للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَجْعَلُ لِلْكَعْبَةِ قِدْحَيْنِ، وَلِي قِدْحَيْنِ، وَلَكُمْ قِدْحَيْنِ، فَمَنْ خَرَجَ لَهُ قِدْحَاهُ عَلَى شَيْءٍ كَانَ لَهُ، وَمَنْ تَخَلَّفَ قِدْحَاهُ فَلَا شَيْءَ لَهُ، قَالُوا: أَنْصَفْتَ. فَجَعَلَ قِدْحَيْنِ أَصْفَرَيْنِ لِلْكَعْبَةِ، وَقِدْحَيْنِ أَسْوَدَيْنِ لِعَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَقِدْحَيْنِ أَبْيَضَيْنِ لِقُرَيْشِ، ثُمَّ أَعْطَوْا (الْقِدَاحَ) [١] صَاحِبَ الْقِدَاحِ الَّذِي يَضْرِبُ بِهَا عِنْدَ هُبَلَ (وَهُبَلُ:

صَنَمٌ فِي جَوْفِ الْكَعْبَةِ، وَهُوَ أَعْظَمُ أَصْنَامِهِمْ، وَهُوَ الَّذِي يَعْنِي أَبُو سُفْيَانَ ابْن حَرْبٍ يَوْمَ أُحُدٍ حِينَ قَالَ: أُعْلِ [٢] هُبَلُ: أَيْ أَظْهِرْ دِينَكَ) وَقَامَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ يَدْعُو اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ، فَضَرَبَ صَاحِبُ الْقِدَاحِ، فَخَرَجَ الْأَصْفَرَانِ عَلَى الْغَزَالَيْنِ لِلْكَعْبَةِ، وَخَرَجَ الْأَسْوَدَانِ عَلَى الْأَسْيَافِ، وَالْأَدْرَاعُ لِعَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَتَخَلَّفَ قِدْحَا قُرَيْشٍ. فَضَرَبَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ الْأَسْيَافَ بَابًا لِلْكَعْبَةِ، وَضَرَبَ فِي الْبَابِ الْغَزَالَيْنِ مِنْ ذَهَبٍ. فَكَانَ أَوَّلَ ذَهَبٍ حَلِيَتْهُ الْكَعْبَةُ، فِيمَا يَزْعُمُونَ. ثُمَّ إنَّ عَبْدَ الْمُطَّلِبِ أَقَامَ سِقَايَةَ زَمْزَمَ لِلْحُجَّاجِ.

ذِكْرُ بِئَارِ قَبَائِلِ قُرَيْشٍ بِمَكَّةَ

(الطَّوِيُّ وَمَنْ حَفَرَهَا) :

قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَكَانَتْ قُرَيْشٌ قَبْلَ حَفْرِ زَمْزَمَ قَدْ احْتَفَرَتْ [٣] بِئَارًا بِمَكَّةَ، فِيمَا حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَكَّائِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إسْحَاقَ، قَالَ:


[ () ] يُقَال للسهم أول مَا يقطع: قطع (بِكَسْر الْقَاف وَسُكُون الطَّاء) ، ثمَّ ينحت ويبري فيسمى: بريا، ثمَّ يقوم قدحا، ثمَّ يراش ويركب نصله فيسمى سَهْما، وَهَذِه هِيَ الأزلام الْمَذْكُورَة فِي قَوْله عز وَجل:
وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلامِ ٥: ٣.
[١] زِيَادَة عَن أ.
[٢] كَمَا يَصح أَن يكون أمرا من الْفِعْل الثلاثي (علا يَعْلُو) : أَي تبوأ منزلتك من الْعُلُوّ والسمو.
[٣] يُقَال إِن قصيا كَانَ يسقى الحجيج فِي حِيَاض من أَدَم، وَكَانَ ينْقل المَاء من آبار خَارِجَة من مَكَّة، مِنْهَا بِئْر مَيْمُون الحضرميّ، ثمَّ احتفر قصي العجول فِي دَار أم هَانِئ بنت أَبى طَالب، وَهِي أول سِقَايَة احتفرت بِمَكَّة، وَكَانَت الْعَرَب إِذا استقوا مِنْهَا ارتجزوا فَقَالُوا:
نروى على العجول ثمَّ ننطلق ... إِن قصيا قد وفى وَقد صدق
فَلم تزل العجول قَائِمَة حَيَاة قصي وَبعد مَوته، حَتَّى كبر عبد منَاف بن قصي، فَسقط فِيهَا رجل من بنى جعيل فعطلوا العجول واندفنت، واحتفرت كل قَبيلَة بِئْرا. (عَن الرَّوْض الْأنف) .