للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(عَنِّي) [١] إلَى شَجَرَةٍ، فَاضْطَجَعَ تَحْتَهَا، فَإِذَا دَنَا الرَّوَاحُ، قَامَ إلَى بَعِيرِي فَقَدَّمَهُ فَرَحَلَهُ، ثُمَّ اسْتَأْخَرَ عَنِّي، وَقَالَ: ارْكَبِي. فَإِذَا رَكِبْتُ وَاسْتَوَيْتُ عَلَى بَعِيرِي أَتَى فَأَخَذَ بِخِطَامِهِ، فَقَادَهُ، حَتَّى يَنْزِلَ بِي. فَلَمْ يَزَلْ يَصْنَعُ ذَلِكَ بِي حَتَّى أَقْدَمَنِي الْمَدِينَةَ، فَلَمَّا نَظَرَ إلَى قَرْيَةِ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ بقُباءٍ، قَالَ: زَوْجُكَ فِي هَذِهِ الْقَرْيَةِ- وَكَانَ أَبُو سَلَمَةَ بِهَا نَازِلًا- فَادْخُلِيهَا عَلَى بَرَكَةِ اللَّهِ، ثُمَّ انْصَرَفَ رَاجِعًا إلَى مَكَّةَ.

قَالَ: فَكَانَتْ تَقُولُ [٢] : وَاَللَّهِ مَا أَعْلَمُ أَهْلَ بَيْتٍ فِي الْإِسْلَامِ أَصَابَهُمْ مَا أَصَابَ آلَ أَبِي سَلَمَةَ، وَمَا رَأَيْتُ صَاحِبًا قَطُّ كَانَ أَكْرَمَ مِنْ عُثْمَانَ بْنِ طَلْحَةَ [٣] .

(هِجْرَةُ عَامِرٍ وَزَوْجُهُ وَهِجْرَةُ بَنِي جَحْشٍ) :

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: ثُمَّ كَانَ أَوَّلَ مَنْ قَدِمَهَا مِنْ الْمُهَاجِرِينَ بَعْدَ أَبِي سَلَمَةَ: عَامِرُ ابْن رَبِيعَةَ، حَلِيفُ بَنِي عَدِيِّ بْنِ كَعْبٍ، مَعَهُ امْرَأَتُهُ لَيْلَى بِنْتُ أَبِي حَثْمَةَ بْنِ غَانِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَوْفِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ كَعْبٍ. ثُمَّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَحْشِ بْنِ رِئَابِ بْنِ يَعْمُرَ بْنِ صَبْرَةَ بْنِ مُرَّةَ بْنِ كَثِيرِ [٤] بْنِ غَنْمِ بْنِ دُودَانَ بْنِ أَسَدِ بْنِ خُزَيْمَةَ، حَلِيفُ بَنِي أُمَيَّةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ، احْتَمَلَ بِأَهْلِهِ وَبِأَخِيهِ عَبْدِ بْنِ جَحْشٍ، وَهُوَ أَبُو أَحْمَدَ- وَكَانَ أَبُو أَحْمَدَ رَجُلًا ضَرِيرَ الْبَصَرِ، وَكَانَ يَطُوفُ مَكَّةَ، أَعْلَاهَا وَأَسْفَلَهَا، بِغَيْرِ قَائِدٍ، وَكَانَ شَاعِرًا، وَكَانَتْ عِنْدَهُ الفرعة بنت أَبِي سُفْيَانَ بْنِ حَرْبٍ، وَكَانَتْ أُمُّهُ أُمَيْمَةَ بِنْتَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمٍ- فَغُلِّقَتْ دَارُ بَنِي جَحْشٍ [٥] هِجْرَةً، فَمَرَّ بِهَا عُتْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ. وَالْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَأَبُو جَهْلِ بْنِ هِشَامِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، وَهِيَ دَارُ أَبَانَ


[١] زِيَادَة عَن ط.
[٢] هَذِه الْكَلِمَة سَاقِطَة فِي أ، ط.
[٣] قد كَانَ عُثْمَان يَوْم هجرته بِأم سَلمَة على الْكفْر، وَإِنَّمَا أسلم فِي هدنة الحديبيّة، وَهَاجَر قبل الْفَتْح مَعَ خَالِد بن الْوَلِيد، وَقتل يَوْم أحد إخْوَته مسافع وكلاب والْحَارث وأبوهم، وَقتل عَمه عُثْمَان بن أَبى طَلْحَة أَيْضا يَوْم أحد كَافِرًا، وَبِيَدِهِ كَانَت مَفَاتِيح الْكَعْبَة. وَدفعهَا رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَام الْفَتْح إِلَى عُثْمَان بن طَلْحَة بن أَبى طَلْحَة وَإِلَى عَمه شيبَة بن عُثْمَان بن أَبى طَلْحَة، وَهُوَ جد بنى شيبَة، حجبة الْكَعْبَة.
وَاسم أَبى طَلْحَة، جدهم: عبد الله بن عبد الْعُزَّى. وَقتل عُثْمَان رَحمَه الله شَهِيدا بأجنادين فِي أول خلَافَة عمر.
[٤] كَذَا فِي ط، والاستيعاب. وَفِي سَائِر الْأُصُول: «كَبِير» .
[٥] قَالَ السهيليّ فِي ذكر بنى جحش غير من ذكر ابْن إِسْحَاق: «وَزَيْنَب بنت جحش أم الْمُؤمنِينَ،