنَّ أَبَا بَكْرٍ رَجُلٌ رَقِيقٌ، ضَعِيفُ الصَّوْتِ، كَثِيرُ الْبُكَاءِ إذَا قَرَأَ الْقُرْآنَ.

قَالَ: مُرُوهُ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ. قَالَتْ: فَعُدْتُ بِمِثْلِ قَوْلِي، فَقَالَ: إنَّكُنَّ صَوَاحِبُ يُوسُفَ، فَمُرُوهُ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ، قَالَت: فو الله مَا أَقُولُ ذَلِكَ إلَّا أَنِّي كُنْتُ أُحِبُّ أَنْ يُصْرَفَ ذَلِكَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ، وَعَرَفْتُ أَنَّ النَّاسَ لَا يُحِبُّونَ رَجُلًا قَامَ مَقَامَهُ أَبَدًا، وَأَنَّ النَّاسَ سَيَتَشَاءَمُونَ بِهِ فِي كُلِّ حَدَثٍ كَانَ، فَكُنْتُ أُحِبُّ أَنْ يُصْرَفَ ذَلِكَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ.

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَقَالَ ابْنُ شِهَابٍ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ابْن الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَمَعَةَ بْنِ الْأَسْوَدِ بْنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ أَسَدٍ، قَالَ: لَمَّا اُسْتُعِزَّ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا عِنْدَهُ فِي نَفَرٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، قَالَ: دَعَاهُ بَلَالٌ إلَى الصَّلَاةِ، فَقَالَ: مُرُوا مَنْ يُصَلِّي بِالنَّاسِ. قَالَ:

فَخَرَجْتُ فَإِذَا عُمَرُ فِي النَّاسِ. وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ غَائِبًا، فَقُلْتُ: قُمْ يَا عُمَرُ فَصَلِّ بِالنَّاسِ قَالَ: فَقَامَ، فَلَمَّا كَبَّرَ، سَمِعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَوْتَهُ، وَكَانَ عُمَرُ رَجُلًا مِجْهَرًا [١] ، قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَأَيْنَ أَبُو بَكْرٍ؟ يَأْبَى اللَّهُ ذَلِكَ وَالْمُسْلِمُونَ، يَأْبَى اللَّهُ ذَلِكَ وَالْمُسْلِمُونَ. قَالَ: فَبُعِثَ إلَى أَبِي بَكْرٍ، فَجَاءَ بَعْدَ أَنْ صَلَّى عُمَرُ تِلْكَ الصَّلَاةَ، فَصَلَّى بِالنَّاسِ. قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَمَعَةَ: قَالَ لِي عُمَرُ: وَيْحَكَ، مَاذَا صَنَعْتُ بِي يَا بْنَ زَمَعَةَ، وَاَللَّهِ مَا ظَنَنْتُ حِينَ أَمَرْتنِي إلَّا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَكَ بِذَلِكَ، وَلَوْلَا ذَلِكَ مَا صَلَّيْتُ بِالنَّاسِ. قَالَ: قُلْتُ وَاَللَّهِ مَا أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ، وَلَكِنِّي حِينَ لَمْ أَرَ أَبَا بَكْرٍ رَأَيْتُكَ أَحَقَّ مَنْ حَضَرَ بِالصَّلَاةِ بِالنَّاسِ.

(الْيَوْمُ الَّذِي قَبَضَ اللَّهُ فِيهِ نَبِيَّهُ) :

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: حَدَّثَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ: أَنَّهُ لَمَّا كَانَ يَوْمُ


[١] مجهر: عالى الصَّوْت.