للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كَمَثَلِ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ قَرِيباً ذاقُوا وَبالَ أَمْرِهِمْ، وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ ٥٩: ١٥: يَعْنِي بَنِي قَيْنُقَاعَ. ثُمَّ الْقِصَّةُ ...

إلَى قَوْلِهِ: كَمَثَلِ الشَّيْطانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنْسانِ اكْفُرْ، فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ، إِنِّي أَخافُ اللَّهَ رَبَّ الْعالَمِينَ، فَكانَ عاقِبَتَهُما أَنَّهُما فِي النَّارِ خالِدَيْنِ فِيها، وَذلِكَ جَزاءُ الظَّالِمِينَ ٥٩: ١٦- ١٧.

(مَا قِيلَ فِي بَنِي النَّضِيرِ مِنْ الشِّعْرِ) :

وَكَانَ مِمَّا قِيلَ فِي بَنِي النَّضِيرِ مِنْ الشِّعْرِ قَوْلُ ابْنِ لُقَيْمٍ الْعَبْسِيِّ، وَيُقَالُ:

قَالَهُ قَيْسُ بْنُ بَحْرِ بْنِ طَرِيفٍ. قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: قَيْسُ بْنُ بَحْرٍ الْأَشْجَعِيُّ- فَقَالَ:

أَهْلِي فِدَاءٌ لِامْرِئٍ غَيْرِ هَالِكٍ ... أَحَلَّ الْيَهُودَ بِالْحَسِيِّ الْمُزَنَّمِ [١]

يَقِيلُونَ فِي جَمْرِ الغَضَاةِ وَبُدِّلُوا [٢] ... أُهَيْضِبُ [٣] عُودى [٤] بِالْوَدِيِّ الْمُكَمَّمِ [٥]

فَإِنْ يَكُ ظَنِّيُّ صَادِقًا بِمُحَمَّدٍ ... تَرَوْا خَيْلَهُ بَيْنَ الصَّلَا وَيَرَمْرَمَ [٦]


[١] قَالَ أَبُو ذَر: «الْحسي والحساء: مياه تغور فِي الرمل تمسكها صلابة الأَرْض، فَإِذا حفر عَنْهَا وجدت. والمزنم (على هَذَا القَوْل) : المقلل الْيَسِير. وَمن رَوَاهُ: بالحشى، أَرَادَ بِهِ حَاشِيَة الْإِبِل، وَهِي صغارها وضعافها، وَهُوَ الصَّوَاب. والمزنم (على هَذَا القَوْل) : أَوْلَاد الْإِبِل الصغار. وَقد يكون المزنم (هُنَا) : الْمعز، سميت بذلك للزنمتين اللَّتَيْنِ فِي أعناقها، وهما الهنتان اللَّتَان تتعلقان من أعناقها» .
وَقَالَ السهيليّ: «يُرِيد أحلّهُم دَار غربَة فِي غير عَشَائِرهمْ، والزنيم والمزنم: الرجل يكون فِي الْقَوْم وَلَيْسَ مِنْهُم، أَي أنزلهم بِمَنْزِلَة الْحسي، أَي المبعد الطريد، وَإِنَّمَا جعل الطريد الذَّلِيل حسيا، لِأَنَّهُ عرضة الْأكل. والحسي والحسو: مَا يحسى من الطَّعَام حسوا، أَي أَنه لَا يمْتَنع على آكل.
وَيجوز أَن يُرِيد بالحسى معنى الغذى من الْغنم، وَهُوَ الصَّغِير الضَّعِيف. الّذي لَا يَسْتَطِيع الرَّعْي، يُقَال: بدلُوا بِالْمَالِ الدثر وَالْإِبِل الكوم رذال المَال وغذاء الْغنم والمزنم مِنْهُ. فَهَذَا وَجه يحْتَمل. وَقد أكثرت التنقير عَن الْحسي فِي مظانه من اللُّغَة فَلم أجد نصا شافيا أَكثر من قَول أَبى على: الحسية والحسي: مَا يحسى من الطَّعَام. وَإِذا قد وجدنَا الغذى، وَاحِدَة غذَاء الْغنم، فالحسى فِي مَعْنَاهُ غير مُمْتَنع أَن يُقَال، وَالله أعلم. والمزنم (أَيْضا) صغَار الْإِبِل» .
وَقد يكون الْحسي أَيْضا: الْغُصْن من النَّبَات. وَيكون المزنم مَا لَهُ زنم وَهُوَ الْوَرق.
[٢] كَذَا فِي أ. والغضاة: وَاحِدَة الغضى، وَهُوَ شجر. وَفِي سَائِر الْأُصُول: «الْعضَاة» وَهُوَ شجر أَيْضا، الْوَاحِدَة: عضة.
[٣] كَذَا فِي أَكثر الْأُصُول وَشرح السِّيرَة لأبى ذَر. والأهيضب: الْمَكَان الْمُرْتَفع. وَفِي أ «أهيصب» بالصَّاد الْمُهْملَة.
[٤] كَذَا فِي أ. قَالَ أَبُو ذَر: «غودى» : اسْم مَوضِع. وَمن رَوَاهُ: عودا، فَهُوَ من عَاد يعود، أَو الصَّوَاب رِوَايَة من رَوَاهُ: «عودي» . وَفِي سَائِر الْأُصُول: «عورى» .
[٥] الودي: صغَار النّخل. والمكمم: الّذي خرج طلعه.
[٦] الصلا ويرمرم: موضعان.