للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَالَ: وَكَانَ ذَلِكَ مِمَّا صَنَعَ اللَّهُ لِرَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي تَحْقِيقِ الزِّنَا مِنْهُمَا.

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ، عَنْ نَافِعٍ مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: لَمَّا حَكَّمُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِمَا، دَعَاهُمْ بِالتَّوْرَاةِ، وَجَلَسَ حَبْرٌ مِنْهُمْ يَتْلُوهَا، وَقَدْ وَضَعَ يَدَهُ عَلَى آيَةِ الرَّجْمِ، قَالَ: فَضَرَبَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ يَدَ الْحَبْرِ، ثُمَّ قَالَ: هَذِهِ يَا نَبِيَّ اللَّهِ آيَةُ الرَّجْمِ، يَأْبَى أَنْ يَتْلُوَهَا عَلَيْكَ، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَيْحَكُمْ يَا مَعْشَرَ يَهُودَ! مَا دَعَاكُمْ إلَى تَرْكِ حُكْمِ اللَّهِ وَهُوَ بِأَيْدِيكُمْ؟ قَالَ: فَقَالُوا: أَمَا وَاَللَّهِ إنَّهُ قَدْ كَانَ فِينَا يُعْمَلُ بِهِ، حَتَّى زَنَى رَجُلٌ مِنَّا بَعْدَ إحْصَانِهِ، مِنْ بُيُوتِ الْمُلُوكِ وَأَهْلِ الشَّرَفِ، فَمَنَعَهُ الْمُلْكُ مِنْ الرَّجْمِ، ثُمَّ زَنَى رَجُلٌ بَعْدَهُ، فَأَرَادَ أَنْ يَرْجُمَهُ، فَقَالُوا: لَا وَاَللَّهِ، حَتَّى تَرْجُمَ فُلَانًا، فَلَمَّا قَالُوا لَهُ ذَلِكَ اجْتَمَعُوا فَأَصْلَحُوا أَمْرَهُمْ عَلَى التَّجْبِيَةِ، وَأَمَاتُوا ذِكْرَ الرَّجْمِ وَالْعَمَلَ بِهِ. قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَأَنَا أَوَّلُ مَنْ أَحْيَا أَمْرَ اللَّهِ وَكِتَابَهُ وَعَمِلَ بِهِ، ثُمَّ أَمَرَ بِهِمَا فَرُجِمَا عِنْدَ بَابِ مَسْجِدِهِ. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: فَكُنْتُ فِيمَنْ رَجَمَهُمَا.

(ظُلْمُهُمْ فِي الدِّيَةِ) :

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي داوُدَ بْنُ الْحُصَيْنِ عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ:

أَنَّ الْآيَاتِ مِنْ الْمَائِدَةِ الَّتِي قَالَ اللَّهُ فِيهَا: فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِنْ تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَنْ يَضُرُّوكَ شَيْئاً. وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ٥: ٤٢ إنَّمَا أُنْزِلَتْ فِي الدِّيَةِ بَيْنَ بَنِي النَّضِيرِ وَبَيْنَ بَنِي قُرَيْظَةَ، وَذَلِكَ أَنَّ قَتْلَى بَنِي النَّضِيرِ، وَكَانَ لَهُمْ شَرَفٌ، يُؤَدُّونَ الدِّيَةَ كَامِلَةً، وَأَنَّ بَنِي قُرَيْظَةَ (كَانُوا) [١] يُؤَدُّونَ نِصْفَ الدِّيَةِ، فَتَحَاكَمُوا فِي ذَلِكَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ ذَلِكَ فِيهِمْ، فَحَمَلَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْحَقِّ فِي ذَلِكَ، فَجَعَلَ الدِّيَةَ سَوَاءً.

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: فاللَّه أَعْلَمُ أَيُّ ذَلِكَ كَانَ.


[١] زِيَادَة عَن أ، ط.