للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَبَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالشِّعْرِ يُنْكِرُهَا لِضِرَارٍ. وَقَوْلُ كَعْبٍ:

«ذِي النُّورِ وَالْمَنْهَجْ» عَنْ أَبِي زَيْدٍ الْأَنْصَارِيِّ.

(شِعْرُ ابْنِ الزِّبَعْرَى فِي يَوْمِ أُحُدٍ) :

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزِّبَعْرَى فِي يَوْمِ أُحُدٍ، يَبْكِي الْقَتْلَى [١] :

أَلَا ذَرَفَتْ مِنْ مُقْلَتَيْكَ دُمُوعُ ... وَقَدْ بَانَ مِنْ حَبْلِ الشَّبَابِ قُطُوعُ [٢]

وَشَطَّ بِمَنْ تَهْوَى الْمَزَارُ وَفَرَّقَتْ ... نَوَى الْحَيِّ دَارٌ بِالْحَبِيبِ فَجُوعُ [٣]

وَلَيْسَ لِمَا وَلَّى عَلَى ذِي حَرَارَةٍ ... وَإِنْ طَالَ تذْرَافُ الدُّمُوعِ رُجُوعُ

فَذَرْ ذَا [٤] وَلَكِنْ هَلْ أَتَى أُمَّ مَالِكٍ ... أَحَادِيثُ قَوْمِي وَالْحَدِيثُ يَشِيعُ

وَمُجْنَبُنَا جُرْدًا إلَى أَهْلِ يَثْرِبَ ... عَناجيجَ مِنْهَا مُتْلَدٌ وَنَزِيعُ [٥]

عَشِيَّةَ سِرْنَا فِي لُهَامٍ [٦] يَقُودُنَا [٧] ... ضَرُورُ الْأَعَادِي لِلصَّدِيقِ نَفُوعُ

نَشُدُّ عَلَيْنَا كُلَّ زَغْفٍ كَأَنَّهَا ... غَدِيرٌ بضوج الواديين نَقِيع [٨]

فَلَمَّا رَأَوْنَا خَالَطَتْهُمْ مَهَابَةٌ ... وَعَايَنَهُمْ أَمْرٌ هُنَاكَ فَظِيعُ

وَوَدُّوا لَوْ أَنَّ الْأَرْضَ يَنْشَقُّ ظَهْرُهَا ... بِهِمْ وَصَبُورُ الْقَوْمِ ثَمَّ جَزُوعُ

وَقَدْ عُرِّيَتْ بِيضٌ كَأَنَّ وَمِيضَهَا ... حَرِيقٌ تَرَقَّى فِي الْآبَاءِ سَرِيعُ [٩]

بِأَيْمَانِنَا نَعْلُو بِهَا كُلَّ هَامَةٍ ... وَمِنْهَا سِمَامٌ لِلْعَدُوِّ ذَرِيعُ [١٠]


[١] هَذِه الْعبارَة «يبكى الْقَتْلَى» سَاقِطَة فِي أ.
[٢] ذرفت: سَالَتْ.
[٣] شط: بعد. والنوى: الْبعد والفرقة.
[٤] فِي أ: «فذرنا» .
[٥] مجنبنا: أَي قودنا، يُقَال: جنبت الْخَيل: إِذا قدتها وَلم تركبها. والعناجيج: الطوَال الحسان.
والمتلد: الّذي ولد عنْدك. والنزيع. الْغَرِيب.
[٦] اللهام: الْجَيْش الْكثير.
[٧] فِي أ: «يَقُودهَا» .
[٨] الزغف: الدروع اللينة، والضوج: جَانب الْوَادي، ونقيع: مَمْلُوء بِالْمَاءِ.
[٩] الوميض: الضَّوْء. والأباء: الأجمة الملتفة الأغصان.
[١٠] الذريع، الّذي يقتل سَرِيعا.