للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَسَأَلَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَتَّى [١] حَصَّلَ أَمْرَهُمْ، إلَى أَنْ قَالُوا لِعَبْدِ اللَّهِ ابْن صُورِيَّا: هَذَا [٢] أَعْلَمُ مَنْ بَقِيَ بِالتَّوْرَاةِ.

قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: مِنْ قَوْلِهِ: «وَحَدَّثَنِي بَعْضُ بَنِي قُرَيْظَةَ- إلَى «أَعْلَمُ مَنْ بَقِيَ بِالتَّوْرَاةِ» مِنْ قَوْلِ ابْنِ إسْحَاقَ، وَمَا بَعْدَهُ مِنْ الْحَدِيثِ الَّذِي قَبْلَهُ.

فَخَلَا بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ غُلَامًا شَابًّا مِنْ أَحْدَثِهِمْ سِنًّا، فَأَلَظَّ بِهِ [٣] رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَسْأَلَةَ، يَقُولُ لَهُ: يَا بن صُورِيَّا، أَنْشُدُكَ اللَّهَ وَأُذَكِّرُكَ بِأَيَّامِهِ عِنْدَ بَنِي إسْرَائِيلَ، هَلْ تَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ حَكَمَ فِيمَنْ زَنَى بَعْدَ إحْصَانِهِ بِالرَّجْمِ فِي التَّوْرَاةِ؟ قَالَ: اللَّهمّ نَعَمْ، أَمَا وَاَللَّهِ يَا أَبَا الْقَاسِمِ إنَّهُمْ لَيَعْرِفُونَ أَنَّكَ لَنَبِيٌّ مُرْسَلٌ وَلَكِنَّهُمْ يَحْسُدُونَكَ. قَالَ: فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَمَرَ بِهِمَا فَرُجِمَا عِنْدَ بَابِ مَسْجِدِهِ فِي بَنِي غَنْمِ بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّجَّارِ.

ثُمَّ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ ابْنُ صُورِيَّا، وَجَحَدَ نُبُوَّةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِمْ: يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قالُوا آمَنَّا بِأَفْواهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ وَمن الَّذِينَ هادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ ٥: ٤١ أَيْ الَّذِينَ بَعَثُوا مِنْهُمْ مَنْ بَعَثُوا وَتَخَلَّفُوا، وَأَمَرُوهُمْ بِمَا أَمَرُوهُمْ بِهِ مِنْ تَحْرِيفِ الْحُكْمِ عَنْ مَوَاضِعِهِ. ثُمَّ قَالَ: يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَواضِعِهِ، يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ، وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ ٥: ٤١، أَيْ الرَّجْمَ فَاحْذَرُوا ٥: ٤١ إلَى آخِرِ الْقِصَّةِ.

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ بْنِ يَزِيدَ بْنِ رُكَانَةَ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ إبْرَاهِيمَ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرَجْمِهِمَا، فَرُجِمَا بِبَابِ مَسْجِدِهِ، فَلَمَّا وَجَدَ الْيَهُودِيُّ مَسَّ الْحِجَارَةِ قَامَ إلَى صَاحِبَتِهِ فَجَنَأَ عَلَيْهَا [٤] ، يَقِيهَا مَسَّ الْحِجَارَةِ، حَتَّى قُتِلَا جَمِيعًا.


[١] كَذَا فِي ط. وَفِي سَائِر الْأُصُول «ثمَّ» .
[٢] فِي م، ر: «هَذَا من أعلم من ... إِلَخ» .
[٣] ألظ بِهِ: ألح عَلَيْهِ.
[٤] جنأ عَلَيْهَا: أَي انحنى عَلَيْهَا.