وَعز الدَّين ابْن عمر الْكِنَانِي، وَكَانَ لَهُ فِيهَا مُخْتَصر، ثمَّ أَبَا الْحسن عليّ بن عبد الله ابْن أَحْمد المَسْعُودِيّ الْمُتَوفَّى بِالْمَدِينَةِ سنة ٩١١ هـ.
وَمِمَّنْ نظم السِّيرَة وصاغها شعرًا عبد الْعَزِيز بن أَحْمد الْمَعْرُوف بِسَعْد الديري الْمُتَوفَّى فِي حُدُود سنة ٦٠٧، هـ وَأَبُو الْحسن فتح بن مُوسَى القصري الْمُتَوفَّى سنة ٦٦٨ هـ. وَابْن الشَّهِيد الْمُتَوفَّى سنة ٧٩٣ هـ.
[(نشأة الموالد) :]
وثمّ ضرب آخر من التَّأْلِيف فِي السِّيرَة، هُوَ من نوع التَّلْخِيص، إِلَّا أَنه تَلْخِيص لناحية خَاصَّة من نواحي الرَّسُول: عَن مولده وَمَا يتَعَلَّق بِهَذَا المولد الْكَرِيم، وَمَا يسْبقهُ من إرهاصات، وَعَن نشأته فِي طفولته، وَمَا إِلَى تِلْكَ الطفولة من خوارق يرتبط حدوثها بِهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، ثمَّ حَيَاته من شبابه إِلَى بُلُوغه السنّ الَّتِي حمل فِيهَا النبوّة، واضطلع بعبء الرسَالَة، وَمَا طبع عَلَيْهِ من خلق طيب وصفات حميدة، وَبعد عَمَّا كَانَ يألفه الشّبان فِي أَيَّامه.
هَذَا الْعَمَل سمّه إِن شِئْت تَرْجَمَة مختصرة للصدر الأوّل من حَيَاة الرَّسُول، ولمحة سريعة عَن تَارِيخه بعد الرسَالَة. وَقد يُسَمِّيه بعض النَّاس «المولد النَّبَوِيّ» ، وَهُوَ من قبيل مَا يُعِدّه الْعلمَاء الدينيون ليلقوه فِي الْمَوْسِم الرسمى الْعَام بعد الْعَام فِي الْمَسَاجِد أَو فِي غَيرهَا. وَقد زخرت بِهَذَا النَّوْع خزانَة التَّأْلِيف، حَتَّى أَصبَحت الرسائل الَّتِي وضعت فِيهَا لَا تدخل تَحت حصر.
(السّير والنقد) :
وَلَعَلَّ النّظر إِلَى تراث السالفين وَلَا سِيمَا مَا يتَّصل مِنْهُ بِعلم السّير، نظرة فِيهَا الْكثير من التَّقْدِيس، هُوَ الّذي حَال دون هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاء من أَن يقفوا من هَذَا الْعلم موقفا فقدناه فِي جَمِيع المؤلفين الْمُتَقَدِّمين، على اخْتِلَاف طبقاتهم. فَلم نر مِنْهُم من عرض لما تحمله السّير بَين دفتيها. من أَخْبَار تتصف بالبعد عَن الْحَقِيقَة، فنقدها وأتى على مَوَاضِع الضعْف مِنْهَا.