للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: قَالَ كَعْبٌ هَذِهِ الْقَصِيدَةُ بَعْدَ قُدُومِهِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ. وَبَيْتُهُ: «حَرْفٌ أَخُوهَا أَبُوهَا» وَبَيْتُهُ: «يَمْشِي الْقُرَادُ» ، وَبَيْتُهُ: «عَيْرَانَةٌ قُذِفَتْ» ، وَبَيْتُهُ: «تُمِرُّ مِثْلَ عَسِيبِ النَّخْلِ» ، وَبَيْتُهُ:

«تَفْرِي اللَّبَانَ» ، وَبَيْتُهُ: «إذَا يُسَاوِرُ قِرْنَا» ، وَبَيْتُهُ: «وَلَا يَزَالُ بِوَادِيهِ» :

عَنْ غَيْرِ ابْنِ إسْحَاقَ.

(اسْتِرْضَاءُ كَعْبٍ الْأَنْصَارَ بِمَدْحِهِ إيَّاهُمْ) :

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَقَالَ عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ: فَلَمَّا قَالَ كَعْبٌ: «إذَا عَرَّدَ السُّودُ التَّنَابِيلُ» ، وَإِنَّمَا يُرِيدُنَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ، لِمَا كَانَ صَاحِبُنَا صَنَعَ بَهْ مَا صَنَعَ [١] ، وَخَصَّ الْمُهَاجِرِينَ مِنْ قُرَيْشٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ.

وَسلم بِمِدْحَتِهِ، غَضِبَتْ عَلَيْهِ الْأَنْصَارُ، فَقَالَ بَعْدَ أَنْ أَسْلَمَ يَمْدَحُ الْأَنْصَارَ، وَيَذْكُرُ بَلَاءَهُمْ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَوْضِعَهُمْ مِنْ الْيَمَنِ:

مَنْ سَرَّهُ كَرْمُ الْحَيَاةِ فَلَا يَزَلْ ... فِي مِقْنَبٍ مِنْ صَالِحِي الْأَنْصَارِ [٢]

وَرِثُوا الْمَكَارِمَ كَابِرًا عَنْ كَابِرٍ ... إنَّ الْخِيَارَ هُمْ بَنُو الْأَخْيَارِ

الْمُكْرِهِينَ السَّمْهَرِيَّ بِأَذْرُعٍ ... كَسَوَالِفِ الْهِنْدِيِّ غَيْرَ قِصَارِ [٣]

وَالنَّاظِرِينَ بِأَعْيُنٍ مُحْمَرَّةٍ ... كَالْجَمْرِ غَيْرَ كَلَيْلَةِ الْأَبْصَارِ

وَالْبَائِعِينَ نُفُوسَهُمْ لِنَبِيِّهِمْ ... لِلْمَوْتِ يَوْمَ تَعَانُقٍ وَكِرَارِ

وَالْقَائِدِينَ [٤] النَّاسَ عَنْ أَدْيَانِهِمْ ... بِالْمَشْرَفِيِّ وَبِالْقَنَا الْخَطَّارِ [٥]

يَتَطَهَّرُونَ يَرَوْنَهُ نُسْكًا لَهُمْ ... بِدِمَاءِ مَنْ عَلِقُوا مِنْ الْكُفَّارِ

دَرِبُوا كَمَا دَرِبَتْ بِبَطْنٍ خَفِيَّةٍ ... غُلْبُ الرِّقَابِ مِنْ الْأَسْوَدِ ضَوَارِي [٦]


[١] هَذِه الْكَلِمَة: «مَا صنع» سَاقِطَة فِي أ.
[٢] المقنب: الْجَمَاعَة من الْخَيل. يُرِيد بِهِ الْقَوْم على ظُهُور جيادهم.
[٣] السمهري: الرمْح. وسوالف الْهِنْدِيّ: يُرِيد حَوَاشِي السيوف، وَقد يُرَاد بِهِ الرماح أَيْضا، لِأَنَّهَا قد تنْسب إِلَى الْهِنْد.
[٤] كَذَا فِي م، ر. وَقد شرحها أَبُو ذَر على أَنَّهَا «والذائدين» بِمَعْنى المانعين والدافعين.
[٥] المشرفي: السَّيْف. والقنا: الرماح، جمع قناة. والخطار: المهتز. وَهَذَا الْبَيْت سَاقِط من أ.
[٦] دربوا: تعودوا. وخفية: اسْم مأسدة. وَغلب الرّقاب: غِلَاظ الْأَعْنَاق. وضوارى:
متعودات الصَّيْد والافتراس.